الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإسلاميون في تونس.. العقل في مواجهة القمع!»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''الإسلاميون في تونس ...العقل في مواجهة القمع !'''
<center>'''[[الإسلام]]يون في [[تونس]] ...العقل في مواجهة القمع !'''</center>
 
 
[[ملف:الغنوشي-يكتب-عن-زلزال-غزة.png|إطار]]
[[ملف:الغنوشي-يكتب-عن-زلزال-غزة.png|إطار]]


لعل أهم ما يميز الحركة الإسلامية التونسية هو استجابتها للتطورات المجتمعية، ومحاولتها المشاركة فيها، بل التحكم في كثير من عناصرها بهدف تحقيق معدلات عليا من الشعبية وسط جماهير التونسيين، كما أنها لم تدع انفرادها بتقديم البديل "الوحيد الشامل"؛ وإنما رأت نفسها أحد البدائل المتاحة على الساحة السياسية في ظل إستراتيجية تختلف عن معظم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، بل العالم الإسلامي كله.
لعل أهم ما يميز الحركة [[الإسلام]]ية ال[[تونس]]ية هو استجابتها للتطورات المجتمعية، ومحاولتها المشاركة فيها، بل التحكم في كثير من عناصرها بهدف تحقيق معدلات عليا من الشعبية وسط جماهير ال[[تونس]]يين، كما أنها لم تدع انفرادها بتقديم البديل "الوحيد الشامل"؛ وإنما رأت نفسها أحد البدائل المتاحة على الساحة السياسية في ظل إستراتيجية تختلف عن معظم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، بل العالم [[الإسلام]]ي كله.


لقد دخلت الحركة الإسلامية التونسية إلى المجال السياسي بقوة أسرع من بقية الحركات الإسلامية في المغرب العربي، ويعود ذلك إلى أسباب عدة:
'''لقد دخلت الحركة [[الإسلام]]ية التونسية إلى المجال السياسي بقوة أسرع من بقية الحركات [[الإسلام]]ية في المغرب العربي، ويعود ذلك إلى أسباب عدة:'''


'''أولها''': أهمية التيار الإسلامي وقوة هيكله.
'''أولها''': أهمية التيار [[الإسلام]]ي وقوة هيكله.


'''وثانيها''': الإستراتيجية الشرعية التي يتبعها الفرع الرئيس لهذا التيار.
'''وثانيها''': الإستراتيجية الشرعية التي يتبعها الفرع الرئيس لهذا التيار.
سطر ١٢: سطر ١٤:
'''وأخيرًا''': حجم القمع البوليسي وفاعليته.
'''وأخيرًا''': حجم القمع البوليسي وفاعليته.


ويرى دارسو هذا التيار أنه حالة نموذجية؛ لأنه تجاوز العديد من المراحل التي ما زالت التيارات الأخرى تجهلها على حدٍّ ما، بل إنه بدأ حركته بدايةً غير مسبوقة عن طريق الطفرة، وقد أسهمت شخصية الشيخ "راشد الغنوشي" في إضفاء طابع مرجعي تأسيسي على التجربة التونسية.
ويرى دارسو هذا التيار أنه حالة نموذجية؛ لأنه تجاوز العديد من المراحل التي ما زالت التيارات الأخرى تجهلها على حدٍّ ما، بل إنه بدأ حركته بدايةً غير مسبوقة عن طريق الطفرة، وقد أسهمت شخصية الشيخ "راشد الغنوشي" في إضفاء طابع مرجعي تأسيسي على التجربة ال[[تونس]]ية.


وتمثل سنة 1968م بداية دخول التيار الإسلامي التونسي إلى حلبة السياسة برغم أنه في المرحلة الأولى لم يشكل قوة معارضة.
وتمثل سنة [[1968م]]بداية دخول التيار [[الإسلام]]ي ال[[تونس]]ي إلى حلبة [[السياسة]] برغم أنه في المرحلة الأولى لم يشكل قوة معارضة.




