الإخوان وتربية الحركات الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان وتربية الحركات الإسلامية

إخوان ويكي

مقدمة

إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة تتوجه إلى صميم الدين ولبه، وترفض أن تنتسب إلى طائفة خاصة أو تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وتود أن تتوحد وجهة الأنظار والهمم حتى يكون العمل أجدى والإنتاج أعظم وأكبر، فدعوة الإخوان مع الحق أينما كان. تحب الإجماع، وتكره الشذوذ، وتفهم أن أعظم ما مُني به المسلمون الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به الحب والوحدة.

الإخوان يلتمسون العذر كل العذر لمن يخالفونهم في بعض الفرعيات، ويرون أن هذا الخلاف لا يكون أبدًا حائلاً دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على الخير، وأن يشمل الجميع معنى الإسلام السابغ بأفضل حدوده وأوسع مشتملاته، ولأن كل فريق مطالب أن يحب لغيره ما يحب لنفسه، لذا يعلم الإخوان المسلمون كل هذه الحيثيات فهم لهذا أوسع الناس صدرًا مع مخالفيهم، ويرون أن مع كل قوم علمًا وفي كل دعوة حقًا وباطلاً، فهم يتحرون الحق ويأخذون به ويحاولون في هوادة ورفق إقناع المخالفين بوجهة نظرهم، فإن اقتنعوا فذاك وإن لم يقتنعوا فإخوان في الدين نسأل الله لنا ولهم الهداية.

ذلك منهاج الإخوان المسلمين أمام مخالفيهم في المسائل الفرعية في دين الله يمكن أن أجمله لك في أن الإخوان "يجيزون الخلاف ويكرهون التعصب للرأي ويحاولون الوصول إلى الحق ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب".

ولذلك كان الأستاذ البنا دائمًا في أحاديثه وخطبه حريصًا على اجتناب الخلافيات والمسائل الخلافية فلا يثيرها في محاضراته أبدًا ولا يتكلم إلا في القضايا الإيجابية التي هي موضع الموافقة من الجميع، وكان يوصي تلامذته وأبناءه بذلك،

فيقول البنا:

أن الإخوان المسلمين إنما يعملون للنهوض بالأمة الإسلامية، وتجديد حياتها المريرة فى هذه الظروف العصيبة على أساس إصلاح النفوس، وتطهير الأرواح، وقد أوضحوا مبادئهم فى عقيدتهم، ونادوا بغايتهم فى جريدتهم، وبابهم مفتوح على مصراعيه لمن أراد أن يتثبت من غايتهم، ويستطلع خفى شئونهم.

الهيئات الإسلامية

لم تكن جماعة الإخوان المسلمين هي الهيئة الإسلامية الوحيدة التي نشأت في العصر الحديث لكن نشأت معها العديد من الحركات التي هدف مؤسسها للوصول لأهداف معينه بوسائل معينة – كل حسب فهم نصوص الدين - ومع ذلك كان الإخوان حريصين على جمع شمل هذه الهيئات لتحقيق غاية واحدة وهى أن يكون الله هو الغاية.

لكن كان لنشأة هذه الجماعات ظروف، فقد عدت على الأمة الإسلامية عوادي الزمن وأضعفتها أحداث الدهر، فذهب ريحها وكاد الخور يقضي عليها ففقد الإسلام ما كان له من الإجلال في النفوس، واحترام في القلوب، وأصبحت أحكامه معطلة واستبدلت بآدابه الرفيعة الصالحة آداب أخرى وضيعة فاسدة لكنها ذات بهرج خداع، وفيها لذوي الشهوات الدنيئة لذة ومتاع، فاندفع المسلمون – اللهم إلا من عصم ربك

في طريق تلك المتع الخبيثة، ليرضوا شهواتهم، فكان من وراء ذلك فقد العزة والكرامة وضياع المجد والسيادة، وكان من وراء ذلك أن صاروا مهانين مستضعفين، وأذلة صاغرين (نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) "الحشر: 19". وأضف إلى ذلك تقليد كثير من المسلمين وقادتهم للغرب، وإحلال القيم والنظم الغربية مكان النظم والقيم الإسلامية.

