البنا واستيعابه للنخبة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
البنا وأستيعابه للنخبة

أحمد شوشة

مقدمة

"لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها" قول للإمام مالك رحمه الله تعالى، قال عنها الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى: "جملة إن لم تكن من كلام النبوة، فإن عليها مسحة من النبوة، ولمحة من روحها، ووَمْضة من إشراقها"؛ ولذلك فإننا نعود إلى القرآن والحديث الشريف والسيرة المطهرة، وكذلك إلى الأئمة المجتهدين الذين أقاموا الدين قبل أن يتكلموا فيه، ومنهم الإمام حسن البنا مجدد الدين في هذا القرن من الزمان، وزمنه وزماننا عصر واحد متصل؛ فالأحداث ما زالت متتالية مترتبة بعضها على بعض منذ بداية دعوته إلى الآن، لذلك الأخذ عنه يناسب الواقع الذي نعيشه ولو اختلفت التفاصيل، بل ويفتح لنا آفاق التجديد والعمل في مستقبل الأيام.

ومن هنا نستعرض فقه وعمل هذا الرجل الرباني مع شريحة هامة من المجتمعات وهي النخب المؤثرة في قيادته وتوجيهه، والإمام البنا تحرك في مسارين، الأول: دعوة النخب الموجودة والتأثير فيها، والثاني: بتكوين جيل جديد من النخب أو الصفوة يحمل الفكرة الإسلامية في كافة مجالات الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والفنية وما إلى ذلك. وفي هذا المقال -إن شاء الله تعالى- أتحدث عن بعض مواقف استيعاب الإمام للنخب الموجودة في زمانه.

فقد حرص الإمام الداعية المربي حسن البنا على تربية الإخوان على دعوة المجتمع بكل مكوناته، ومنها النخب التي هي أعيان المجتمع؛ فالدعوات تستمد قوتها من قدرتها على استيعاب والتفاف المجتمع حول الدعوة؛ خاصة وأن الاصطدام مع أي من مكونات المجتمع وخاصة النخب يعيق الدعوة ويؤخرها، ولذلك كان -رحمه الله- يتعامل مع النخب باهتمام ودقة بالغة؛ فإما يكسبهم لمناصرة الدعوة، أو يتم تحييدهم بحيث لا يكونوا عائقًا في انطلاق الدعوة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك تجاهلهم، فإذا أبو إلا السفور بالعداء كان كريمًا في مخاطبتهم وبيان خطأ موقفهم: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ} (طه: ٤٤)

يقول الأستاذ البنا في رسالة المؤتمر الخامس:

"ونحن الآن وقد اشتد ساعد الدعوة وصلب عودها وأصبحت تستطيع أن توجِّه ولا توجَّه وأن تؤثر ولا تتأثر، نهيب بالكبراء والأعيان والهيئات والأحزاب أن ينضموا إلينا، وأن يسلكوا سبيلنا وأن يعملوا معنا وأن يتركوا هذه المظاهر الفارغة التي لا غناء فيها، ويتوحدوا تحت لواء القرآن العظيم، يستظلوا براية النبي الكريم ومنهاج الإسلام القويم، فإن أجابوا فهو خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة وتستطيع الدعوة بهم أن تختصر الوقت والجهود، وإن أبوا فلا بأس علينا أن ننتظر قليلا ونلتمس المعونة من الله وحده حتى يحاط بهم أو يسقط في أيديهم ويضطرون إلى العمل للدعوة أذنابا وقد كانوا يستطيعون أن يكونوا رؤساء: (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21)".

ومن أجل ذلك أنشأ الأستاذ البنا قسمًا للمعلومات، ففي ويكيبيديا الإخوان: "وعمل الدكتور محمود عساف أمينًا لقسم المعلومات مع الإمام الشهيد حسن البنا منذ أوائل عام ١٩٤٤حتى آخر عام ١٩٤٨م، وينحصر مجال عمل هذا القسم في جمع معلومات عن جميع الزعماء والمشاهير من رجال السياسة والفكر والأدب والفن، سواء كانوا من أعداء الإخوان أو أنصارهم، ثم ترد هذه المعلومات إلى الدكتور محمود عساف ليحتفظ بها في أرشيف، ليعود إليها كلما طلب أحد هؤلاء مقابلة الأستاذ الإمام أو اجتمع بالإمام لأية مناسبة من المناسبات، ويُذَّكر الإمام البنا بالمعلومات حتى تكون في خلفيته وهو يتحدث مع ذلك الشخص".

ولقد سار على نفس النهج الأساتذة المرشدون من بعده وبذلوا في ذلك جهدهم المشكور، واتخذوا في ذلك خطوات، منها: إنزال الناس منازلهم، والتواصل والسؤال، والحديث الطيب الصادق، والتعامل بود وحسن معاشرة، والتعاون بصدق في المجالات المشتركة، واحتواء الأزمات معهم إن حدثت؛ ولقد ساروا في سيرتهم هذه على منهج القرآن والحديث والسيرة أذكر منها:

يقول الله عز وجل:

{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين} (النحل: ١٢٥).

وفي الحديث الشريف

عن مَيْمُونَ بنِ أَبي شَبِيبٍ رحمه اللَّهُ أَن عَائشَةَ رَضي اللَّه عنها مَرَّ بِها سَائِلٌ، فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمرّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وهَيْئَةٌ، فَأَقْعَدتْهُ فَأَكَلَ؛ فَقِيلَ لَهَا في ذلكَ؟ فقَالتْ: قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ "رواه أبو داود، وذَكَرَهُ مُسْلمٌ، وَذَكَرَهُ الحاكِمُ أَبُو عبدِ اللَّهِ في كِتابِهِ" مَعْرفَة عُلُومِ الحَديث" وقال: هو حديثٌ صحيح.

وفي السيرة العطرة:

قصة سيدنا أبي سفيان بن حرب زعيم قريش يوم فتح مكة؛ فعندما أراد الرسول المربي -صلى الله عليه وسلم- ترضيته بعد إسلامه قال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) رواه مسلم.

في توزيع غنائم غزوة حنين: قال ابن حجر في الفتح: "المراد بالمؤلفة: ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا، ولم يتمكن الإسلام من قلوبهم، فأعطى لزعماء قريش وغطفان وتميم عطاءً عظيما، إذْ كانت عطية الواحد منهم مائة من الإبل، فأعطى صلى الله عليه وسلم ـ كما روى مسلم في صحيحه ـ أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل، وأعطى أبا سفيان بن الحارث مائة من الإبل، والأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل، وعيينة بن حصن الفزاري مائة من الإبل..".

وفي كتاب "السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني" للأستاذ / أحمد أحمد علوش، منقول من موقع المكتبة الشاملة الحديثة، يتحدث الكاتب عن استعداد الرسول صلى الله عليه وسلم لاستقبال الوفود؛ وهم علية أقوامهم وقادتهم أو النخب كما نسميهم اليوم فيقول:

(وضع النبي صلى الله عليه وسلم نظامًا حسنًا في معاملة الوفود يعتمد على النقاط التالية:

1- استقبال الوفود:

عين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لاستقبال الوفود حين وصولهم إلى المدينة، وتيسير معاشهم مدة إقامتهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- تهيئة مكان نزول الوفود:

أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عددًا من دور المدينة لإنزال الوفود بها، ومنها دار رملة بنت الحارث النجارية، وهي دار واسعة، وفيها نخيل وزروع.