== عوامل النجاح الشعبي للحركة ==
== عوامل النجاح الشعبي للحركة ==


'''يمكن إيجاز العوامل التي أسهمت في ظهور الحركة [[الإسلام]]ية كأحد البدائل السياسية المتاحة، وتمتعها بجاذبية ملحوظة لدى الجماهير في [[تونس]] فيما يلي:'''


يمكن إيجاز العوامل التي أسهمت في ظهور الحركة الإسلامية كأحد البدائل السياسية المتاحة، وتمتعها بجاذبية ملحوظة لدى الجماهير في تونس فيما يلي:
- تقويض النظام البورقيبي للإسلام المؤسسي، ومساسه بالرموز [[الإسلام]]ية التقليدية.
 
- تقويض النظام البورقيبي للإسلام المؤسسي، ومساسه بالرموز الإسلامية التقليدية.


- الأزمة المجتمعية الحادة التي واجهها النظام بعد فشله في تحقيق البرامج التنموية على النمط التحديثي الغربي.
- الأزمة المجتمعية الحادة التي واجهها النظام بعد فشله في تحقيق البرامج التنموية على النمط التحديثي الغربي.


- المناخ السائد في إطار فشل الخطاب الأيديولوجي للمعارضة في اجتذاب الجماهير، إلى جانب انضواء طبقة العمال الحضرية إلى صفوف الحركة الإسلامية بعد المواجهة بين النظام والحركة العمالية.
- المناخ السائد في إطار فشل الخطاب الأيديولوجي للمعارضة في اجتذاب الجماهير، إلى جانب انضواء طبقة العمال الحضرية إلى صفوف الحركة [[الإسلام]]ية بعد المواجهة بين النظام والحركة العمالية.




== مراحل التطور ==
== مراحل التطور ==


'''يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها الحركة [[الإسلام]]ية ال[[تونس]]ية إلى:'''


'''يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها الحركة الإسلامية التونسية إلى:'''
'''أولاً: مرحلة التيار [[الإسلام]]ي التلقائي (1970م- 1978م):'''
 
'''أولاً: مرحلة التيار الإسلامي التلقائي (1970م- 1978م):'''


تكونت النواة الأولى للحركة الإسلامية التونسية في بداية السبعينيات من مختلف العناصر التي تلقت تكوينًا إسلاميًّا، وارتبطت بالأوساط الدينية، مثل: "[[راشد الغنوشي]]"، و"ع[[بدالفتاح مورو]]"، إلى جانب "[[أحميدة النيفر]]" (تأثر الشيخ "[[راشد الغنوشي]]" بالأفكار الدينية والإصلاحية في كل من مصر وسوريا، أما الشيخ "عبدالفتاح مورو" فقد تأثر بالحركة الصوفية، مثل: الاتجاه الإسلامي المعتدل).
تكونت النواة الأولى للحركة [[الإسلام]]ية ال[[تونس]]ية في بداية السبعينيات من مختلف العناصر التي تلقت تكوينًا إسلاميًّا، وارتبطت بالأوساط الدينية، مثل: "[[راشد الغنوشي]]"، و"ع[[بدالفتاح مورو]]"، إلى جانب "[[أحميدة النيفر]]" (تأثر الشيخ "[[راشد الغنوشي]]" بالأفكار الدينية والإصلاحية في كل من مصر وسوريا، أما الشيخ "عبدالفتاح مورو" فقد تأثر بالحركة الصوفية، مثل: الاتجاه [[الإسلام]]ي المعتدل).


وقد انضمت هذه المجموعة إلى "جمعية المحافظة على القرآن"، وهي تنظيم يتسم بالقانونية، إلا أن سيطرة الاتجاهات الإسلامية على الجمعية أدى إلى إقصاء النظام للإسلاميين عن هذا التنظيم؛ وهو ما جعلهم ينقلون نشاطهم إلى الجامعة في مواجهة صريحة مع النظام.
وقد انضمت هذه المجموعة إلى "جمعية المحافظة على القرآن"، وهي تنظيم يتسم بالقانونية، إلا أن سيطرة الاتجاهات [[الإسلام]]ية على الجمعية أدى إلى إقصاء النظام للإسلاميين عن هذا التنظيم؛ وهو ما جعلهم ينقلون نشاطهم إلى الجامعة في مواجهة صريحة مع النظام.


