البنا: الإخوان يطالبون بممارسة حقوقهم الدستورية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
البنا: الإخوان يطالبون بممارسة حقوقهم الدستورية
13-06-2005

حوار- محمد العدس

أكد أحمد سيف الإسلام حسن البنا- الأمين العام لنقابة المحامين المصريين والمحامي الإخواني الشهير- أنه لا يوجد إسلام شرقي وإسلام غربي، وأن ما يُقال في هذا الصدد يخالف حقيقة الأمر، خاصةً وأنَّ الإسلام دين لكل العصور وكل المجتمعات، وقال إنَّ الإفكار التي ينادي بها ابن شقيقته الداعية الشاب طارق رمضان حفيد الشهيد حسن البنا لا تتعارض في مجملها مع ما تدعو إليهجماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت تحتاج إلى قراءةٍ متأنيةٍ حتى يكون الحكم عليها موضوعيًّا، مضيفًا أن ما وصل إليه من مؤلفات طارق رمضان قليل من كثير ولم تتم ترجمته الترجمة الدقيقة.

وأكد سيف الإسلام في حواره مع جريدة الراية القطرية يوم السبت 11/6/2005م أنَّ مسألة تطبيق الحدود في المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى ضوابط معينة، خاصةً وأنَّ الإسلام يُواجه بحربٍ شعواء من مختلف الاتجاهات في الداخل والخارج، وقال إنه على الغرب أن يتقبل وجود الأقليات المسلمة حتى تستطيع أن تندمج في المجتمع وتكون نسيجًا أساسيًّا فيه.

وحول العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين السلطة في مصر، قال سيف الإسلام: إنه على عكس ما تردده الحكومة بأنَّ جماعة الإخوان المسلمين جماعة محظورة فإنَّ الواقع يعكس الوجود الحقيقي للجماعة في الشارع المصري، والدليل على ذلك مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية والنقابية.

وقال إنَّ الإخوان المسلمين بحكم استمرارهم في العمل الشعبي الدائم ولفترة طويلة بنشاط وعزيمة قوية جعلتهم يستطيعون تنظيم "تكتل" شعبي يُقال عنه إنه أقوى التنظيمات المنضبطة في الشارع السياسي المصري.

وأكد خلال الحوار أنَّ جماعة الإخوان المسلمين شهدت خلال الفترة الأخيرة تطورًا ونشاطًا سياسيًّا ملحوظًا، خاصةً بعد أن أعلن الرئيس مبارك عن مبادرته بتغيير المادة (76) من الدستور، وقامت بعدها مظاهرات منظمة، ولكن الحكومة قمعت ومنعت هذه التظاهرات السلمية قمعًا شديدًا وتحرَّشت بجماعة الإخوان المسلمين، واعتقلت العديد من أعضائها مما أدَّى إلى مقتل الشهيد طارق غنَّام في المنصورة أثناء التظاهرات.

وبالنسبة للعداء المتواصل من قبل السلطة ضد جماعة الإخوان المسلمين، أكد سيف الإسلام البنا أنَّ السبب الرئيسي هو فقدان الثقة بين الحكومة والإخوان فيما أن الحكومة لا تصدق أنَّ الهدف الحقيقي للجماعة هو الإصلاح ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ﴾ (هود: من الآية 88).

وأضاف أنَّ الإخوان المسلمين لو وجدوا حاكمًا يسير في الطريق الصحيح لما عارضوه ودعوا له بالنصر والتوفيق، ولكن الأوضاع في مصر تسير على غير هذا النمط، وبالتالي فالجماعة تعارض معارضة موضوعية لا تهدف إلا للصالح العام، والدليل أنهم منذ عام 74 لم يرتكبوا جريمة واحدة ولم يُقبض على أي فردٍ منهم في قضية عنف، وللأسف ما زالت الحكومة تصر على اتهامهم بالعنف ظلمًا وعدوانًا.

وقال إنَّ كل ما يطالب به الإخوان حاليًا هو ممارسة حقوقهم الدستورية المنصوص عليها في الدستور، وهو أن تطبق الحكومة نص المادة الثانية من الدستور "الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع"، إلا أن ردَّ الحكومة على هذا المطلب بأنَّ جماعة الإخوان تريد قلب نظام الحكم.

وأكد أنَّه تمَّ بالفعل طبع العديد من الإصدارات لكل الأدبيات والمقالات الخاصة بالشهيد حسن البنا وتمَّ إصدار الجزء الأول منها فيما يخص تفسير القرآن الكريم وطبعته إحدي دور النشر في الكويت معربًا عن أمله في ألا تقوم الحكومة بمصادرة هذه الإصدارات.

