الإخوان والمخدرات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والمخدرات


مقدمة

خلق الله سبحانه البشر وغرس فيهم الفطرة السليمة المستقيمة، ورسم سبل هذه الفطرة فقال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *َأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}(الشمس: 7، 8)

إن العقل ميزان يزن به الإنسان أمور حياته وخطط مستقبله، ويتعرف به على الصالح والطالح، والفطرة ميزان آخر، فإذا كنا بالعقل نتعرف إلى الله ، فبالفطرة نعرف أخطاءنا ، لأن الفطرة مقياس نفسي في طريقه الذي يسلكه سواء للحق أو للباطل، فإن كانت النفس غنية بنور الله سبحانه بصرت بفطنتها مكنونات الطريق وسلكت طريق الهداية، أما إذا طمست عليها فلم ترى إلا الأهواء لها إله صارت عبده لهذا الطريق الذي لا يكاد يبصر فيه شيء.

لكن من رحمة العلى القدير أن أرسل رسلا وأنزل كتابا، واصطفى مصلحين وعلماء يبصرون الناس بطريق الهداية الذي ربما يضيع وسط الصراعات النفسية.

لقد نطق ربيعي بن عامر بكلمة مدوية سجلتها قلوب البشرية قبل كتبها موضحا معالم الطريق النبوي الذي سلكه كل مؤمن فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

هكذا نطقت الفطرة السليمة التي ارتضاها الله لعبادة، وصار على هذا المنهج كل مؤمن ومصلح، يسلم كل عالم مصلح راية الإصلاح لمن جاء بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

والإمام حسن البنا فهم هذه المفاهيم الربانية وتشربها قلبه فصرخ بأعلى صوته أن الله هو الغاية والرسول هو القدوة والقرآن هو الدستور، ولم يكتف بنفسه بل عمل على غرس هذه المعاني في كل قلب آمن بالفكرة والدعوة، والذين حملوا هذا المنهج الرباني وانطلقوا ينشرونه وسط الناس غير مبالين بعراقيل أو محن، أو إعراض البعض عنهم، فأينعت حركتهم الدوؤب برجال ونساء عرفوا معنى دينهم الحقيقي، وأبصروا السهام التي يقذفهم بها أعداء هذا الدين ولا يريدون من ورائها إلا تدمير هذه الأمة المحمدية.

وصدق من قال:

مؤامرة تدور على الشباب

ليعرض عن معانقة الحراب

مؤامرة تدور بكل بيت

لتجعله ركاما من تراب

مؤامرة تقول لهم تعالوا

إلى الشهوات في ضل الشراب

شيعيون جذراً من يهود

صليبيون في لؤم الذئاب

تفرق شملهم إلا علينا

فصرنا كالفريسة للكلاب

الكل يتربص

ابتليت هذه الأمة بالحرب الضروس من كل الأمم التي لا تريد للأمة المحمدية التواجد في هذا الكوكب، فعمدوا إلى وقف الزحف الإسلامي الذي يتغلغل في القلوب بشتى السبل المختلفة، فلم يتركوا وسيلة إلا وانتهجوها في محاولة لوقف هذا الانتشار الرباني الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: [ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر]( رواه جماعة).

فأعداء الإسلام لا يألون جهداً في محاربة هذا الدين والقضاء عليه بكل وسيلة، فتارة بالسيف، وتارة بإثارة الفتن، وأخرى بنشر المجون واللهو (كأس وغانية يفعلان في الأمة المحمدية مالا يفعله ألف مدفع)، ومن ثم أغرق هؤلاء الأعداء الأمة بكل ما يبعدها عن دينها ونهج نبيها صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:"{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(الصف:8).

قيل لوزير المستعمرات الفرنسي لاكوست: لماذا ما تأثرت الجزائر وقد مكث الاحتلال فيها (129 عاما)؟ قال: "وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟! (1).

فعمدوا إلى تحرير المرأة، وجلب المخدرات والحشيش، كما نشروا الملاهي الليليّة وفرق الرقص، وتشجيع السفر إلى البلاد التي اشتهرت بالفجور والسماح بالعرى في الشواطئ وعلى البلاجات، قال كرسوا:" جهودكم على أن تملئوا هذا الجيل بالشهوات، قدموا له المرأة العارية والمجلة الخليعة وكأس الخمر".