وهكذا استرجعت جامعة (الزيتونة) بعضًا من مكانتها كمركز للإشعاع الثقافي من خلال الحلقات الدينية التي ضمت مجموعة من الإسلاميين، ولم تؤدِ تصفية نشاط جامعة (الزيتونة) إلى إنهاء المواجهة بين النظام والإسلام، نتيجة لتجذر الإسلام في المجتمع التونسي، وتوافر الشروط المادية والمعنوية لنمو الحركة الإسلامية؛ إذ استطاعت هذه الأخيرة تعبئة العديد من العناصر من خلال الحلقات الدينية، التي اشتملت على عرض وتحليل للفكر الغربي؛ سواء الليبرالي، أو الماركسي؛ للبحث عن بديل أيديولوجي، وإبراز تفوق الفكر الإسلامي، وقد أفرزت هذه الحلقات أول حركة سياسية جماهيرية ضمت عناصر الحركة الإسلامية كافة.
وهكذا استرجعت جامعة (الزيتونة) بعضًا من مكانتها كمركز للإشعاع الثقافي من خلال الحلقات الدينية التي ضمت مجموعة من [[الإسلام]]يين، ولم تؤدِ تصفية نشاط جامعة (الزيتونة) إلى إنهاء المواجهة بين النظام و[[الإسلام]]، نتيجة لتجذر [[الإسلام]] في المجتمع ال[[تونس]]ي، وتوافر الشروط المادية والمعنوية لنمو الحركة [[الإسلام]]ية؛ إذ استطاعت هذه الأخيرة تعبئة العديد من العناصر من خلال الحلقات الدينية، التي اشتملت على عرض وتحليل للفكر الغربي؛ سواء الليبرالي، أو الماركسي؛ للبحث عن بديل أيديولوجي، وإبراز تفوق الفكر [[الإسلام]]ي، وقد أفرزت هذه الحلقات أول حركة سياسية جماهيرية ضمت عناصر الحركة [[الإسلام]]ية كافة.


ولم يهتم الإسلاميون خلال هذه المرحلة بالانخراط في العمل السياسي؛ إذ لم تختلف الحركة الإسلامية التونسية عند نشأتها عن بقية حركات الإصلاح الروحي، بل أكدت النواحي التعبدية، واقتصر الخطاب الأيديولوجي لها على الموضوعات التي أولتها اهتمامًا خاصًّا، مثل: ضرورة التمسك بالإسلام، والانفصال عن المجتمعات الجاهلية، التي لا تستند إلى مبدأ الحاكمية.
ولم يهتم [[الإسلام]]يون خلال هذه المرحلة بالانخراط في العمل السياسي؛ إذ لم تختلف الحركة [[الإسلام]]ية ال[[تونس]]ية عند نشأتها عن بقية حركات الإصلاح الروحي، بل أكدت النواحي التعبدية، واقتصر الخطاب الأيديولوجي لها على الموضوعات التي أولتها اهتمامًا خاصًّا، مثل: ضرورة التمسك ب[[الإسلام]]، والانفصال عن المجتمعات الجاهلية، التي لا تستند إلى مبدأ الحاكمية.


ولم يرَ النظام في الحركة الإسلامية خلال هذه الفترة خطرًا يمثل تهديدًا للشرعية، كما أن الحركة رأت أن وقوع الدولة التونسية في أيدي اليسار أشد خطرًا من استمرار النظام؛ لذلك ساد نوع من التعايش بين الطرفين، وإنْ حمل في طياته بذور الصدام.
ولم يرَ النظام في الحركة [[الإسلام]]ية خلال هذه الفترة خطرًا يمثل تهديدًا للشرعية، كما أن الحركة رأت أن وقوع الدولة ال[[تونس]]ية في أيدي اليسار أشد خطرًا من استمرار النظام؛ لذلك ساد نوع من التعايش بين الطرفين، وإنْ حمل في طياته بذور الصدام.