وعن رأيه فيما أثاره طارق رمضان- حفيد حسن البنا- عن اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الأوروبية، قال سيف الإسلام إنَّ الدعوة لإسلام أوروبي من حيث الشكل نرفضها فليس هناك إسلام أوروبي وإسلام شرقي، فالإسلام واحد والإسلام بطبيعته قادر على التكيف مع كل المجتمعات مهما كانت درجة الاختلاف فيما بينها، وهو لا يحدد إلا الثوابت والكليات، أما الفرعيات فالاجتهاد فيها مفتوح لظروف كل مجتمع بما يحقق مصالح الناس ومنافعهم.

وقال ما الضرر الواقع على المجتمعات الغربية إذا تمسَّك المسلمون بعقائدهم الفردية دون المساس بحقوق غيرهم من المواطنين، فليس هناك مشكلة في الاندماج، ولكن المشكلة أن يعترف كل واحد بالآخر.

وعن دعواه بتعليق العقوبات الجسدية والحدود قال إنَّ طارق رمضان شاب ذكي جدَّا استطاع أن يعيش وسط المجتمعات الأوروبية، ولكن الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بعث للاستفسار عن هذه الدعوى التي أطلقها حفيد حسن البنا، ولكن إنَّ الحدود لا تطبق إلا أذا توافرت كافة الشروط لتطبيقها، وهذا صعب جدًّا، وأرى أنها دعوة صريحة وصحيحة.. وإلى نص الحوار:

