الإسلام السياسي في مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإسلام السياسي في مصر

تمهيد

يعرض الباحث ما توصل إليه من نتائج - عبر الاستبيانات التي وزعها على أعضاء في الهرم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط تحت التأسيس - بخصوص موقف الإسلاميين بشكل عام من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ورؤاها تجاه المنطقة العربية والشرق الأوسط خصوصًا برنامج الشراكة الأورومتوسطية؛ إلى جانب وصف تحليلي للتباينات التي يراها الإسلاميون بين الأنموذج الديموقراطي الغربي والإسلامي.


مقدمة

لقد قمنا بعمل استطلاع داخل صف الإخوان المسلمين وحزب الوسط في مصر للنقاش حول الإسلام السياسي وما وصل إليه في مصر علي يد أكبر قوي المعارضة في الشارع المصري - الإخوان المسلمين - وخاصة رؤاهم وتوجهاتهم تجاه الإتحاد الأوربي ومبادراته مع دول البحر المتوسط.

فالإخوان يشكلون أكبر قوي معارضة في مصر لكن ضممنا إليه حزب الوسط بيد أنه صنعة إسلامية تدعو إلي الوسطية والمنهجية الإسلامية.

ربما جاء الاثنان في مفترق طرق وبينهما اختلافات في الرؤى لا يمكن جبرها، لكن ما زالت هناك آفاق واسعة في الرؤى المتحدة تجاه الإتحاد الأوربي وسياساته وخاصة أن الإتحاد الأوربي قد مني بسياسات غير ثابتة في منطقة البحر المتوسط مما يدعو الاثنان، الإخوان والوسط، إلي التشارك في الرؤى بعض الشيء.


تغيرات في الإسلام السياسي في مصر

الامام المؤسس حسن البنا

لقد انقلب المشهد السياسي للإسلام السياسي في مصر في الحقبة الأخيرة رأساُ علي عقب وحصلت هناك تطورات لم يشهد لها مثيل علي صعيد المشهد السياسي.

لقد تطور الإخوان المسلمون في مصر فانبثق منهم حزب الوسط وما زالوا يحاربون ويجابهون الآن ليقتلعوا اعتراف النظام الرسمي كما عدلت الجماعة الإسلامية الجناح الأكثر تطرفاً في الإسلاميين عن الكثير من أفكارها وطورت من أدائها الذي لطالما انتقدت به.

تعد حركة الإخوان المسلمين من أكبر الجماعات الإسلامية انتشاراً وأعلاها سمعةً وأقدمها زمناً إذ بدأت نشاطها منذ عام 1928.

تعتمد هذه الحركة علي التحرك الشمولي في أطر متعددة وعلي أصعدة متباينة حتى تحقق أعمق الأهداف وتصيب أسمي الغايات وهي إلي جانب ذلك تري نفسها تطوراً طبيعياً وامتداداً حقاً لحركات الإصلاح التي سبقتها إلا أنها جمعت بين الفكر الإصلاحي والمنهج السلفي المتأصل في حركتها.

تعتمد حركة الإخوان في إصلاحها علي هرمية المجتمع إذ هي تبدأ بالفرد المسلم فالأسرة المسلمة فالمجتمع المسلم فالدولة المسلمة.

كما منيت هذه الجماعة منذ مؤسسها الأول حسن البنا (1906-49) بالعديد من الضربات القاسمة من النظام لكنها خرجت من كل هذه المآزق قوية صلبة بل مستفيدة من جراء هذه المضايقات بالعديد من الاستراتيجيات الجديدة التي لابد من اعتمادها لتضاف إلي سجلها الاستراتيجي.

من هنا كان حرص الجماعة الشديد علي التحرك بحذر وحصافة قدر الإمكان والأخذ بكل سبل النجاح وعدم المخاطرة، فقد تعلموا من تجارب الماضي الكثير والكثير مما زادهم حنكة وأورثهم تجارب غير مسبوقة.

لكنهم ما زالوا يؤكدون بأسلوبهم العملي علي أن فشلهم لا يعني فشل القيادة فحسب، بل فشل الجماعة بأسرها بل إلي ما هو أبعد من ذلك وهو فشل المشروع الإسلامي الذي يرفعون لوائه أمام المشروع العلماني المجابه.

وبهذه الحيطة والحذر كان تحرك الإخوان وتعاملهم مع الفعاليات السياسية بأسلوب براجماتي متطور يناسب متطلبات الشارع ولا يصطدم بالفشل الذي يسيطر هاجسه علي الجماعة. لكنه يحلو للكثير من المراقبين أن يؤكد علي أن الإخوان قد كسروا هذا الهاجس مع مرور الوقت وتطور التحديات.

وأهم شاهد علي ذلك هو التاريخ الذي يذكر أن الإخوان في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات قد رفضوا المشاركة السياسية والنزول في ساحة الانتخابات والمعارك السياسية علي أمل بناء صف قوي متماسك للجماعة يمكنها من أداء عملها وفعالياتها بعد ذلك.

ثم نهض الإخوان في أواخر الثمانينات فدخلوا غمار المشهد السياسي وكونوا تحالفات مع أحزاب أخري كالوفد في 1984 وحزب العمل في 1987 كما نجحوا في السيطرة علي النقابات المهنية والعمالية والتجارية في أوائل التسعينات.

وبعد انتخابات 2000 ظهر الإخوان أمام النظام بمشروعهم الإصلاحي مكونين جبهات إصلاحية مجابهة لفساد النظام.

فرأينا في انتخابات 2005 حينما أصر الإخوان علي خوض غمار الانتخابات رغم تحذير النظام منهم ومن أيدلوجياتهم التي تدعو للعصيان المدني حسبما يدعي النظام الذي قام بقمعهم رغم كل ذلك.

لكن الجدير بالذكر هنا أنهم قد كونوا تحالفات مع أطياف وجبهات تخالفهم في رؤاهم وأولوياتهم لكنهم اتفقوا في رؤى إصلاحية مشتركة.

لقد حدثت هذه التطورات إذاً في سياق عهد التسعينات فصاعداً بداية من وثائق الحركة التي تم إعلانها في 1994 ثم برنامجها الانتخابي في 1995 مروراً بمبادرة الإصلاح عام 2004 ثم مروراً ببرنامجها الانتخابي 2005.

لقد اعتمد الإخوان أرضية مشتركة تعتمد علي الشريعة كأصل من أصولها ثم اعتماد بعض الإجراءات المدنية والأُطر السلمية لتكون أداة لتنفيذ برنامجها الإصلاحي.

وعليه فقد اعتمد الإخوان منذ البداية الإطار السلمي في التغيير والتخلي علي ما عداه من العنف والسلب للسلطة مهما بلغ طغيانها وجبروتها.

ثم يعترف الإخوان بالمبادئ الغربية مثل الديمقراطية وغيرها من حقوق الإنسان وحريته لكن في سياقها الذي لا يتعارض والرؤى الشرعية ثم يعترف الإخوان بحق تداول السلطة بالحرية من خلال الانتخابات النزيهة ومن ثم حكم الشعب لنفسه.

مثل هذه المبادئ وغيرها الكثير اعترف بها الإخوان كأداة سلمية شرعية للتغيير والإصلاح دون صدام أو عنف. فهذا البرنامج الإصلاحي الذي ظهر علي سطح الإخوان لم يكن ليظهر كذلك إلا أن مر بقواعد الجماعة وسد احتياجاتها وملء فراغها وخوائها.

