الإخوان والعمالة للإنجليز

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والعمالة للإنجليز

إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

الإحتلال الإنجليزي

بلا شك كثير من الذين يهتمون بشئون جماعة الإخوان المسلمين قد لفت نظرهم مسلسل الجماعة التي تذيعه قنوات التليفزيون المصري، ومهما كان الغرض من عرض المسلسل فهذا لا يهمنا بقدر ما يهمنا الحقائق والتي حاول الكاتب تزيفها وتشويه صورة رجل قدم ما لديه بكل إخلاص حتى نهاية حياته والتي انتهت باستشهاده وفاضت روحه إلى بارئها.

لقد حاول مؤلف هذا المسلسل ومن يقف خلفه أن يلصقوا تهمة العنف والغضب الدائم وحب السيطرة والأنانية على شخصية الإمام البنا خاصة وعلى جماعة الإخوان المسلمين عامة، معتبرين أن مؤسس هذه الجماعة عاش وتربى على العنف وكنتيجة لذلك لابد أن يكون قد ربى إخوانه على نفس المبادئ، وهذا ما ظهر جليا في المسلسل.

ولكن مهما تكون نوايا المؤلف فالمهم أن تكون وقائع التاريخ حقيقية فلا يزيف حقيقة يعرفها القاصي والداني.

لقد لفت نظري أن المؤلف حاول منذ أن أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين أن يظهره أنه أداة طيعة في يد الإنجليز وأن الإنجليز يستخدمون حسن البنا لبث بذور الفرقة بين المجتمع المصري، وأنه سيكون سببا لتمكين الانجليز من تفرقة كلمة ووحدة المسلمين سواء في مصر أو في العالم الإسلامي.

لكن لا أدري هل يدرك وحيد حامد وغيره أن الإمام البنا والإخوان لهم ثوابت في كثير من القضايا لا يستطيعون تغييرها بتغيير الزمان، وكلها استمدوها من كتاب الله وسنة نبيه لا من خلال الطبيعة، ولذا سيظل الإخوان متمسكين بثوابتهم.

إن هذه التهم التي تناولها وحيد حامد نحو الإخوان المسلمين ليست بتهم جديدة؛ فمنذ نشأة الجماعة عام 1928م، وتبوئها مكانتها وقد انهالت عليها الأقلام من كل اتجاه؛ تشكك فيها وأنها تارة عميلة للإنجليز، وتارة عميلة للألمان، وتارة عميلة للملك، وتارة أخرى عميلة لأحزاب الأقلية. فلم ينصف كثير من كتَّاب ومؤرّخي التاريخ جماعة الإخوان المسلمين؛ فكثير منهم كتب التاريخ وقد تملكته الأهواء الشخصية أو الحزبية.

إن قضية علاقة الإخوان المسلمين بالإنجليز هي قضية قديمة منذ أن جثا المحتل على صدر بلادنا، واستنزف خيراتها، وسالمه أعوانه من أبناء الوطن أو الذين تربَّوا على مناهجه أو كان لهم مصالح شخصية ترتبط بالمحتل، ولم يعبأ الإنجليز بهؤلاء لأنهم كفَوه مؤونة الحرب، لكن الإنجليز نظروا إلى القوى التي كانت تحرك المظاهرات ضده بل كانت تكبِّده الخسائر من جراء قتل الجنود، أو سلب أسلحتهم أو تدمير معسكراتهم، أو تأليب الشعب ضدهم، وكان الإخوان أحد هؤلاء الذين لم يرضَ عنهم الإنجليز بسبب اختلاف منهجهم عن منهج المحتل، بل اختلاف طبيعة الحياة لدى الطرفين؛ فالإنجليز يريدون السيطرة على البلاد، والإخوان يريدون تحرير البلاد والاستقلال بها، والنهوض بها اقتصاديًّا وفكريًّا وسياسيًّا، ولم يكن الإخوان الوحيدين في هذا المجال بل عاونهم المخلصون من أبناء هذا الوطن.

