الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاعتقالات والافتراءات.. أسبابها وموقفنا منها»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط (حمى "الاعتقالات والافتراءات.. أسبابها وموقفنا منها" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
لا ملخص تعديل
 
(٧ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
''' الاعتقالات والافتراءات.. أسبابها وموقفنا منها ..د. [[محمود غزلان]]'''
'''<center>الاعتقالات والافتراءات.. أسبابها وموقفنا منها</center>'''
   
   


* د/[[ محمود غزلان]]




الذي يحمل دعوة الإسلام ويسعى للإصلاح على منهجه؛ يعلم علم اليقين أنه يعمل لله ويبتغي وجهه الكريم، وينفسح تصوُّرُه ليشمل منهجُه الإصلاحيُّ كلَّ جوانب الحياة، بدءًا من العقيدة والعبادة والأخلاق، وانتهاءً بالسياسة والاقتصاد والاجتماع، ويشمل أيضًا الدنيا والآخرة معًا، فلن تنصلح الآخرة إلا بصلاح الدنيا، كما أن الآخرة هي مجالُ الحساب والجزاء، وهذا اليقينُ هو سبيلُ إحياء الضمير الفردي والجماعي.
'''بقلم / د. [[محمود غزلان]]'''
 
[[ملف:محمود-غزلان.png|إطار|الدكتور / '''[[محمود غزلان]]''']]
 
الذي يحمل دعوة [[الإسلام]] ويسعى للإصلاح على منهجه؛ يعلم علم اليقين أنه يعمل لله ويبتغي وجهه الكريم، وينفسح تصوُّرُه ليشمل منهجُه الإصلاحيُّ كلَّ جوانب الحياة، بدءًا من العقيدة والعبادة والأخلاق، وانتهاءً ب[[السياسة]] والاقتصاد والاجتماع، ويشمل أيضًا الدنيا والآخرة معًا، فلن تنصلح الآخرة إلا بصلاح الدنيا، كما أن الآخرة هي مجالُ الحساب والجزاء، وهذا اليقينُ هو سبيلُ إحياء الضمير الفردي والجماعي.


   
   
ويعلم المسلم المصلح أيضًا أن الصراع بين الحق والباطل والخير والشر والعدل والظلم والصلاح والفساد والحرية والاستبداد؛ صراعٌ مستمرٌّ، وأن الابتلاء والمحن سنةٌ من سنن الدعوات، وأن التضحيات والآلام ضريبةٌ لازمةٌ لا بد أن يدفعها المصلحون، وما أكثر الآيات والأحاديث التي أكدت ذلك، ومنها: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214).. ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142).. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة: 155- 157).. ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت: 2، 3).
ويعلم المسلم المصلح أيضًا أن الصراع بين الحق والباطل والخير والشر والعدل والظلم والصلاح والفساد والحرية والاستبداد؛ صراعٌ مستمرٌّ، وأن الابتلاء والمحن سنةٌ من سنن الدعوات، وأن التضحيات والآلام ضريبةٌ لازمةٌ لا بد أن يدفعها المصلحون، وما أكثر الآيات والأحاديث التي أكدت ذلك، ومنها: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214).. ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142).. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة: 155- 157).. ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت: 2، 3).


   
   
كما أن الأنبياء جميعًا- بلا استثناء- قد تعرَّضوا للمحن والابتلاءات، وهم أكرم الخلق على الله، ولقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء عليهم السلام، ضربه قومه وأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
كما أن الأنبياء جميعًا- بلا استثناء- قد تعرَّضوا للمحن والابتلاءات، وهم أكرم الخلق على الله، ولقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء عليهم السلام، ضربه قومه وأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".


   
   
والمسلم المصلح يعلم أيضًا أن النصر لا يكون دائمًا بإزاحة خصمه والظهور عليه، وإنما يكون دائمًا بالثبات على المبدأ والتمسك به، حتى ولو كان يُسامُ سوء العذاب وتشوَّه سمعته، بل ولو استُشهد، فغلام أصحاب الأخدود وبلال بن رباح وعمار بن ياسر وخباب بن الأرت وسحرة فرعون كانوا هم المنتصرين؛ لأن الدنيا مرتبطةٌ بالآخرة في تصور المسلم، والفوز في الآخرة هو الهدف الأسمى، كما أن التضحية من أجل المبدأ هي السبيل لتعميق جذوره ونشر فروعه وإقناع الناس به وجمعهم حوله.
والمسلم المصلح يعلم أيضًا أن النصر لا يكون دائمًا بإزاحة خصمه والظهور عليه، وإنما يكون دائمًا بالثبات على المبدأ والتمسك به، حتى ولو كان يُسامُ سوء العذاب وتشوَّه سمعته، بل ولو استُشهد، فغلام أصحاب الأخدود وبلال بن رباح وعمار بن ياسر وخباب بن الأرت وسحرة فرعون كانوا هم المنتصرين؛ لأن الدنيا مرتبطةٌ بالآخرة في تصور المسلم، والفوز في الآخرة هو الهدف الأسمى، كما أن التضحية من أجل المبدأ هي السبيل لتعميق جذوره ونشر فروعه وإقناع الناس به وجمعهم حوله.


