الاختلاف بين المسلمين.. بماذا نواجهه؟وكيف يكون ظاهرة صحية في المجتمع؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الاختلاف بين المسلمين.. بماذا نواجهه؟وكيف يكون ظاهرة صحية في المجتمع؟

محمد الأسعد

  • المستشار العقيل يضع النقاط على الحروف حول قضية الخلاف في المجتمعات المسلمة وسبيل علاجها.

أجرى الحوار: محمد الأسعد

وجهات النظر المتعددة حول قضية ما في المجتمعات المسلمة كثيرًا ما تتطور بين الفرقاء المختلفين على موضوع ما، وكثيرًا ما يلي ذلك جدل يصل في غالب الأحيان إلى عتبات الباب المغلق، واعتقادًا من "جريدة المدينة" بأن الإسلام تدخَّل بين الفرقاء المختلفين، ونظم لهم أساليب للحوار المفيد، والفهم الذي يؤدي في النهاية إلى وجود التصور الموحد لدى أبناء الأمة، التقت "المدينة" المستشار عبد الله عقيل سليمان العقيل - الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى العالمي للمساجد - في رابطة العالم الإسلامي؛ لكي يقدم للقارئ رأي الشريعة الإسلامية في أساليب التفاهم المشروعة بين الفرقاء المختلفين حول قضية ما:

* ما الأسلوب الذي قرره الإسلام للتفاهم بين أصحاب وجهات النظر المختلفة من المسلمين؟

    • الحوار هو الأسلوب الذي قرره الإسلام للتفاهم بين أصحاب وجهات النظر المختلفة: بين المسلمين وبعضهم، وبين المسلمين وغيرهم، والأمة الإسلامية من أكثر الأمم التزامًا بأدب الحوار البناء وفق المنهج القرآني والأدب النبوي والضوابط الشرعية؛ لأنها تستقي أسلوبها من هدي الكتاب والسنة، ولقد كان المنهج القرآني في الحوار والجدال أفضل ما عرف من المناهج في القديم والحديث؛ لأنه الوحي المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فقد جاء القرآن الكريم بأرقى أساليب الحوار والنقاش، والمجادلة بالتي هي أحسن بين الرسل والأنبياء وأممهم، ومع أبناء الملة الواحدة أو الملل المختلفة من أهل الكتاب من اليهود والنصاري، كما جاء في سورة الأعراف، والتوبة، وهود، والإسراء، والشعراء، والنمل، والقصص، والعنكبوت، والصافات، والزخرف، وغيرها، بل وحتى مع المنافقين والمشركين، والكافرين المكذبين للدين، كما ورد في سورة الأنعام، والأنفال، والتوبة، والرعد، والإسراء، والروم، وسبأ، ويس، والصافات، والزمر، وغافر، والزخرف، وغيرها، ومع الطغاة والفراعنة، وكل المستبدين بآرائهم، والمتسلطين على رقاب العباد، والمتفردين بالسلطة والنفوذ والمال، بل جاء الحوار بين يوسف وإخوته، وبينه وبين السجينين معه في السجن، كما تسجله سورة يوسف، وكذا الحوار بين مؤمن آل فرعون وقومه في سورة غافر، وبين الجن وأقوامهم في سورة الأحقاف.

لقد كان المنهج القرآني في الحوار والجدال أفضل ما عرف من المناهج في القديم والحديث، لأنه الوحي المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

* هل أخذ المسلمون قديمًا بهذا الأسلوب في مختلف جوانب الحياة؟

    • نعم، ويوم أن تمسَّك سلفنا الصالح بطرائق الحوار الإسلامي، كانت لهم الغلبة دائمًا على محاوريهم؛ لأنهم يلتزمون الصدق في الكلام، والأدب الجم في الحوار، وتقديم الفكرة معززة بدليلها ومقرونة بشواهدها، ويسقطون مقولات الرأي الآخر بقوة الحجة والبرهان، وسعة الصدر وحسن البيان.

ومن هنا كانت مناهج العلماء والمفكرين المسلمين تسمو على ما عداها، وتتميز - دون سواها - بالتوثيق، والتعديل، والتمحيص، والتدقيق، فليس للكذب ولا للتدليس ولا للظن أي مجال في المناظرات، والمجادلات، والحوارات، والردود، والمناقشات، بل إن الحقيقة تنتصب بقامتها لتسدل الستار على الكذب والبهتان والزيف، والضلال ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.