فقد بلغ عدد الجمعيات الخيرية في مصر وما في حكمها من المؤسسات عام 1943م أكثر من 1000 جمعية وهيئة، حيث كان منهم خمس وعشرين جمعية من الجمعيات الدينية الرئيسية بمصر، وقد حرص الإخوان على التلاحم معهم والعمل سويا لنشر الدين ونبذ الخلاف، رغم اختلاف الوسائل، وأخذ البعض على الأخر بعض المآخذ.

كان من هذه الهيئات الإسلامية الجمعية الشرعية والشبان المسلمين وأنصار السنة والعروة الوثقى وجمعية المحافظة على القرآن الكريم، وشباب محمد

فكتب صالح عشماوي - وكيل الجماعة - مقالا تحت عنوان:

"آن الأوان لتكوين الجبهة الإسلامية لا محال مع العزيمة ولا يأس مع الإيمان" دعى فيه الهيئات للوحدة والعمل المشترك والتعاون مع الإخوان والأخذ بشمولية الإسلام الذي حض على العبادة والجهاد والمعاملات ولم يقتصر على جانب من الجوانب.

موقف الإخوان من الهيئات

نظر الإخوان للهيئات الإسلامية على كونها سلسلة محكمة يشد بعضها بعضها، حتى أن الإمام البنا نهى إخوانه عن الالتفات لما يثار، وأمرهم بالتركيز على المعاني التي توحد وتجمع القلوب لا تنفرها فيقول: ستسمعون أن هيئة من الهيئات تتحدث عنكم، فإن كان هذا الحديث خيرًا فاشكروا لها فى أنفسكم ولا يخدعنكم ذلك عن حقيقتكم.

وإن كان غير ذلك فالتمسوا لها المعاذير وانتظروا حتى يكشف الزمن الحقائق، ولا تقابلوا هذا الذم بذم مثله، ولا يشغلنكم الرد عليه عن الجد فيما أخذتم أنفسكم بسبيله، وثقوا أن ذلك لن يصرف عنكم ولا يضركم، ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ﴾ "آل عمران: 186"

ويقول:

وأما موقفنا من الهيئات الإسلامية جميعًا على اختلاف نزعاتها، فموقف حب وإخاء وتعاون وولاء، نحبها ونعاونها، ونحاول جاهدين أن نقرب بين وجهات النظر، ونوفق بين مختلف الفكر توفيقًا ينتصر به الحق فى ظل التعاون والحب ولا يباعد بيننا وبينها رأى فقهى ولا خلاف مذهبى، ودين الله يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، ولقد وفقنا الله إلى خطة مثلى؛ إذ نتحرى الحق فى أسلوب لين يستهوى القلوب، وتطمئن إليه العقول.

ونعتقد أنه سيأتى اليوم الذى تزول فيه الأسماء والألقاب والفوارق الشكلية والحواجز النظرية، وتحل محلها وحدة عملية تجمع صفوف الكتيبة المحمدية حيث لا يكون هناك إلا إخوان مسلمون، للدين عاملون، وفى سبيل الله مجاهدون: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ "المائدة: 56"

ويؤكد الإمام البنا أن :

الإخوان لا يعملون لحساب أحد لكن يتعاون مع كل من عمل لهذا الدين وسعى لرفع رايته فيقول:ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين يعملون لحساب هيئة من الهيئات، أو يعتمدون على جماعة من الجماعات؛ فالإخوان المسلمون يعملون لغايتهم على هدى من ربهم، وهم للإسلام وأبنائه فى كل زمان ومكان، وينفقون مما رزقهم الله ابتغاء مرضاته، ويفخرون بأنهم إلى الآن لم يمدوا يدهم إلى أحد، ولم يستعينوا بفرد ولا هيئة ولا جماعة.

وحينما مات الشيخ محمود خطاب السبكي – مؤسس الجمعية الشرعية - نعاه الأستاذ البنا بكلمات طيبة فقال:

قضى العالم الجليل والمربي الكبير الأستاذ الشيخ محمود خطاب السبكي ونعي إلى مريديه وأحبائه وأتباعه وأبنائه فانهد بفقده ركن من أركان الدعوة وانطفأ بفقده سراج من سرج الإرشاد، فلقد شغل الشيخ رحمه الله أوقاته مجدًا في دعوته سائرًا إلى غايته لا يسأم ولا يمل، مهما أوذي في سبيلها أو وقفت في طريقه العوائق والعقبات.