لو نظرنا لمؤرخي التاريخ الذين كتبوا التاريخ بطبيعته، فكانوا نموذجًا محايدًا من الكتَّاب، أنكروا أن يتفق الإخوان مع الإنجليز لحظةً قط، وأن الذي يتهمهم بذلك كانوا من الموالين للإنجليز أو الأحزاب أو الملك، أو السلطة؛ لأن طبيعة العلاقة كانت دائمة بين الطرفين على النقيض والتوجس والخيفة، وكان الصراع هو القاسم المشترك بينهم؛ لأن الإنجليز يحتلون البلاد والإخوان لا يرضون بذلك الاحتلال.

لقد وقف الإخوان للإنجليز منذ البداية، وكانوا العقبة الكئود أمام مخططات السفارة البريطانية؛ فرأينا الإخوان كيف كان موقفهم في حرب فلسطين، ثم حرب القنال عام 1951م، وكيف أنهم اقلقوا مضاجع الإنجليز!.

والسؤال الآن ردا على الذين يزعمون أن الإخوان تعاونوا مع المحتل: كيف تعاون الإخوان مع الإنجليز وهم الذين وقفوا أمام حملاتهم التنصيرية؟ فقد رفعوا النداء تلو النداء للملك وللهيئات الإسلامية بل أخذوا يتتبعون هذه الحملات في المدن والقرى ويفضحون مخططاتهم، بالرغم من أن الإنجليز كانوا يرعون هذه الحملات، كما أنهم أنشأوا المدارس والملاجئ التي تصدت للتنصير حتى دفع الأمر الإنجليز إلى أن يطلبوا من حسين سري باشا رئيس الوزراء إغلاق (مجلة التعارف) و(المنار) الخاصة بالإخوان عام 1941م، بل لم يقتصر الأمر على ذلك فطلب الإنجليز من حسين سري أيضًا أن ينقل حسن البنا إلى الصعيد، وقد تم ذلك في مايو عام 1941م ونُقِل إلى قنا، وهذا ثابت في مذكرات محمد حسين هيكل باشا (مذكرات في السياسة) غير أنه سرعان ما عاد حسن البنا تحت الضغط الشعبي، لكنه اعتُقل في شهر أكتوبر من نفس العام وظل في معتقل الزيتون لمدة شهر.

وعندما جاءت وزارة الوفد أراد الإمام البنا الترشيح لمجلس النواب عام 1942م، غير أنه ما إن علم الإنجليز حتى ضغطوا على النحاس باشا بأن يضغط على حسن البنا بالتنازل عن الترشيح، وإلا فسيعاود الانجليز احتلال البلاد خاصة القاهرة والأسكندرية بعد انسحابهم منها، ففعل وأبلغ الإمام البنا بذلك بعد أن قابله في فندق الكونتنيتال بالقاهرة، ومن ثم تنازل الإمام البنا تحت الضغط، كما حاول اللورد كليرن إغراء الإمام البنا بالمال مقابل أن تكف الجماعة عما تمارسه ضد المحتل وذلك عندما زار مستر كلايتون وهيورث دان المركز العام في أغسطس من عام 1940م، إلا أن الإمام البنا نهرهم؛ وقال له: ستجد التعاون معى هو أصعب الطرق على بريطانيا؛ لأنى لا أستطيع إلا المكاشفة، فقال كلايتون: وأنا أتعهد بالعمل لذلك، وليكن برهان صدقى على ما التزمت به أن أعرض عليكم كل ما أستطيع أن أقدمه لتقوية جماعتكم لإعطائها الفرصة للانتشار والقوة. فقال له الإمام البنا: كيف ذلك؟ قال: أنتم جماعة مجاهدة، لو وجدت وسائل مستحدثة لحققت للإسلام أضعاف ما تحققه الآن، فبدلا من جريدتكم المتواضعة يكون لكم جريدة يومية، وسأضع تحت تصرفكم ما تشاءون من المال ومن أجهزة الطباعة وتجهيز المكاتب التى تصلح للجريدة.

قال له الإمام البنا: ثم ماذا يا مستر كلايتون؟ قال: إن المركز العام الحالى لا يليق بمكانة الجماعة، فيجب أن يكون لكم مركز رئيسى فى حى كبير من أحياء القاهرة مهيأ بأحدث الوسائل، كما يجب أن يكون تحت تصرفكم وسائل انتقال سريعة تساعدكم فى السفر لكافة الأقاليم؛ خاصة أن للجماعة فروعًا منتشرة من الإسكندرية إلى أسوان، بالإضافة إلى توفير المال اللازم لخدمة أغراضكم الإسلامية، ولا بأس أن نبدأ بدفعة أولى خمسين ألف جنيه أو مائة ألف، ويتوالى الأمر بعد ذلك كل شهرين أو ثلاثة أو أربعة نزيدها أو نقدم مثلها. إن الحلفاء مهما يكن فيهم من العيوب فهم من الناحية الدينية أقرب من الفاشيست، وهم على الأقل يعبدون إلهًا بعكس النازيين.