هذا غير الكتب والقصص الجنسية التي لا تتورع عن تزيين سُبل الفساد للشباب بصفة خاصة، ونشر الفرقة ومن أسباب تفريق المسلمين تشجيع الحركات والمذاهب المعادية للإسلام، هذا غير نشر كل أنواع الموبقات، والتي استجاب لها نفر كثير.

الإخوان والمواجهة

عاش حسن البنا وسط هذا المجتمع المتلاطم بالفتن، فعمد والده إلى حسن تربيته وغرس القيم الإسلامية فيه، فنشأ على كتاب الله وسنة نبيه، وكان يحلم أن يكون مرشدا معلما، يصف ذلك: وهو أن أكون مرشداً معلماً، إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، ومعظم العام قضيت ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم، ومنابع سعادتهم، ومسرات حياتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة (2).

ولذا انطلق يعالج الآفات التي انتشرت في المجتمع ويتصدى لها هو وإخوانه الذين حيت قلوبهم وحملوا راية الإصلاح مع كوكبة من علماء هذه الأمة.

تشغل مشكلة تعاطي المخدرات العالم أجمع لما لها من أثر تدميري على المجتمعات وعاملًا رئيسيًا في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والصحية، دفعت الدول لبذل الكثير من الجهد والمال لمحاربة انتشارها، تجنبًا لما ينتج عن آثار المخدرات على الفرد والمجتمع.

فقد قال النفسيون: إن من دواعى تعاطى المخدرات شعور الإنسان بألم نفسى على أثر عمل يثير توبيخ الضمير، فيحاول الإنسان أن يغيب هذا الشعور المؤلم فيلجأ إلى التخدير، والمقامر إن كسب أغراه المال، وإن خسر حَزَبَه الضيق، فهو واقع بين مخالب الرذيلة على كلتا الحالتين (3)

ولذا شكل الإخوان جمعية "منع المسكرات" التي أنشأها الإخوان منذ بداية الثلاثينيات والتي ظلت تعمل على توعية الناس بحرمة هذه المسكرات وضرورة إلغائها لحماية الأفراد والمجتمع، وكان يرأسها في هذا الوقت الأستاذ أحمد غلوش، وقد حاول البعض وخاصة وسائل الإعلام التعريض بالأستاذ غلوش وجمعيته مع أن الحكومة كانت قد انتدبته بصفته رئيسًا للجمعية للسفر لتمثيل مصر في مؤتمر دولي لمنع المسكرات (4).

حيث اقتصرت أهداف الجمعية على الجوانب الاجتماعية والأخلاقية، مثل نشر التعاليم الإسلامية ومحاربة الأمية ونشر الوعي الصحي خاصة في القرى ومحاربة الآفات الاجتماعية مثل المخدرات والبغاء، ومعالجة الأزمات من خلال الوعظ والإرشاد.

لقد حذر الإخوان تحذيرًا شديدًا من تعاطي المخدرات وحرمتها وأثرها الفتاك في هدم المجتمع، فنشروا مقالاً تحت عنوان: "فتوى في حرمة تعاطي المخدرات" حيث وضحوا فيها أثر هذا الداء الذي استشرى في المجتمع عامة ووسط الشباب خاصة، وكيف أنه أداة لتدمير هذه الأمة الفتية (5).

كما كتب عثمان حسين عدة مقالات تحت عنوان "أم الخبائث" وضح فيها الأضرار الصحية والنفسية على الفرد والمجتمع, كما بين حكمها الشرعي والخسائر التي تنجم عنها, وعاب على القانون الوضعي ضعفه في التصدي لها أو فرض قيود عليها, هذا غير قدرته عن التصدي للمخدرات والحشيش (6).

وكتب واحد من الإخوان مقالا جاء فيه:

ورسم للناس طرائق الوقاية بالنظافة التى جعلها ركنا من أركانه فقال: "بنى الدين على النظافة" وبالعادات الصحية الصالحة التى شرعها لمتبعيه، وبتحريم الشهوات القاتلة من الخمر والزنا والمخدرات والمفترات. وبالنهى عن العادات السيئة كالسهر ونومة الصبح، إلى غير ذلك من شتى عوامل الوقاية ونواحيها.وشرع بعد ذلك العلاج فقال "يا عباد الله تداووا فإن لكل داء دواء (7).