  • ماذا عن رؤيتكم حول أوضاع الإخوان المسلمين في مصر؟ ولماذا تتباعد الهوة بينهم وبين السلطة للدرجة التي أصبح معها مشهد الاعتقالات اليومي لأعضاء وقيادات الحركة اعتياديًّا؟
المتابع للمشهد السياسي في مصر لا يستطيع أن يغفل الوجود الحقيقي للإخوان المسلمين في مصر، إلا أنَّ الدولة، تمارس نوعًا من الازدواجية؛ حيث إنها لا تريد أن ترى الأمور على حقيقتها؛ حيث لا تعترف بهذا الوجود وتطلق على الإخوان (الجماعة المحظورة)، وذلك على الرغم من أن الإخوان يمارسون حقوقهم السياسية والدستورية في كافة الانتخابات النيابية والنقابات المهنية، والإخوان بحكم استمراريتهم في العمل الشعبي الدائم ولفترة طويلة بنشاط وعزيمة قوية استطاعوا تنظيم تكتل شعبي يُقال عنه إنه أقوى التنظيمات المنضبطة في الشارع السياسي المصري، ويؤيد ذلك نتيجة الانتخابات البرلمانية، وكذلك انتخابات النقابات.
والحقيقة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها أن دعوة الإخوان المسلمين قد سجَّلت الحصول على أعلى الإصوات والمقاعد في تلك المجالس والنقابات مثل نقابة المحامين التي يمثل التيار الإسلامي فيها بأكثر من 80% من مقاعد النقابة على مدى ثلاث دورات متتالية، بالإضافة إلى أنَّ مجلس الشعب يضم الآن في دورته الحالية17 عضوًا من جماعة الإخوان المسلمين-خرج منهم اثنان.
وفي الفترة الأخيرة شهدت جماعة الإخوان المسلمين نشاطًا سياسيًّا ملحوظًا منذ أن أعلن الرئيس مبارك عن مبادرته بتعديل المادة (76) من الدستور، وهذه المبادرة أدَّت إلى وجود حوار ونشاط سياسي، وقامت عدة مظاهرات لبعض الأحزاب وتوجهت إلى البرلمان لعرض مطالبها وظهرت أيضًا على الساحة حركة (كفاية) بشعاراتها المعروفة ومبادئها المطالبة بالتغيير الشامل.
احدى مظاهرات الاخوان
وكان من الطبيعي أن يتظاهر الإخوان المسلمون كغيرهم من الأحزاب والجماعات إعمالاً بنص المادة (54) من الدستور، والتي تتيح للمواطن حق التظاهر السلمي، خاصةً وأنَّ تجمعات الإخوان المسلمين تتميز بالانضباط والخلق الفاضل الكريم فهي لا تسخر من أحد ولا تشتم أحدًا ولا تتعدي على أموالٍ خاصةٍ أو عامة.
وكان من المنتظر من الحكومة في مواجهة الظروف العصيبة التي شهدها العالم العربي والإسلامي أن تمد يدها للشعب، وأن تقوي الجبهة الداخلية ما دامت قد عزمت أن تمنح الشعب مزيدًا من الحرية السياسية المسلوبة، ولكن المفاجأة أنَّ الحكومة تقبلت هذه المظاهرات من كافة الأحزاب السياسية ولكنها قمعت مظاهرات الإخوان السلمية قمعًا شديدًا وتحرَّشت بها واعتدت على عدد من القائمين بها إلى حد مقتل الشهيد طارق غنَّام في المنصورة، فضلاً عن سقوط العشرات من المصابين والجرحي، واعتقلت الحكومة هؤلاء المتظاهرين دون غيرهم وساقتهم إلى النيابة العامة التي لا زالت تضعهم تحت الحبس الاحتياطي حتى اليوم يُعاملون معاملة قاسية لا تليق بهم ولا بأهدافهم النبيلة التي يحاكمون من أجلها.
سبب العداء هو فقدان الثقة بين الحكومة وبين جماعة الإخوان المسلمين ، فالحكومة لا تصدق أنَّ الهدف الحقيقي للجماعة هو الإصلاح، وأنهم يرفعون شعار (الله غايتنا)، ويتجهون إلى الله سبحانه وتعالي في كل أعمالهم وشعار (الرسول زعيمنا)، وهم يقتدون برسول الله- صلي الله عليه وسلم- في كل أفعالهم وأقوالهم.
والإخوان المسلمون إذا وجدوا حاكمًا يسير في الطريق الصحيح لما عارضوه، ودعوا له بالنصر، ولكن الأوضاع في مصر تسير على غير هذا النمط، وبالتالي فإن الإخوان المسلمين يعارضون معارضة موضوعية لا تهدف إلا للصالح العام، والدليل أنَّ الإخوان منذ الإفراج الأول عنهم في عام 1974 م لم يرتكبوا جريمة واحدة، ولم يقبض على أي فرد منهم في قضية من قضايا العنف، ولكن الحكومة لا زالت تصر على اتهامهم بالعنف ظلمًا وعدوانًا.
وفي هذا السياق أؤكد أنَّ الخلاف بين الإخوان وبين النظام يعود إلى سنوات بعيدة منذ قيام ثورة يوليو التي أرست للحكم العسكري في مصر ، والقائم حتى الآن ولم يترك لمصر أن تقيم دولة ديمقراطية قائمة على التعددية.