فقال له الإمام البنا: إنك إذا فتحت خزائن الإخوان فقد لا تجد فيها خمسين جنيهًا أو أقل، إن الرجل من الإخوان يدفع اشتراكًا فى الدعوة خمسة قروش فى الشهر، وأيسر الإخوان حالا قد يدفع جنيهًا، هذا فى الظروف العادية، أما عند الحاجة فالرجل من الإخوان لا يملك إلا أن يقدم نفسه وماله وبيته للدعوة؛ لذا فنحن لسنا فى حاجة إلى أن نملأ هذه الخزائن الحديدية؛ لأن خزائننا هى قلوب الإخوان؛ ولهذا فلو شئت سأجمع من هؤلاء الرجال مئات الآلاف فى أقل من أسبوع، فنحن لسنا كأى هيئة لقيتها من قبل. وأمسك الإمام البنا بعباءته وجلبابه وقال له: هذه العباءة بمبلغ ثمانين قرشًا مصريًا، وهذا الجلباب بمبلغ عشرين قرشًا مصريًا؛ فثمنهما جنيه واحد؛ فالذى يلبس بجنيه ويوفر ما بقى من راتبه للدعوة ومعه الآلاف من الإخوان على شاكلته لا يحتاجون لمساعدة أحد والحمد لله. وأنصحك أن توفر كل قرش لخزينة بلادك؛ لأننا لن نقبل شيئًا من مثلكم، كما أن الزعماء الذين تشترونهم بأموالكم لا يملكون إلا أنفسهم، أما الشعوب فلن تقبل بغير استقلالها التام مهما كلفها من ثمن.

وقد أعد الإمام البنا دعاء للقنوت عقب كل صلاة يوضح مدى هذا العداء؛ يقول: "اللهم رب العالمين، أمان الخائفين، ومذل المتكبرين، وقاصم الجبارين، تقبل دعاءنا، وأجب نداءنا، وأنلنا حقنا، وردّ علينا حريتنا واستقلالنا. اللهم إن هؤلاء الغاصبين من البريطانيين قد احتلوا أرضنا، وجحدوا حقنا، وطغوا فى البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد، اللهم فَرُدّ عنا كيدهم، وفل حدهم، وفرق جمعهم، وخذهم ومن ناصرهم أو أعانهم أو هادنهم أو وادَّهم أخذ عزيز مقتدر. اللهم اجعل الدائرة عليهم، وسق الوبال إليهم، وأذِلّ دولتهم، وأذهب عن أرضك سلطانهم، ولا تدع لهم سبيلا على أحد من المؤمنين.. آمين".

ليس ذلك فحسب، بل حاولوا أكثر من مرة اغتياله أو حل جماعته كما ورد في صحيفة "روزاليوسف" تحت عنوان (4 محاولات لحل جماعة الإخوان المسلمين) العدد (1035)، 4 جمادى الآخرة 1367هـ/ 13 أبريل 1948م، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قام الإنجليز- بمعاونة أحمد ماهر رئيس الوزراء- بتزوير الانتخابات لصالح سليمان عيد المحسوب على الإنجليز والذي كان يمد المعسكرات الإنجليزية بكل شيء وذلك في انتخابات عام 1945م، وما دور الإخوان في حرب فلسطين بمستخفٍ عن أحد وهو الذي دفع الإنجليز للضغط على النقراشي لحل الإخوان واعتقال أفرادها.