3- إكرام الوفد:

أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يحسنوا استقبال الوفود، ويكرموا وفادتهم فقاموا بذلك خير قيام.

4- الاستعداد للقاء الوفد:

اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم قبة في المسجد النبوي يستقبل فيها الوفود، وجعل خالد بن سعيد بن العاص لاستقبالهم، وتهيئة لقائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذن لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حين يلتقي بالوفد يلبس أحسن ثيابه، ويأمر أصحابه بذلك، فقد لبس صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يوم استقبال وفد كندة حللا يمانية وقد بنى الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دكة من طين يجلس عليها حين يستقبل الوفود.)أ.ه

بعض جهود الأستاذ البنا في هذا المجال

النخب الدينية

١- الشيخ محمد مصطفي المراغي شيخ الأزهر (١٩٣٥م- ١٩٤٥)

الشيخ محمد مصطفى المراغي إمام المسلمين في عصره وحامل لواء الإصلاح الأزهري تشريعا وتنفيذا ومراجعة، وكان رحمه الله من الشمم الرفيع والخلق النزيه والترفع النبيل بمنزلة يعرفها كبار الحاكمين فيعدلون سلوكهم المتغطرس في حضرته رعاية لمقامه وخوفا من كلمة الحق أن تحرقهم حين تتقد من فمه.

في مايو ١٩٣٥ أرسل الأستاذ حسن البنا رسالة إلى الشيخ المراغي، يدعوه إلى الحفاظ على الكيان الروحي والقومي للأمة، وتقوية نفوس أبنائها، وتصحيح أفكارهم، لتنهض الأمة بقيادة الأزهر لتلك الغايات.

في يوليو علم ١٩٣٥ رفع مرشد الإخوان حسن البنا مذكرة إلى شيخ الأزهر مصطفى المراغي يقترح عليه بعضا من الاقتراحات الإدارية والفنية، وأرفق المذكرة بمذكرة تفسيرية لمقترحاته، جاءت في أربع صفحات.

وفي مارس ١٩٣٦ أرسلت جمعية الإخوان المسلمين مذكرة إلى شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغي، بمناسبة اعتزام مشيخة الأزهر تكوين لجنة لبحث البدع والخلافات في الدين.

أثر هذا التواصل

هذه المبادرات من قبل جماعة الإخوان المسلمين لاقت قبولا واسعا من الشيخ المراغي رحمه الله، ومن ذلك:


عمل على التعاون الوثيق مع الجماعة في كافة المقترحات التي تقدمت بها.

شارك الجماعة في مناسباتها المختلفة وندواتها المتباينة.

تحدث الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر عن الإمام حسن البنا فقال: (حسن البنا مسلم مخلص غيور يفقه أسرار الإسلام ويعرف الوسط الذي يعيش فيه).

٢- الشيخ طنطاوي جوهري(٢)

(١٨٦٢م: ١٩٤٠م)

أخذت دعوة الإخوان المسلمين في الانتشار بين مختلف طبقات المجتمع حتى بين العلماء، ومن بينهم الشيخ طنطاوي جوهري، الذي سمع عن الأستاذ حسن البنا، فذهب إليه وسأله: "إلام تدعو؟! قال: أدعو إلى القرآن، فقال: دع هذا اللفظ الكريم من حديثنا؛ فإن هذا اللفظ مظلوم ظلمًا بيِّنًا، فما من فرقة قامت في الدولة الإسلامية مهما كانت زائفةً عن الإسلام إلا وادَّعت أنها تدعو إلى القرآن، فأجبني بتفاصيل ما تدعو إليه في كل ناحية من نواحي الحياة، قال: فشرح لي تفاصيل دعوته فوجدتها في حدود كتاب الله..".

وبعد اقتناع الشيخ طنطاوي جوهري بالدعوة قال له الأستاذ البنا: يا سيدي الأستاذ.. إنك أستاذنا وأستاذ الجميع، وأنت حكيم الإسلام، وأراك أحق بمنصب الإرشاد لهذه الدعوة مني، وهذه يدي أبايعك.. فقال الشيخ: لا يا أخي.. أنت صاحب الدعوة، وأنت أقدر عليها، وأنت أجدر بها، وأنا أبايعك على ذلك، ومدَّ يده فبايعه، ولم ينكث رحمه الله بيعته إلى أن لقي ربه.

وفي ذات يوم قال له بعض العلماء: كيف تقبل وأنت العالم الجليل أن تكون تابعًا لمدرس أقل شأنًا منك؟ فردَّ عليه بقوله: لو تعلمون عن هذا الشخص ما أعلم ما ملكتم إلا أن تبايعوه على نصرة الإسلام، ثم قال: "إن حسن البنا في نظري مزاج عجيب من التقوى والدهاء السياسي، إنه قلب علي وعقل معاوية، وإنه أضفى على دعوة اليقظة عنصر "الجندية"، ورد إلى الحركة الوطنية عنصر "الإسلامية"، وبذلك يعد هذا الجيل الإسلامي الحاضر النسخة الإسلامية الثانية الكاملة المعالم بعد الجيل الإسلامي الأول في عهد الرسول- صلى الله عليه وسلم".

تكريم الإخوان لفضيلة الشيخ طنطاوي جوهري


اختير الشيخ طنطاوي ليكون ممثلًا لإخوان القاهرة في مجلس شوري الإخوان.

تولى رئاسة تحرير صحيفة (الإخوان المسلمين).

خُصِّص له في المركز العام درسٌ في تفسير القرآن الكريم، كان يفسر القرآن بالعلوم الحديثة؛ حيث كان على قدم راسخة في التفسير وفي العلوم الكونية معًا.

أثر هذا التواصل:


احتضن أول مجموعة من طلبة الجامعة وأرشدهم إلى طريق دعوة الإخوان المسلمين.

ثانيًا: النخب السياسية والاجتماعية

١- عبد العزيز باشا فهمي(٣)

(١٨٧٠م-١٩٥١م)

في كتابه "حسن البنا مواقف في التربية والدعوة" كتب الحاج عباس السيسي رحمه الله هذه القصة والتي كان بطلها المربي حسن البنا وكيف كان يتعامل مع النخب السياسية والاجتماعية؛ فيقول: "في كفر المصيلحة بلدة عبد العزيز باشا فهمي حدثت مشادة بين الإخوان وبين أفراد عائلة الباشا، وكان من عادة الأستاذ البنا ومن أخلاقه الإسلامية أنه إذا نزل بلدا فإنه يبدأ بزيارة عمدتها أو كبيرها. ومن وراء هذا المعنى مدلولات لا حصر لها".

وعلى أثر هذه المشادة توجه بعض الإخوان من كفر المصيلحة إلى القاهرة وقدموا شكواهم إلى فضيلة المرشد وقالوا فيما قالوا: إنه بعد ذلك لا يستحب لفضيلتكم أن تقوم بزيارة عبد العزيز باشا فهمي عند حضورك للبلدة، وصرفهم الأستاذ المرشد ونصحهم أن يلتزموا الحكمة والصبر.

ومضت الأيام واعتزم زيارة كفر المصيلحة – واستقبل الإخوانمرشدهم هذه المرة بصورة شعبية حماسية. وسار الموكب متجها ناحية شعبة الإخوان – غير أن الأستاذ البنا طلب من السائق التوجه إلى دار عبد العزيز باشا فهمي كالعادة – ولم يستطع السائق إلا تنفيذ طلب الأستاذ أمام تعجب الإخوان ودهشتهم وسار الموكب حتى وصل إلى منزل الباشا الذي كان هو وعائلته يتشككون في هذه الزيارة بعد الذي حدث واستقبله الباشا وعائلته استقبالًا كريمًا وودعوه، وفي المساء ازدحم السرادق بالإخوانوالذين جاءوا ليزيدوا النار اشتعالا ويصطادوا في الماء العكر.

ووقف حسن البنا وحلق بالناس جميعا في عالم جديد بعيد كل البعد عما يجول في خاطرهم حتى إذا رطب النفوس وربط بين القلوب برباط الإسلام الحنيف عاد إلى الموضوع، فقال: إنه جاءه منذ مدة وفد من الشعبة وحدثوه عن المشادة التي حدثت بين الإخوان وبين عائلة عبد العزيز باشا فهمي وقالوا له: إنه لا يستحسن بعد ذلك أن تبدأ بزيارته كالمعتاد ووعدتهم خيرا ولكن الإخوان كما تعلمون يصدرون في كل تصرفاتهم عن عقيدة وشريعة لا يحتكمون إلى هوى ولا يقادون إلى شهوة {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }، لهذا حين جئت إلى هذا البلد الطيب كان لابد أن أدخل البلد من الباب ولا يمكن أن أدخله من الشباك، والباب الوحيد لهذا البلد هو منزل عبد العزيز باشا فهمي. حتى إذا أنهي الأستاذ المرشد هذه الكلمات الحكيمة المؤمنة تعالت الهتافات (الله أكبر ولله الحمد) من الناس جميعا.. الإخوانوغير الإخوان وأعداء الإخوان.

وتصافحت الأيدي وربط الله بين القلوب وهكذا فقه المرشد رحمه الله بعمق معني قوله تعالى: [[{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤)وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(٣٥)}]] (فصلت).

الدروس المستفادة

احترام مكانة الشخصيات ذات المكانة عند الناس(النخب).

على الدعاة التزام الحكمة وحسن التصرف في الأزمات، والتأني في طرح الحلول.

الحرص على وحدة المجتمع وتماسكه؛ فهذا ضمانة لاستمرار الدعوة وانتشارها ونجاحها.

على الداعية المربي؛ تهدئة الجمهور المنفعل، وتهيئة النفوس وربطها بالخالق وتذكيرهم بالآخرة قبل حل المشكلات.

الاحتكام إلى الشريعة عند حل المشكلات، فهذا أداء تطبيقي عملي لإظهار عدلها وحكمتها.

أثر هذا الأداء التربوي الرفيع

يكتب الأستاذ محمد العدوي عليه رحمة الله في رسالته حقائق وأسرار:

عام ١٩٤٠م صدر قرار من الحاكم العسكري حسين سري بناء على طلب الإنجليز بنقل الأستاذ البنا إلى قنا، وتنفيذ القرار بالقوة ورفض الأستاذ البنا والإخوان تنفيذ القرار، يقول الأستاذ العدوي:

لما علم الأستاذ بالأمر العسكري أعد حقيبته استعدادا للاعتقال واستعد الإخوان كذلك بإعداد حقائبهم. وبينما كان الأستاذ يجلس بالمركز العام ومعه حقيبته ينتظر القوات القادمة لاعتقاله إذا به يرى وزير المواصلات يقف بعربته أمام باب المركز العام وينزل منها ثم يصعد للقاء المرشد العام على غير ميعاد وكان القادم إبراهيم دسوقي أباظة سكرتير حزب الأحرار الدستوريين.

هذا ما يقصه الزائر القادم بعد أن سلم وجلس بدأ الحديث مباشرة:

"لعل فضيلة المرشد العام يعجب من قدومي على غير ميعاد أو سابق معرفة وتوفيرا للوقت أقول: لقد علم عبد العزيز باشا فهمي رئيس الحزب بالأمر العسكري الصادر بنقلك بالقوة إلى قنا فكلفني بدعوة عاجلة لمجلس إدارة الحزب فورا واجتمع المجلس وعرض عبد العزيز باشا فهمي الأمر شارحا أن الحزب لا يمكن أن يشارك في اضطهاد جماعة إسلامية ولا يتحمل هذه المسئولية والسابقة الخطيرة، وقرر انسحاب الحزب من الوزارة واستقالة وزرائه أو إلغاء الأمر العسكري والرجوع عن اضطهاد أي جماعة إسلامية. وفعلا أخذت استقالات الوزراء مع قرار الحزب لمقابلة رئيس الوزراء وسلمته الاستقالات.

ودهش رئيس الوزراء وقال: ما هذا يا إبراهيم باشا معنى هذا سقوط الوزارة وأنتم تعلمون معنى هذا جيدا!، وكيف يلغي الحاكم العسكري أمرا ولم يمض عليه (٢٤) ساعة، أين كرامة الحكومة؟

ورد إبراهيم باشا هذا قرار نهائي من الحزب بعد دراسته ولا رجوع فيه.

قال رئيس الوزارة: وما العمل وكيف الخروج من المأزق. هناك حل واحد أن نقنع حسن البنا بتنفيذ أمر النقل وكأنه لا يعلم بالأمر العسكري. وأعد بشرفي أن ينقل ثانية إلى القاهرة بعد شهر.

وقال إبراهيم باشا: الأمر الآن بين يديك يا فضيلة المرشد إما أن تتمسك برأيك، وهذا حقك، أو الرجوع عن استقالتك والسفر إلى قنا. وأعد بشرفي أنه إذا لم يوف رئيس الوزراء بوعده فسنستقيل.

ويدرس القائد الأمر بسرعة خاطفة ويرد: هذا موقف كريم للأحرار الدستوريين اتخذوه بدون طلب من أحد بل من واقع إحساسهم، والموقف الكريم يقابله موقف كريم يا باشا، هذه حقيبتي أعددتها للاعتقال سأسافر بها إلى قنا وأبلغ تحياتي إلى عبد العزيز باشا وجميع أعضاء مجلس إدارة الحزب، وركب المرشد العام القطار إلى قنا.

يقول الأستاذ العدوي في نهاية هذه الوقائع:

"أيام وأيام وفى صحائف التاريخ الكثير الغريب من الأحداث يذهب الضال ويأتي بعده المضل ويحاولون تزييف التاريخ.

وكان من مأثورات عبد العزيز فهمي أنه كان يثور كلما ذكر التاريخ أمامه ويقول: أنا كافر بالتاريخ، وقد شاهد بعينه وسمع بإذنه أفعال تنسب إلى غير فاعلها والسفينة يتسلمها غير ربانها والشعوب تهتف وتهتف، ولكن لمن؟"

٢- أحمد عبد الغفار باشا(٤)

(توفي عام ١٩٦٨م)

يذكر الدكتور محمود عمر العريني- عليه رحمة الله تعالى -موقف آخر يدل على مدى تأثير الأستاذ البنا - عليه رحمة الله - في النخب الحاكمة فيقول الدكتور محمود عليه رحمة الله تعالى:

"بعد حصولي على البكالوريوس؛ ذات يوم كنت أجلس على مدخل المركز العام، ودخل الإمام" البنا"، ونادى يا "محمود العريني"، ما أخبارك؟! هل عملت؟! قلت له: أعمل بتعيين مؤقت، فقال لي: خذ هذا الكارت لوزير الزراعة "أحمد عبد الغفار" باشا، فقلت له: "عبد الغفار باشا"؟! لأني كنت أعلم أنه رجل سعدي وفظٌّ في التعامل مع الناس، وقلت له: يا فضيلة المرشد، مديروه يخافون منه، قال لي: لا تشغل بالك، خذ هذا الكارت واذهب إليه، وكتبَ فيه الأستاذ البنا: "سيدي وزير الزراعة"، وذهبت بالكارت، وفورَ تسليمي الكارت لـ(سكرتير) الوزير ودخل به للوزير أرسل على الفور في طلبي، وقال لي: أهلًا يا ابني، كيف حالك؟ وكيف حال الأستاذ؟ هل صحتُه جيدة؟ ثم قال: إن شاء الله سوف نعيِّنك قريبًا، وقال لي: سلِّم على الأستاذ كثيرًا وبلِّغه تحياتي، وفعلًا بعد حوالي أسبوعين تم التعيين.

الدروس المستفادة

قدرة الداعية على التواصل مع نخب المجتمع والنخب الحاكمة واكتساب احترامها والاستفادة منهم.

يقول الأستاذ البنا: (ولكن الإخوان المسلمين أعمق فكرًا وأبعد نظرًا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر، فلا يغوصوا في أعماقها ولا يزنوا نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها) رسالة المؤتمر الخامس.

ثالثًا: النخب الثقافية

١- الدكتور طه حسين (٥)

( ١٨٨٩م - ١٩٧٣م)

يذكر الأستاذ محمود عبد الحليم في كتابة " الإخوان أحداث صنعت التاريخ" -باختصار وتصرف-:

"عين الدكتور طه حسين "المستشار الفني لوزارة المعارف"، وصاحب هذا المنصب هو الذي سيوجه الثقافة في مصر حيث يشاء، وسيتحكم في تلوين ثقافة البلاد باللون الذي يروقه.

وطه حسين شاب ذكي نافذ البصيرة طاردته أكبر جامعة دينية في بلده (جامعة الأزهر)، فتلقفته جامعات فرنسا، وتزوج فرنسية... ولولا أنه كان يحفظ القرآن منذ نشأته – لما كان مثله بعد ذلك إلا فرنسيًا مخلصًا.

وضع طه حسين في هذه الأثناء كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" ضمنه آراء فيما يجب أن تتجه إليه الثقافة في مصر، يكاد يكون نصه "وأرى أن نأخذ بالحضارة الغربية خيرها وشرها حلوها ومرها"، وقد تناولت الكتاب أقلام النقاد بين قادح ومادح.

يقول الأستاذ البنا: اتصل بي بعض أصدقائنا من الغيورين وطلبوا إلى أن أنقد الكتاب، ولم يكتفوا بذلك بل أخبروني أنهم حددوا موعدًا في دار الشبان وطبعوا الدعوات وكان الموعد بعد خمسة أيام.

قال الأستاذ: وفي الموعد المحدد ذهبت إلى دار الشبان فوجدتها غاصة.. والحاضرون هم رجالات العلم والأدب والتربية في مصر، وبدأت فقلت: إنني لن أنقد هذا الكتاب بكلام من عندي وإنما سأنقد بعضه ببعضه.. وأخذت – ملتزمًا بهذا الشرط – أذكر العبارة من الكتاب وأعارضها بعبارة أخرى من نفس الكتاب... وظللت على هذه الوتيرة حتى أنهيت الكتاب كله وأنهيت المحاضرة... فقام الجميع بين معانق ومقبل.

قال الأستاذ: ولما هممت بالانصراف أسر الدكتور الدرديري -رئيس جمعية الشبان المسلمين- في أذني سرًا تعجبت له، قال: لما نشرنا عن موضوع محاضرتك وموعدها اتصل بي الدكتور طه حسين وطلب إلى أن أعد له مكانًا في هذه الدار يستطيع فيه أن يسمع كل كلمة تقولها دون أن يراه أو يعلم بوجوده أحد فأعددنا له المكان وحضر المحاضرة من أولها إلى آخرها ثم خرج دون أن يراه أو يعلم به أحد.

قال لي الأستاذ المرشد: وفي اليوم التالي، طلب الدكتور طه حسين بمكتبه بوزارة المعارف الأستاذ أحمد السكري وقال له: أحب أن ترتب لي اجتماعًا بالأستاذ حسن البنا، وليكن في بيته أو بيتي أو في مكتبي هنا. قال الأستاذ: فرأيت أن يكون الاجتماع في مكتبه بالوزارة.

وبدأ الدكتور طه الاجتماع بقوله: لعلك يا أستاذ حسن لا تعلم بأني حضرت محاضرتك وبأنني كنت حريصًا على حضورها وعلى الاستماع إلى كل كلمة تقولها لأنني أعرف من هو حسن البنا، وأقسم لك لو أن أعظم عظيم في مصر كان في مكانك ما أعرته اهتمامًا..

قال الأستاذ المرشد: فشكرته ثم سألته عن رأيه في المواضع التي وجهت النقد إليها في الكتاب وهل لديه من رد عليها؟

قال الدكتور طه: ليس لي رد على شيء منها، وهذا نوع من النقد لا يستطيعه غيرك، وهذا هو ما عناني مشقة الاستماع إليك، ولقد كنت أستمع إلى نقدك لي وأطرب… ليت أعدائي مثل حسن البنا إذن لمددت لهم يدي من أول يوم، ثم قال الدكتور طه: هل هناك سوى ذلك مما قد تختلف عليه؟

قلت: هناك قضية العلم والدين، إنكم تنادون بأن يكون الدين في خدمة العلم، وهو الرأي الذي تقوم عليه الحضارة الحديثة في الغرب... وهذا الرأي خاطئ لأن معناه أنه إذا اصطدم الدين مع العلم في أمر من الأمور نبذ الدين واتخذ العلم دينًا. يجب الفصل بين العلم والدين، لأن الدين حقائق ثابتة والعلم نظريات متطورة، فإذا ألبسنا العلم ثوب الدين جمدنا العلم، إذا نحن أخضعنا الدين للعلم، فلسفنا الدين فأخرجناه بذلك من طبيعته ولم يعد دينًا.

قال الأستاذ: ثم تناقشنا في مواضيع مختلفة تدور حول طبيعة الفكرة الإسلامية، ومدى إحاطتها بكل نواحي المجتمع فكان آخر حديث لي بعد أن تحدثنا أكثر من ساعتين أن قلت له:

لو أن أصحاب الآراء حين يختلفون حول أمر من الأمور لم يعتقد كل منهم أن رأيه هو الصواب كله وأن آراء غيره هي الخطأ كله، بل أضاف إلى اعتقاده في صحة رأيه اعتقادًا بأنه قد يكون في آراء الآخرين نوع من الصواب وإن لم يبن له، لما اشتد الخلاف ووصل إلى خصومة تطمس في ظلماتها معالم الحقيقة، وينقلب النقاش من كونه وسيلة للبحث عن الحقيقة إلى محاولة للانتصار للرأي والمجادلة بالباطل.

قال الأستاذ: وقلت له: إن خير مثل يوضح ذلك ما ذكره الإمام الغزالي من أن أربعة من العميان وقفوا أمام فيل، فلمس أحدهم أقرب ما يقابله منه فكان الخرطوم، فقال: إن الفيل ما هو إلا خرطوم طويل رفيع، ولمس الثاني أذن الفيل، فقال: لا، إن الفيل هو صفحة جلدية واسعة، ولمس الثالث رجل الفيل فقال: لا، بل هو عمود مستدير، ولمس الأخير جسم الفيل، فقال: لا، بل هو حائط عريض أملس... قال الأستاذ: فلو أن هؤلاء الأربعة لم يتعصب كل منهم لرأيه وتركوا فرصة للتفاهم فيما بينهم، ولا يمكن تفاهم إلا إذا افترض كل منهم أن يكون في رأي غيره بعض من الحقيقة – لامتدت يد كل منهم إلى مواضع أيدي زملائه فيلمس ما لمسوا فتتكون عند كل منهم صورة كاملة عن الفيل".

هذه خطوط عريضة للقصة التي قصصتها من الذاكرة.

نتيجة المقابلة:

أن من آثار هذا اللقاء أن عدل الدكتور طه حسين عن آرائه التي سجلها في كتابه هذا وفي كتبه ومقالاته التي سبقته وكان في بقية حياته خط آخر استحق به أن يكون عميد الأدب العربي."إ.ه

وإن كان رأي الأستاذ محمود عبد الحليم أن طه حسين قد سلك في كتاباته مسلكًا جديدًا؛ فهذا ما ذكره أيضا الدكتور محمد عمارة وكتب في ذلك رسالة ليثبت هذا الرأي بعنوان: "طه حسين من الانبهار بالغرب إلى الانتصار للإسلام".

وكذلك الكاتب المعروف الأستاذ فهمي هويدي ذكر في مقال نشره في جريدة الشروق بعنوان (طه حسين أوابا) أشاد فيه بكتاب الدكتور عمارة وقال في نهاية المقال: " إن بعض مثقفينا يختزلون طه حسين في كتابات اغترابه التي شكك فيها في مقدسات المسلمين وهويتهم، ويتجاهلون مرحلة الإياب التي ختم بها حياته. وهو ما فعلوه حين اختزلوا على عبد الرازق في كتاب «الإسلام وأصول الحكم» وخالد محمد خالد في كتابه «من هنا نبدأ» وتجاهلوا إياب الرجلين وتصحيح كل منهما لموقفه وتصويبه للأفكار التي سبق أن نادى بها. وهذه كلها ليست مصادفات، الأمر الذي يدعونا إلى الشك في نزاهة أولئك الباحثين وبراءة مقصدهم".

وكذلك مقال للدكتور محمد عبد المطلب في جريدة الأهرام يشيد فيه أيضًا بكتاب محمد عمارة ويؤيده.

وقيل عكس ذلك من الكاتب الإسلامي المعروف أنور الجندي: "أن لو كان طه حسين تراجع عن آرائه لأعلن ذلك بوضوح وهذا لم يحدث".

وطبعا كل العلمانيين وأمثالهم نفوا تماما أي تراجع لطه حسين عن آرائه أو مواقفه.


رابعًا: نخب القضاء

المستشار حسن الهضيبي(٦)

( ١٨٩١م -١٩٧٣م)

يقول في مذكراته:

في صيف ١٩٤٤م كنت في القرية واجتمعت بلفيف من شباب البلدة وأخذنا نتحدث في مختلف المشكلات العامة.. وهالني ما سمعت؛ سمعت شبابًا محدودي الثقافة والتعليم يتكلمون في المسألة الوطنية كأحسن ما يتكلم المفكرون السياسيون، ويتحدثون في المسائل الدينية كأحسن ما يتحدث العلماء المتمكنون.

وعجبتُ لهذا، فسألتهم عن مصدر هذا العلم، فقالوا: إنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأن مطبوعات الجمعية ومنشوراتها وتعاليمها تصلهم بانتظام... وطلبت منهم أن يزودوني بهذه المطبوعات،

ولم أنمْ هذه الليلة حتى الصباح، فقد ظللت أقرأ وأقرأ حتى الفجر، ثم صليت الفجر، ولم تكد تطلع الشمس حتى اعتبرت نفسي جنديًّا في هذه الجماعة المباركة، وكان هذا أول لقاء لي بفكرة الإخوان المسلمين.

ومن هذا اليوم أصبحت أعد نفسي أخًا لهم جميعًا، أتتبع نشاطهم وصحفهم وأنباءهم، واتصلت ببعضهم وأنا مستشار.

وذات يوم كان محددًا عقد اجتماع ضخم سيخطب فيه الإمام الشهيد حسن البنا، وقيل لي إن دعوةً رسميةً ستصلني لحضور الاجتماع ولم تصل الدعوة.

وبرغم هذا فقد قرَّرت أن أحضر الاجتماع بأي ثمن ونزلت أنا وأربعة من زملائي المستشارين، وعرفنا بعض المحامين الأقباط الذين حضروا الاجتماع فقدموا لبعضنا مقاعدهم، ولكني أصررت على أن أجلس على الأرض لأستمع إلى حسن البنا.

حسن البنا يذهب لمقابلة المستشار دون سابق معرفة

وازددتُ اقترابًا من الإخوان؛ بدأت أتصل بهم وأعرف بعضهم إلى أن جاءت ليلة كنت في مكتبي أراجع بعض القضايا ودق الجرس ولم يكن من عادتي أن أفتح الباب ولكن لا أدري لماذا قمت؟ ولماذا ذهبت؟ ولماذا فتحت الباب؟

لأجد حسن البنا، وتعانقنا، ودخل إلى بيتي، وجلسنا نتحدث في شتى الشئون وصلينا العشاء معًا، وخرج المرشد، وبدأت أضع عقلي بعد قلبي في خدمة الإخوان.


خامسًا: النخب العسكرية

١- الفريق عزيز المصري باشا(٧)

(١٨٨٠–م-١٩٦٥م)

كتب الفريق عزيز المصري -رئيس هيئة أركان الجيش المصري سنة١٩٣٧م- تحت عنوان: "الداعية الواعي":

عرفت الشهيد حسن البنا أول مرة بعد عودتي من لندن ١٩٣٧م حينما كنت في معية سمو ولي العهد، وذلك حينما وجدت في انتظاري ثلاثة قالوا لي: إنهم من الإخوان المسلمين؛ ونظرًا لأن ملابسهم كانت من المتعارف على أنها إسلامية إلا أنها في نظري بعيدة عن الإسلام، قلت لهم: إنني لا أريد مقابلتهم؛ لأنني أريد أن أرى الإخوان يمثلون فكرة التجديد والبعث حتى في أزيائهم فتكون مبسطة ولو جاكتة مقفلة وبنطلون، وبدلا من "المسابح" يضع كل منهم في يده كتابًا يناقشني فيه.

ولشد ما كانت دهشتي حينما جاءني في الغد أحد هؤلاء الثلاثة، وقال لي: إنه حسن البنا، وإنه مؤمن بكل ما قلت، ولكن الرجعية التي تردى فيها المسلمون تجعلنا نطرق هذا الباب حتى نعيدهم إلى الفكرة الإسلامية الصحيحة التي تجعل من المسلم شعلة للعلم والتقدم والهداية للإنسانية، فأكبرت الرجل وعرفت فيه الداعية الواعي، وقد كنت أتوقع ألا أراه بعد المقابلة الشديدة التي قابلتهم بها.

ومنذ ذلك اليوم توثقت الصلة بيني وبينه، وكنا نتقابل بين حين وآخر وأرى في وجهه علامات الإيمان بادية وآيات الصدق والإخلاص مرتسمة مما زادني فيه ثقة وإيمانًا.

وحينما كنت بسجن الأجانب إبان استشهاده جاءني أحد الضباط وعلى وجهه علامات الأسى مخالفًا الأوامر ومبلغًا إياي ذلك النبأ المفجع، فأحسست بخنجر أصابني في صدري لفقد ذلك الرجل العظيم،

رحمه الله رحمة واسعة وألهم خلفاءه والإخوان حسن السير على منواله، وإتمام الرسالة التي بدأها.

سادسًا: نخب الأقباط

يقول الدكتور حسان حتوت في كتابه "العقد الفريد (١٩٤٢-١٩٥٢) عشر سنوات مع الإمام حسن البنا" تحت عنوان "نحن والأقباط":

من الأستاذ البنا تعلمنا الركائز الإسلامية لعلاقات المودة بين عنصري الأمة، وأن الإنسان غير مطالب بالتخلي عن إسلامه ثمنًا للعلاقات الطيبة، وبأن من صالح الأقباط أن يشاركوا في مصر مسلمين يعرفون ويحفظون تلك التعاليم، وبأن شريعة الإسلام لا تفرض على أهل الكتاب أي شيء يخالف دينهم وكتبهم، وإنما يستثنون من ذلك إن وجد، وبأن الجميع سواء في الحقوق والواجبات (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) متساوون أمام القانون، وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم –أوصى خيرًا بأقباط مصر بالذات، وبأن أحكام الجزية غير واردة لأنها مثل ضريبة البدلية (التي عرفناها في مصر إلى عهد قريب للمسلمين والأقباط) هي رسم مقابل الإعفاء من الخدمة العسكرية، وما دام الأقباط والمسلمون الآن سواء في الجندية، فالحديث عنها غير ذي موضوع... وأن أبا عبيدة رد على أهل حمص جزيتهم عندما قرر الجيش المسلم الانسحاب فلم يعودوا مدينين بثمن الحماية العسكرية.

وكان أثر هذه المفاهيم هو الاحترام والتفاعل بين الإخوان والأقباط ومن ذلك:


عندما كان المرشد يلقي درس الثلاثاء كل أسبوع كان من الحضور المنتظمين الأستاذ لويس فانوس عضو مجلس الشيوخ ومن زعماء الأقباط.

وعندما نقل (بنية النفي) الأستاذ المرشد إلى قنا بالصعيد (كان مدرسًا بمدرسة ابتدائية بوزارة المعارف) وبدأ هناك نشاطه، كان من حضور محاضراته قس الكنائس، وكتبوا إلى الحكومة يدافعون عن الإخوان.

شكل مكتب إرشاد الجماعة لجنة سياسية عليا برئاسة وكيل الجماعة وعضوية سكرتير الجماعة وعضو من أعضاء مكتب الإرشاد و9 أعضاء آخرون منهم ثلاثة من كبار الأقباط هم الأستاذ وهيب بك دوس، المحامي، والأستاذ لويس فانوس، عضو مجلس النواب، والأستاذ كريم ثابت، الصحفي الكبير.

وعندما رشح الأستاذ البنا وبعض الإخوان أنفسهم في الانتخابات البرلمانية كان بعض وكلائهم في اللجان الانتخابية من الأقباط.

أرسل الإمام حسن البنا رسالة تهنئة إلى توفيق دوس بمناسبة انتخابه عضوا في مجلس الشيوخ المصري، رد عليها دوس بتهنئة بمناسبة صدور (جريدة الإخوان المسلمين) اليومية وتأكيده على نزعة الإخوان القومية.


سابعًا: نخب الفن

١- الفنان أنور وجدي (٨)

(١٩٠٤م- ١٩٥٥م)

يقص الدكتور محمود عساف في مذكراته قصة لطيفة؛ وقائعها دارت بين الأستاذ حسن البنا والممثل المشهور أنور وجدي فيقول:

في يوم من أيام صيف عام ١٩٤٥م، ذهبت إلى الأستاذ الإمام كعادتي، قال لي: "قم بنا نذهب إلى البنك العربي لنفتح حساب للإخوان هناك".

توجهنا إلى مكتب الرئيس، وكان يتبع سياسة الباب المفتوح للعملاء، ويستطيع أي عميل أن يدخل إليه بغير استئذان، دخلنا وألقينا السلام، وجلسنا على أريكة مواجهة للمكتب، وكان هناك رجل جالس على مقعد مجاور للمكتب وظهره منحرف نحونا، وكان يتحدث مع شومان بك رئيس البنك، وانتظرنا صامتين إلى أن تنتهي تلك المقابلة، فاجأنا شومان بك بقوله:

"أهلا وسهلا" بصوت عال جعل الجالس إلى مكتبه ينظر نحونا.

وإذ بذلك الجالس ينتفض واقفا ويهتف: "حسن بك؟... أهلا وسهلا يا حسن بك" ثم تقدم نحونا مصافحا الإمام ثم إياي، ثم جلس على مقعد مجاور للإمام وقال: " أنا أنور وجدي... المشخصاتي... يعني الممثل... طبعا أنتم تنظرون إلينا ككفرة نرتكب المعاصي كل يوم في حين أني والله أقرأ القرآن وأصلي كلما كان ذلك مستطاعا".

قال له الإمام: يا أخ أنور أنتم لستم كفرة ولا عصاة بحكم عملكم؛ فالتمثيل ليس حراما في حد ذاته، ولكنه حرام إذا كان موضوعه حراما، وأنت وإخوانك الممثلون تستطيعون أن تقدموا خدمة عظمى للإسلام إذا عملتم على إنتاج أفلام أو مسرحيات تدعو إلى مكارم الأخلاق، بل إنكم تكونون أكثر قدرة على نشر الدعوة الإسلامية من كثير من الوعاظ وأئمة المساجد".

إني أرحب بك وآمل أن تحضر لزيارتنا بدار الإخوان المسلمين بالحلمية الجديدة لنتبادل الرأي حول ما يمكن أن تسهموا به في نشر الفضيلة والدعوة إلى الله".

هكذا كان الإمام ثاقب النظر بعيد التفكير، ولست أعلم ما إذا كان قد زاره أنور وجدي كما وعد أم شغلته شئون الحياة.

كانت الأفلام المصرية في ذلك الوقت تتخذ مكانها في قصور الباشاوات الأغنياء المشغولة بالحفلات والتي بكل منها بار، ويقدمون للضيف الويسكي علامة على الكرم، بعدها رأينا لأنور وجدي أفلام اجتماعية مثل " ليلى بنت الفقراء".

٢- الفنان حسين صدقي(٩)(١٩١٧م - ١٩٧٦م)

أقام البنا علاقاتٍ مع الفنَّانين، سواءٌ كانت العلاقة بلقاءٍ عابرٍ لا يفوته فيه غرسُ معنًى من معاني الإسلام الحسنة، أو بإقامة علاقة توادّ وتودُّد معه، أو بظهور الدعوة أمامه بمظهر لا يدعوه للريبة من حملتها.. مثل أنور وجدي وحسين صدقي حيث كان لقرب مسكن حسين صدقي من المركز العام في الحلمية الجديدة أثره في وجود علاقة بينه وبين الإمام البنا أواخر الأربعينيات، وأكمل هذه العلاقة الأستاذ سيد قطب.

وتقول السيدة سميرة المغربي زوجة الفنان حسين صدقي عن هذه العلاقة:

إن حسين صدقي كان يؤدي الفروض، وكنت ألح عليه بعد التزامي أن يترك العمل في السينما وذات مرة أثناء زيارتنا للأستاذ سيد قطب في المستشفى قبيل إعدامه ذكر زوجي له ما أطلب منه فكان رده عليه: إن الحركة الإسلامية محتاجة لفن إسلامي وإنني أكتب عشرات المقالات وأخطب عشرات الخطب وبفيلم واحد تستطيع أنت أن تنهي على ما فعلته أنا أو تقويه، أنصحك أن تستمر لكن بأفلام هادفة.

وأخيرًا

هذه بعض الأمثلة - "غيض من فيض" - "كيف تعامل الأستاذ البنا مع النخب" ودعاهم إلى الإسلام بمواقفه مرة وبأقواله مرة أخري، وهذا المقال جهد فردي والأمر يحتاج إلى استقصاء لحركة الأستاذ البنا في هذا الجانب ومن ثم دراستها واستخراج الاستفادات التي بلا شك تضيء لنا حركتنا الحالية والمستقبلية؛ فالإمام البنا كان ملهمًا وحركته الرشيدة حققت الكثير من أهداف الدعوة في فترة زمنية تعتبر قصيرة جدًا في عمر الأمم.

ولا أقول: الأستاذ البنا فقط ولكن جميع الأساتذة المرشدين وكثير من الأساتذة المراقبين من أمثال الأستاذ محفوظ نحناح، وكلهم كان لهم عطاء مميز في هذا الجانب يحتاج إلى تقصي ودراسة، بما في ذلك فترة ولاية الأستاذ محمد مهدي عاكف التي شهدت حركة ضخمة مع النخب، واستمر على نهجه فضيلة المرشد محمد بديع، وكان له مواقف تسجل مع الأنبا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية المصرية حتى لحظات حياته الأخيرة، وأيضا خلال فترة رئاسة الشهيد الدكتور محمد مرسي كرئيس لمصر وتشكيله اللجان الاستشارية من كافة النخب الوطنية في جميع التخصصات (بغض النظر عن انسحاباتها التي تمت في ملابسات الله أعلم بحقيقتها).


1. أقصد هنا النخبة بتعريفها الغربي والتي تعني الفئة التي تملك القوة سواء القوة السياسية أو الاقتصادية أو الإدارية أو العلمية إلى غير ذلك من القوى، والتي لها تأثير في المجتمع من حولها؛ ففي القاموس الانجليزي هي «أقوى مجموعة من الناس في المجتمـع، التي لها مكانتها المتميزة وذات اعتبار». ويضيف قاموس أوكسفورد أنها «فئة اجتماعية تعتبر الأفضل من غيرها بسبب القوة أو الفن أو الثروة التي تملكها» (موقع إسلام وب).

2. الشيخ طنطاوي جوهري (١٨٦٢م: ١٩٤٠م )؛ تخرج في مدرسة دار العلوم وعُيِّن مدرسًا بعدة مدارس،عكف على تعلم اللغة الإنجليزية، حتى أتقنها وأصبح يتحدث بها بطلاقة تامة.في عام ١٩١١م، اختير لتدريس التفسير والحديث بمدرسة دار العلوم، واختِير ضمن هيئة التدريس بالجامعة المصرية، بلغ سن المعاش في عام ١٩٢٢م، فوهب نفسه لتأليف الكتب وتربية الشباب تربيةً إسلاميةً، من مؤلفاته:الزهرة في نظام العالم والأمم؛ حيث تحدث فيها عن عجائب الزهور، التاج المرصع بجواهر القرآن والعلوم، وهو عبارة عن مقدمة للتفسير، وترجم هذا الكتاب إلى التركية والفارسية والروسية، نهضة الأمة وحياتها، النظام والإسلام، جواهر العلوم، أين الإنسان؟، (الجواهر) في تفسير القرآن، وكتبه في 36 مجلدًا، وفي هذا التفسير طبَّق القرآن على النظريات الحديثة، واستخرج النظريات العلمية من نصوص القرآن، وانتشر هذا التفسير في بلاد الشرق الأقصى وتُرجِم لعدة لغات، وغير هذا من المؤلفات والمقالات التي امتلأت بها الصحف.

3. عبد العزيز باشا فهمي (ولد في كفر المصيلحة بمحافظة المنوفية في ١٨٧٠/١٢/٢٣ وتوفي عام ١٩٥١ م، وهو قاضٍ ومحامٍ وسياسي وشاعر مصري من أعلام الحركة الوطنية المصرية في الثلث الأول من القرن العشرين. وكان أحد الثلاثة الذين سافروا عقب انتهاء الحرب سنة 1918م، إلى دار الحماية (إنكلترا) للمطالبة بحق مصر في الاستقلال وهم: سعد زغلول ومحمد شعراوي وعبد العزيز فهمي، وقد اختلف مع سعد زغلول فعاد إلى مصر. في أوائل عام 1925 تولى عبد العزيز فهمي رئاسة حزب الأحرار الدستوريين وفي العام نفسه اختير وزيرًا للحقّانية (العدل) في وزارة أحمد زيور باشا، وظلَّ يشغل رئاسة الحزب إلى أن حدث الائتلاف بين الأحزاب المصرية، فوجدها فرصة سانحة لاعتزال السياسة وقدَّم على أثرها استقالته من رئاسة الحزب، ليتفرغ لمهنته الأصلية (المحاماة). المصدر موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة.

