الإسلام السياسي غير المتطرف: الإخوان المسلمون نموذجا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإسلام السياسي غير المتطرف: الإخوان المسلمون نموذجا

بقلم: كريس زامبليس

مقدمة

Ikhwan-logo1.jpg

استدعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 اهتماماً غير مسبوق بدراسة الإسلام ومنطقة الشرق الأوسط داخل الدوائر الأمنية والسياسية والأكاديمية في الولايات المتحدة.

ويبدو أن هذا الإهتمام تزايد عن سابقه, فالأمريكان يريدون أن يتبينوا الملابسات التي أدت إلي هذه الهجمات الإرهابية الأسوأ داخل الأراضي الأمريكية, خصوصا ما يتعلق ببزوغ ظاهرة الإسلام المتطرف والإسلام السياسي عامة.

فعلي الرغم من هذه الفضولية, إلا أن معظم التعليقات علي الظاهرة الإسلامية مليئة بتعميمات كثيرة فشلت في التفريق بين الإسلاميين المعتدلين الذين يدعمون مبادئ الليبرالية السياسية والدمقرطة وأقرانهم الآخرين من المتطرفين.

وبالفعل, فإن كثير من المراقبين لا زالوا ينظرون للإسلام السياسي بنظارة الحرب الباردة كحركة متحجرة مقربة من الإتحاد السوفييتي تهدد الأمن القومي الأمريكي.

فمن الداعي للسخرية القول بأن الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة قد نظرت للإسلاميين من الشرائح والتوجهات علي أنهم حلفاؤها في وجه تمدد النفوذ السوفييتي والقومية العربية.

في الواقع, لا تلجأ الغالبية العظمى من الإسلاميين, خصوصا الجماعات المؤثرة كالإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية والأكثر تنظيماً في العالم, لأجندات عنيفة وفوق ذلك يهاجمون الإرهاب صراحة.

فالإخوان المسلمون في مصر, علي سبيل المثال, قد نبذوا العنف في السبعينات وبرهنوا منذ هذه الفترة علي تبنيهم براجماتية سياسية برهنوا عليها من خلال مشاركاتهم في النسق السياسي الإنتخابي والكيانات المؤسسية الرسمية الأخرى, ملتزمة بكل قواعد اللعبة فيما عدا أنها جماعة محظورة من قبل السلطات المصرية. وفي المقابل, فإن المتطرفين لا يشكلون إلا أقلية بسيطة داخل التيار الإسلامي الأكبر, وهي الحقيقة التي يتم التغاضي عنها.

إن ملابسات إدراك الإختلافات والتعقيدات غاية في العمق داخل التيار الإسلامي السياسي, الذي يعتبر التيار الأقوى علي الساحة في تشكيل المجتمع والسياسة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي اليوم. وهذا الشيء يصدق مباشرة علي هؤلاء الذين يتتبعون الإتجاهات والأحداث التي أدت إلي صعود القاعدة في الشرق الأوسط.

نهوض الإسلام السياسي

يعتمد الإسلام السياسي بشكل عام علي فكرة أن القرآن الكريم والعقيدة والوحي لابد أن تشكل المجتمع والسياسة. فالإسلام السياسي بزغ نجمه كقوة نافذة في الشرق الأوسط في أواخر الستينات والسبعينات حين بدأ الإسلاميون في التفتيش عن حلول جديدة للمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العميقة التأثير في المنطقة.

إن إخفاق الأيديولوجيات الغربية (كالقومية العربية الإشتراكية العلمانية التي طبقها عبد الناصر) في البحث عن حلول لهذه المشاكل والعمل علي استعادة الدور الإقليمي قد دفع الكثيرين للبحث عن حلول من عمق المجتمع.

فاجتياح إسرائيل لمصر وسوريا والأردن عام 1967 وإحتلال الأراضي العربية قد أكد علي فشل الوضع الراهن في منظور الإسلاميين.

كذلك, فإن الإطاحة بنظام الشاه في إيران عام 1979 بواسطة الإسلاميين الشيعة وما تبعه من غزو السوفييت لأفغانستان في نفس السنة قد ساعد علي تحفيز الضمير المسلم العبر-قومي في منطقة الشرق الأوسط, معطياً بذلك الشرعية لمقولة الإسلام هو الحل.

فهذه الفترة الحرجة قد شهدت قمع الأنظمة السلطوية للمعارضة السياسية والليبرالية في المنطقة. فالأوتوقراطيين قد عزموا علي استئصال أي تهديد محتمل لوجودهم في السلطة باستخدام القمع واسع النطاق من تعذيب لفرض قوانين وحشية, مثل اغتيال المتحدثين من الإسلاميين وحظر العناصر السياسية المخربة.