الإمام البنا يستعرض كتائب الإخوان في حرب فلسطين 1948

لقد زاد اضطهاد الإنجليز للإخوان بعد ظهورهم بمظهر القوة في حرب فلسطين عام 1948م؛ حيث أثبتوا أنهم قوة ضاربة تستطيع أن تزعزع أركان المحتل الإنجليزي، يقول الإمام البنا: "لقد تواطأ الإنجليز مع اليهودية العالمية منذ سنة 1917 على الأمة العربية وسجلت الحكومة البريطانية على نفسها هذا التواطؤ بوعد بلفور المشئوم، ثم اغتصبت البلاد من أهلها العرب عقب الحرب العالمية الأولى وحكمتها باسم الانتداب الباطل، فجارت في حكمها، ويسرت لليهود كل السبل ليتملكوا الأرض وينشئوا المستعمرات، وأغرتم بالتسلح والتدريب والتحصين وهيأت لهم وسائل ذلك كاملة، وأمدتهم بالسلاح والذخيرة، وسمحت لهم بإنشاء المعامل وإقامة المصانع ظاهرة، ومستورة في تل أبيب وغيرها، وكل هذا في الوقت الذي كانت تؤخذ فيه العرب أشد المؤاخذة بأتفه الأسباب، وتحكم بالإعدام على كل من تقع عليه شبهة حمل السلاح أو حيازة السلاح".

ولقد دفع ذلك اللواء فؤاد صادق قائد الجيش المصري في فلسطين طلب النياشين لبعض الإخوان، فصدر الأمر الملكي بمنحهم نوط الشرف العسكري من الطبقة الأولى من المتطوعين غير العسكريين، هذا غير الضباط وعساكر الجيش الذين حصلوا على نوط الشرف العسكري (جريدة الأهرام الموافق 4 مارس 1949م).

كانت هذه هي العلاقة بين الإخوان والانجليز وتتضح من خلال مقال كتبته فتاة يهودية تدعى "روث كاريف" ونشرته لها جريدة (الصنداي ميرور) في مطلع عام 1948م، ونقلته جريدة (المصري) لقرائها في حينه تقول فيه: "إن الإخوان المسلمين يحاولون إقناع العرب بأنهم أسمى الشعوب على وجه البسيطة، وأن الإسلام هو خير الأديان جميعًا، وأفضل قانون تحيا عليه الأرض كلها"، ثم استطردت تصف خطورة حركة الإخوان إلى أن قالت: "والآن وقد أصبح الإخوان المسلمون ينادون بالاستعداد للمعركة الفاصلة التي توجه ضد التدخل المادي للولايات المتحدة في شئون الشرق الأوسط، وأصبحوا يطلبون من كل مسلم ألا يتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فقد حان الوقت للشعب الأمريكي أن يعرف أي حركة هذه، وأي رجال يتسترون وراء هذا الاسم الرومانتيكي الجذاب اسم "الإخوان المسلمين"".

ومن ثم اجتمع سفراء الإنجليز وأمريكا وفرنسا في مدينة فايد في 11 نوفمبر 1948م وطلبوا من النقراشي باشا إصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، فكما جاء في الوثيقة الممهورة بإمضاء الماجور (أوبريان ماجور) السكرتير السياسي للقائد العام للقوات البرية البريطانية في الشرق الأوسط والتي جاء فيها أنها مرسلة إلى رئيس إدارة المخابرات رقم (13) تحت رقم قيد: (1843 /أى/ 48) يعلمه فيها باجتماع السفراء واتخاذ قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين عن طريق السفارة البريطانية، فرفع الكولونيل (أ. م. ماك درموث) رئيس المخابرات البريطانية هذا الأمر تحت رقم قيد (1670/ أ ن ت/ 48) إلى إدارة: ج . س . 3 بتاريخ 20/11/1948م، ليعلم حكومة الملكة بذلك، وفعلاً كلف السفير البريطاني النقراشي باشا باتخاذ الإجراءات اللازمة للحل.

إن كل لبيب مخلص لهذا الوطن يدرك تمامًا حقيقة العلاقة بين الإخوان وغيرهم من الغرب، وما يحمله الإخوان نحو وطنهم الكبير الإسلامي، كما أنهم من أحرص الناس على وطنهم مصر.

وليست هذه الحقائق التي عمل وحيد حامد على تزيفها لكن عمل أيضا تزيف حقيقة جوالة الإخوان وبين أنها نشأت منذ أن كان الإمام البنا بالإسماعيلية وأنهم كانوا يتدربون على وسائل القتال، وهذا تزيف أخر لنا وقفه معه في مقال أخر.

للمزيد عن "مسلسل الجماعة"

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

.

تابع مقالات خارجية

أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.