ففي أوائل التسعينات حيث كانت الجماعة في مرحلة متقدمة علي مستوي الأفراد خاصة طائفة الشباب الذين انضموا حديثاً للصف، طلب الكثير من الشباب الإخوان وقياداتهم بضرورة العمل علي تحديد الرؤى والمفاهيم لتكون أكثر شفافية وتخرج من مرحلة الضبابية التي يراها الشباب كذلك. قامت تلك الفئة الشبابية بعد ذلك بتكوين حزب الوسط ليكون رؤى أكثر شفافية وتحديداً من ذي قبل.

كما أنه في هذا المضمار لا يشكك أحد جهود محمد مهدي عاكف في النهوض بالجماعة علي مستويات عدة خاصة السياسي منها وهذه الطفرة الانفتاحية التي أحدثها في 2005 علي حد التخصيص.

ومع تقادم العهد بالنظام المصري الذي أسنت مياهه كثيراً وتعطبت بفعل حالة البرود السياسي هذه، اتخذ النظام خطوة جديدة لإبعاد الشعب عن الحنق عليه والامتعاض منه حيث قرر حقن الجو السياسي بجرعة من الديمقراطية تسمح بالأطياف السياسية بالمنازلة والتشاجر وليسيطر الأقوى استراتيجيةً والأعلى شعبيةً.

انتبه الإخوان لهذه الفرصة السانحة وهذا التحدي الضخم فبادروا يعيدون حساباتهم ليتصدروا الجبهة المعارضة وليأخذوا حظوتهم من هذه الجرعة الديمقراطية الضاغطة.

وعليه استفاد الإخوان منها فنازلوا مختلف القوي السياسية المعارضة والمؤيدة للنظام فحصلوا علي إثرها بما يقرب من 20% من جملة مقاعد البرلمان.

لقد كان هذا حصاد أعوام مضت من الجهد والجد والكد علي أصعدة شتي منها ما يتعلق بالقاعدة الشعبية التي اتسعت كثيراً ومنها ما يتعلق بالمنهج الإصلاحي الذي تحدي الكثير من المناهج المعارضة والمساندة ومنها ما يتعلق بمنازلة النظام وتحديه في إطارات ديمقراطية تعددية مارس النظام فيها أنواعاً كثيرة من القمع ضده.

لكن يبقي تضافر جهود الإخوان مع حزب الوسط وتكاملهم مطلباً عريضاُ يؤدي في النهاية إلي الشكل المقبول للاتجاه الإسلامي المتمدن الذي لطالما تطلع له الكثيرون علي مدي قرن من الزمان.

ففي حين تتمتع جماعة الإخوان بشعبية جارفة، نري حزب الوسط ربما يبدوا وحيداً في الميدان. وفي حين بدأت جماعة الإخوان عملها منذ عشرات السنين، بدأ حزب الوسط عمله اثر انشقاق أحدثه عن جماعة الإخوان في منتصف التسعينات ضد ما كان يدعيه من تصلب في القيادة.

أخذ حزب الوسط بعد ذلك طور الاعتراف القانوني الذي ذاق مرارة انعدامه لثلاث مرات متلاحقة في 1996و 1998 و 2004 أمام لجنة الأحزاب المصرية.

حاول قادة الحزب قدر المستطاع أن ينتزعوا الاعتراف الرسمي بقانونيته لكن تم إقصائهم في كل مرة كالعادة. ولما رفعوا دعوى قضائية بهذا الصدد، كان الجواب أن برنامج الحزب غير واضح المعالم فهو ليس كغيره من الأحزاب المعترف بها. هذا ويدعو الحزب إلي إقامة حياة مدنية بمرجعية إسلامية محاولاً بذلك استئناف حياة جمهرة المصريين في ضوء المصدر الجديد بتوجهاته الجديدة.

ويفصل الحزب بين الدعوة الإسلامية والسياسة ويفرق بينهما بصور شتي إذ أنه يعتبر الإسلام مكوناً ثقافياً ملهماً للحياة المصرية مسلميها ومسيحييها علي السواء.

لذا كان جل أعضاء الحزب من المسيحيين حيث يؤمنون بثلاث نقاط أساسية لبرنامج الحزب: أولها الحقوق المتساوية وتكافئ الفرص بين المسلمين والمسيحيين علي السواء ثم مبدأ المواطنة الذي يجمعهما في بوتقة واحدة ثم التعايش مع الثقافات الأخرى في إطار احترام منطلقاتها الثقافية والعدل والمساواة والتعاون الحثيث فيما تمليه المصلحة المشتركة.

وقد أبدي الوسط قبوله التام للتغيير وأدواته السلمية القانونية ومبادئ الديمقراطية وسيادة الشعب وفصل السلطات ونقلها والمواطنة وحرية الدين والتعددية السياسية والفكرية والتساوي بين الرجل و المرأة وحرية التعبير واحترام مواثيق حقوق الإنسان.

ويسعى حزب الوسط إلي تطبيق مبادئ الشريعة في إطار مدني متحضر سلمي يقود الأمة في ظل مبادئ الشريعة إلي التقدم والدفع للأمام.

الإسلاميون والاتحاد الأوربي

في محاولة لفهم سياسات الإخوان وحزب الوسط تجاه الاتحاد الأوربي، أعد الإتحاد استفتاءاً لبعض القيادات في الحركتين فيما يقرب من عشرين شخصاُ في مختلف الأماكن القيادية فيما بين سبتمبر وأكتوبر 2006.

تم توزيع الاستفتاء في القاهرة باللغة العربية علي المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف ونائبه محمد حبيب وعضو مكتب الإرشاد عبد المنعم أبو الفتوح ومحمود غزلان ومحمد بديع إضافة إلي علي عبد الفتاح عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين و إبراهيم الهضيبي عضو المكتب السياسي الذي يتلقى تعليمه في الغرب. ومن حزب الوسط أبو العلا ماضي ممثل المؤسسين وعمرو فريد وحسام خلاف من الأعضاء.


نموذج أوروبا الديمقراطي

لقد لاح في الأفق المزيد من الآراء المتنوعة المشارب عن نموذج أوروبا والغرب الديمقراطي من جانب الإسلاميين، لكننا علي كل حال سنذكر ما لاح لنا منها. لقد حاول الإسلاميون منذ البداية التركيز علي التفرقة بين ديمقراطية القيم والمبادئ وديمقراطية السياسة والحكم رغم أنهم ما زالوا يتعهدون هذه الفكرة ويعتنون بها.

فالإسلاميون لا يرون أدني مشكلة في نظام الديمقراطية السياسي، لكنهم يرون بعض المشاكل الخاصة بالقيم المصاحبة للديمقراطية وحكمها الذي عم أرجاء أوروبا .

جمهور الإسلاميين علي كل حال يعترف بنموذج الحكم الأوربي لكن ليس علي طول الخط، فهو كما يحلو لهم أن يسموه نظاماً ديمقراطياً خاصاً بأوروبا ولا يتعداها.

ومعنا محمد حبيب نائب المرشد العام للإخوان المسلمين ليؤكد علي هذه الحقيقة فيقول "إننا نجزم أن نظام أوروبا في غاية الديمقراطية لكنه ما زال يتمتع به شعب أوروبا فقط طبقاً لنظام القيم الذي ترتكز عليه ديمقراطية أوروبا الذي يسمح لهم بانتهاك حرمات الديمقراطية حينما يتعاملون مع غيرهم من العرب أو المسلمين".

وأضاف "إنهم يدعمون الحكومات والأنظمة القمعية التي تنفذ لهم مصالحهم ويأبون الوقوف لمساندة أي تجربة ديمقراطية".