لقد انتشرت المخدرات في هذه الفترة إلى حد أن صرح أحد ضباط مكتب المخدرات أن ثمن ما تستهلكه مصر من "الحشيش" خلال أربعة شهور قد بلغ مليون ونصف المليون من الجنيهات، ورأى الإخوان أنه لابد من رفع عقوبة شرب المخدرات إلى الإعدام للقضاء على هذا الوباء قبل أن يستشري ويقضي على المجتمع، وكانت إنجلترا قد استخدمت هذه العقوبة ردعًا للظاهرة (8).

وقد حارب الإخوان كل أنواع المسكرات والتدخين، وكان في ذلك الوقت قد بدأت ظاهرة سيئة تنمو في المجتمع وهي تدخين السيدات وشربهن البيرة والمسكرات، وقد انتقدت صحف الإخوان ذلك بشدة محملة الآباء والأزواج والإخوة والأقارب مسئولية هذا التدهور الأخلاقي، فلولا تخنث الرجال ما استرجلت النساء (9).

وجاء في لوائح الإخوان العمل على علاج الآفات الاجتماعية كالمخدرات والمسكرات والمقامرة والبغاء ونشر الدعاية الصحية، خصوصًا فى القرى والأرياف وإرشاد الشباب إلى الاستقامة: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا}[الجن: 16] (10).

وفي بحث بعنوان "حركة الشبيبة الإسلامية والصناعة الأدبية الحالية في مصر" أشارت الدكتورة كاري ردزنيسكي الباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية إلى أن الإمام البنا استطاع أن ينتشل الآلاف من شباب مصر من المقاهي ومواخير المخدرات والمسكرات؛ ليصنع منهم دعاةً للإسلام، ويحولهم من حالة الضياع إلى قوة شبابية تخوض غمار السياسة مزاحمةً أقوى الأحزاب العريقة في مصر (11).

وفي بحث أخر بعنوان (الإخوان المسلمون في التراث الشعبي المصري) يقول الدكتور ديفيد كومونز الأستاذ في جامعة ويكنسون الأمريكية: "إن الإمام البنا أعطى للشباب المصري الذي كان غارقًا في الإدمان على المخدرات والخمور معنى جديدًا للحياة من خلال العلم الذي كانوا ينهلونه من خلال اجتماعات الجماعة ومن خلال قراءتهم لرسائل الإمام البنا، كما أنه استطاع أن يُعيد اندماج هذا الشباب الخامل الكسول في المجتمع المصري ليكون شعلةَ نشاط في العمل الإسلامي (12).

استمرت جهود الإخوان في التصدي لهذه الأمراض ومحاولة علاجها على أرض الواقع، ففي عام 2010م قامت لجنة الشباب بمكتب النائب مصطفى محمد مصطفى عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بالإسكندرية ، بسحب قرعة الدورة الصيفية كأس (معًا نحارب المخدرات)، بحضور قادة الفرق المشاركة في الكأس.

وتأتي الدورة ضمن الفعاليات التي يتبناها نواب الإخوان المسلمين لمحاربة ظاهرة التدخين والمخدرات، ولا سيما بين الشباب؛ بعد أن تخلت الدولة عن مسئولياتها في محاربة المخدرات والتدخين؛ حيث وصلت أعداد المدخنين لمعدلات غير مسبوقة..

وحينما بدأ الإخوان في التفكير بعمل حزب وفق الأطر القانونية والتشريعية، كان على رأس أهدافهم التصدي لهذا الداء العضال، فنجد أن برنامج الحزب قد احتوى على فكر الإخوان في معالجة ظاهرة انتشار المخدرات، حيث جاء فيه:

إن ظاهرة الأطفال الذين يعملون في توزيع المخدرات تعتبر ظاهرة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، لأنها تهدد المنظومة الأخلاقية والأمنية له فالتسول والسرقة والإدمان وتجارة المخدرات والاستغلال الجنسي والدعارة كلها جرائم مرتبطة بهذه المشكلة، ولابد من النظر إلى هؤلاء الأطفال باعتبارهم ضحايا المجتمع يحتاجون لمساعدته قبل أن ينظر إليهم على أنهم مجرمون، فلابد من علاج مشاكل السكن والعشوائيات ومكافحة الفقر والمخدرات باعتبارها أسباب لهذه المشكلة (13).