   
   
كما أنه يؤمن بأن الظلم وخيم العاقبة إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء﴾ (إبراهيم: 42، 43)، ويعلم أن واجبه أن يمتثل أمر الله في العمل للإصلاح ودفع الفساد؛ بما لا يحقق فسادًا مساويًا أو زائدًا، ومن ثم يرفض أن يكون سببًا لإثارة فتنة عامة أو إراقة دم من أي الأطراف.. ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة: 251)، وأن النتائج بيد الله، وأن الله تعالى سيحاسبه على عمله وليس على تحقيق النتائج.
كما أنه يؤمن بأن الظلم وخيم العاقبة إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء﴾ (إبراهيم: 42، 43)، ويعلم أن واجبه أن يمتثل أمر الله في العمل للإصلاح ودفع الفساد؛ بما لا يحقق فسادًا مساويًا أو زائدًا، ومن ثم يرفض أن يكون سببًا لإثارة فتنة عامة أو إراقة دم من أي الأطراف.. ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة: 251)، وأن النتائج بيد الله، وأن الله تعالى سيحاسبه على عمله وليس على تحقيق النتائج.


[[ملف:سجن.png|إطار]]
   
   
على هذه المبادئ وأمثالها يتربَّى الفرد المسلم، فينفسحُ تصوُّرُه، وتعلو همَّتُه، وتكبر نفسُه، وتستعلي على حظوظها، ومن ثمَّ تختلف تصرفاته عن تصرفات غيره الذي لم يتربَّ على هذه المبادئ.
على هذه المبادئ وأمثالها يتربَّى الفرد المسلم، فينفسحُ تصوُّرُه، وتعلو همَّتُه، وتكبر نفسُه، وتستعلي على حظوظها، ومن ثمَّ تختلف تصرفاته عن تصرفات غيره الذي لم يتربَّ على هذه المبادئ.


   
   
أقول هذا لأولئك الذين استبدَّ بهم الغضب من الصحفيين والسياسيين والشباب، الذين رأوا وتيرة التصعيد الظالم من قِبَل النظام الحاكم في صورة حملات أمنية متتابعة، تعتقل كبارنا ومسئولينا، وتلفِّق لهم التُّهم وتُلقي بهم في السجون، فراح هؤلاء الغاضبون- وبافتراض حسن نياتهم جميعًا- يحرِّضوننا على التصدي لهذا الظلم ومقابلة العنف والإرهاب الحكومي بإجراءات ثورية واحتجاجية في الشوارع؛ ثأرًا للنفس وإذهابًا للغيظ وردعًا للنظام من الاسترسال في بغيه وبطشه، حسب تصورهم.
أقول هذا لأولئك الذين استبدَّ بهم الغضب من الصحفيين والسياسيين والشباب، الذين رأوا وتيرة التصعيد الظالم من قِبَل النظام الحاكم في صورة حملات أمنية متتابعة، تعتقل كبارنا ومسئولينا، وتلفِّق لهم التُّهم وتُلقي بهم في السجون، فراح هؤلاء الغاضبون- وبافتراض حسن نياتهم جميعًا- يحرِّضوننا على التصدي لهذا الظلم ومقابلة العنف والإرهاب الحكومي بإجراءات ثورية واحتجاجية في الشوارع؛ ثأرًا للنفس وإذهابًا للغيظ وردعًا للنظام من الاسترسال في بغيه وبطشه، حسب تصورهم.


   
   
ونحن نعلم أن الظلم شديد الوقْع، مرير الطعْم، طالما تجرَّعناه، ولكننا لا نثأر لأنفسنا، ولا نلجأ للعنف خصوصًا والنظام كلما ازداد فشله في تحقيق مراده وزادت كراهية الناس ورفضهم له؛ كلما ازدادت شراسته وعدوانيته على الناس وعلى حقوقهم وعلى القانون والدستور وسائر المبادئ والقيم.
ونحن نعلم أن الظلم شديد الوقْع، مرير الطعْم، طالما تجرَّعناه، ولكننا لا نثأر لأنفسنا، ولا نلجأ للعنف خصوصًا والنظام كلما ازداد فشله في تحقيق مراده وزادت كراهية الناس ورفضهم له؛ كلما ازدادت شراسته وعدوانيته على الناس وعلى حقوقهم وعلى القانون والدستور وسائر المبادئ والقيم.


   
   