ويؤكد الإمام البنا هذا المعنى بين الحين والأخر فيقول:

على الأخ المسلم أن يحدد موقفه وصلته بالهيئات المختلفة فى مصر ليكون تعامله معها ونظره إليها خاضعًا لهذا التحديد، حتى لا يعادى من يستحق الموالاة، أو يحب من يستحق البغض، أو يشجع ناحية تعتبر حربًا على دعوته. هناك قاعدة عامة تجب مراعاتها، هى أننا أصحاب دعوة نوجهها للناس جميعًا، فمنزلتنا من الناس منزلة الداعية من المدعويين، ومنزلة الناس منا منزلة المدعويين من الداعى، ذلك يشملهم جميعًا أفرادًا وجماعات وهيئات، ونحن نعتقد أن الجهر بهذه الدعوة وتوجيهها للناس فريضة علينا.

وفي مقام أخر يقول:

أحب كذلك أن أفصح لحضراتكم عن موقف الإخوان المسلمين من الهيئات الإسلامية فى مصر، وذلك أن كثيرًا من محبى الخير يتمنون أن تجتمع هذه الهيئات وتتوحد منها جبهة إسلامية ترمى عن قوس واحدة، ذلك أمل كريم وأمنية عزيزة يتمناها كل محب للإصلاح فى هذا البلد.
والإخوان المسلمون يرون هذه الهيئات على اختلاف ميادينها تعمل لنصرة الإسلام، وهم يتمنون لها جميعًا كل النجاح، ولم يفتهم أن يجعلوا من منهاجهم التقرب منها، والعمل على جمعها وتوحيدها حول الفكرة العامة. وقد تقرر هذا فى المؤتمر الدورى الرابع للإخوان بالمنصورة وأسيوط فى العام الفائت، وأبشركم بأن مكتب الإرشاد حين أخذ يعمل على تنفيذ هذا القرار، وجد روحًا طيبة من كل الهيئات التى اتصل بها وتحدث إليها، مما يبشر بنجاح المسعى مع الزمن إن شاء الله.

ثم يضع لمن خلفه قاعدة ذهبية تربوية تتلاقى القلوب عندها بقوله:

ذلك منهاج الإخوان المسلمين أمام مخالفيهم في المسائل الفرعية في دين الله يمكن أن أجمله لك في أن الإخوان "يجيزون الخلاف ويكرهون التعصب للرأي ويحاولون الوصول إلى الحق ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب" . ولذلك كان الأستاذ البنا دائمًا في أحاديثه وخطبه حريصًا على اجتناب الخلافيات والمسائل الخلافية فلا يثيرها في محاضراته أبدًا ولا يتكلم إلا في القضايا الإيجابية التي هي موضع الموافقة من الجميع

الجهود التربوية

مد الإخوان للتحاور مع الهيئات الإسلامية في بعض الأمور للوصول لتوافق يعود على الأمة بالنفع، فحينما جنح الشيخ أمين بن الشيخ محمود خطاب السبكي إلى شيء من الجمود في آرائه وفتواه، بدعوى التمسك بالسنة –على خلاف أبيه- مما بغض الناس في السنة، عمد لزيارة الشيخ أمين خطاب، كما كلف الإخوان بزياراته وسماع دروسه وإنشاء علاقة طيبة معه والوقوف بجانبه وبجانب جماعته حتى أن الإمام الشهيد أمر بغلق إحدى شعب الإخوان التي أنشئت في مسقط رأس الشيخ محمود السبكي ومعقل دعوته الأولى، وذلك احترامًا للرجل وزيادة في توثيق أواصر المحبة معه ومع جماعته.

وقد فتحت مجلة الإخوان المسلمين صفحاتها للشيخ أمين للكتابة فيها، وكان مما كتبه: "في سبيل الوحدة الإسلامية.. النصر ليس عنا ببعيد".

ويقول الأستاذ البنا:

مطالبة الهيئات الإسلامية جميعًا بالاشتراك الفعلي فى السياسة العامة للأمة، مع العمل على تكوين اتحاد عام لها؛ إذ إن من قواعد الإسلام أن يعنى المسلم بكل شئون بلده.

وإذ إن حصر معنى الفكرة الإسلامية في حدود الواجبات الروحية والعبادية أمر يتنافى مع طبيعة الإسلام ﴿إِنَّا أنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ "النساء: 105". كما دعى الإمام البنا الهيئات المنظمة فى البلد إلى مشاركة الإخوان فى تأييد منهاجهم الإصلاحي.