ويري عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد الديمقراطية أنها تقوم علي وجهة النظر الغربية، لكنه ما زال يري فيها نقاطاً مضيئة منها:

حرية التعبير واتخاذ القرار وحرية الشعب وإرادته غير المكبلة واحترام حقوق الإنسان إلي جانب حرية الشعب في اختيار الحكومة التي تمثله ومن ثم محاسبتها علي الفور. ويري محمد سامي عضو مكتب الإرشاد الآخر أن الديمقراطية هي للأوربيين فقط أما نحن فلا. يضيف قائلاً "إن هذه الديمقراطية لا تتعدي شعوبها فإذا طلب منها دعم قضايانا فلا تبدي أي تحرك".

ويأتي دور إبراهيم الهضيبي العضو النشط الذي تلقي تعلميه في الغرب فيؤكد علي ميزة التجربة الديمقراطية الأوربية وتحديداً علي الانتخابات الحرة النزيهة التي تفرز حكومة مستقلة القرار نابعة من الشعب وبحكمه تصدح.

يؤكد إبراهيم من جديد علي أن هذا النموذج في اختيار الحكومة عبر الآلية الأكثر نزاهة وهي الانتخابات الحرة هو من أنظف الوسائل وأنجعها، لكن تضاف إليه ميزة أخري هي مراقبة الديمقراطية عن طريق لجنة مراقبة للأداء الديمقراطي للتغلب علي عيوبه ومساوئه.

تركز هذه اللجنة علي المراقبة الدائمة للأداء الديمقراطي ومدي فاعليته والتغلب علي مشاكله والإسراع نحو حلها من الداخل والعمق الديمقراطي.

لكنه من الخطأ، يضيف إبراهيم، أن نعتبر أوروبا المثال الديمقراطي الأوحد في عالمنا فهناك نماذج في الشرق الأوسط تتحسس خطي الديمقراطية.

والأفضل كما ينظر إليه إبراهيم للديمقراطية أن تقوم علي أساس من المحاسبة والمسائلة الشعبية حيث قامت الحكومة من رحم الشعب أولاً فحق للشعب أن يسائلها ويحاسبها وحق لها أن تجيب علي كل التساؤلات، وهذا أفضل ما في النموذج الديمقراطي في نظره.

ثم تتدفق المزيد من الآراء حيث يأتي رأي محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد الذي يقول "إن أوروبا لا تمثل نظاماً ديمقراطياً لي علي الإطلاق".

ويتبعه في ذلك علي عبد الفتاح عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين فيؤكد علي أن أوروبا لا تمثل النموذج الذي يحتذي به في الديمقراطية.

لكن أبو العلا ماضي أجاب "نعم أتفق" في حين أجاب عمرو فريد "أتفق مع بعض التحفظات" وأجاب أخيراً حسام خلاف "نعم فيما يخص النظام الانتخابي وتداول السلطة فقط".


تحفظات حول النموذج الديمقراطي الأوروبي

يحاول الإسلاميون الآن إبداء تحفظاتهم علي النموذج الأوربي الديمقراطي وخاصة في تعلقه الأفكار الإسلامية وتبعاتها. فيؤكد عبد المنعم أبو الفتوح علي إن النموذج الأوربي قد نظر إلي الإنسان من حيث طبيعته البشرية المادية وأغفل روحه تماماً.

ويستمر الأخير في تحفظه علي النموذج الأوربي وخاصة في سيطرة الدولة علي الإعلام وتوجيهه صوب قضايا تنتهك الديمقراطية في أولي أبوابها وتحاول السيطرة علي الشعب وإقناعه بما ليس بواقع ولا حقيقة.

في هذا السياق فعلت بريطانيا بشعبها قبل حرب العراق حيث أقنعته بمنتهي السذاجة بهذا السلاح النووي الذي تتملكه العراق ومدي خطره علي العالم وأوروبا بشكل خاص فبادر الشعب بالتوقيع علي مساندة بلاده في حربها ضد العراق دون أدني خلفيات غير التي سمحت الحكومة للشعب أن يعلمها.

أليس هذا انتهاكاً بحق مبادئ الديمقراطية في بابها الأول وعلي مستوي مؤسساتها الفكرية. ويؤكد غزلان في التفرقة بين النموذجين الإسلامي والأوربي فيقول بأن أوروبا تجعل قوة الشعب هي التي تنفذ الأمر أو ترفضه، لكنه ربما عارض الأمر حكماً شرعياً أو عرفاً متبعاً أو حتى طبعاً بشرياً فيكون حكم الشعب عليه هو الأصل دون النظر إلي غيره من الأصول الحاكمة والمرجعيات المهيمنة علي صناعة القرار البشري في المقام الأول كتحريم شرب الخمر والزنا والسرقة وما دونها.

وأضاف محمد حبيب هو الآخر تحفظه الذي يقول فيه "إن الغرب يقدم الحرية علي العدالة لكننا نحاول أن نسوى أو نوازن بينهما.أن نوازن بين حق الفرد وحق الجماعة" ثم يبدو الصراع محتدماً بين الإسلاميين والقوي الديمقراطية فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحريته.

ففي خضم حقوق المرأة في الميراث وكذلك حقوق حرية الممارسات الجنسية الشاذة، يقول محمود غزلان

"إن حقوق الإنسان عندنا تنبع من منطلق الإسلام الذي علم أوروبا منذ قرون كيف تكون حقوق الإنسان. تعتمد أوروبا في نظرياتها ورؤاها علي حرية الفرد دون أدني نظر معتبر لحق الجماعة والمجتمع في مقابل هذه الحرية. لكن الإسلام يحاول تنظيم هذه الحقوق والواجبات الفردية وتنظيمها فيما لا يخل بالمجتمع تاركاً كل الرواسب الفردية التي انتهجتها أوروبا في تحقيق الحرية الفردية"

يري الإسلاميون في مصر أن الديمقراطية في أوروبا مرتبطة بشكل كبير وسياسات أوروبا الداخلية والخارجية. تدعي أمثلة منهم أمثال غزلان أن أوروبا ربما حادت عن الديمقراطية في سياساتها الخارجية حينما تدعم الأنظمة الدكتاتورية علي حساب القوي الديمقراطية الناشئة.

فهي تدعم إسرائيل مثلاُ وهي أكبر قوي دكتاتورية في المنطقة بينما تناهض حماس التي أتت إلي السلطة عبر آلية ديمقراطية بحتة هي الانتخابات النزيهة. فهي سياسة الكيل بمكيالين كما يراها الإسلاميون حينما تناهض إيران وبرنامجها النووي السلمي بينما تغض الطرف عن برنامج إسرائيل النووي وهما في منطقة واحدة.

إذاً يأتي الوضع الحالي فينطق بسياسة الكيل بمكيالين ومناهضة دعاة الديمقراطية لصالح الأنظمة المتسلطة الدكتاتورية كما هو الحال في مواجهة حماس الشرعية المنتخبة من أجل تركيعها لصالح الدكتاتورية الإسرائيلية.

تحتم الديمقراطية الغربية علي أتباعها السعي بكل شكل ممكن للسيطرة علي السوق أو حيازة الأموال أو اغتصاب الأراضي أو السيطرة علي سوق النفط العالمي أو تمكين فئة من الناس علي حساب الآخرين جملةً، كل ذلك يدعو الغربيين بعد ذلك لشن الحروب وسفك الدماء وإهانة البشر وفرض العقوبات علي من يدلي برأيه المعارض أو حتى المدافع.

رأينا ذلك عياناً بياناً في أفغانستان والعراق وغيرهما الكثيرين ممن فرضت عليهم العقوبات من مجلس العموم والبيت الأبيض بحجج وبدون حجج. ويركز محمد سامي هو الآخر علي تحفظاته في نموذج أوروبا الديمقراطي من ناحية سياساته التي تتبني الكيل بمكيالين.