 
ولو ذهبنا نستكشف أسباب هذا التصعيد الظالم لوجدنا أنه تقاطعُ المصالح المحلية مع المخططات الدولية، فقضية فلسطين ومحاولة تصفيتها بالسعي لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية، وإحكام الحصار حولها، وتوظيف أنظمة الحكم التابعة للغرب في ذلك بالتنازل عن [[القدس]] وعن حق العودة، وإقامة دولة مسخ مقطعة الأوصال منزوعة السيادة منهوبة الأرض.. كل ذلك لا يتصدَّى له بالدرجة الأولى إلا [[الإسلام]]يون، كما أن النظام يسعى للانتقام من كلِّ من نَصَر أهل غزة في دفاعهم عن أنفسهم إبَّان العدوان الصهيوني عليهم، إضافةً إلى فشل النظام في سياساته الداخلية، يدفعه دفعًا إلى إقصاء القوة التي تقدِّم البديل على المستوى النظري وجزءًا من الخدمات في حدود الطاقة على المستوى العملي، كما أنها تتصدَّى للاستبداد ومصادرة حريات الشعب والفساد والاستيلاء على الثروات، كما أنها ترفض تمرير التوريث، وتزوير الانتخابات التشريعية والرئاسية.
ولو ذهبنا نستكشف أسباب هذا التصعيد الظالم لوجدنا أنه تقاطعُ المصالح المحلية مع المخططات الدولية، فقضية فلسطين ومحاولة تصفيتها بالسعي لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية، وإحكام الحصار حولها، وتوظيف أنظمة الحكم التابعة للغرب في ذلك بالتنازل عن القدس وعن حق العودة، وإقامة دولة مسخ مقطعة الأوصال منزوعة السيادة منهوبة الأرض.. كل ذلك لا يتصدَّى له بالدرجة الأولى إلا الإسلاميون، كما أن النظام يسعى للانتقام من كلِّ من نَصَر أهل غزة في دفاعهم عن أنفسهم إبَّان العدوان الصهيوني عليهم، إضافةً إلى فشل النظام في سياساته الداخلية، يدفعه دفعًا إلى إقصاء القوة التي تقدِّم البديل على المستوى النظري وجزءًا من الخدمات في حدود الطاقة على المستوى العملي، كما أنها تتصدَّى للاستبداد ومصادرة حريات الشعب والفساد والاستيلاء على الثروات، كما أنها ترفض تمرير التوريث، وتزوير الانتخابات التشريعية والرئاسية.


   
   
كل هذه المواقف الشرعية والوطنية والقومية والإنسانية المنحازة إلى الحق؛ يعتبرها النظام الظالم مواقفَ عدائيةً، يصبُّ من أجلها جام غضبه على الجماعة في صورة هذه الحملات الأمنية والاعتقالات المتكررة والمتصاعدة.
كل هذه المواقف الشرعية والوطنية والقومية والإنسانية المنحازة إلى الحق؛ يعتبرها النظام الظالم مواقفَ عدائيةً، يصبُّ من أجلها جام غضبه على الجماعة في صورة هذه الحملات الأمنية والاعتقالات المتكررة والمتصاعدة.


   
   
إن العمل العام في الدول المحترمة يقوم على التنافس الشريف بين الفرقاء في خدمة عموم الناس، وتحسين أحوالهم، وتحقيق آمالهم، والارتقاء بالوطن، وتحقيق أمنه القومي، ولكن الأمر عندنا يقوم على نفي الآخر، وتشويه صورته، وصناعة هالة من الأكاذيب والافتراءات حوله، فتارةً يصفوننا بأننا جماعة محظورة بغية مصادرة حقنا في الدعوة والعمل والحركة لخدمة المجتمع، والسؤال: من الذي حظرنا والشعب منحنا ثقته في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة بنسبة تقترب من 60% في الوقت الذي منح الحزب الوطني نسبةً أقل من 30%، رغم التزوير الذي وصل إلى حدِّ القتل والإصابة ومنع الناخبين والاعتداء عليهم، واعتقال المؤيدين؟! فمن الأولى بالشرعية؟!
إن العمل العام في الدول المحترمة يقوم على التنافس الشريف بين الفرقاء في خدمة عموم الناس، وتحسين أحوالهم، وتحقيق آمالهم، والارتقاء بالوطن، وتحقيق أمنه القومي، ولكن الأمر عندنا يقوم على نفي الآخر، وتشويه صورته، وصناعة هالة من الأكاذيب والافتراءات حوله، فتارةً يصفوننا بأننا جماعة محظورة بغية مصادرة حقنا في الدعوة والعمل والحركة لخدمة المجتمع، والسؤال: من الذي حظرنا والشعب منحنا ثقته في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة بنسبة تقترب من 60% في الوقت الذي منح الحزب الوطني نسبةً أقل من 30%، رغم التزوير الذي وصل إلى حدِّ القتل والإصابة ومنع الناخبين والاعتداء عليهم، واعتقال المؤيدين؟! فمن الأولى بالشرعية؟!


   
   
 
ويتهموننا دائمًا بالسعي لقلب نظام الحكم، والدعوة إلى تعطيل الدستور والقانون ومؤسسات الدولة، والسؤال: من الذي يعبث بالدستور والقانون ويعطِّلهما بقانون الطوارئ الذي لا يوجد مبرِّر واحد لبقائه؟ ومن الذي يعطِّل أحكام القضاء ويعتدي على استقلال القضاة ويسعى لتطويعهم وإخضاعهم؟ ثم إن ما يزيد على ثلاثين ألفًا من [[الإخوان المسلمين]] تمَّ اعتقالهم خلال فترة حكم النظام الحالي وبعضهم اعتُقل ما يزيد على عشر مرات، وتمَّ توجيه هذه التهم لهم، ومع ذلك لم يقدَّم واحدٌ قط إلى القضاء الطبيعي، والعدد القليل الذي حوكم إنما حوكم أمام القضاء العسكري الذي هو فرعٌ للسلطة التنفيذية، ولا يمتلك قضاته الحصانة ولا الحيدة ولا الاستقلال الذي يتمتع به القاضي الطبيعي، ومن ثم يكون الخصم هو الحكم.
ويتهموننا دائمًا بالسعي لقلب نظام الحكم، والدعوة إلى تعطيل الدستور والقانون ومؤسسات الدولة، والسؤال: من الذي يعبث بالدستور والقانون ويعطِّلهما بقانون الطوارئ الذي لا يوجد مبرِّر واحد لبقائه؟ ومن الذي يعطِّل أحكام القضاء ويعتدي على استقلال القضاة ويسعى لتطويعهم وإخضاعهم؟ ثم إن ما يزيد على ثلاثين ألفًا من الإخوان المسلمين تمَّ اعتقالهم خلال فترة حكم النظام الحالي وبعضهم اعتُقل ما يزيد على عشر مرات، وتمَّ توجيه هذه التهم لهم، ومع ذلك لم يقدَّم واحدٌ قط إلى القضاء الطبيعي، والعدد القليل الذي حوكم إنما حوكم أمام القضاء العسكري الذي هو فرعٌ للسلطة التنفيذية، ولا يمتلك قضاته الحصانة ولا الحيدة ولا الاستقلال الذي يتمتع به القاضي الطبيعي، ومن ثم يكون الخصم هو الحكم.


   
   
وقد بدءوا في الآونة الأخيرة يتهمون أفرادًا منا بغسيل الأموال وبملكية أرقام فلكية من الأموال؛ حتى زعموا في قضية نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر والمجموعة التي قُدِّمت معه إلى المحكمة العسكرية؛ أن ثروتهم بلغت مليارًا ونصف المليار جنيه، في حين جاء تقرير لجنة الخبراء الماليين أن قيمة شركاتهم وأموالهم لا تتعدَّى 24 مليون جنيه؛ أي أنهم ضخَّموا المبلغ أكثر من اثنين وستين ضعفًا، ولقد علَّق أحد الظرفاء على رقم الـ24 مليونًا بأنه أقل من قيمة (شبكة الخطوبة) التي قدمها أمين التنظيم بالحزب الوطني لخطيبته، ثم إننا لو نظرنا إلى هذا الرقم لوجدنا جزءًا منه ورثوه من ذويهم، وجزءًا آخر كان حصيلة عمل حوالي عشرين من رجال الأعمال وكدِّهم وكدحهم طيلة ثلاثين عامًا، فهل هذا أمرٌ غير عادي؟ وإذا كان كذلك فهل العادي أن تبلغ ثروة فرد واحد أربعين مليار جنيه في خلال عشرة أعوام لأنه يعمل في مجال الثروة والسلطة معًا؟!
وقد بدءوا في الآونة الأخيرة يتهمون أفرادًا منا بغسيل الأموال وبملكية أرقام فلكية من الأموال؛ حتى زعموا في قضية نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر والمجموعة التي قُدِّمت معه إلى المحكمة العسكرية؛ أن ثروتهم بلغت مليارًا ونصف المليار جنيه، في حين جاء تقرير لجنة الخبراء الماليين أن قيمة شركاتهم وأموالهم لا تتعدَّى 24 مليون جنيه؛ أي أنهم ضخَّموا المبلغ أكثر من اثنين وستين ضعفًا، ولقد علَّق أحد الظرفاء على رقم الـ24 مليونًا بأنه أقل من قيمة (شبكة الخطوبة) التي قدمها أمين التنظيم بالحزب الوطني لخطيبته، ثم إننا لو نظرنا إلى هذا الرقم لوجدنا جزءًا منه ورثوه من ذويهم، وجزءًا آخر كان حصيلة عمل حوالي عشرين من رجال الأعمال وكدِّهم وكدحهم طيلة ثلاثين عامًا، فهل هذا أمرٌ غير عادي؟ وإذا كان كذلك فهل العادي أن تبلغ ثروة فرد واحد أربعين مليار جنيه في خلال عشرة أعوام لأنه يعمل في مجال الثروة والسلطة معًا؟!


   
   
 
ولم يكتفِ خيال الأكاذيب الخصب بما سبق، وإنما راح ينسج حكاياتٍ عن تكوين بؤر إرهابية وإرسال أفراد إلى المناطق الساخنة للتدريب على السلاح للقيام بأعمال تخريبية داخل [[مصر]]، ويبدو أن المسألة (وسعت) منهم كثيرًا هذه المرة، فالذي يعرفه القاصي والداني أننا في أواسط سبعينيات القرن الماضي اختلفنا مع جماعات العنف وفاصلناهم، وناهضنا أفكارهم، ونحن شباب، وتحمَّلنا اتهاماتهم لنا بالجبن والقعود والتخلي والعمالة، وأنقذنا عشرات الآلاف من الشباب من اعتناق هذا الفكر، وأدنَّا كلَّ أعمال العنف والإرهاب أيًّا كان مصدرها في تسعينيات القرن الماضي، وحمَينا البلد باجتذاب الشباب إلى فكرنا المعتدل ومنهجنا السلمي، من فتنة جائحة وحمَّامات دماء؛ لأننا نؤمن بـ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ (المائدة: من الآية 32).
ولم يكتفِ خيال الأكاذيب الخصب بما سبق، وإنما راح ينسج حكاياتٍ عن تكوين بؤر إرهابية وإرسال أفراد إلى المناطق الساخنة للتدريب على السلاح للقيام بأعمال تخريبية داخل مصر، ويبدو أن المسألة (وسعت) منهم كثيرًا هذه المرة، فالذي يعرفه القاصي والداني أننا في أواسط سبعينيات القرن الماضي اختلفنا مع جماعات العنف وفاصلناهم، وناهضنا أفكارهم، ونحن شباب، وتحمَّلنا اتهاماتهم لنا بالجبن والقعود والتخلي والعمالة، وأنقذنا عشرات الآلاف من الشباب من اعتناق هذا الفكر، وأدنَّا كلَّ أعمال العنف والإرهاب أيًّا كان مصدرها في تسعينيات القرن الماضي، وحمَينا البلد باجتذاب الشباب إلى فكرنا المعتدل ومنهجنا السلمي، من فتنة جائحة وحمَّامات دماء؛ لأننا نؤمن بـ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ (المائدة: من الآية 32).


   
   
 
كما أن رأس الدولة ذاته قد أقرَّ في حديثه لجريدة فرنسية أن [[الإخوان]] لا يمارسون العنف وإنما يترشَّحون في الانتخابات، وسعدنا كلَّ السعادة حينما راجعت جماعات العنف أفكارها، وعادت لما كنا ندعوها إليه، أفبعد هذا كله، وبعدما اشتعلت رؤوسنا شيبًا ووهَنَت العظام منا؛ نتخلَّى عن منهجنا الحكيم وحكمتنا الرصينة، ونعمل للإرهاب؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
كما أن رأس الدولة ذاته قد أقرَّ في حديثه لجريدة فرنسية أن الإخوان لا يمارسون العنف وإنما يترشَّحون في الانتخابات، وسعدنا كلَّ السعادة حينما راجعت جماعات العنف أفكارها، وعادت لما كنا ندعوها إليه، أفبعد هذا كله، وبعدما اشتعلت رؤوسنا شيبًا ووهَنَت العظام منا؛ نتخلَّى عن منهجنا الحكيم وحكمتنا الرصينة، ونعمل للإرهاب؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.


   
   
أيها الناس.. إن لم تتقوا الله فينا، ودفعتكم كراهيتكم لنا للافتراء علينا؛ فعلى الأقل احترِموا عقول الناس حتى يحترمكم الناس.
أيها الناس.. إن لم تتقوا الله فينا، ودفعتكم كراهيتكم لنا للافتراء علينا؛ فعلى الأقل احترِموا عقول الناس حتى يحترمكم الناس.


   
   
إن كل ما تنسبونه إلينا يزيد الناس- بفضل الله- تعاطفًا معنا، ويجمع قلوبهم حولنا، وما حدث في 2005م خير برهان على ذلك.
إن كل ما تنسبونه إلينا يزيد الناس- بفضل الله- تعاطفًا معنا، ويجمع قلوبهم حولنا، وما حدث في 2005م خير برهان على ذلك.


   
   
 
إنني لن أندهش لو قلتم إننا سبب السحابة السوداء أو إنفلونزا الطيور أو حتى الخنازير أو الأزمة الاقتصادية العالمية!! ألم يقف في مجلس الشعب لواء شرطة سابق (أمن دولة) وهو في ذات الوقت وكيل لجنة الأمن القومي ليقول: إن [[الإخوان]] هم الذين يقفون خلف سفَّاح المعادي الذي كان يتحرَّش بالنساء ويمزق ثيابهنَّ، والآن وبعد أن تمَّ القبض عليه وتبيَّن أنه شابٌّ منحرفٌ وحوكم وأدين، فهلا شعر هذا الضابط السابق بشيء من الخجل أو لذعة الضمير أو قدَّم اعتذارًا لا [[للإخوان]] الذين بهتهم- فهذا غير متصوَّر- ولكن للشعب الذي ضلَّله.
إنني لن أندهش لو قلتم إننا سبب السحابة السوداء أو إنفلونزا الطيور أو حتى الخنازير أو الأزمة الاقتصادية العالمية!! ألم يقف في مجلس الشعب لواء شرطة سابق (أمن دولة) وهو في ذات الوقت وكيل لجنة الأمن القومي ليقول: إن الإخوان هم الذين يقفون خلف سفَّاح المعادي الذي كان يتحرَّش بالنساء ويمزق ثيابهنَّ، والآن وبعد أن تمَّ القبض عليه وتبيَّن أنه شابٌّ منحرفٌ وحوكم وأدين، فهلا شعر هذا الضابط السابق بشيء من الخجل أو لذعة الضمير أو قدَّم اعتذارًا لا للإخوان الذين بهتهم- فهذا غير متصوَّر- ولكن للشعب الذي ضلَّله.


   
   
وأمام هذا السيل الجارف من الأكاذيب لا نجد ما نقوله خيرًا من قول مؤمن آل فرعون ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ (غافر: 44-45).
وأمام هذا السيل الجارف من الأكاذيب لا نجد ما نقوله خيرًا من قول مؤمن آل فرعون ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ (غافر: 44-45).