في سبيل الوحدة

رغم إيمان الإخوان المسلمين منذ نشأتهم بأن الاختلافات في الفروع أمر لابد منه لاختلاف العقول في الفهم والاستنباط، وللاختلاف في تحصيل العلم ومعرفة الأدلة، ولاختلاف البيئات والظروف، وللاختلاف في تقدير الدليل، إلا أنهم يتمنون أن يتوحد المسلمون جميعًا تحت راية واحدة، متفقون على الأصول الثابتة للإسلام، والجماعات الإسلامية العاملة إن اختلفت أساليبها في الدعوة فإن غايتها وأهدافها واحدة.

خاصة أن دعوة الإخوان دعوة سلفية،وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية. وهي دعوة من خصائصها البعد عن مواطن الخلاف، وإيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات.

يؤكد الأستاذ البنا يقوله:

حينما تشكلت جمعية الشبان المسلمين: وكم كنت سعيدا فرحا أشد الفرح حينما قرأت في الجرائد صباح يوم من الأيام نبأ الاجتماع الأول لتكوين جمعية الشبان المسلمين - وفقها الله - واختيار المرحوم عبد الحميد بك سعيد رئيساً لها على أثر مجهودات هؤلاء الإخوة من الشباب المؤمن، وأذكر أنني كتبت تواً إلى عبد الحميد بك سعيد معلنا اشتراكي بالجمعية، وواظبت على دفع الاشتراك، وتابعت خطواتها، وما طرأ عليها من تطورات وحوادث بكل اهتمام.

ثم يؤكد هذا المعنى بقوله:

وأحب أن أؤكد للذين يسرهم وحدة الجهود وتعاون العاملين أن الإخوان والشبان، وبخاصة هنا فى القاهرة، لا يشعرون بأنهم فى ميدان منافسة، ولكن فى ميدان تعاون قوى وثيق، وأن كثيرًا من القضايا الإسلامية العامة يظهر فيها الإخوان والشبان شيئًا واحدًا وجماعة واحدة؛ إذ إن الغاية عامة مشتركة وهى العمل لما فيه إعزاز الإسلام وإسعاد المسلمين.
وإنما تقع فروق يسيرة فى أسلوب الدعوة، وفى خطة القائمين بها وتوجيه جهودهم فى كلتا الجماعتين، وإن الوقت الذى ستظهر فيه الجماعات الإسلامية كلها جبهة موحدة غير بعيد على ما أعتقد، والزمن كفيل بتحقيق ذلك.

وقد عبر صالح عشماوي – وكيل الجماعة - عن ضرورة اتحاد الهيئات الإسلامية من أجل تحقيق الغايات المشتركة فقال:

إننا نعيب على الأحزاب تعددها وندعوهم جميعا إلى الوحدة نزولاً على إرادة الله، فما لنا نحن الداعين إلى هذا ونحن أقرب إلى الله من هذه الأحزاب، ونحن أعلم بكتاب الله وتعاليم الإسلام من هؤلاء الزعماء، وقد تعددت هيئاتنا وتوزعت جهودنا، إننا ننكر على الأحزاب السياسية أنها جميعا تعمل لغاية واحدة وبوسيلة واحدة فليس بينها خلاف على مبدأ ولا نزاع على مسلك
وكان وما زال من برنامجها جميعا "السعي إلى استقلال مصر والسودان" ، فما لنا لا ننكر على أنفسنا أن يكون هناك: الجمعية الشرعية، وجمعية أنصار السنة، وجمعية الشبان المسلمين، والإخوان المسلمين، وجمعية الهداية ومكارم الأخلاق ونشر الفضائل، وجماعة إحياء مجد الإسلام، وغير ذلك من الهيئات والجمعيات مما بلغ عدده ستة وستين جمعية، وكلها تسعى لغرض واحد وهو العمل بكتاب الله وسنة رسوله وإعادة مجد الإسلام.
وهذا الخلاف القائم بين أعضاء الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة المحمدية مداره آية واحدة من آيات الله وهي ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ هل انحصر القرآن في هذه الآية الواحدة التي اختلفتم في تفسيرها؟ أليس في كتاب الله آيات وآيات ولا جدال فيها؟ وغيرها وإذا كان الشباب في سنة 1935 قد استطاع أن يوحد بين النحاس ومحمد محمود وصدقي وأن يكون الجبهة الوطنية، فإني أدعو شباب محمد صلى الله عليه وسلم من مختلف الهيئات والجماعات أن يعمل على إيجاد تعارف بين المراغي وعبد الحميد سعيد والبنا وخطاب والفقي وخضر وغير هؤلاء .
حتى تتكون جبهة إسلامية تعلي كلمة الله وترفع راية الجهاد في سبيل الله، وتعيد للإسلام مجده، وتأخذ الناس بتعاليمه، وتقيم عليهم حده، سيقولون أحلام ولكن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، أنا لا أيأس من مسلم ولا أومن بمستحيل، فلا محال مع العزيمة، ولا يأس مع الإيمان.

حتى أنه جاء في قرارات مجلس شورى الإخوان الثالث الذي انعقد في القاهرة في 11 ذي الحجة 1353هـ الموافق مارس 1935م على:

  1. يجب على الإخوان المسلمين إذا أيدوا هيئة ما من الهيئات أن يستوثقوا أنها لا تتنكر لغايتهم في وقت من الأوقات.
  2. الهيئات النافعة توجه إلى الغاية بتقويتها لا بإضعافها.
  3. يرحب الإخوان بكل فكرة ترمي إلى توحيد جهود المسلمين في سائر بقاع الأرض، وتأييد فكرة الجامعة الإسلامية كأثر من آثار اليقظة الشرقية.
  4. الإخوان المسلمون يخلصون لكل الهيئات الإسلامية ويحاولون التقريب بينها بكل الوسائط، ويعتقدون أن الحب بين المسلمين هو أصلح أساس لإيقاظهم.

الأثر الفعلي على أرض الواقع

كان لدعوة الإخوان للوحدة والتعاون بين هذه الحركات أن استجابت فعملوا على التعاون في بعض الأعمال التي تعود بالمصلحة على المجتمع، ومن هذا الأعمال التعاونية شركة الهلال للسياحة والتي تألفت لأغراض اقتصادية عربية إسلامية، ورأى المؤسسون الأولون لها أن يشركوا معهم بعض الهيئات والجماعات الإسلامية، فعرضوا الأمر على المركز العام "للإخوان المسلمين" والمركز العام للشبان المسلمين.

وقد وافق المركزان على الفكرة، وقرر مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين الموافقة على الاكتتاب بخمسمائة سهم باسمه، كما قرر المركز العام للشبان المسلمين الاكتتاب أيضًا، وانتدب للتوقيع عن الإخوان الأستاذ البنا، كما انتدب الدكتور يحيى الدرديرى للتوقيع عن الشبان. وليس ذلك فحسب ففي 22 شعبان 1366هـ الموافق 11 يوليو 1947م تم اجتماع الجمعية العمومية لجمعية الحج التعاوني – والتي تشترك فيها معظم الهيئات الإسلامية سواء الإخوان أو الشبان وغيرهم - وتمت إجراء القرعة على الحج والتي فاز بها 203 اسم من مختلف المحافظات.

وقد جاء في المادة الثانية من قانون الجمعية العام المعدل 1354هـ، أن الإخوان يحترمون كل الهيئات من الطرق الصوفية والجمعيات وغيرها، ما دامت تعمل على رفعة الإسلام وحمايته والتمسك بمبادئه، ويبذلون لهم النصيحة في ظل الحب ويكرهون الجدل والمراء أشد الكراهية.

ولتحقيق ذلك الأمر كان من اللجان الأساسية بمكتب الإرشاد العام، لجنة الاتصال بالهيئات الإسلامية في مصر والخارج، وكانت هذه اللجنة مكلفة – على حسب ما جاء في اللائحة الداخلية لمكتب الإرشاد العام – بمعرفة هذه الهيئات ما أمكن ذلك وإحصائها وبمعرفة السبيل للاتصال بها ... وغير ذلك.

وكان لهذا الاتصال أثره الطيب في التقريب من الهيئات والعمل على جمعها وتوحيدها حول الفكرة. كما عمدوا إلى الصوفية فنشدوا إصلاحها وألزمها بما جاء في كتاب الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم والبعد عن الخرعبلات والتي كانت قد انتشرت وشوهت الصورة الحقيقية للتصوف وسمو الروح.