والأمر الذي يثير الدهشة والاستغراب أن مَن يتهمون الإخوان المسلمين بالعنف هم أكثر الناس استخدامًا للعنف في قمع الآخر، والدليل على ذلك ما حدث في المظاهرات الأخيرة.
وكل ما يطلبه الإخوان حاليًا أن يمارسوا حقوقهم الدستورية المنصوص عليها في الدستور، وهو أن تطبق الحكومة نص المادة الثانية من الدستور بأنَّ الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع.
  • تلقي الدعم من الخارج، اتهام يُساق الآن أمام العديد من القوى السياسية التي تطالب بإصلاح حقيقي في مصر.. ماذا عن نصيب الجماعة من هذا الاتهام؟
أستطيع أن أؤكد أنَّ جماعة الإخوان لا تتلقى أي دعم سواء من الحكومة مثل باقي الأحزاب أو من أي جهاتٍ خارجية مثل بعض المنظمات التي وجدت لنفسها طريقا ممهدًا في مصر .
  • العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الأحزاب العاملة في مصر دائمًا ما تشهد فترات من التقارب، وأخرى من التباعد حسب طبيعة المرحلة، ماذا عن هذه العلاقة؟
كنت عضوًا في اللجنة التي كلفت من قبل جماعة الإخوان بدعوة الأحزاب وتحدثت شخصيًّا مع الدكتور نعمان جمعة- رئيس حزب الوفد- ومع خالد محيي الدين، ومهدَّنا لهذا الحوار ثم بعد ذلك قمنا بزيارة الأحزاب المصرية في مقرها بما فيها حزب التجمع متجاوزين خلافتنا مع هذه الأحزاب والاتهامات البذيئة التي وجهها البعض إلى الجماعة في سبيل تكوين موقفٍ وطني واحد للمعارضة، ولكن الذي حدث بعد ذلك أنَّ هذه الأحزاب تباطأت في تفعيل هذه الدعوة التي أطلقها الإخوان فيما التقت هذه الأحزاب فيما بينهما لإجراء حوار.
الحكومة ترى أنَّ دعوة الإخوان للحوار الوطني قد تكون نوعًا من الاعتراف بوجودهم، وهي كالنعامة مصممة على أن تنكر هذا الوجود الذي يعرفه الأعمي والبصير.
  • كيف ترى متطلبات الإصلاح السياسي من أجل واقع أفضل في مصر والوطن العربي؟
أمضيت سنوات من عمري كنت عضوًا في لجنة التنسيق مع الأحزاب المصرية والقوى الوطنية وعقدنا العديد من اللقاءات والمؤتمرات السنوية، وانتهينا إلى أنَّ الإصلاح السياسي هو مفتاح الإصلاح، وهو مطلب جميع الأحزاب والقوى الوطنية من خلال إجراء الانتخابات وتعديل قوانين الانتخابات وممارسة الحقوق السياسية تعديلاً بكفل إجراء انتخابات حرة حقيقية دون أدنى تزييف أو تزوير أو تأثير على إرادة الشعب بالإغراء أو بالوعيد، ولن تقتنع القوى السياسية بأي إجراءات صورية أو شكلية لا تحقق هذه النتيجة بأنها تعتقد أنه من الاستخفاف بعقول المواطن عرض مثل هذه الإصلاحات الشكلية التي لم تؤدِ إلى شيء وتكون محصلتها صفرًا.
  • تطوير الخطاب الديني انتقل من كونه مطلبًا حقيقيًّا للمرحلة إلى أن أصبح شعارًا يرفعه الجميع.. ما رأيك في مقولة التطوير، وكيف يمكن أن يكون تطوير الخطاب الديني وسيلة جيدة للحديث عن حقيقة الإسلام ؟
بالنسبة لتطوير الخطاب الديني هو شعار جيد، ولكنه ليس بجديد؛ فالخطاب الديني الحقيقي هو الخطاب الذي وجهته جماعة الإخوان المسلمين في أدبياتها منذ أكثر من50 عامًا مضت وما زال هذا الخطاب الديني هو الخطاب الأمثل لليوم والغد.
فالإخوان المسلمون كما عبَّر عنهم الإمام الشهيد حسن البنا يؤمنون بوحدة الإنسانية، وبوحدة الرسالة السماوية، ونحن جميعا نتبع ملة إبراهيم حنيفًا ونؤمن بالأنبياء جميعًا، ونؤمن بأنه لا بد من الاختلاف بين بني البشر ولا بد أيضًا من التعايش بينهم، وأنَّ التاريخ دورته يتبع بعضها الآخر وأنه في الفترة الحالية الحضارة الغربية أرست حقوقًا اقتصادية وعلمية، وأننا في حاجة إلى الأخذ بما وصلت إليه الحضارة الغربية ولكن ذلك بحدود الاحتفاظ بسيادتنا على أوطاننا فلا نقبل استعمارًا أو تدخلاً في أمورنا السياسية، كما لا نقبل أي استغلال لثروتنا الطبيعية بل نطالب بالحفاظ على استقلالنا الاقتصادي وثروتنا ملك لنا، كما أنَّ ثروات الغرب ملك لهم، ومن الناحية الحضارية فنحن من حقنا أن نأخذ ما يتناسب مع هذه الحضارة مع عقائدنا وتقاليدنا وديننا دون سواه.