كما أن بعض المجهودات الجبارة قد عملت علي إضعاف المعارضة. فهذه التكتيكات قد ساهمت في تطرف بعض الإسلاميين والذين كان من بينهم ناشطين علمانيين قدماء ودفعتهم لحمل السلاح ضد الدولة باسم الثورة الإسلامية.

وكنتيجة لذلك, فإن الأنظمة الحاكمة في مصر والأردن والسعودية, وكلهم حلفاء الولايات المتحدة الصامدين, قد تحولوا في نظر شعوبهم إلي أنظمة غير شرعية وقمعية خرقاء وعملاء الإمبريالية الأمريكية.

وجدير بالذكر أن كثير من اعضاء تنظيم القاعدة المرموقين, بما فيهم أسامة بن لادن وايمن الظواهري, قد بدأوا نشاطهم في هياكل ديموقراطية معارضة في السعودية ومصر قبل أن يحولوا جام غضبهم ضد الولايات المتحدة.

فالمعارضة السياسية, إذن, كانت تتمتع بمرونة أمام الضغوطات الحكومية المدعومة. فغياب الأفق السياسي الحر وكذلك حرية التنظيم قد دفعت للمقاومة في السر, كما أن الناشطين قد فتشوا عن قنوات بديلة للمعارضة للإجتزاء من سلطات الحكومة.

وفي المحصلة, أصبحت المساجد والمؤسسات الدينية محاور نشطة في الإحتجاج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي, وهو تيار لا زال مستمراً حتى اليوم. وكانت هذه هي الصورة حتى في البلدان التي يعين فيها النظام علماء الدين واللجان الدينية المخترقة.

إن انبعاث الإسلام كقوة سياسية قد انتعش بفضل الزيادة المطردة في الإلتزام الديني فيما يمثل تأكيداً جماعياً علي الهوية الإسلامية.وبعض المراقبين يصفون هذا التيار علي أنه أحد اشكال القومية الإسلامية, عن طريق استعادة أمجاد وبهاء الماضي الذي يلعب فيه الإسلاميون دوراً موازياً للدور الذي يلعبه السياسيون التقليديون والقوميون في الغرب (تاريخ الإسلام السياسي, الصفحات من 20-23).

إن أعمال وخطابات الإسلامين تجد صدى بين العامة علي اعتبار أن الإسلام يمثل العادات الشعبية التي هي نتاج الثقافة المحلية, في مقاومة الأيديولوجيا الدخيلة التي تم توارثها خلال الحقبة الإمبريالية.

ففي مقاومة هذا المشروع, ظهر الإسلاميون كالإخوان المسلمين كأكثر القوى تنظيماً في نطاق المعارضة السياسية في منطقة الشرق الأوسط. فإخفاق الأنظمة الحاكمة في المنطقة في الوفاء بمتطلبات المواطنين قد أعلى من أسهم الإسلام السياسي كبديل واعد. ومع ذلك, فإن شعبية الإسلاميين لا يمكن أن تنسب لكفاءاتهم الدينية.

فالإخوان المسلمين, علي سبيل المثال, تعتبر حائط الصد الأول في المعارضة الديموقراطية في مصر.

فالجماعة تتبنى منهج نقدي صريح في مواجهة النظام في قضايا تتعلق بالإستبداد الحكومي والفساد والبطالة والسياسة الخارجية. كذلك, فإن الجماعة تقدم خدمات إجتماعية أساسية في مجالات الصحة والتعليم في حين يغيب النظام, مقوية بذلك سمعتها علي أنها جماعة أفعال.

وهذا يدحض الحجة التي تقول بأن أجندة الإصلاح السياسي التي ينبناها الإخوان هي مجرد واجهة للتكتيم علي أجندة متطرفة. وعلي نحو مشابه, فإن الإسلاميين المتطرفين يؤيدون كلامهم بأفعال من نوع مختلف, مستخدمين العنف والإرهاب لتوصيل رسالتهم عبر البلدان.

تحوي جماعة الإخوان, كالجماعات السياسية الأخرى, تنوعاً فكريا وربما آراء متعارضة حيال بعض القضايا في حين يبقى نبذ الجماعة للعنف هي مبدأ الأعضاء جميعاً.

فعلي الرغم من تورط الجماعة في أعمال عنف في الماضي, إلا أنها تخلت عن استخدام العنف في بداية السبعينات من القرن الماضي.