فيكتب علي عبد الجليل راضي فيقول: هاهي الشعوب تستيقظ وتربي شبابها وتقوم أخلاقه، وتشيد بناء الاتحاد والقوة وتعلمهم الحرب والرياضة والشجاعة والكشف – وتخلق فيهم روح الحرية والنخوة والعزة والسيادة - وتعلمهم أنهم أحق وأجدر بهذا العالم المتأخر وبهذه الشعوب الهمجية.. ويستطيع سادتنا رجال الطرق أن يقوموا بهذه المهمة مهمة تربية الأمة على الروح الحي النافع لو أرادوا ذلك وعملوا عليه.

إن تلك القوة لو تجمعت، وتلك الجيوش الجديدة لو تجمهرت، وتلك الكتائب لو تكاتفت لنفعتنا وقت الفاجعة حيث لا ينصر الله إلا من جد وقام يقول أنا سيف الله.

ويكتب عمر التلمساني مقالا يقول فيه:

بقيت لدينا طائفة من المسلمين هم من أحب الناس إلى قلبي، ومن أقربهم إلى نفسي، أولئك هم أصحاب الطريق الصوفية، ولست أقصدهم جميعًا على إطلاقهم، وإنما عنيت منهم من صفت سريرته وطابت بالتقوى دخيلته، وحسنت بالإيمان نيته، أقصد منهم من عرف طريق التصوف حق معرفته فأخلص لله عمله وألزم نفسه سبيل المؤمنين.
أولئك لهم فضل كبير على الإسلام لا سبيل لإنكاره، ولهم قدم صدق في حفظ كيانه حينًا من الدهر لا مجال لجحوده. وقد كان من أساليب الإخوان في حرب هذه البدع التي ظهرت أن يوزعوا على أئمة المساجد وخطبائها خطبة جمعة تتحدث عن بعض تلك المفاسد، وكانوا ينشرون مثل هذه الخطب في جريدة الإخوان في باب "عظة المنبر".
وأيضا من الأثر الفعلي تعاون الإخوان والشبان المسلمين مع الهيئات الأخرى في كتابة مذكرات رفعتها إلى الملك ورئيس الحكومة لمحاربة مظاهر الفساد في المجتمع.كما كان من اثر دعوة الإخوان المستمر للاتحاد مع الجماعات والهيئات أن استجابة جمعية الرواد المسلمين والتي رأسها الأستاذ محمد زكي إبراهيم، وانضمت للإخوان

حيث اجتمع أعضائها وقرروا:

نظرًا لوحدة الغاية بين جمعيتي الرواد المسلمين والإخوان المسلمين، ولتلاشي الفروق التي سببت قيام جمعية الرواد المسلمين، وبناء على التفاهم الذي تم بين وفد الإخوان المسلمين برياسة فضيلة الأستاذ الشيخ مصطفى الطير المدرس بالمعهد الأزهري وجماعة الرواد المسلمين؛ ولأن الرواد يريدون أن يضربوا المثل في إنكار الذات والاتجاه إلى توحيد قوى الجماعات الإسلامية العاملة كما نص قانونهم، وكما ينبغي أن يجري الآن لمواجهة الأحداث الإسلامية العامة.
قرر مجلس الريادة العام للرواد المسلمين لهذا كله انضمام الجماعة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وإخطار الفروع بذلك للعمل بمقتضاه، وعلى هذا أصبحت جمعية الإخوان المسلمين عنوانًا ومرجعًا للجميع.ومناشدة الجماعات الإسلامية الأخرى أن تحذو هذا الحذو توحيدًا للكلمة وتنظيمًا للصف.

ولذا وجب على الجميع العمل على:

  1. تعريف الناس بحقيقة الإسلام الوسطي الذي لا غلو فيه ولا تقصير.
  2. العمل سويا فيما اتفقوا عليه ويعذر الأخ أخاه فيما اختلفوا فيه.
  3. التعاون على إحياء السنن التي طمست ومحاربة البدع التي استفحلت.
  4. العمل على التعاون لاستكمال جوانب النقص لدى كل جماعة وهيئة إسلامية.
  5. عدم الاسترسال في الخلافات الفرعية والوقوف على أصول الإسلام.