  • وما تقييمك للدعاوى الحالية نحو الإصلاح وإرساء دعائم الديمقراطية؟ ومن وجهة نظرك كيف تتحقق الديمقراطية الحقيقية في مجتمع لا يسمح فيه بتداول السلطة وفي ظل عدم وجود مناخ سياسي صحي؟
الديمقراطية في حقيقتها حق الشعب في اختيار مَن يحكمه وحق الشعب في مراقبة مَن يحكمه أيضًا فإذا أحسن فله أن يبقيه وإذا خرج عن الشرعية وظلم الشعب ولم يحقق آماله فللشعب أن يعزله، وهذا هو صلب الديمقراطية.
وإذا غابت هذه المعاني والالتزامات لا يبقى هناك ديمقراطية، وهذه كانت مشكلتنا الأساسية، وكانت أحد الثوابت التي كان يدعو إليها الشهيد حسن البنا ؛ لأنه كان يريد ديمقراطية صحيحة في مجتمع يتمتع بالحريات والتعددية، وكانت له سلسلة مقالات اقتصادية وسياسية تتناول هذه المشاكل.
الامام الشهيد حسن البنا
  • سمعنا أنك ستقوم بطبع مقالات الشهيد حسن البنا لتكون مرجعًا ثقافيًّا وتاريخيًّا.. فماذا عن ذلك؟
بدأنا فعلاً في إصدار كل أدبيات ومقالات الشهيد حسن البنا وجمعناها كلها وأصدرنا الجزء الأول منها فيما يخص تفسير القرآن الكريم تحت عنوان (مقاصد القرآن الكريم) وطبعته إحدى دور النشر في الكويت ، وسوف تصدر الأجزاء الباقية قريبًا جدًّا، كما أنَّ هناك دراسات عديدة عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ومواقف الإخوان في الفترة الأخيرة ستصدر إن شاء الله قريبًا ونأمل من الحكومة أن لا تصادر هذه المطبوعات؛ حيث صادرت العديد من المؤلفات الخاصة للشهيد حسن البنا وأغلقت العديد من دور النشر، وهذا كان سببًا رئيسيًّا في عملية التأخير في طباعة الإصدارات الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين .
  • من وجهة نظرك هل ترى أنَّ الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية كشفت عن عجز القومية العربية في مواجهة العداء الغربي؟ وهل الإسلام هو الحل لمواجهة هذه التحديات خاصةً في ظل احتلال العراق و فلسطين ؟
الواقع الحالي يؤكد بالفعل أنه لا بديل عن الإسلام كمنقذ للبشرية وللشعوب العربية والإسلامية بالذات، خاصةً بعد أن انهارت الأيدولوجيات اليسارية بكافة طوائفها رغم أن أقوى دولة في العالم كانت تحميها، وسقطت الحضارة الغربية حينما كشفت عن وجهها الحقيقي ولعدم تمسكها بالقيم الحضارية والمواثيق الدولية التي وصل إليها الإنسان في العصر الحديث، وحينما ألقت بهذه المواثيق دبت فيها الروح الاستعمارية القديمة والرغبة الأكيدة في احتلال الدول الصغري والاستيلاء على ثرواتها عنفًا، وليس من التزيد في القول إنَّ الأحداث الأخيرة العربية كشفت هي الأخرى عن عجز القومية العربية بمفهومها السائد في المنطقة عن الحفاظ على تقدم سوريا أو العراق أو الدفاع عن المنطقة في مواجهة التحدي الأخير لها.
والتيار الإسلامي هو الذي يعبر عن ضمير الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها، وقد بدا ذلك واضحًا في الاحتجاجات العالمية التي اندفعت في كافة أنحاء العالم الإسلامي والعربي للانتصار للمصحف الشريف حينما قامت بعض الجماعات بتدنيسه.
النبض الإسلامي هو الذي يقاوم في فلسطين ، وأثبت وجوده في الانتفاضة وفي العراق وصمد أمام الاحتلال : الصهيوني والأمريكي فيهما، وأعطى العدو درسًا لا يُنسى في المقاومة من أجل تحرير الأرض والوطن.
ولو أنَّ هذا النبض ومبادئ الإسلام الصحيحة هي التي كانت تسود العراق لما سمحت بأي تقسيم طائفي، فالإسلام هو دليل واقعي وهو الحل الوحيد الذي ينهي مشاكل العالم العربي والإسلامي، وصدقت مقولة الشهيد حسن البنا (الإسلام هو الحل)، وأنَّ المسلمين قوة واحدة عالمية يحسب لها ألف حساب.
  • أثار طارق رمضان جدلاً واسعًا في الغرب بسبب رؤاه حول بعض القضايا الإسلامية.. فكيف ترون هذه المسألة، خاصةًَ وأنه يدعو إلى اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الأوروبية بما يحقق لهم الاستقلال ماديًّا وفكريًّا عن مسلمي الشرق؛ أي أنه يدعو لإسلام أوروبي؟