4. أحمد عبد الغفار باشا، ولد بمدينة تلا بمحافظة المنوفية وتوفي عام ١٩٦٨م، أحد مؤسسي حزب الأحرار الدستوريين، عين وزيرًا للزراعة في عدة وزارات في الفترة من ١٩٤٠م حتى ١٩٤٩م ومن إنجازاته البدء في إقامة قناطر إدفينا، وإنشاء سد أوين بأوغندا، وسد بحيرة تانا، وسد الشلال الرابع، وشق قناة السدود خط جونجلي، وإتمام خزان وادي الريان، وغير ذلك من الإنجازات.المصدر: موقع وزارة الموارد المائية والري المصرية.

5. طه حسين ( ١٨٨٩م - ١٩٧٣م)، أديب وناقد مصري، لُقّب بعميد الأدب العربي. يعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة، لا تزال أفكار ومواقف طه حسين تثير الجدل حتى اليوم، درس في الأزهر، ثم التحق بالجامعة الأهلية حين افتتحت عام ١٩٠٨م، وحصل على الدكتوراة عام ١٩١٤م ثم ابتعث إلى فرنسا ليكمل الدراسة. عاد إلى مصر ليعمل أستاذا للتاريخ ثم أستاذا للغة العربية.عمل عميدا لكلية الآداب، ثم مديرا لجامعة الإسكندرية، ثم وزيرا للمعارف. المصدر ويكيبديا الموسوعة الحرة.

6. حسن الهضيبي ( ١٨٩١م -١٩٧٣م) ولد في "عرب الصوالحة " مركز "شبين الكوم "، قرأ القرآن في كتاب القرية، ثم التحق بالأزهر، ثم تحول إلى الدراسة المدنية، التحق بمدرسة الحقوق، وتخرج فيها عام ١٩١٥م، عمل بالمحاماة حتى عام ١٩٢٤م حيث التحق بسلك القضاء.تدرج في مناصب القضاء، فكان مدير إدارة النيابات، فرئيس التفتيش القضائي، فمستشارًا بمحكمة النقض.

استقال من سلك القضاء بعد اختياره مرشدًا عامًا للإخوان ١٩٥١م، واعتقل للمرة الأولى مع إخوانه في 13 يناير ١٩٥٣، وأفرج عنه في شهر مارس من نفس العام، حيث زاره كبار ضباط الثورة معتذرين.اعتقل للمرة الثانية أواخر عام ١٩٥٤م حيث حوكم، وصدر عليه الحكم بالإعدام، ثم خفف إلى المؤبد. نقل بعد عام من السجن إلى الإقامة الجبرية، لإصابته بالذبحة ولكبر سنه. رفعت عنه الإقامة الجبرية عام١٩٦١م. أعيد اعتقاله يوم ١٩٦٥/٨/٢٣ في الإسكندرية، وحوكم بإحياء التنظيم، وصدر عليه الحكم بالسجن ثلاث سنوات، مددت مدة السجن بعد انتهاء المدة حتى تاريخ 15 أكتوبر ١٩٧١م، حيث تم الإفراج عنه يوم الخميس 14 شوال 1393هـ الموافق 11نوفمبر ١٩٧٣م. رحمه الله، وتغمده بواسع رحمته. ويكيبيدياالإخوان المسلمين.

7. الفريق عزيز المصري باشا (١٨٨٠–م-١٩٦٥م)؛ أحد أعلام العسكريين المصريين، كان ضابطًا بالجيش التركي قبل سقوط دولة الخلافة العثمانية سنة ١٩٢٤م، وحارب مع الجيش التركي في جبهة البلقان، كما كان قائدًا للجيوش المصرية والتركية في الحرب العالمية الأولى، رافق فاروق أثناء سفره إلى لندن، وعاد منها سنة ١٩٣٧م، تدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة "فريق"، وتولى رئيس هيئة أركان الجيش المصري سنة١٩٣٧م، ولما قامت الحرب العالمية الثانية حاول الاتصال بالألمان كي يستطيعوا هزيمة الإنجليز إلا أنه فشل في ذلك وقبض عليه. المصدر: ويكيبيديا الإخوان المسلمين. المصدر: الدعوة – السنة الثانية – العدد (٥٢) – فبراير ١٩٥٢.

8. الفنان أنور وجدي(١٩٠٤م- ١٩٥٥م)؛ ممثل ومخرج ومنتج مصري من أصول سورية كان من نجوم السينما المصرية ومن كبار صناعها منذ بداية الأربعينيات وحتى رحيله في منتصف الخمسينيات، كتب وأنتج وأخرج العديد من أفلامه التي كان نجمها وبطلها الأول، وبعد رحلة مع المرض توفى أنور وجدي عام 1955 وترك خلفه ما يقرب من 70 فيلم. ويكيبديا الموسوعة الحرة.

9. الفنان حسين صدقي (١٩١٧م - ١٩٧٦م)؛ ولد بحي الحلمية الجديدة في القاهرة لأسرة متدينة، كان يربطه صداقة قوية بالشيخ محمود شلتوت والذي وصف صدقي "بأنه رجل يجسد معاني الفضيلة ويوجه الناس عن طريق السينما إلى الحياة الفاضلة التي تتفق مع الدين". وارتبط أيضا بصداقة قوية مع الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وقتئذ.

درس التمثيل في الفترة المسائية بقاعة المحاضرات بمدرسة الإبراهيمية وحصل على دبلوم التمثيل بعد عامين من الدراسة. في مطلع ١٩٥٦م دعا صدقي عبر مجلة "الموعد " العقليات الفنية بأن يواجهوا الغزو الأجنبي بغزو مصري وعربي آخر "كما يصدرون هم أفلامهم التي يعتزون بها، علينا أن تكون لنا أفلام نعتز بها ونصدرها إليهم " ويضيف "أكيد سنصل وسنقيم في بلادنا صناعة سينمائية نظيفة".اعتزل حسين صدقي السينما في الستينات، وقام ببطولة 32 فيلمًا. وافق صدقي على الترشح في البرلمان، ولكنه لم يكرر التجربة. توفى في ١٩٧٦م وقد أوصى أولاده بحرق ما تصل إليه أيديهم من أفلامه بعد رحيله لأنه يرى أن السينما من دون الدين لا تؤتي ثمارها المطلوبة. وقبل وفاته بدقائق قال لأولاده:" أوصيكم بتقوى الله وأحرقوا كل أفلامي ما عدا سيف الله خالد بن الوليد" وصلى عليه الشيخ عبد الحليم محمود. ويكيبديا الموسوعة الحرة.