   
   
إن هذا السلوك الظالم إنما يضرُّ بمصلحة الوطن والمواطن ويفقد الناس الإحساس بالعدل والعدالة، وبالتالي يفقدهم الولاء والتضحية من أجل الوطن، ويفقد الوطن قطاعًا شريفًا مخلصًا من مواطنيه، لا يبغون علوًّا في الأرض ولا فسادًا، ولا ينافسون على المناصب والشهوات، وإنما يسعون لإصلاحها ابتغاء وجه الله، ويمدُّون أيديَهم إلى جميع المخلصين للعمل لصالح الوطن والمجتمع، ويفتحون قلوبهم وعقولهم لكافة أطياف المجتمع لحوارٍ جادٍّ لإخراج البلد من المأزق الذي وقع فيه؛ حتى لا تذهب ريحُه وتتبدَّد قوتُه ويتجاوزه الزمن.. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ.. ﴾ (الرعد: من الآية 17).
إن هذا السلوك الظالم إنما يضرُّ بمصلحة الوطن والمواطن ويفقد الناس الإحساس بالعدل والعدالة، وبالتالي يفقدهم الولاء والتضحية من أجل الوطن، ويفقد الوطن قطاعًا شريفًا مخلصًا من مواطنيه، لا يبغون علوًّا في الأرض ولا فسادًا، ولا ينافسون على المناصب والشهوات، وإنما يسعون لإصلاحها ابتغاء وجه الله، ويمدُّون أيديَهم إلى جميع المخلصين للعمل لصالح الوطن والمجتمع، ويفتحون قلوبهم وعقولهم لكافة أطياف المجتمع لحوارٍ جادٍّ لإخراج البلد من المأزق الذي وقع فيه؛ حتى لا تذهب ريحُه وتتبدَّد قوتُه ويتجاوزه الزمن.. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ.. ﴾ (الرعد: من الآية 17).


ـــــــــــــــــــ
'''المصدر : نافذة [[مصر]]'''
 
* عضو مكتب الإرشاد بجماعة [[الإخوان المسلمين]].
 
 
 
'''المصدر : نافذة مصر'''
 


[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
 
[[تصنيف:أراء وأفكار]]
 
[[تصنيف:أراء وأفكار سياسية]]
[[تصنيف:منوعات إخوانية]]
[[تصنيف:أراء كبار الإخوان]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٢١:١٧، ١٤ ديسمبر ٢٠١٠

الاعتقالات والافتراءات.. أسبابها وموقفنا منها



بقلم / د. محمود غزلان

الدكتور / محمود غزلان

الذي يحمل دعوة الإسلام ويسعى للإصلاح على منهجه؛ يعلم علم اليقين أنه يعمل لله ويبتغي وجهه الكريم، وينفسح تصوُّرُه ليشمل منهجُه الإصلاحيُّ كلَّ جوانب الحياة، بدءًا من العقيدة والعبادة والأخلاق، وانتهاءً بالسياسة والاقتصاد والاجتماع، ويشمل أيضًا الدنيا والآخرة معًا، فلن تنصلح الآخرة إلا بصلاح الدنيا، كما أن الآخرة هي مجالُ الحساب والجزاء، وهذا اليقينُ هو سبيلُ إحياء الضمير الفردي والجماعي.


ويعلم المسلم المصلح أيضًا أن الصراع بين الحق والباطل والخير والشر والعدل والظلم والصلاح والفساد والحرية والاستبداد؛ صراعٌ مستمرٌّ، وأن الابتلاء والمحن سنةٌ من سنن الدعوات، وأن التضحيات والآلام ضريبةٌ لازمةٌ لا بد أن يدفعها المصلحون، وما أكثر الآيات والأحاديث التي أكدت ذلك، ومنها: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214).. ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142).. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة: 155- 157).. ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت: 2، 3).


كما أن الأنبياء جميعًا- بلا استثناء- قد تعرَّضوا للمحن والابتلاءات، وهم أكرم الخلق على الله، ولقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء عليهم السلام، ضربه قومه وأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".


والمسلم المصلح يعلم أيضًا أن النصر لا يكون دائمًا بإزاحة خصمه والظهور عليه، وإنما يكون دائمًا بالثبات على المبدأ والتمسك به، حتى ولو كان يُسامُ سوء العذاب وتشوَّه سمعته، بل ولو استُشهد، فغلام أصحاب الأخدود وبلال بن رباح وعمار بن ياسر وخباب بن الأرت وسحرة فرعون كانوا هم المنتصرين؛ لأن الدنيا مرتبطةٌ بالآخرة في تصور المسلم، والفوز في الآخرة هو الهدف الأسمى، كما أن التضحية من أجل المبدأ هي السبيل لتعميق جذوره ونشر فروعه وإقناع الناس به وجمعهم حوله.


كما أنه يؤمن بأن الظلم وخيم العاقبة إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء﴾ (إبراهيم: 42، 43)، ويعلم أن واجبه أن يمتثل أمر الله في العمل للإصلاح ودفع الفساد؛ بما لا يحقق فسادًا مساويًا أو زائدًا، ومن ثم يرفض أن يكون سببًا لإثارة فتنة عامة أو إراقة دم من أي الأطراف.. ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة: 251)، وأن النتائج بيد الله، وأن الله تعالى سيحاسبه على عمله وليس على تحقيق النتائج.