لذلك, فإن الإخوان المسلمون يمتعضون من مقارنتهم بالقاعدة والتيارات المتطرفة الأخرى. ونفس الحالة تنطبق علي الفروع المحلية للجماعة في المنطقة التي لابد من اعتبار أعضائها فاعلين مستقلين بأجندة مصالح محلية ومتفردة, ليس كما يقال أنها أطراف للجماعة الأكبر.


المتطرفين في مقابل المعتدلين

إن التنظيمات الإسلامية المتطرفة كالقاعدة تحتقر مثيلاتها المعتدلة, بما فيها جماعة الإخوان المسلمين في مصر, وهي الحقيقة التي تجاهلتها غالب الدراسات التي تناولت الظاهرة الإسلامية.

فالقاعدة تنظر إليهم علي أنهم خونة تخلوا عن خيارهم الثوري عن طريق المشاركة في انتخابات آثمة وفعاليات سياسية واجتماعية أخرى يعانون فيها قمع شديد.

وفي المقابل, يدين الإخوان المسلمون القاعدة, مخصصين قسماً في الموقع الإنجليزي الرسمي للجماعة بخصوص هذا الموضوع. فعلي الرغم من أصولهم المشتركة ومعارضتهم للسياسة الخارجية الأمريكية والأنظمة السلطوية الحاكمة في الشرق الأوسط, فإن أهداف الجماعات المعتدلة كالإخوان المسلمين لا تشترك في كثير من القضايا مع مثيلاتها المتطرفة.

وعلي الرغم مما مر, تصم الأنظمة العربية علي الدوام الإسلاميين المعتدلين بتبعية القاعدة في مسعى منهم لتبرير حملات التصفية المنظمة ضد المعارضة. ففي مصر, علي سبيل المثال, زاد النظام من هجماته ضد الإخوان المسلمين في الأشهر القليلة الماضية كرد علي معارضة الجماعة الجَهورية لمرمى مبارك توريث السلطة لنجله جمال.

أيضاً, تسعى هذه الإستراتيجية لمجابهة الضغوطات الدولية علي النظام للبدء في الإصلاح السياسي وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في الداخل (مجلة فورين أفيرز. مارس/أبريل). فالنظام الذي نتحدث عنه غالباً ما يبرهن علي أن أي محاولة نحو الليبرالية السياسية والدمقرطة ستمهد الطريق للمتطرفين للوصول إلي السلطة عبر طرق مشروعة, قبل أن تنكث الإدارة الأمريكية عن إلتزاماتها بدعم المبادئ الديموقراطية.

إن الإسلاميين المعتدلين يشكلون خطراً علي المتطرفين علي الرغم من برنامجهم السلمي. فعلي الرغم من أن خطابات القاعدة تؤثر بقوة في العرب والمسلمين, خصوصاً معارضتها الصريحة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط, إلا أن القاعدة لم تحقق أي دعم شعبي بين المسلمين.

في المقابل, تحور جماعة الإخوان المسلمين أرضية شعبية واسعة في البلدان المحورية في المنطقة كمصر, خصوصاً بين الشباب وناشطي الطلاب (ميديل إيست ريبورت). فعلي صانعي القرار إذن مراعات هذه الحقيقة, خصوصاً في هذا الوقت الذي تتواصل فيه تحرشات الدولة بالمعتدلين.

وعلاوة علي ذلك, فإن تقويض الإسلاميين المعتدلين يقوي من موقف المتطرفين الذين يتبنون أجندة عنيفة. فعلي الرغم من معارضة الإسلاميين المعتدلين لنواحي كثيرة في خطة السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة, إلا أنه قد برهنوا علي استعدادهم لحوار برجماتي مع الغرب والتعاطي البنّاء مع الولايات المتحدة, فهي إذن فرصة لابد ألا تضيع.

ختام

إن الإسلام السياسي, في كل تجلياته, سيظل القوى المسيطرة في الشرق الأوسط في المستقبل المنظور.

فبعد مرور ما يربو علي ست سنوات من أحداث سبتمبر, فإنه بات من المهم بالنسبة للمراقبين في المنطقة أن يقروا بالفروق العميقة بين الجماعات الإسلامية, خصوصاً بين التيارات المعتدلة والمتطرفة.

إن الفهم الحقيقي لطبيعة الإسلام السياسي والتفريق بين المخاطر المحتملة والشركاء المنظورين من الأهمية بمكان لتشكيل سياسة خارجية مؤثرة.

للمزيد عن الإخوان في عيون الغرب

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

أبحاث متعلقة

تابع أبحاث متعلقة

من وثائق ويكيليكس

مقالات متعلقة