'''ثانيًا: مرحلة التيار الإسلامي التسييسي منذ 1978م:'''
'''ثانيًا: مرحلة التيار [[الإسلام]]ي التسييسي منذ [[1978م]]:'''


لجأت الحركة الإسلامية إلى تسييس نشاطها، وتحولت إلى حركة سياسية شورية علنية، وعكست مجلة (المعرفة)- لسان حال الإسلاميين (1972م- 1979م)- هذا التحول؛ إذ اهتمت بذلك في السنوات الأولى من صدورها بالثقافة، إلا أنها منذ 1978م- خاصةً بعد المواجهة بين النظام واتحاد الشغل- أولت اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.
لجأت الحركة [[الإسلام]]ية إلى تسييس نشاطها، وتحولت إلى حركة سياسية شورية علنية، وعكست مجلة (المعرفة)- لسان حال [[الإسلام]]يين (1972م- 1979م)- هذا التحول؛ إذ اهتمت بذلك في السنوات الأولى من صدورها بالثقافة، إلا أنها منذ [[1978م]]- خاصةً بعد المواجهة بين النظام واتحاد الشغل- أولت اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.


وقد استمرت الحملات الإعلامية الإسلامية من خلال مجلتي (المجتمع)، و(الحبيب)، اللتين صدرتا خلال عامي 1979م و1980م إلى جانب دروس "الغنوشي" في المساجد في بداية الثمانينيات، التي عكست مزيدًا من التسييس بعد اكتساب الحركة الإسلامية لقاعدة شعبية واسعة.
وقد استمرت الحملات الإعلامية [[الإسلام]]ية من خلال مجلتي (المجتمع)، و(الحبيب)، اللتين صدرتا خلال عامي 1979م و1980م إلى جانب دروس "الغنوشي" في المساجد في بداية الثمانينيات، التي عكست مزيدًا من التسييس بعد اكتساب الحركة [[الإسلام]]ية لقاعدة شعبية واسعة.


وقد استند الخطاب الإسلامي إلى الرموز الدينية والحجج الإسلامية كأساس لإضفاء الشرعية على المسائل السياسية، وسرعان ما لجأت الحركة إلى فتح مجالات جديدة لنشاطها داخل المجتمع المدني، وتحول نشاطها إلى العمل السياسي، وافتقاد العمل الحكومي، وغزو الجامعة التي كانت مرتعًا خصبًا لليسار التونسي.
وقد استند الخطاب [[الإسلام]]ي إلى الرموز الدينية والحجج [[الإسلام]]ية كأساس لإضفاء الشرعية على المسائل السياسية، وسرعان ما لجأت الحركة إلى فتح مجالات جديدة لنشاطها داخل المجتمع المدني، وتحول نشاطها إلى العمل السياسي، وافتقاد العمل الحكومي، وغزو الجامعة التي كانت مرتعًا خصبًا لليسار ال[[تونس]]ي.


وشهدت الجامعة في تونس خلال عامي 1979م و1980م مصادمات عنيفة بين اليساريين والإسلاميين، وهكذا انتهت هامشية الحركة الإسلامية تجاه الصراع الاجتماعي، إلا أنها حرصت على مهادنة النظام، وتقبلت الوسائل الديمقراطية كإطار للعمل السياسي، وأصبح الإسلام رمزًا لمقاومة النظام العلماني البورقيبي.
وشهدت الجامعة في [[تونس]] خلال عامي [[1979م]] و[[1980م]] مصادمات عنيفة بين اليساريين و[[الإسلام]]يين، وهكذا انتهت هامشية الحركة [[الإسلام]]ية تجاه الصراع الاجتماعي، إلا أنها حرصت على مهادنة النظام، وتقبلت الوسائل الديمقراطية كإطار للعمل السياسي، وأصبح [[الإسلام]] رمزًا لمقاومة النظام العلماني البورقيبي.


كما اتسمت هذه المرحلة بالمواجهة والتصادم بين كل من الحركة الإسلامية والنظام الذي تبين له تعاظم قوة التيار الإسلامي واتساع قاعدته الشعبية، فشن حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها، كما قام بحظر وسائل إعلامها، واستخدام أساليب قمعية عدة.
كما اتسمت هذه المرحلة بالمواجهة والتصادم بين كل من الحركة [[الإسلام]]ية والنظام الذي تبين له تعاظم قوة التيار [[الإسلام]]ي واتساع قاعدته الشعبية، فشن حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها، كما قام بحظر وسائل إعلامها، واستخدام أساليب قمعية عدة.