تراهم يدعمون إسرائيل القمعية ويتركون دعم الشعب المظلوم المحاصر المغتصب في فلسطين. كما أنهم يتجهون في الوطن العربي إلي سياسات دعم الظالم عيل حساب المظلوم، فهم يدعون الحكومات بلا شك وينأون بأنفسهم عن دعم الشعب المظلوم بل ربما تجنوا عليه وحملوه مالا يطيق.

بل والأدهي من ذلك وأمر هو مناهضتهم في الداخل للعناصر الإسلامية المتزايدة والنظر لهم بمنطق عنصري وهم يدعون الديمقراطية وما تستلزمه من حرية للأديان وممارساتها. ثم يخوض الهضيبي من جديد في التجارب الفكرية والفلسفية للممارسات الديمقراطية في أوروبا.

يقول بأن أوروبا حولت فكرة الديمقراطية من مجرد فكرة إلي أداة حل للمشاكل التي تواجه الحياة العامة والصراعات الطبقية الطاحنة في المجتمع الأوربي والغربي بشكل عام. تم توجيه الشعب منذ البداية إلي مصلحته الخاصة والاعتناء بها قدر الإمكان فظهرت هذه الذاتية الأنانية فأثرت علي تصدع جدار المصلحة المجتمعية العامة فتتدخل الديمقراطية فقط لتحل هذه المشكلة عن طريق تشكيل مجموعات تلتقي مصالحهم في نقطة سواء فيجتمعون في سبيل مصلحتهم علي قرار هذه المجموعة، وعليه تتكون لبنات المجتمع من مجموعات ذات مصالح شخصية لا تجمعها إلا مصالحها الذاتية بعض النظر عن الصالح العام تماماً.

لكن في الفرق بين الديمقراطية والشورى تتضح هذه المسألة كثيراً، فالشورى تؤسس منذ البداية، علي العكس تماماً من الديمقراطية،الرأي الشورى الجماعي للمجتمع الذي ربما خالف الرأي الشخصي الفردي ومن ثم لابد من الأخذ به حتى وإن كان معاكساً للرأي الشخصي الذي يتبناه الفرد.

تري كيف تحل الشورى الإسلامية المشكلة قبل وقوعها، فهي ليست كالديمقراطية تنتظر وقوع المشكلة حتى تسرع في حلها وينحصر دورها في هذه النقطة، إلي جانب عدم نجاح الحل المقترح بالنسبة المرغوب فيها.


الديموقراطية الأوروبية في مواجهة الديموقراطية الأمريكية

يبدو في غالب الأحيان أن المشهد الديمقراطي الأوربي أفضل بكثير من نظيره الأمريكي الذي بات عبداَ للمال والإعلام الموجه الذي ينسف الحقائق ويزيفها كاملةً مما لا يدع مجالاً للشك والريبة.

يؤكد حبيب من جانبه علي أن المشهد الديمقراطي الأمريكي بات حبيساً مستعبداً من قبل الساسة والممولين والإعلام الموجه، في حين تميز رجل الشارع الأمريكي بعدم الإكتراس بالوقائع السياسية بشكل عام مما شكّل سهولة افتراسه من قبل هذه الشراكة الثلاثية.

في حين يري أبو الفتوح أن النموذج الأمريكي أكثر عمليةً ومادية من نظيره الأوربي. فعلي الرغم من أن غزلان لا يري أي اختلاف بين النموذجين الأوربي والأمريكي، إلا أنه يعاود الكرة فيقول بأن النموذج الأمريكي ربما كان الأقل في الالتزام بقواعد الديمقراطية عن نظيره الأوربي وذلك يرجع إلي عوامل أهمها:

سيطرة اللوبي الأمريكي الصهيوني وغيره من التجمعات التمويلية إضافة إلي الساسة صانعي القرار علي وسائل الإعلام في ظل خلفية سياسية شعبية ضعيفة مما يسهل عليهم قيادة عقول الشعب ودفعه نحو ما يريدون وتنحيته عما لا يريدون.

ثم جاء دور الهضيبي كالعادة ليسرد الفروق الجوهرية بين النموذجين ويفند حقائق الاختلاف بين النموذجين الديمقراطيين، الأوربي والأمريكي. استفتح بالأمريكي فقال بأنه نظام أبعد ما يكون عن الديمقراطية وخاصة مع تنافر السلطات الفيدرالية مع السلطات الحكومية فيه.

وعليه يكون من الصعب بمكان خلق جو من التعاون في دوائر صناعة القرار إضافة إلي أن الشعب ليس علي مقدرة كافية في المشاركة الفاعلة في صناعة القرار أو حتى في خلع الرئيس من خلال أعضائهم الممثلين في الكونغرس الأمريكي.

لذا يبدوا إحداث تغيير في الواقع السياسي الأمريكي أمراً مستبعداً في ظل هذه الأنظمة التي أعدت لتكون كذلك دون تغيير. لكن الوضع علي الصعيد الأوربي يبدو مختلفاً حسبما صرح الهضيبي.

فما زال يؤكد علي عمق الاختلاف في التجربتين الديمقراطيتين إذ أن الوضع في أوروبا قائم علي نظام انتخابي شعبي فالحكومة مؤلفة من الشعب وهو الذي صعدها وأجلسها علي المنصة بتغيير حقيقي ارتضاه كما حصل في إيطاليا وأسبانيا مؤخراً.

كما أن نظام الأحزاب، يستطرد الأخير، يبدو مختلفاً تماماً بين أوروبا وأمريكا، فالأول يشتمل علي أحزاب تحمل أفكاراً لها آرائها المختلفة بينها تمام الاختلاف مما يميز بعضهم عن بعض، لكن الأخير لا ينتج فوارق حزبية تذكر أو يعتمد عليها في التمايز بين الاتجاهين الجمهوري والديمقراطي مما ولد فروقاً جوهريةً في آليات التعامل وبناء الحكومات بين المنطقتين ومن ثم علي النظام الديمقراطي وتجربته علي الصعيد الأبعد.

ومن جانبه أكد عبد الفتاح علي أن النظام الأوربي هو الأقل في ناحية العنصرية والظلم الدولي الذي تميز به الجانب الأمريكي إذ يمكنك التحدث طويلاً عن العراق وأبو غريب وجوانتنامو وغيرهما.

في حين فضل جل أعضاء الوسط التجربة الأوربية علي غيرها الأمريكية. فيري أبو العلا ماضي أن النموذج الأوربي أكثر تعددية من غيره الأمريكي، في حين يري عمرو فريد أن الأوربي أكثر مصداقية من الأمريكي الذي يعتمد في تجاربه الانتخابية علي جمع التبرعات الشعبية وغيرها من الأطر غير المشاهدة في الواقع الأوربي، في حين يري خلاف أن النظام الأوربي يستند إلي قاعدة شعبية مثقفة أعمق بكثير من غيرها في أمريكا.

حقوق الأقليات المسلمة في أوروبا

يؤكد جمهور الإسلاميين موضوع البحث علي وجود انتهاكات حقيقية بحق الأقليات المسلمة بأوروبا . حيث يقول حبيب أن كل دولة لها شأنها في التعامل مع تلك الأقلية، إلا أنه مازلت هناك قضايا مشتركة تشترك فيها بعض الدول كتلك التي بين بريطانيا وفرنسا.

كما ستطرد غزلان في الحديث في مثل هذه الانتهاكات فأكد علي وجودها بالفعل وتصاعد حدتها يوما بعد الآخر ملوحاً بالانتهاكات المتزايدة بحق الممارسات الدينية للأقلية. فشجب الأخير تلك الملاحقات للحجاب الزى الرسمي للمرأة المسلمة إلي جانب حرمانهم من العديد من حقوقهم السياسية والاقتصادية وفرض سياجات أمنية واعتقالات بالجملة بقصد التشكيك وضعف الحجة القانونية التي تمتلكها الدولة في مقابل هؤلاء.