أولاً هذا رأيه، وهو حر فيما يبديه من آراء، خاصةً وأنه شاب ذكي ومثقف وقارئ جيد جدًا، ولكن في رأيي أنه ليس هناك إسلام أوروبي وإسلام شرقي فالإسلام واحد.
لكن الإسلام بطبيعته قادر على التكيف مع مختلف المجتمعات مهما اختلفت كل بيئة عن الأخرى وهو لا يحدد إلا الثوابت والكليات، أما الفرعيات فالاجتهاد فيها مفتوح وفقًا لظروف كل مجتمع بما يحقق مصالح الناس ومنفعتهم.
وأنا لا أرى أنَّ هناك تعارضًا بين الأقليات المسلمة في الغرب وبين المجتمعات التي تتواجد فيها هذه الأقليات، فالعقائد والزي والسلوك والأمور الشخصية البحتة تحميها الحرية الفردية لكل مواطن، فهذه حريات تكفلها المجتمعات للمواطنين، والذي ننشده ونرجوه هو أن تطبق مبادئ الحرية الفردية واحترام إرادة الإنسان على المسلمين كما يُطبق على غيرهم من المواطنين الأوروبيين.
وعلى كل حال فإن الثورة المعلوماتية التي نعيشها الآن ستقرب بين الحضارات والمجتمعات، وثانيًا نحن إذا ناقشنا تعاليم الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية من الناحية المنطقية والقانونية البحتة لوجدنا بكل جدارة أنها الأصلح للمجتمع الإنساني وهي التي تحقق له الرخاء والتقدم والسعادة في حياته اليومية.
وبالنسبة للاندماج فهناك عشرات الطوائف تعيش في الغرب ولكل آراؤه وأفكاره، وهذا رأيي وأروي لك قصة حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية كنا في الإسماعيلية وشاهدنا بعض القرود مشحونة في سيارات للجيش البريطاني ومتوجهة بها من المطار إلى المعسكرات البريطانية وبالتحري عن هذا الأمر ثبت أنه كانت هناك قوات هندية تحت زعامة البريطانيين وأن هذه القوات كان من بينها مَن يعبدون القرود ورأت القيادة البريطانية أن تُوفر لهم القرود ليعبدوها فهذه حرية.
ولكن أقول ما الضرر الواقع على المجتمعات الغربية إذا تمسَّك المسلمون بعقائدهم الفردية وبأزيائهم الوطنية دون المساس بحقوق غيرهم من المواطنين، فليس هناك مشكلة في الاندماج في المجتمع، ولكن المشكلة أن يعترف كل واحد بالآخر.
  • وما تقييمك لدعوى طارق رمضان بالتعليق الفوري لمبدأ العقوبات الجسدية؟
طارق رمضان شاب ذكي جدًّا استطاع أن يتأقلم بسرعة مع المجتمعات الغربية مما جعله يشتهر بينهم كحفيد الشهيد حسن البنا ، وله العديد من المؤلفات التي كتبها باللغات الأجنبية يروج فيها مبدأ العدل الاجتماعي والحفاظ على الأفراد رجالاً كانوا أونساءً، فقراءً أو أغنياءً وهذا رأيه وهو حر فيما يرى، ومن جانبي فإنني لم أستطع الحصول على مؤلفاته الأخيرة، وسمعت أن صحيفة مغربية قامت بترجمة هذه المؤلفات مؤخرًا ولكنها ترجمة غير دقيقة.
وأرى أنَّ الحدود لا تطبق إلا إذا توافرت كافة الشروط لتطبيقها، وهذا صعب جدًّا فمثلاً حد الحرابة والسرقة والزنا الأصل فيها أن تُدرأ بالشبهات، وصيغة الحدود تحتاج لضمانات صعبة لكن إذا سقط الحد لا تسقط العقوبة التعزيرية التي تضمن صالح الفرد والمجتمع وتحقق العدالة فالعقوبة لا بد أن تتناسب مع الجرم الذي وقع، وتصل العقوبات التعزيرية من أقصي الحدود إلى عقوبة العفو، وترجع لسلطة القاضي في وضع العقوبة المناسبة عند اللجوء للعقوبات التعزيرية.
  • وما ردك على مقولة كل ما لا يتعارض مع قيمنا يجب أن نتبناه ونضيفه لتراثنا؟
أولاً ليس هناك صراع بين الحضارات، فالحضارات تتكامل فيما بينها ولا مانع أن نأخذ من الحضارة الغربية ما يفيد مجتمعاتنا الإسلامية، والغرب أخذ من الحضارة الإسلامية العديدَ من المفاهيم الصحيحة وطبقوها في تقاليدهم ومعاملتهم، ويجب أن نأخذ منهم بشرط ألا يتعارض مع قيمنا الإسلامية السمحة.
وكما قلت إنَّ طارق رمضان شاب طموح صاحب فكر وله آراء وأفكار، فيما أنه رغم فكره واندماجه في الغرب يُهاجَم هناك وهنا أيضًا، وهو ما جعله يشتهر في المجتمعات الغربية.

المصدر