ويرجع هذا التغير في إستراتيجية النظام إلى رفض هذا الأخير لتزايد التوظيف السياسي للإسلام؛ إذ تخلت الحركة عن الاقتصار على الاتجاه الأخلاقي الديني، وتباعدت عن الاهتمامات الدينية الهامشية، التي لا تعكس الواقع الاجتماعي، ولجأت إلى توسيع مجالات عملها، والتأكيد على إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والسياسي.
ويرجع هذا التغير في إستراتيجية النظام إلى رفض هذا الأخير لتزايد التوظيف السياسي للإسلام؛ إذ تخلت الحركة عن الاقتصار على الاتجاه الأخلاقي الديني، وتباعدت عن الاهتمامات الدينية الهامشية، التي لا تعكس الواقع الاجتماعي، ولجأت إلى توسيع مجالات عملها، والتأكيد على إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والسياسي.


وهكذا تحولت الحركة الإسلامية إلى خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على التأشيرة القانونية عام 1981م، ولجأ إلى اعتقال قيادتها.
وهكذا تحولت الحركة [[الإسلام]]ية إلى خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على التأشيرة القانونية عام [[1981م]]، ولجأ إلى اعتقال قيادتها.


وقد أكد النظام البورقيبي رفض قيام حزب إسلامي، وخيَّر الحركة بين اقتصارها على العمل الإصلاحي وتحولها للعمل السياسي من خلال تنظيم حزبي، يقوم بممارسة نشاطه في إطار قواعد اللعبة الديمقراطية.
وقد أكد النظام البورقيبي رفض قيام حزب إسلامي، وخيَّر الحركة بين اقتصارها على العمل الإصلاحي وتحولها للعمل السياسي من خلال تنظيم حزبي، يقوم بممارسة نشاطه في إطار قواعد اللعبة الديمقراطية.


وقد قبلت الحركة هذه القواعد، إلا أن النظام لم يستطع أن ينازلها في ذلك، فعاد إلى بطشه وسالف عهده في كبت الحريات، وإشاعة جو من الخوف والفزع بين صفوف الشعب، وهي عادة نظم الاستبداد، ليس في العالم العربي وحده، بل على مدار الرقعة الإسلامية من (طنجة) حتى (جاكرتا).
وقد قبلت الحركة هذه القواعد، إلا أن النظام لم يستطع أن ينازلها في ذلك، فعاد إلى بطشه وسالف عهده في كبت الحريات، وإشاعة جو من الخوف والفزع بين صفوف الشعب، وهي عادة نظم الاستبداد، ليس في العالم العربي وحده، بل على مدار الرقعة [[الإسلام]]ية من (طنجة) حتى (جاكرتا).




'''المصدر : إخوان أون لاين'''
'''المصدر : إخوان أون لاين'''


{{روابط الإخوان في تونس}}


[[تصنيف:صفحة مراجعة]]
[[تصنيف:أحداث الإخوان في تونس]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أراء وأفكار]]
[[تصنيف:أراء وأفكار]]
[[تصنيف:أحداث الإخوان في تونس]]
[[تصنيف:أراء وأفكار سياسية]]
[[تصنيف:أراء وأفكار سياسية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٢:١٣، ١٧ مايو ٢٠١١

الإسلاميون في تونس ...العقل في مواجهة القمع !


الغنوشي-يكتب-عن-زلزال-غزة.png

لعل أهم ما يميز الحركة الإسلامية التونسية هو استجابتها للتطورات المجتمعية، ومحاولتها المشاركة فيها، بل التحكم في كثير من عناصرها بهدف تحقيق معدلات عليا من الشعبية وسط جماهير التونسيين، كما أنها لم تدع انفرادها بتقديم البديل "الوحيد الشامل"؛ وإنما رأت نفسها أحد البدائل المتاحة على الساحة السياسية في ظل إستراتيجية تختلف عن معظم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، بل العالم الإسلامي كله.

لقد دخلت الحركة الإسلامية التونسية إلى المجال السياسي بقوة أسرع من بقية الحركات الإسلامية في المغرب العربي، ويعود ذلك إلى أسباب عدة:

أولها: أهمية التيار الإسلامي وقوة هيكله.