كما يمكنك التحدث في ظل هذه الانتهاكات علي رفد الكثير من المسلمين من عملهم بحجج واهية أو بدافع إسلامهم لتسجل انتهاكاً آخر بحق الجالية المسلمة. وفيما يخص الحجاب، قال محمد سامي بأنهم ما زالوا متعنتين في مسألة الحجاب وليس بوسعهم أن يروا هذا النتاج واقعاً علي الأرض وأن يشاهدوه في شوارعهم لذا كان حرمان المسلمات من لبس الحجاب في المدارس العامة خطوةً ارتجاعية خطيرة علي خطي الديمقراطية.

كما يؤكد عبد الفتاح أن المسلمين في أوروبا لا يتمتعون بحقوقهم كأي مواطن أوربي عادي ويشهد بذلك حالهم الذي يتردى شيئاً فشيئاً. ثم ظهر أبو الفتوح هذه المرة بشكل أكثر تفائلاً حيث يقول بأن حق المواطنة هو الحق التي بنت عليه أوروبا المسؤوليات والمهام، وعليه فإن أي ممارسات تحدث عكس هذه التيار بحق أقلية مسلمة أو غير مسلمة يكون انتهاكاً لهذا الحق الأصيل والركن الركين في الحقوق والواجبات في أوروبا .

ومن جانبه صرح ماضي بأن الدول الأوربية ليست في ذلك سواءاً: فالوضع في انجلترا أفضل مثلاُ من غيره في هولندا كما يمكنك التحدث عن ألمانيا التي لا زالت لا تعترف بالإسلام كديانة رسمية حتى الآن.

ومن جانب آخر أكد فريد من حزب الوسط علي أن مسألة العنصرية ربما كانت من وراء هذه التفرقة التي سيطرت علي معظم دول أوروبا بنسب متباينة، بل ربما تعتبر عدم ضم تركيا للاتحاد الأوربي ضرباً لا يُنكر في أساس العنصرية الأوربية ضد الأقلية المسلمة.

ثم ذهب خلاف من حزب الوسط مذهباً آخر حينما قال بأن العبء الأساسي يقع علي المسلمين الذين يأبون أن يطالبوا بحقوقهم أو ربما كانوا هم المناهضين لها الجاحدين لأصولها ومنابعها.

الإسلاميون وسياسات الاتحاد الأوربي في البحر المتوسط: أين الاتحاد الأوروبي ؟

من خلال عرض ونقد الإسلاميين لأوروبا ونموذجها السابق، نستنتج شيئاً هاماً هو قلة معرفة الإسلاميين بسياسات أوروبا وعلاقاتها بالبحر المتوسط.

لقد قررت أوروبا استعادة سيطرتها علي المنطقة المتمثلة في حوض البحر المتوسط فقامت بعمل شراكة أورومتوسطية منذ ما يقرب من عشر سنوات، لكنها ولأسف لم تؤتي ثمارها.

وكان هذا من أهم عوامل فقدان السيطرة الأوربية علي المنطقة، فكان لزاماً عليه أن يتتبع خطي السياسة الأمريكية في المنطقة ونهجها في التعامل مع الإسلاميين هناك ومستلزمات الأقليات المسلمة في بلاده والبلاد المجاورة.

فوافق الاتحاد الأوربي من هذا المنطلق علي قرارات أمريكا فيما يخص فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها. ثم لم يقنع الاتحاد الأوربي بموقفه تجاه الإسلاميين، فهو ما زال يفتح باب الديمقراطية أمام الجميع لكنه يستبعد الإسلاميين من الدخول. وبدأت التأويلات تأخذ مجراها في سبب هذا الموقف الأوربي من الإسلاميين وكذلك الموقف المتبادل من الإسلاميين تجاه الاتحاد الأوربي.

فذهب الأول إلي ضعف رؤى الثاني في استقرار سياسته، بينما ذهب الثاني يقول أنا علي أتم الاستعداد حينما تكون جاهزاً وحينما آخذ فكرةً أكثر عمقاً عن أوروبا ومن ثم أقرر كيفية التعامل. ثم خاض الكثيرون في تسبيب هذه العلاقة فقال أحدهم بأن أوروبا ما زالت تنظر إلي الإسلاميين من علٍ وتعتبرهم أصحاب نظرات غير متقدة وما زالت تعوزها الخبرة الميدانية إلي جانب نقص الخبرات الاستراتيجية والفكرية والعقليات التطويرية التي تطور العلاقة وتدفعها للأمام.

بل ربما زاد الأمر تعقيداً بسبب منع حكوماتهم بصوت القوة هؤلاء الإسلاميين من أي تمثيل أو الاستناد لأي قوي مما يضعف التواصل بين الاتحاد الأوربي والإسلاميين هناك.

ربما عاني الإسلاميون بالفعل من جراء هذا الفهم القاصر لطبيعة سياسات أوروبا في المنطقة وفهم إطار الشراكة بين البحر المتوسط وأوروبا وما تلاها من سياسات الجوار الأوربي ومستلزماتها الجديدة. في هذا الإطار علق محمد حبيب قائلاً "لا شك في أن أوروبا تسعي لأن تكون لها سياساتها الخاصة معنا، لكن نقصان الشفافية والوضوح في السياسات والتعاملات وفوق كل ذلك تبنيهم لأحضان السياسة الأمريكية هو من أهم العوامل التي تقف حجر عثرة في طريق التقدم علي مستوي العلاقات".

ويأتي عبد المنعم أبو الفتوح فيؤكد "بصفتي عضواً في الإخوان وناشطاً سياسياً لا أكاد أجد سياسة فاعلة لأوروبا تجاه الإسلاميين. ومرد ذلك هو عزل النظام المصري المتسلط قوي المعارضة من أي مؤثر خارجي يتطلع عليها ويتعرف عليها من الداخل وكذلك عزل كل الأحزاب الخارجية عن الالتقاء بالداخل المعارض حتى يكون هو المرجع الوحيد للمعلومات التي تكون عادة متحاملة علي الطرف الآخر ليبقي وحيداً فريداً علي مستوي مصدر المعلومات عن هذه القوي الداخلية".

ثم تابع غزلان فقال واصفاً السياسة الأوربية بأنها تمشي في ذيل السياسة الأمريكية ولا تتخطاها لتعطي قرارها الذاتي المستقل. كما أضاف عبد الفتاح بأن أوروبا ما زالت تلعب أدواراً هزيلةً في قضايا المنطقة كالقضية الفلسطينية ولبنان والجزائر وغيرهما.

ويأتي دور إبراهيم الهضيبي هو الآخر فينتقد بحدة دور الاتحاد الأوربي في تتبع خطي السياسة الأمريكية، لكنه ما زال يؤكد علي أن الاتحاد يمشي في طريقه نحو الاستقلالية السياسية عن أمريكا وسياساتها وخاصة بعد حرب العراق التي ورطته في مآزق عديدة.

من هنا استلزم الأمر ضبط رؤى الاتحاد ووضع سياسات جديدة ملائمة، لكنه ما زال لا يتمتع بدور مستقل تبعاً لعدم رؤيته المستقلة للصراعات في المنطقة والقوي الإقليمية الحليفة أو المتصادمة مما أفقد الاتحاد حتى الآن قدرته علي تمييز وفحص قوي المنطقة من منطلق مصالحه ومستهدفاته.

ويري ماضي من الوسط أن الاتحاد الأوربي يحاول أن يكون له دور فاعل في المنطقة لكن ما زالت أمريكا تعوقه عن أخذ دوره هذا.

والاتحاد الأوربي لها مصالح متبادلة مع المنطقة ذات طابع آخر ربما اتسمت بالجوار ومصدرٍ للمهاجرين من المنطقة إليه.

كم قال عمرو فريد بأن الاتحاد الأوربي يبدو أكثر عاطفيةً مع إسرائيل ويتتبع خطي أمريكا وسياساتها في المنطقة بل ربما اتصفت بالعنصرية ضد العرب والمسلمين الأقلية الموجودين في بلادهم أو المتاخمين علي حدودهم كما هو الحال بالنسبة لتركيا.

كما وصف خلاف الاتحاد وسياساته بأنها تعاونية اقتصادية تعطي أكبر قدر من الربح لهذا الإطار التعاوني علي حساب الاقتصاديات الناشئة في الشرق الأوسط. من هنا بدا جلياً نظرة الانقسام داخل الاتحاد الأوربي هي المسيطرة علي الجميع.

وبالنسبة لعبد المنعم أبو الفتوح فهو ما زال معتقداً أن كل دولة في الاتحاد تتحرك بسياساتها وأجندتها فرأي بريطانيا لا يتفق في الغالب مع فرنسا وتختلف ألمانيا نهايةً مع الاثنين مما دعاه إلي اعتبار هذا شكلاً من الضعف القائم.

والحق يقال هنا فقد صعد هناك فريق من الأوربيين يرون ضرورة رؤية سياسات مستقلة لأوروبا بعيداً عن أمريكا وأن من صالح أوروبا أن تكون لها رؤيتها في المنطقة بحكم قربها وجوارها للمنطقة من نواحي عدة.

لكني ما زلت أقول بأن هذا الفريق لم يُمكن له بعد ويتحرك ببطء شديد داخل الصف السياسي الأوربي الذي ما زال يري مصالحه في إتباع سياسات أمريكا ومواقفها.

وما زلت أيضاً مستغرقاً في استغرابي لهؤلاء النفر من الحكام العرب الذين يتحكمون في البلاد بقبضات من حديد لكنهم ما زالوا يبقون علي ولائهم الأمريكي وسياسته القمعية الفاسدة.

والأعجب من ذلك أن الساسة الأوربيون ما زالوا يخافون من تتبع سياسات الأمريكان رغم أنهم يعتقدون أنها تضر بصالح بلادهم وشعوبهم.

ومن جانبه أكد محمد حبيب علي أن خطوة الاتحاد الأوربي في التخلي عن نهجه في تتبع سياسة أمريكا في المنطقة هي الأقوى علي هذا الصعيد.

ثم نهض غزلان فاعتبر أضعف نقاط سياسة أوروبا في المنطقة تتبعها لخطوات السياسة الأمريكية ومن ثم الموافقة علي جل الممارسات الباقية حتى الآن في فلسطين والعراق وأفغانستان و إيران وما تطلبه من عداء مصاحب للديمقراطية الفلسطينية التي أتت بحماس للسلطة إلي جانب دعمها للأنظمة الدكتاتورية في المنطقة علي حساب مطالب الديمقراطية الشعبية.

إلي جانب كل ذلك، عبر محمد سامي عن امتنانه العظيم لرغبة أوروبا في تحويل سياساتها في المنطقة لتتمتع بشيء من الاستقلالية، لكن ما زالت أوروبا تصغي بآذانها إلي المتطرفين العلمانيين الذين يقومون بدورهم في تأجيج الصراع وقلب الطاولة علي الأقليات المسلمة في أوروبا .

ثم عبر عضو المكتب السياسي عن نقاط القوة في هذا المضمار فقال "وفرة الدعم المالي والبرامج التي تم إعدادها برؤية واضحة الأهداف والمعالم ثم الخبرة التي يتمتع بها الأوربيون عن المنطقة وآلياتها وكيفية التعامل معها".

وبالنسبة له تبدو نقاط الضعف ممثلة في "الخلافات الداخلية حول تبني دور الرعاية للمنطقة العربية، المنافسات الحارة علي هذه المنطقة وخاصة منافسة الولايات المتحدة ثم ضعف الثبات السياسي في المنطقة".

وبالنسبة لعبد الفتاح، فقد صرح بأن النقطة الأقوى في شخصية الاتحاد الأوربي هي "الحوار مع كافة الفرقاء بمصادرة مبدأ الحلف الواحد"وبالنسبة له أيضاً فإن نقطة الضعف المميتة هي "الانتهاء في عملية حسم القرارات إلي السياسة الأمريكية".

وبالنسبة لأبو العلا ماضي تبدو نقطة القوة في الاتحاد في دعمهم لنشاطات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية أكثر من نظرائهم الأمريكان، لكن ما زالت نقطة ضعفهم المميتة هي اعتمادهم علي أمريكا في كل صغيرة وكبيرة وخاصة الشأن الإسرائيلي.

وصرح فريد بأن أوروبا لا تعتقد في حوار الثقافات لكنها تعتقد في تصدير الثقافة الأوربية وعليه تعتبر هناك بعض المواقف الفردية في حالاتها الفردية دون أن يكون تلويح بدور الاتحاد بكامله، كما كان الحال في سحب أسبانيا لقواتها من العراق.

ويعتقد حسام خلاف في أن سر قوة الاتحاد تكمن في احترامه للرأي العام الداخلي عدا بريطانيا، وسر ضعفه في تتبع الخطي الأمريكية في المنطقة من قبيل الاستجابة للضغوط وليس من قبيل الاقتناع.

ورغم هذه التحفظات التي أبداها الإسلاميون علي خلفية سياسات الاتحاد الأوربي، إلا أنهم ما زالوا يفضلونها علي نظيرها الأمريكي الذي أبدي تعنته في استخدام القوة وفرض السيطرة علي المنطقة وممارسة الضغوط المطلوبة للوصول إلي غايات لا تحترم القانون الدولي ولا حقوق الإنسان وهذا ما لا يفعله الأوربيون ولا يرضون به كواقع معيش.

لكن تعتمد السياسات الأوربية حسب اعتقادهم علي فهم ووعي متبادل للمنطقة وكيفية التعاطي مع القوي الإقليمية في إطار المحافظة علي القانون الدولي وحقوق الإنسان ومستلزماتهما.

ربما بدي في النهاية ريثما يري بعض الإسلاميين تأطير هذه الحدود الفاصلة بين السياستين أمراً غايةً في الوضوح والقرب. وما زال محمد حبيب مصراً علي أن الأوربيين لا يسعون لممارسة سلطة وتحكم بالشكل الذي عرف عن الأمريكان.

وأكد غزلان علي أن أمريكا تسعي إلي خلق قوة عالمية فريدة بالممارسات العسكرية واضطهاد للشعب دون أدني مراعاة في حين يرفض الاتحاد هذه الفكرة ويناهضها.

وأكد عضو المكتب السياسي علي أن سياسة الاتحاد مبنية علي التفاهم المتبادل التي بات منعدماً في سياسات أمريكا.

في حين أكد إبراهيم الهضيبي علي انتهاك أمريكا للحقوق والمواثيق الدولية، في حين ما زالت أوروبا تحافظ عليها وتتمسك بقيمها.

وقال أبو العلا ماضي في التفرقة بينهما بوجود مساحة للمناورة والاختلاف وقال بأن الاتحاد يهتم كثيراً بأمور حقوق الإنسان والحريات.

ويري عمرو فريد من وجهة نظره أن هذه الاختلافات قد ذابت وذبلت في الثمانينات والتسعينات بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.