كان لاهتمام الإخوان بعلاج هذا الداء دورا ايجابيا حيث عمدوا لإقامة نواد رياضية يختلف إليها الشباب، ويمارس مختلف ألوان الرياضة وألعاب القوى حتى يبتعد عن المخدرات، ويتردد على المكتبات الملحقة بها، ويتزود من محتوياتها، ويتعود القراءة، كما يؤدي الصلاة في أوقاتها في المساجد التي تضمها أو تكون بجوارها. وكان الشباب يجد فيها ما يشبع هواياته الرياضية، وما يريده من علم وثقافة، وما يوقظ معاني الإيمان في قلبه ويقوي العقيدة عنده وهو يسمع المؤذن فيخف إلى صلاة الجماعة في وقتها، وكان لكل ناد من يشرف عليه من كل جوانب نشاطاته ويحافظ على نظامه وتحقيق رسالته.

الصف الإخواني

وكان أبلغ تأكيد على محاربة الإخوان، أنهم لم يأمروا المجتمع بالعلاج وينسون أنفسهم فنجد الإمام البنا يضع الأطر التربوية للأخذ بما يأمرون به غيرهم، فجاء في واجبات الأخ العامل:

أيها الأخ الصادق:

إن إيمانك بهذه البيعة يوجب عليك أداء هذه الواجبات حتى تكون لبنة قوية فى البناء:

  1. أن يكون لك ورد يومى من كتاب الله لا يقل عن جزء، واجتهد ألا تختم فى أكثر من شهر، ولا فى أقل من ثلاثة أيام.
  2. أن تحسن تلاوة القرآن والاستماع إليه والتدبر فى معانيه، وأن تدرس السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتك، وأقل ما يكفى فى ذلك كتاب (حماة الإسلام) ، وأن تكثر من القراءة فى حديث رسول الله ، وأن تحفظ أربعين حديثًا على الأقل ولتكن الأربعين النووية، وأن تدرس رسالة فى أصول العقائد، ورسالة فى فروع الفقه.
  3. أن تبادر بالكشف الصحي العام، وأن تأخذ فى علاج ما يكون فيك من أمراض، وتهتم بأسباب القوة والوقاية الجسمانية وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي.
  4. أن تبتعد عن الإسراف فى قهوة البن والشاي، ونحوها من المشروبات المنبهة، فلا تشربها إلا لضرورة، وأن تمتنع بتاتًا عن التدخين.
  5. أن تعنى بالنظافة في كل شيء في المسكن والملبس والمطعم والبدن ومحل العمل، فقد بنى الدين على النظافة (14).

لقد كان لهذا الجهد المتواصل من التربية أن نجحت جماعة الإخوان المسلمين أن تخرج أجيال – بشهادة الجميع- تعلقت قلوبهم بالمساجد فحافظوا على الصلوات، وضرب المثل الأعلى في حسن الخلق وفن التعامل مع الناس، والمسارعة في معاونة الجميع، والبعد عن الرذائل، واحترام المرأة وتقديرها ووضعها في مكانها المناسب، والبعد عن المسكرات والمخدرات ناهيك عن التدخين وكل ما يشين شيم الرجال.

هذه الآثار لا تجدها فقط في المنازل بل رأينها في المدارس والجامعات وفي أماكن العمل والشوارع والمواصلات، حتى بلغ الأمر أن أصبح الإخوان – بتربيتهم- يعرفون في كلامهم وأعمالهم.

ولقد طغت هذه التربية على المحيطين بهم حتى لم نسمع أن واحد ممن انضم أو تعرف على الإخوان اتهم بقضية مشينة، أو ارتكب ما يخالف قوانين البلاد أو دستورها، أو تجرأ على حرمات المجتمع.

هذه هي آثار هذه التربية التي يشاهدها الداني والقاصي في البلاد الإسلامية والبلاد الغربية.