هكذا كانت مدارس العلماء والمحققين، وهكذا كانت حلقاتهم وندواتهم، يشرق فيها نور الإيمان، ويسطع فيها ضوء الحقيقة، ويتجلى فيها خلق الإسلام.

ولقد ألَّف القدامى من علمائنا الكتب الخاصة بأدب الحوار، والمناظرة، والنقاش، والمجادلة وفق المنهج الشرعي، مثل: كتاب (التنبيه) لمؤلفه البطليوسي المتوفى سنة 521هـ، وكتاب (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ، وكتاب (متن آداب البحث) لعضد الدين إيجي المتوفى سنة 756هـ، ومنظومة طاش كبرى زاده المتوفى سنة 968هـ في فن المناظرة وآدابها، فضلاً عن الكتب التي صدرت بعدها، مثل: كتاب (منظومة زين الدين المرصفي) المتوفى سنة 1300هـ، وكتاب (الإنصاف في بيان الاختلاف) لمؤلفه شاه ولي الله الدهلوي المتوفى سنة 1300هـ، بالإضافة إلى كثير من المؤلفات الحديثة في الموضوع للشيخ علي الخفيف، ومصطفى الزلمي، ومصطفى الخن، وأبي الفتح البيانوني، وعبد الجليل عيسى، ومحمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، ومصطفى البغا، وعبد الله التركي، وطه العلواني وغيرهم.

* وماذا عن اعتماد الأمة لهذا المنهج في عصرنا الحاضر؟

    • في عصرنا الحاضر نرى الكثير من أبناء المسلمين قد خرجوا عن المنهج الإسلامي والضوابط الشرعية في الحوار والمجادلة، رغم أنهم مطالبون بذلك بحكم كونهم مسلمين، فالحوار اليوم عند البعض لا يتقيد بالآداب الإسلامية، بل انقلب إلى صراع وأصبح مجالاً للاقتتال، واستعداء أعداء الإسلام على صاحب الرأي المخالف من المسلمين، شأنهم في ذلك شأن الخوارج في القديم الذين أباحوا دم المسلم، وحافظوا على دم المشرك، كالذي رواه المبرد في الكامل عن واصل بن عطاء، حين وقع هو وأصحابه بين أيدي الخوارج، فزعم لهم بأنه وأصحابه من المشركين الذين جاءوا يسمعون كلام الله، فأجارهم الخوارج، وتركوهم وشأنهم.

* إذا كان - كما يستنبط من إجابتك - منهج الحوار ضرورة شرعية، فماذا ينبني على تركها في المجتمع المسلم؟

    • إن تركها سببه الجهل بالأحكام الشرعية، وضيق الأفق، وفقدان الضوابط، وذلك من أكبر الأسباب التي جلبت المصائب على المسلمين، وأدت إلى التشرذم والانقسام في صفوف الأمة، وبين الحركات الإسلامية، وظهور الفرق والجماعات والطوائف التي تتناحر فيما بينها، ويكفر بعضها البعض الآخر، ومرد ذلك كله إلى عوج في الفهم، وقلة في الفقه – (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) (الإسراء: 36)، وهوى في النفس (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء: 135)، (وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (الأنعام: 119) - وإعجاب بالرأي وافتتان بالذات - «إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك» - وبطر للحق وغمط للناس - «الكبر بطر الحق وغمط الناس» - وكل هذا حذَّر منه النبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»، وقوله: «لا تختلفوا، فإن من قبلكم اختلفوا فهلكوا».

يقول الإمام مالك: لا يؤخذ العلم من أربعة، وهم: السفيه، وصاحب الهوى، والكذاب، والذي لا يعرف ما يحمل ويحدث به.

ويقول د. طه العلواني: بدأنا نرى شبابًا ينتسبون إلى السلفية، وآخرين إلى أهل الحديث، وفريقًا إلى المذهبية، وآخرين يدعون إلى اللامذهبية، وبين هؤلاء وأولئك تُتَبَادل الاتهامات المختلفة من التكفير، والتفسيق، والنسبة إلى البدعة والانحراف والعمالة والتجسس، ونحو ذلك، فهل هذا يُرضي الله؟

* ما أهم واجبات المتحاورين؟

    • الواجب على المتحاورين أن يتصوروا فكرة الحوار وموضوعه تصورًا كاملاً قبل أن يدلوا بدلائهم فيه، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما أن عليهم أن يستوعبوا مقولة الطرف الآخر، ثم يبينوا هزالها وضعفها، ويقدموا البديل الأصلح مكانها، مع الحذر الكامل من غمز الآخرين أو لمزهم، أو تسفيه آرائهم، أو التعالي عليهم، أو الحرص على هزيمتهم، أو الشغب بالصراخ ورفع الصوت على أصواتهم؛ بل الواجب اللين معهم لكسب قلوبهم، وإشعارهم بأننا طلاب حق نبحث عنه وننشده، ونسعى لالتزامه وتبنيه حيثما وجدناه، وهذا هو الأسلوب الكريم الذي يحفظ للإنسان كرامته، فلا تأخذه العزة بالإثم، ولا يتشبث بالباطل، رغم انكشافه، بل يميل إلى الحق لوضوحه، وقوة براهينه، وجمال عرضه، وحسن تقديمه.

* هل يمكن اعتبار الخلاف في وجهات النظر ظاهرة مرضية؟

    • لا، فالاختلاف في وجهات النظر ليس مرضًا، بل هو ظاهرة صحية إذا كان المجتهد قد انتهى إلى رأيه بعد تحري الحق، والبحث عن الأدلة، والتزم الصادق من القول، ونقل عن العدول من الرواة، ووازن بين الآراء، فهو مأجور مثاب حتى لو أخطأ في اجتهاده.

والله الذي وهب العقول لعباده، وجعلها متفاوتة في الإدراك والمواهب، ومتباينة في الفهم والاستنتاج، يعلم أنها ستختلف في نظراتها، ومواقفها، وأحكامها، ولكنه سبحانه وتعالى جعل لنا في الكتاب والسنة العروة الوثقى، التي نعتصم بها، ونرجع إليها في كل ما نختلف فيه (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى: 10)، فالاختلاف الذي وقع في سلف هذه الأمة لم يتجاوز حدوده، بل التزمت آدابه، وكان ظاهرة من الظواهر الإيجابية في حركة الفكر والاجتهاد الإسلامي على مدى العصور.

يقول د. العلواني في كتابه القيم (أدب الاختلاف في الإسلام): «لقد كان المؤمنون المخلصون يؤملون أن تنطلق هذه الصحوة الخيرة، لتردم ما أحدثته الأفكار الكافرة والملحدة، والعقائد الزائفة المنحرفة من هوة سحيقة في كيان هذه الأمة، التي اجتالت الشياطين عقول وأفئدة الكثير من أبنائها، وتطهر قلوبهم من ذلك الزيغ لتحل محله العقيدة الإسلامية الصحيحة، ثم تنطلق برسالة الله إلى هذا العالم الفسيح، فتعلو كلمة الله في الأرض، ولكن ما يحز في النفس أن يعمل بعض أبناء المسلمين على تحطيم أجنحة الصحوة وتكبيلها بقيود الخلاف غير المنضبط حول ما يستحق من الأمور، وما لا يستحق، الأمر الذي شغل المسلمين بأنفسهم، وبدد الكثير من طاقاتهم، وخلط أمامهم الأشياء خلطًا عجيبًا جعلهم لا يفرقون بين الهنات الهينات وعظائم الأمور، وبين يسيرها وجليلها، فكيف يمكن لقوم هذا شأنهم أن يعالجوا قضاياهم بحسب أهميتها، وأن يرتبوا الأمور بشكل يجعلهم قادرين على استئناف مسيرة الحياة الإسلامية؟

* وما رأيك في إثارة الخلاف بين المسلمين؟

    • إن إثارة الخلاف بين المسلمين، أو تنمية أسبابه خيانة عظمى لأهداف الإسلام، وتدمير لهذه الصحوة المعاصرة، التي أحيت الأمل في النفوس، وهو تعويق لمسيرة الإسلام وتشتيت لجهود العاملين المخلصين، وهذا لا يرضي الله (جل شأنه)، ولذلك فإن من أكثر وأهم واجبات المسلمين اليوم عامة - والدعاة منهم خاصة - بعد الإيمان بالله تعالى: العمل على توحيد فصائل حملة الإسلام ودعاته، والقضاء على كل عوامل الخلاف بينهم، فإن كان لا محالة فليكن في أضيق الحدود، وضمن آداب سلفنا الصالح، ولا يمنع اختلاف الآراء من التقاء القلوب لاستئناف الحياة الإسلامية الكريمة، ما دامت النية خالصة لوجه الله تعالى، وعندها فلن يعدموا التوفيق والتأييد من الله سبحانه وتعالى.