والآن تتبع أوروبا خطي أمريكا إلا فيما يخص روسيا التي تناور بعض الشيء للحصول علي مكاسب مادية من جراء مناوراتها مدفوعة الأجر. وقال حسام خلاف معبراً "أمريكا ترتكز علي نقطة سياسية في الشرق الأوسط تقضي فرض سيطرتها علي المنطقة باسم مصالحها ومصالح إسرائيل.

لكن تسعي أوروبا فقط لتحقيق مساعيها الاقتصادية ولا تعتمد السيطرة أسلوبها في تحقيق غاياتها الاقتصادية هذه"

كيف يمكن لأوروبا أن تدعم الديمقراطية ؟

لقد بدا الإسلاميون في غاية الوضوح في مطالبهم من الاتحاد الأوربي، فهم لا يريدون منهم إملاءات أو تدخلات حسب تفضيلهم، لكنهم فقط يريدون من الاتحاد أن يقوم بدوره في دعم الديمقراطية وأخذ دوره في دعم حقوق الإنسان.

من جانبه أكد أبو الفتوح قائلاً "يمكن للاتحاد الأوربي أن يقوم بدوره في الضغط علي الأنظمة المتسلطة ليكفوا عن تسلطهم وحكمهم المستبد وأن يحترموا المعارضة الشعبية والإسلاميين بوجه خاص ويحترموا حقوقهم الإنسانية والشعبية".

ومن جانب آخر أكد غزلان علي أن الإسلاميين لا ينتظرون المزيد من الدعم السياسي لهم من قبل الإتحاد الأوربي، لكنهم يطالبونه بالكف عن دعم الأنظمة المستبدة في العالم الإسلامي والعربي بشكل خاص.

وعبر عضو المكتب السياسي قائلاً بأنه في مقدور الاتحاد الأوربي أن يدافع عن الإسلاميين من ناحية أنهم أفراد في منظومة الدولة ومن ثم حث الأنظمة علي احترام حقوق هؤلاء الأفراد.

وجاء دور الهضيبي لقول بأنه لا ينتظر من الاتحاد الأوربي دوراً رئيسياً في دعم الإسلاميين، لكنه فقط يريدوه أن يأخذ دوره في دعم الديمقراطية في المنطقة.

وهذا يعني أن يوقف دعمه للأنظمة المستبدة التي طغت علي البار والفاجر في البلاد ولم تخول أي فرصة للمعارضة لتأخذ دورها. كما أكد علي أن الإسلاميين لا يعيشون في جزر منعزلة عن المجتمع، لكنهم أعضاء فاعلون ومستجيبون لأدوارهم وتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية.

فإذا أردت أن تساند الإسلاميين فلابد أن تساند الشعب معه وتطالب بحقوقه الإنسانية والشعبية. كما صرح عبد الفتاح أنه سيكون من الأفضل للاتحاد الأوربي أن يأخذ دوره في دعم الحريات العامة وحرية التعبير والتجمهر وحقوق الإنسان وحرية تشكيل الأحزاب السياسية.

ويعتقد أعضاء الوسط أنه من الممكن للإتحاد الأوربي أن يكون له دور ديمقراطي ومسؤوليات يقوم بها في المنطقة. عبر ماضي عن ذلك قائلاً "يمكن للاتحاد أن يكون له دور في دفع عجلة الحريات في البلاد وكذلك قضايا التغيير الديمقراطي إلي جانب استقلالية القضاء بالنسبة لجمهور الشعب والإسلاميين كذلك.

كما قال فريد بأنه من الضروري أن يتم اعتبار سياسات الاتحاد الأوربي من جديد "فلابد من أن يتم التخلي عن فكرة أنهم إرهابيون كما يصورها لهم الإعلام، كما أنه من الضروري أن لا ينهج نفس النهج الذي انتهجه في مناهضة حماس من قبل، بل لا بد عليه من الدفع بهم نحو السلطة ويساعدهم بشتى الوسائل الممكنة في ظل القانون الدولي وتحت مظلة الأمم المتحدة وخاصةً فيما يخص القضية الفلسطينية" أضاف الأخير.

وأكد خلاف أنه في مقدرة الاتحاد أن يقوم بدوره في دفع الإسلاميين نحو تفعيل مشاركتهم في العملية السياسية.

وفي الوقت الحاضر، بات محفوراً في جبين الإسلاميين دور الاتحاد الأوربي بين المتخاذل والمناهض للديمقراطية وأمثلتها في المنطقة كما كان الحال في الجزائر وتجربة حماس الديمقراطية الأخيرة.

وفي نقده للاتحاد الأوربي في هذا الصدد، قال أبو الفتوح بأن الاتحاد الأوربي ما زال يدعم الأنظمة المستبدة في المنطقة لكنه ليس بنفس الشكل المبالغ فيه الذي تتعامل به أمريكا مع الأنظمة عملائها، لكن لإحقاق الحق فالاتحاد لا يدعم الديمقراطية هنا علي كل حال.

ثم لام الهضيبي الاتحاد علي عدم مقدرته علي أخذ دوره الاستراتيجي في المنطقة وقال بأنه أكد بالغ عجزه عن خلق استراتيجية تمكنه من العمل في المنطقة طبقاً لاحتياجاته وتطلعاته، لكنه في الغالب فضل ألا يتعب نفسه في طريق غير واضح المعالم فقام بتتبع خطي الأمريكان وسياساتهم في دعم الأنظمة العميلة المستبدة لكنه يبقي بصيص من الحرية للشعب يمكنه أن يتنفس الصعداء من خلاله مع بالغ الصعوبة وأشدها.


التعاون مع أوروبا ؟

الجدير بالذكر أن الإسلاميين يرحبون بأي مستوي تعاوني مع الاتحاد الأوربي، فقد كان الإسلاميون المصريون قد تشاركوا مع جهات مستقلة في نشاطات عديدة في نطاق ورش عمل ومؤتمرات عن قضايا منها الحوار بين الأديان. لكنهم علي كل حال لم يتشاركوا مع الاتحاد في برامجه العامة من خلال مؤسساته الرسمية، وهم يرونها فرصة للتعاون الحسيس بين منظمتهم والاتحاد.

لكنهم في هذا الإطار لا يغفلون أن يشرطوا هذا التعاون بالشفافية والمساواة واحترام الخصوصيات الحضارية والثقافية.

وعليه أكد أبو الفتوح قائلاً "إننا نقولها وبكل صراحة بصفتنا جماعة الإخوان المسلمين أننا نرفض أي شكل من أشكال الدعم المالي، لكننا نرحب بأي أشكال أخري من الدعم طالما أنها في نطاق الشفافية والاحترام المتبادل وطالما أنها تحقق مصلحة البلاد من جانب والاتحاد من جانب آخر فهي إذاً تجمع ولا تفرق.

وفي تجديد جماعة الإخوان وحزب الوسط رفضهم التام لأي نوع من المعونات المادية، أكدوا علي أنه ربما كان التعاون في الحقول التالية مثمراً للجانبين:

  • الدعم التعليمي والثقافي
  • الإعلام والسياحة وكذلك دعم المؤسسات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني
  • التعاون الصناعي وعمل دورات تدريبية مهنية
  • نقل الخبرة الديمقراطية الأوربية إلي بلادنا ومن ثم عمل أحزاب تعمل بموجبها
  • التعاون التجاري الاستثماري
  • خبرة تداول النماذج الإدارية الناجحة. وقد تم توجيه بعض الأسئلة للإسلاميين عما إذا لو كانت هناك حكومة ذات توجه إسلامي في مصر أكانوا يغلقون التجارة والاستثمار في وجه أوروبا أما ماذا؟. فأجاب الإسلاميون من الجماعة وحزب الوسط بالنفي.