سجن.png

على هذه المبادئ وأمثالها يتربَّى الفرد المسلم، فينفسحُ تصوُّرُه، وتعلو همَّتُه، وتكبر نفسُه، وتستعلي على حظوظها، ومن ثمَّ تختلف تصرفاته عن تصرفات غيره الذي لم يتربَّ على هذه المبادئ.


أقول هذا لأولئك الذين استبدَّ بهم الغضب من الصحفيين والسياسيين والشباب، الذين رأوا وتيرة التصعيد الظالم من قِبَل النظام الحاكم في صورة حملات أمنية متتابعة، تعتقل كبارنا ومسئولينا، وتلفِّق لهم التُّهم وتُلقي بهم في السجون، فراح هؤلاء الغاضبون- وبافتراض حسن نياتهم جميعًا- يحرِّضوننا على التصدي لهذا الظلم ومقابلة العنف والإرهاب الحكومي بإجراءات ثورية واحتجاجية في الشوارع؛ ثأرًا للنفس وإذهابًا للغيظ وردعًا للنظام من الاسترسال في بغيه وبطشه، حسب تصورهم.


ونحن نعلم أن الظلم شديد الوقْع، مرير الطعْم، طالما تجرَّعناه، ولكننا لا نثأر لأنفسنا، ولا نلجأ للعنف خصوصًا والنظام كلما ازداد فشله في تحقيق مراده وزادت كراهية الناس ورفضهم له؛ كلما ازدادت شراسته وعدوانيته على الناس وعلى حقوقهم وعلى القانون والدستور وسائر المبادئ والقيم.


ولو ذهبنا نستكشف أسباب هذا التصعيد الظالم لوجدنا أنه تقاطعُ المصالح المحلية مع المخططات الدولية، فقضية فلسطين ومحاولة تصفيتها بالسعي لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية، وإحكام الحصار حولها، وتوظيف أنظمة الحكم التابعة للغرب في ذلك بالتنازل عن القدس وعن حق العودة، وإقامة دولة مسخ مقطعة الأوصال منزوعة السيادة منهوبة الأرض.. كل ذلك لا يتصدَّى له بالدرجة الأولى إلا الإسلاميون، كما أن النظام يسعى للانتقام من كلِّ من نَصَر أهل غزة في دفاعهم عن أنفسهم إبَّان العدوان الصهيوني عليهم، إضافةً إلى فشل النظام في سياساته الداخلية، يدفعه دفعًا إلى إقصاء القوة التي تقدِّم البديل على المستوى النظري وجزءًا من الخدمات في حدود الطاقة على المستوى العملي، كما أنها تتصدَّى للاستبداد ومصادرة حريات الشعب والفساد والاستيلاء على الثروات، كما أنها ترفض تمرير التوريث، وتزوير الانتخابات التشريعية والرئاسية.


كل هذه المواقف الشرعية والوطنية والقومية والإنسانية المنحازة إلى الحق؛ يعتبرها النظام الظالم مواقفَ عدائيةً، يصبُّ من أجلها جام غضبه على الجماعة في صورة هذه الحملات الأمنية والاعتقالات المتكررة والمتصاعدة.


إن العمل العام في الدول المحترمة يقوم على التنافس الشريف بين الفرقاء في خدمة عموم الناس، وتحسين أحوالهم، وتحقيق آمالهم، والارتقاء بالوطن، وتحقيق أمنه القومي، ولكن الأمر عندنا يقوم على نفي الآخر، وتشويه صورته، وصناعة هالة من الأكاذيب والافتراءات حوله، فتارةً يصفوننا بأننا جماعة محظورة بغية مصادرة حقنا في الدعوة والعمل والحركة لخدمة المجتمع، والسؤال: من الذي حظرنا والشعب منحنا ثقته في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة بنسبة تقترب من 60% في الوقت الذي منح الحزب الوطني نسبةً أقل من 30%، رغم التزوير الذي وصل إلى حدِّ القتل والإصابة ومنع الناخبين والاعتداء عليهم، واعتقال المؤيدين؟! فمن الأولى بالشرعية؟!


ويتهموننا دائمًا بالسعي لقلب نظام الحكم، والدعوة إلى تعطيل الدستور والقانون ومؤسسات الدولة، والسؤال: من الذي يعبث بالدستور والقانون ويعطِّلهما بقانون الطوارئ الذي لا يوجد مبرِّر واحد لبقائه؟ ومن الذي يعطِّل أحكام القضاء ويعتدي على استقلال القضاة ويسعى لتطويعهم وإخضاعهم؟ ثم إن ما يزيد على ثلاثين ألفًا من الإخوان المسلمين تمَّ اعتقالهم خلال فترة حكم النظام الحالي وبعضهم اعتُقل ما يزيد على عشر مرات، وتمَّ توجيه هذه التهم لهم، ومع ذلك لم يقدَّم واحدٌ قط إلى القضاء الطبيعي، والعدد القليل الذي حوكم إنما حوكم أمام القضاء العسكري الذي هو فرعٌ للسلطة التنفيذية، ولا يمتلك قضاته الحصانة ولا الحيدة ولا الاستقلال الذي يتمتع به القاضي الطبيعي، ومن ثم يكون الخصم هو الحكم.