لقد انطلق الإخوان بعد خروجهم من السجون فنشروا هذه المعاني، فكان شباب الجماعة في الجامعات قد بدا مرحلة الانطلاق والتصدي للتغريب، فتعاون الإخوان بحكمة الشيوخ ومنهجهم الوسطي وشمولية الإسلام، فعادت مظاهر الحياة الإسلامية مرة أخرى، وبدأت الحياة تدب في المساجد بشباب طاهر تقي بعد أن اكتفت بالعجزة وكبار السن، كما عاد الحجاب يظهر على رؤوس الفتيات مرة أخرى وبدأت الحشمة تبدو في ملابسهن.

لقد عمل الإخوان على التحلي بكتاب ربهم وعمدوا لغرس هذه المعاني في جموع المجتمع، فتحققت المعاني التي نادى بها الإمام البنا: ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة.

ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها واستخدموها، وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد (15).

ويقول د/ أحمد شلبي صاحب موسوعة التاريخ الإسلامي:

إن هذه الجماعة لعبت دورًا إسلاميًّا رائعًا في حياة الصبيان والشباب والرجال، وغرست أخلاق الإسلام في الملايين، وجعلت الانتساب للإسلام مفخرةً يعتز بها الكثيرون، ودفعت إلى المكاتب والمصانع والوظائف جماعاتٍ تعرف اللهَ وتخافه، وبالتالي تنتج بجد، وتعمل دون رقيب من الناس ولا تمتد لها الشبهات ولا يمسها الانحراف، وكانت كلمة (من الإخوان المسلمين) طابعًا للتنزه عن الصغائر، والبُعد عن الرشوة وعن الإهمال، والحرص على أداء الواجب، وحيثما رأيت الآن رجلاً يبرز به هذا الطابع فاعرف أنه غالبًا كان منتسبًا إلى جماعة الإخوان المسلمين (16).

المراجع

  1. جريدة الأيام: العدد (7780) الصادرة بتاريخ (6 كانون أول/ ديسمبر 1962م).
  2. حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، بيروت 1979م.
  3. مجلة الفتح، العدد (105)، السنة الثالثة، 2صفر 1347ه/ 19يوليو 1928م، ص(1) وما بعدها، واستكملت المقالة فى العدد (106)، 9صفر 1347ه/ 26يوليو 1928م، ص(13) وما بعدها.
  4. مجلة النذير، العدد (23)، السنة الثانية، 7جمادى الآخرة 1358ه/ 25يوليو 1939م، ص(14).
  5. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثانية – العدد 30 – صـ9 – 21شعبان 1353هـ.
  6. الأعداد 206,205, 207 من المجلة الأسبوعية السنة 6/ 1367هـ, 1948م..
  7. الأمانة، المجلد الأول، العدد (2)، صفر 1366ه / 25ديسمبر 1946م، ص(31-33).
  8. مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (33)، السنة الثانية، 29ربيع الآخر 1363ه/ 22أبريل 1944م، ص(2).
  9. السابق، العدد (34)، السنة الثانية، 13جمادى الأولى 1363ه/ 6 مايو 1944م، ص(2).
  10. مجموعة لوائح الإخوان الصادرة عن المركز العام فى 1363هـ / 1944م.
  11. مصطفى محمد الطحان: الإمام حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين 1906 – 1949م، الطبعة الأولى، الكويت، ربيع الأول 1429هـ، مارس 2008م، صـ 126.
  12. زياد أبو غنيمة: الإخوان المسلمون في كتابات الغربيين، أوراق إخوانية "الطبعة الأولي 1415هـ 1994م"صـ 13.
  13. برنامج حزب الإخوان المسلمين: الإصدار الأول، المصري اليوم، العدد 1153، 1154، 10/ 8/ 2007م، 11/ 8/ 2007م.صـ 5
  14. رسالة التعاليم: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2008م.
  15. رسالة المؤتمر الخامس: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2008م، صـ127.
  16. أحمد شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي، المجلد 9، دراسة تفصيلية عن تاريخ مصر المعاصر ثوره يوليو من يوم إلى يوم، الطبعة الرابعة، مكتبة النهضة المصرية، 1989م، صـ 430.