* وكيف يحسم الخلاف بين المتحاورين؟

    • إن الذي يحسم الخلاف هو أن يتصف المحاورون والدعاة إلى الله بالبعد عن مواطن الخلاف؛ لأن الخلاف في الفرعيات أمر واقع في القديم والحديث، وسيبقى إلى يوم القيامة، وقد كان واقعًا بين الصحابة أنفسهم وهم خير القرون، وحسب المسلمين اليوم أن يجتمعوا على ما يصير به المسلم مسلمًا.

كما يحسم الخلاف التدرج في الخطوات بين المتحاورين، وفي دعوة الناس إلى الإسلام، فالصبر والمصابرة، والجد والمثابرة، والعمل الدائب، وإيثار الناحية العملية هي أسلم الطرق للوصول إلى الهدف.

يقول الإمام الشهيد حسن البنا - يرحمه الله -: «ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة، ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها واستخدموها، وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد».

* ما سبب ضعف الحوار بين الجماعات الإسلامية؟

    • الذي أضعف الحوار بين الجماعات الإسلامية الموجودة اليوم، هو تأثر بعضها بأهواء الحكام، وتصديقهم لمزاعمهم، ومهادنتهم للعامة والدهماء، وأصحاب الهوى وضعاف العقول في الشارع العربي، الذين يتأثرون بالدعايات الكاذبة، ويركضون خلف كل ناعق، يزخرف لهم القول، ويعطيهم معسول المواعيد والأماني، فيصدقونه وينقادون لأكاذيبه، ويجعلونه البطل والزعيم، والمنقذ، والمخلص، وهو في الحقيقة عبد من عبيد الشرق أو الغرب، وأسد غضنفر على شعبه البائس المسكين:

عبيد للأجانب هم ولكن على أبناء جلدتهم أُسُود.

وللتفريق بين المصلحة الشخصية والمصلحة العامة عند الحوار، يجب النظر في حالة المتحاورين، وسيرة كل منهم، فمن غلب على حاله الاستقامة والصدق والإخلاص، وتحري الحق، وكان معروفًا بذلك لدى الناس، فهذا نحسن الظن به، ونعتبر أن حواره وخلافه لا يقصد من ورائه المصلحة الشخصية، بل المصلحة العامة، ومن كان على غير ذلك بأن كان مجهول الحال، أو سيئ السيرة والسلوك، أو متقلب المواقف والأحوال، أو راكضًا وراء المطامع الدنيوية، أو منافق اللسان مرتزقًا، فهو صاحب مصلحة شخصية، لا يقبل حواره، ولا يسمع لكلامه، بل ينبذ بعيدًا عن مواطن الحوار الهادف البناء.

* كيف يمكن إحياء مبدأ الحوار؟

    • ولإحياء مبدأ الحوار على أسس مقبولة لابد من الالتزام بما التزم به سلف هذه الأمة، التي اتخذت القرآن الكريم منهجها، والأسلوب النبوي الشريف طريقها، وسارت تدعو إلى الحق وتلتزم به، وتعمل من أجله، وتجاهد لإحقاقه، وتستشهد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الإسلام، ورفع راية لا إله إلا الله، وتطبيق شرع الله في أرض الله، بالدعوة الحكيمة، والموعظة الرقيقة، والكلمة الطيبة، والسيرة العطرة، والعمل الصالح، والكلام اللين، والوجه المشرق، والتغاضي عن الزلات، وستر العورات، والتماس الأعذار، وإحسان الظن بالمسلمين، وإشعارهم بالمحبة، والأخوة، والتعاون معهم، وبذل الجهد لمساعدتهم، والوقوف إلى جانبهم، وقضاء حاجاتهم، وتنفيس كربهم، وحل مشكلاتهم، وعدم المن عليهم أو التعالي أو التطاول، بل التواضع، واحترام الكبير، ورحمة الصغير، ونجدة الملهوف، وفك الأسير، ومساعدة المحتاج، وعلاج المريض، إلى غير ذلك مما يفتح القلوب قبل العقول، فإذا فُتح القلب فُتح العقل، وصار الحوار تظلله المحبة والاحترام المتبادل والثقة، والحرص على الوصول إلى الحق دون تباغض، ولا تدابر، ولا شحناء، ولا جدال وشقاق.

هذا هو الأسلوب الإسلامي الذي يجب على الجماعات الإسلامية والدعاة إلى الله في كل مكان الالتزام به، والعمل بمقتضاه، ففيه النجاة والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين، ويوحد شعوبهم، ويهدي قادتهم، وينفعنا بالعلماء العاملين الصالحين المصلحين الصادقين المخلصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــ

جريدة المدينة، العدد 8958، 18 من جمادى الأولى 1412هـ.

المصدر