وقد بدءوا في الآونة الأخيرة يتهمون أفرادًا منا بغسيل الأموال وبملكية أرقام فلكية من الأموال؛ حتى زعموا في قضية نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر والمجموعة التي قُدِّمت معه إلى المحكمة العسكرية؛ أن ثروتهم بلغت مليارًا ونصف المليار جنيه، في حين جاء تقرير لجنة الخبراء الماليين أن قيمة شركاتهم وأموالهم لا تتعدَّى 24 مليون جنيه؛ أي أنهم ضخَّموا المبلغ أكثر من اثنين وستين ضعفًا، ولقد علَّق أحد الظرفاء على رقم الـ24 مليونًا بأنه أقل من قيمة (شبكة الخطوبة) التي قدمها أمين التنظيم بالحزب الوطني لخطيبته، ثم إننا لو نظرنا إلى هذا الرقم لوجدنا جزءًا منه ورثوه من ذويهم، وجزءًا آخر كان حصيلة عمل حوالي عشرين من رجال الأعمال وكدِّهم وكدحهم طيلة ثلاثين عامًا، فهل هذا أمرٌ غير عادي؟ وإذا كان كذلك فهل العادي أن تبلغ ثروة فرد واحد أربعين مليار جنيه في خلال عشرة أعوام لأنه يعمل في مجال الثروة والسلطة معًا؟!


ولم يكتفِ خيال الأكاذيب الخصب بما سبق، وإنما راح ينسج حكاياتٍ عن تكوين بؤر إرهابية وإرسال أفراد إلى المناطق الساخنة للتدريب على السلاح للقيام بأعمال تخريبية داخل مصر، ويبدو أن المسألة (وسعت) منهم كثيرًا هذه المرة، فالذي يعرفه القاصي والداني أننا في أواسط سبعينيات القرن الماضي اختلفنا مع جماعات العنف وفاصلناهم، وناهضنا أفكارهم، ونحن شباب، وتحمَّلنا اتهاماتهم لنا بالجبن والقعود والتخلي والعمالة، وأنقذنا عشرات الآلاف من الشباب من اعتناق هذا الفكر، وأدنَّا كلَّ أعمال العنف والإرهاب أيًّا كان مصدرها في تسعينيات القرن الماضي، وحمَينا البلد باجتذاب الشباب إلى فكرنا المعتدل ومنهجنا السلمي، من فتنة جائحة وحمَّامات دماء؛ لأننا نؤمن بـ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ (المائدة: من الآية 32).


كما أن رأس الدولة ذاته قد أقرَّ في حديثه لجريدة فرنسية أن الإخوان لا يمارسون العنف وإنما يترشَّحون في الانتخابات، وسعدنا كلَّ السعادة حينما راجعت جماعات العنف أفكارها، وعادت لما كنا ندعوها إليه، أفبعد هذا كله، وبعدما اشتعلت رؤوسنا شيبًا ووهَنَت العظام منا؛ نتخلَّى عن منهجنا الحكيم وحكمتنا الرصينة، ونعمل للإرهاب؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.


أيها الناس.. إن لم تتقوا الله فينا، ودفعتكم كراهيتكم لنا للافتراء علينا؛ فعلى الأقل احترِموا عقول الناس حتى يحترمكم الناس.


إن كل ما تنسبونه إلينا يزيد الناس- بفضل الله- تعاطفًا معنا، ويجمع قلوبهم حولنا، وما حدث في 2005م خير برهان على ذلك.


إنني لن أندهش لو قلتم إننا سبب السحابة السوداء أو إنفلونزا الطيور أو حتى الخنازير أو الأزمة الاقتصادية العالمية!! ألم يقف في مجلس الشعب لواء شرطة سابق (أمن دولة) وهو في ذات الوقت وكيل لجنة الأمن القومي ليقول: إن الإخوان هم الذين يقفون خلف سفَّاح المعادي الذي كان يتحرَّش بالنساء ويمزق ثيابهنَّ، والآن وبعد أن تمَّ القبض عليه وتبيَّن أنه شابٌّ منحرفٌ وحوكم وأدين، فهلا شعر هذا الضابط السابق بشيء من الخجل أو لذعة الضمير أو قدَّم اعتذارًا لا للإخوان الذين بهتهم- فهذا غير متصوَّر- ولكن للشعب الذي ضلَّله.


وأمام هذا السيل الجارف من الأكاذيب لا نجد ما نقوله خيرًا من قول مؤمن آل فرعون ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ (غافر: 44-45).


إن هذا السلوك الظالم إنما يضرُّ بمصلحة الوطن والمواطن ويفقد الناس الإحساس بالعدل والعدالة، وبالتالي يفقدهم الولاء والتضحية من أجل الوطن، ويفقد الوطن قطاعًا شريفًا مخلصًا من مواطنيه، لا يبغون علوًّا في الأرض ولا فسادًا، ولا ينافسون على المناصب والشهوات، وإنما يسعون لإصلاحها ابتغاء وجه الله، ويمدُّون أيديَهم إلى جميع المخلصين للعمل لصالح الوطن والمجتمع، ويفتحون قلوبهم وعقولهم لكافة أطياف المجتمع لحوارٍ جادٍّ لإخراج البلد من المأزق الذي وقع فيه؛ حتى لا تذهب ريحُه وتتبدَّد قوتُه ويتجاوزه الزمن.. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ.. ﴾ (الرعد: من الآية 17).

المصدر : نافذة مصر