وثانيها: الإستراتيجية الشرعية التي يتبعها الفرع الرئيس لهذا التيار.

وأخيرًا: حجم القمع البوليسي وفاعليته.

ويرى دارسو هذا التيار أنه حالة نموذجية؛ لأنه تجاوز العديد من المراحل التي ما زالت التيارات الأخرى تجهلها على حدٍّ ما، بل إنه بدأ حركته بدايةً غير مسبوقة عن طريق الطفرة، وقد أسهمت شخصية الشيخ "راشد الغنوشي" في إضفاء طابع مرجعي تأسيسي على التجربة التونسية.

وتمثل سنة 1968مبداية دخول التيار الإسلامي التونسي إلى حلبة السياسة برغم أنه في المرحلة الأولى لم يشكل قوة معارضة.


عوامل النجاح الشعبي للحركة

يمكن إيجاز العوامل التي أسهمت في ظهور الحركة الإسلامية كأحد البدائل السياسية المتاحة، وتمتعها بجاذبية ملحوظة لدى الجماهير في تونس فيما يلي:

- تقويض النظام البورقيبي للإسلام المؤسسي، ومساسه بالرموز الإسلامية التقليدية.

- الأزمة المجتمعية الحادة التي واجهها النظام بعد فشله في تحقيق البرامج التنموية على النمط التحديثي الغربي.

- المناخ السائد في إطار فشل الخطاب الأيديولوجي للمعارضة في اجتذاب الجماهير، إلى جانب انضواء طبقة العمال الحضرية إلى صفوف الحركة الإسلامية بعد المواجهة بين النظام والحركة العمالية.


مراحل التطور

يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها الحركة الإسلامية التونسية إلى:

أولاً: مرحلة التيار الإسلامي التلقائي (1970م- 1978م):

تكونت النواة الأولى للحركة الإسلامية التونسية في بداية السبعينيات من مختلف العناصر التي تلقت تكوينًا إسلاميًّا، وارتبطت بالأوساط الدينية، مثل: "راشد الغنوشي"، و"عبدالفتاح مورو"، إلى جانب "أحميدة النيفر" (تأثر الشيخ "راشد الغنوشي" بالأفكار الدينية والإصلاحية في كل من مصر وسوريا، أما الشيخ "عبدالفتاح مورو" فقد تأثر بالحركة الصوفية، مثل: الاتجاه الإسلامي المعتدل).

وقد انضمت هذه المجموعة إلى "جمعية المحافظة على القرآن"، وهي تنظيم يتسم بالقانونية، إلا أن سيطرة الاتجاهات الإسلامية على الجمعية أدى إلى إقصاء النظام للإسلاميين عن هذا التنظيم؛ وهو ما جعلهم ينقلون نشاطهم إلى الجامعة في مواجهة صريحة مع النظام.

وهكذا استرجعت جامعة (الزيتونة) بعضًا من مكانتها كمركز للإشعاع الثقافي من خلال الحلقات الدينية التي ضمت مجموعة من الإسلاميين، ولم تؤدِ تصفية نشاط جامعة (الزيتونة) إلى إنهاء المواجهة بين النظام والإسلام، نتيجة لتجذر الإسلام في المجتمع التونسي، وتوافر الشروط المادية والمعنوية لنمو الحركة الإسلامية؛ إذ استطاعت هذه الأخيرة تعبئة العديد من العناصر من خلال الحلقات الدينية، التي اشتملت على عرض وتحليل للفكر الغربي؛ سواء الليبرالي، أو الماركسي؛ للبحث عن بديل أيديولوجي، وإبراز تفوق الفكر الإسلامي، وقد أفرزت هذه الحلقات أول حركة سياسية جماهيرية ضمت عناصر الحركة الإسلامية كافة.

ولم يهتم الإسلاميون خلال هذه المرحلة بالانخراط في العمل السياسي؛ إذ لم تختلف الحركة الإسلامية التونسية عند نشأتها عن بقية حركات الإصلاح الروحي، بل أكدت النواحي التعبدية، واقتصر الخطاب الأيديولوجي لها على الموضوعات التي أولتها اهتمامًا خاصًّا، مثل: ضرورة التمسك بالإسلام، والانفصال عن المجتمعات الجاهلية، التي لا تستند إلى مبدأ الحاكمية.

ولم يرَ النظام في الحركة الإسلامية خلال هذه الفترة خطرًا يمثل تهديدًا للشرعية، كما أن الحركة رأت أن وقوع الدولة التونسية في أيدي اليسار أشد خطرًا من استمرار النظام؛ لذلك ساد نوع من التعايش بين الطرفين، وإنْ حمل في طياته بذور الصدام.


ثانيًا: مرحلة التيار الإسلامي التسييسي منذ 1978م:

لجأت الحركة الإسلامية إلى تسييس نشاطها، وتحولت إلى حركة سياسية شورية علنية، وعكست مجلة (المعرفة)- لسان حال الإسلاميين (1972م- 1979م)- هذا التحول؛ إذ اهتمت بذلك في السنوات الأولى من صدورها بالثقافة، إلا أنها منذ 1978م- خاصةً بعد المواجهة بين النظام واتحاد الشغل- أولت اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.

وقد استمرت الحملات الإعلامية الإسلامية من خلال مجلتي (المجتمع)، و(الحبيب)، اللتين صدرتا خلال عامي 1979م و1980م إلى جانب دروس "الغنوشي" في المساجد في بداية الثمانينيات، التي عكست مزيدًا من التسييس بعد اكتساب الحركة الإسلامية لقاعدة شعبية واسعة.

وقد استند الخطاب الإسلامي إلى الرموز الدينية والحجج الإسلامية كأساس لإضفاء الشرعية على المسائل السياسية، وسرعان ما لجأت الحركة إلى فتح مجالات جديدة لنشاطها داخل المجتمع المدني، وتحول نشاطها إلى العمل السياسي، وافتقاد العمل الحكومي، وغزو الجامعة التي كانت مرتعًا خصبًا لليسار التونسي.

وشهدت الجامعة في تونس خلال عامي 1979م و1980م مصادمات عنيفة بين اليساريين والإسلاميين، وهكذا انتهت هامشية الحركة الإسلامية تجاه الصراع الاجتماعي، إلا أنها حرصت على مهادنة النظام، وتقبلت الوسائل الديمقراطية كإطار للعمل السياسي، وأصبح الإسلام رمزًا لمقاومة النظام العلماني البورقيبي.

كما اتسمت هذه المرحلة بالمواجهة والتصادم بين كل من الحركة الإسلامية والنظام الذي تبين له تعاظم قوة التيار الإسلامي واتساع قاعدته الشعبية، فشن حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها، كما قام بحظر وسائل إعلامها، واستخدام أساليب قمعية عدة.

ويرجع هذا التغير في إستراتيجية النظام إلى رفض هذا الأخير لتزايد التوظيف السياسي للإسلام؛ إذ تخلت الحركة عن الاقتصار على الاتجاه الأخلاقي الديني، وتباعدت عن الاهتمامات الدينية الهامشية، التي لا تعكس الواقع الاجتماعي، ولجأت إلى توسيع مجالات عملها، والتأكيد على إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والسياسي.

وهكذا تحولت الحركة الإسلامية إلى خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على التأشيرة القانونية عام 1981م، ولجأ إلى اعتقال قيادتها.

وقد أكد النظام البورقيبي رفض قيام حزب إسلامي، وخيَّر الحركة بين اقتصارها على العمل الإصلاحي وتحولها للعمل السياسي من خلال تنظيم حزبي، يقوم بممارسة نشاطه في إطار قواعد اللعبة الديمقراطية.

وقد قبلت الحركة هذه القواعد، إلا أن النظام لم يستطع أن ينازلها في ذلك، فعاد إلى بطشه وسالف عهده في كبت الحريات، وإشاعة جو من الخوف والفزع بين صفوف الشعب، وهي عادة نظم الاستبداد، ليس في العالم العربي وحده، بل على مدار الرقعة الإسلامية من (طنجة) حتى (جاكرتا).


المصدر : إخوان أون لاين

للمزيد عن الإخوان في تونس

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

أهم أعلام الإخوان في تونس

وصلات فيديو

.

تابع وصلات فيديو