من جانبه أكد أبو الفتوح علي حد قوله:

"إننا لن نسعى إلي إغلاق التجارة مع أوروبا أو أي جهة أخري، بل إننا بالفعل سنعززها ونقوي أواصرها ما استطعنا إلي ذلك سبيلاً. تبدو مشكلة النظام مع أوروبا ذات انطباع سيئ، فهو يتعامل مع أوروبا علي أنه تبع لها لكننا سنتعامل معها علي أساس من المساواة والتعاون الحسيس رافضين نهج النظام السالف الذكر".

وأضاف الأخير مؤكداً علي أن العلاقات التجارية لابد أن تتخللها العدالة في التجارة وفي أسعار السوق. كما أكد محمود غزلان علي أنه ليس هناك أدني داعي للخوف والتوجس ما دامت هناك مصالح متبادلة في ظل جو يسوده الصفاء والعدل.

ووافق محمد سامي علي هذا الطرح وأكد علي أن التفاعل مع الجميع هو المنهج المعتمد في ظل احترام متبادل. ومن الوسط قال حسام خلاف بأنه ما دامت هناك تعاملات واستثمارات في صالح بلادنا ونمائها وتطورها فلا نألو جهداً في تنميتها لكن دون أدني دافع للسيطرة والاحتكار.

النتائج

لقد أصبح لزاماً علي الاتحاد الأوربي بموجب بعض السياسات أن يكون له دور سياسي مع الإسلاميين في المنطقة خاصة وأنهم في صعود دائم. لقد تمتع الإسلاميون بمناخ تصاعدي في المرحلة الأخيرة مما ينذر بأن يكون المستقبل السياسي في المنطقة رهينة جهدهم وعملهم الدؤوب علي مدي الأعوام الكثيرة الماضية.

لقد حقق الإسلاميون نجاحات لا تضاهي في الواقع السياسي المصري وخاصة بعد انتخابات 2005 وكيفية تعاملهم مع مسلسل التوريث في مصر. إن تحرك الاتحاد الأوربي في إطار خطته لدعم الديمقراطية لن يكون مثمراً في هذا المنطقة إلا أن يدعم الإسلاميين في إطار خطته لدعم الحريات والحقوق المدنية.

وبدون هذا الدعم لن يكون للاتحاد الأوربي أدني مشاركة أو تفاعل مع قوي الإسلاميين الصاعدة في المنطقة. والجدير بالذكر، فقد طور الإسلاميون من نهجهم السياسي في المرحلة الأخيرة لكي يتوائم مع مختلف القوي الموجودة علي الساحة السياسية من أقباط ومسلمين وعلمانيين وغيرهم من الأطياف السياسية الأمر الذي أصبح مدعاة لجذب الآخرين للتجمع علي كلمة إصلاحية سواء في إطار إسلامي عمل فيه الإسلاميون وحزب الوسط ليكون هذا الإطار هو مصدر عملهم ومنتهي تحركهم.

ومن وحي الأجندة الإصلاحية تلاحظ المحاور الإصلاحية التالية: الطبيعة المدنية للسلطة، المواطنة هي أصل أصيل يجمع كل طوائف الشعب المصري وعليه تبني المسؤوليات والمهام، الحفاظ علي المبادئ والقيم الديمقراطية، التعددية إضافة إلي الحفاظ علي الأدوات القانونية التي تمكن من التغيير والإصلاح وتداول السلطات.

كما أصبح قادة جماعة الإخوان علي درجة كبيرة جداً من الوعي بالضغوط الداخلية والخارجية والعالمية والمحلية مما جعلهم يصرحوا بأن صعودهم إلي السلطة في هذه الأحيان لن يكون في صالح الشأن العام المصري.

خيرت الشاطر.gif

وقبل انتهاء انتخابات 2005 الأخيرة، بادر خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين بتلطيف الأجواء الأوربية المحتقنة داعياً إياهم بالهدوء وعدم التوجس فليست هناك حاجة لذلك.

كما دعي بعض الأعضاء في الجماعة الكثير من الأقباط والعلمانيين دعوات مماثلة فحواها عدم الخوف مع نتائج الانتخابات هذه.

وعلي الرغم من ذلك، فإنه ما زال هناك من يشك في نواياهم وتعهداتهم لكن الأمر اتضح غاية الوضوح في الآونة الأخيرة ولم يبقي مجال للتشكيك في النوايا خاصةً بعد تبني قادة الجماعة في جل موادهم الإعلامية من أحاديث وأخبار ومنشورات ومطبوعات ووثائق قضايا الإصلاح والتوجهات الجديدة للجماعة التي تجمع الفرقاء تحت كلمة سواء.

يتثنى لنا بعد ذلك أن نتعرف علي تعهداتهم ومدي نفاذها من خلال الاتصال المباشر. وقد أسس الإسلاميون سياساتهم تجاه الآخرين بما فيهم الاتحاد الأوربي علي أساس ديني إسلامي ليكون ميزانهم في معايرة كل الأمور المتعلقة، وعليه ستتم موازنة سياسات الاتحاد ومبادراته في المنطقة لتتم بعد ذلك مرحلة الرد السياسي تبعاً لهذه المعايير.

لقد اطلع الإسلاميون علي النظام الديمقراطي الأوربي واعترفوا بإيجابياته الكثيرة كما رفضوا السلبيات التي لاحت لهم في الأفق، كل ذلك كان بأساس الاعتراف بفلسفة الآخرين والنهل منها في محيطها المتفق مع التعاليم والأسس الموضوعة للإسلاميين سلفاً من الدهر.

وعلي كل حال فما زال الإسلاميون يفضلون النموذج الأوربي علي غيره الأمريكي لاشتماله علي نقاط أكثر إيجابية من لاحقه لكنهم لا يغفلون أن ركزوا علي نقطة هامة جداً هي أن هذا النظام خاص بأوروبا ولا يعني جدلاً أنه صالح في أي مكان غيره.

ثم جاء الآن دور الإسلاميين لدعوة الأوربيين وغيرهم إلي أن يعترفوا بخصوصية النموذج الإسلامي وانفراده تبعاً للظروف المحيطة به والبيئة التي يحتويها. وتبقي بعض النقاط تلوح في آفاق الإسلاميين مطالبين الاتحاد الأوربي أن يقطع فيها علي مستوي سياساته:

موقفه من إسرائيل والقضية الفلسطينية وموقفه من الحكومة الشرعية المنتخبة في فلسطين المسماة حماس وموقفه من العراق والنظر في دعمه للحكومات والأنظمة المستبدة الأوتوقراطية في المنطقة وكذلك حقوق الأقليات المسلمة في أوروبا .

لكن لم يكن الأمر مطلباً للإسلاميين فقط لكنه مطلب عام من الأوربيين والأمريكان علي قدم المساواة إن أرادوا أن يحققوا بالفعل استقراراً في المنطقة كما هو مزعوم.

ما زال قادة الإسلاميين وحزب الوسط رغم وابل النقد هذا يؤكدون علي استشرافهم بالدعم الأوربي في النطاقات التي تم تحديدها ثم بالدفع بالدعم نحو الأمام قدر الإمكان إذا ما تثني للإسلاميين يوما أن يصعدوا إلي سدة الحكم.

لكن بات السؤال الذي يطرح نفسه الذي سوف يؤدي بالاتحاد الأوربي إلي النظر في سياسات تعاونية مع الإسلاميين والدخول معهم في مفردات اللعبة السياسية والتسويات المطلوبة، هل تكون هذه الآمال حقيقية أم لا؟

اقرأ أيضا

وصلات داخلية

مقالات متعلقة

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

برامج متعلقة