الإمام حسن البنا يعاتب أخيه السكري من أجل النحاس باشا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإمام حسن البنا يعاتب أخيه السكري من أجل النحاس باشا


الإمام حسن البنا

إخوان ويكي

حرص الإمام حسن البنا منذ اللحظات الأولى لتكوين جماعة الإخوان المسلمين على تفعيل وغرس الجوانب الإيمانية وغرس القيم الأخلاقية في نفوس أتباعه، حتى تحقق بالفعل السلوك المستقيم للجميع وقد شهد أعدائهم فبل محبيهم بهذه الصفات الحميدة والأخلاق القويمة.

ولقد بلغ الأمر – حرصا على أخلاق الإسلام – أن عاتب الأستاذ البنا صديقة ووكيل الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين اليومية الأستاذ أحمد السكري حينما كتب مقالا تهكم فيه على مسلك النحاس باشا الخاص فى إنفاقه للمال، وحضوره للحفلات الماجنة، فأرسل الإمام البنا رسالة ومقالا إلى أخيه ووكيل الجماعة يعتب عليه أن يسلك هذا التصرف، أو أن يسطر على صفحات الإخوان المسلمين مثل هذه الكلمات.

ولننظر إلى رسالة العتاب التي ترسخ لمعاني الأخلاق المستقيمة في النفوس وعدم تسطير مثل هذه الكلمات على صفحات جريدة الإخوان المسلمين فجاء فيها تحت عنوان "رسالة من المرشد العام إلى رئيس التحرير":

حضرة الأخ المفضال رئيس تحرير "الإخوان المسلمون": السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد

فقد قرأت ما كتبه صاحب التعليقات عن "زهد النحاس" وعن "النحاس الورع" فى عدد الأمس، فلم أره يساير الأسلوب الذى ترتضيه دعوة الإخوان المسلمين أو يتفق مع طابع الجريدة التى تنطق بلسانها، بل هو بالأساليب الحزبية والصحف التجارية أشبه، وإليها أقرب، وأظننى نبهتكم مرة من قبل إلى هذا المعنى، ويظهر أنكم نسيتموه.

وكان الأخ الكاتب يستطيع أن يصل إلى كل ما يريد بعبارة قوية رصينة، تحمل طابع النصيحة، والحرص على قبولها، والاستماع لها، وتبتعد عن التشهير واللمز، وقد نهينا عنهما أشد النهى، وإن من إرشاد الحق تبارك وتعالى لموسى وهارون عليهما السلام ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ "طه: 44".

ولا حجة فيما تتناوله الصحف الوفدية من أعراضنا بغير الحق، أو تلغ فيه صباحًا ومساء من حمأة الباطل. وأين إذن فضل الدعوة، وسمو الفكرة، وجلال درجة العفو، ومنزلة الكاظمين الغيظ، والاقتداء بسيد البشر فى قوله: "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون".

ونحن حين نكتب ما نكتب فى بعض الأحيان، من ردود على ما ينشر فى هذه الصحف، إنما نريد أن نحق حقا أو نبطل باطلا، لا أن نساجلها فى ميدان الخصومة، ونلج معها فى تيار المهاترة والتجريح والاختلاف.

والخصومة بيننا وبين القوم ليست خصومة شخصية أبدا - ولن تكون - ولكنها خصومة فكرة ونظام، هم يريدون لهذه الأمة نظاما اجتماعيا ممسوخا من تقليد الغرب فى الحكم والسياسة والقضاء والتعليم والاقتصاد والثقافة، ونحن نريد لها وضعا ربانيا سليما من تعليم الإسلام وهديه وإرشاده فى هذه النواحى جميعا، وهم يعلمون تمام العلم أنهم لا يستطيعون أن يقفوا فى وجه هذه الدعوة المؤيدة بنصر الله، المتمكنة فى قلوب المؤمنين من أبناء هذه الأمة المدعومة بإيمان خمسمائة مليون من البشر من المحيط إلى المحيط.

كلهم يفرح بها، ويهش لها، ويتمنى للداعين إليها كل توفيق ونجاح، فهم لهذا يعملون جاهدين على صبغ هذا الخلاف بالصبغة الشخصية، والاتجاه به إلى المناورات الحزبية، ويودون أن تنطلى علينا الحيلة، ويخفى أمامنا وجه الخديعة، فننزلق إلى منازلتهم فى هذا الميدان التافه وهم فيه أغلب وعليه أقدر، ولكننا بحمد الله أشد يقظة مما يظنون، وأنفذ بصيرة مما يحسبون ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِى بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ "الأنعام: 122"

ولهذا أرجو أن تحرص جريدة الإخوان كل الحرص على تخير الألفاظ، وانتقاء العبارات، وتجنب النواحى الشخصية التافهة، وتحرى المعانى الكلية الجامعة مع تصحيح النية، وكبح جماح الغضب، وكظم الغيظ وقتل شهوة الانتقام الله يعلم أننا أشد الناس ألما لخصومة لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن والدين، وأننا نرقب بفارغ الصبر تلك الساعة التى يفتح الله فيها هذه القلوب، ويهدى إلى الحق هذه النفوس، والقلوب بيد الله يقلبها كيف شاء، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.

كما قرأت كذلك تحت الصورة التى نشرتموها بالأمس تقديما لى، ولفضيلة الأخ الأستاذ مصطفى السباعي، وفى نهايته هاتان الكلمتان: قائد وجندى، فإن أردتم بالقائد فضيلة الأستاذ السباعى وبالجندى هذا الضعيف الذى ما اعتبر نفسه يوما من الأيام إلا أصغر جنود دعوة الحق فقد أحسنتم صنعا وشكر الله لكم

وإن كنتم تقصدون ما يتبادر إلى الأذهان من أول وهلة، حين يرون مرشدا ومراقبا فإلى الله أبرأ مما صنعتم، وإلى الإخوان أعتذر مما وصفتم، وأرجو ألا تحملنكم المداعبات الصحفية على مثل هذه المتعبات النفسانية، والله أسأل أن يوفقنا جميعا للخير، وأن يسدد خطانا لما يحب ويرضى، وأن يجمع القلوب على ما فيه خير الوطن العزيز آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر