البيان الصحفي للمرشد العام في المؤتمر الصحفي 8/5/2005

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
البيان الصحفي للمرشد العام في المؤتمر الصحفي 8/5/2005


الحمد لله،والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد،وعلى آله وصحبه ومن والاه،أما بعد؛

فإن الله سبحانه وتعالى قد شاء بفضله ورحمته أن يحفظ دينه وأن يرعى أهله، وشاءت قدرته سبحانه وتعالى أن يكون حِفظ هذا الدين برجالٍ يحملون هذا الحق يبلغونه ويقومون عليه ويضحون في سبيله.

من أجل ذلك قامت جماعة الإخوان المسلمين،ومنذ نشأتها وهي تؤدي دورها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،وتدعو الناس جميعًا إلى الالتزام بتعاليم الإسلام، والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه،وقد لاقت الجماعة من عنتٍ وقرْح وسجنٍ وتعذيبٍ على مدى أكثر من نصف قرن ما يعرفه الجميع،فلم تلِن للرجال قناة،ولم يطفئ ذلك شعلة الدعوة بل كان هو المدد الذي زادها بتوفيق الله ثباتًا وعزمًا وتصميمًا وحرصًا على التضحية واستمرار المسار؛رغبةً فيما عند الله من جنةٍ وطمعًا في رحمته وخوفًا من عذابه حِسبةً له سبحانه وتعالى.

وقد أعلن الإخوان عن أهدافهم وبيَّنوا وسائلهم،وكلها شرعية وقانونية،وبات الناس يعرفون من نحن وماذا نريد.

وكما يعلم الجميع منذ السادس والعشرين من فبراير الماضي،حين أعلن السيد رئيس الجمهورية عن رغبته في تغيير المادة 76 من الدستور ليصبح اختيارَ رئيس الجمهورية بالانتخاب الحر المباشر من بين أكثر من مرشح،ووافق مجلس الشعب على طلب الرئيس من حيث المبدأ في 9 مارس الماضي،وبدأ تداول المادة على مستويات مختلفة لصياغة نصٍ جديد لها يحقق الهدف من تغييرها كما حدده رئيس الجمهورية.

وقد ظهر لنا أن هناك اقتراحات لصياغة المادة تفرغ التغيير من مضمونه وتجعل النص الجديد لا يحقق الهدف المنشود،وقد صدق ما قلناه؛حيث أقرت اللجنة التشريعية في مجلس الشعب يوم الخميس الماضي 5 مايو 2005 م صياغةً للمادة تجعلها- إن تمت الموافقة عليها- أسوأ من ذي قبل.

وخلال كل هذه الفترة وانطلاقًا من الشعور بالمسئولية الشرعية والوطنية والحرص على المصلحة العامة وأملاً في غدٍ أفضل لمصر تحركنا في المجتمع بوسائل مشروعة وقانونية طبقًا لصحيح الدستور والقانون وخاصة المادة 54 من الدستور،فعُقدت الندوات والمؤتمرات والتجمعات ووزعت البيانات والكلمات لتوضيح الأمر وشرح ما يجري وتعريف الناس به ليضطلع كل بمسئوليته.

والحق الذي لا مراء فيه هو أن الناس تجاوبوا وتحركت فئات كثيرة من المجتمع- وما حركة القضاة عن ذلك ببعيد- ترفع صوتها لتعلن رفضها واستنكارها لمحاولات وقف مسيرة الإصلاح التي لم تتحرك بعد!.

ولقد فوجئ الناس جميعًا برد فعل النظام بأجنحته السياسية والتنفيذية والأمنية ضد حركة الناس للإعلان عن آرائهم ورؤاهم.. وحدثت التجاوزات والاعتداءات على الجمهور وفي المساجد وأمام أبوابها وبعد الصلوات وقبلها!!

فأشعلت أجهزة الأمن فتنًا كانت نائمةً بالضرب بالعصي والرصاص المطاطي وبإلقاء القنابل المسيلة للدموع في بعض محافظات القطر.. حتى أوذي الناس وكسِرت العظام وكثر عدد الجرحى والمصابين وسقط المئات مغشيًا عليهم من تأثير الغازات.

وكانت المأساة الكبرى حين استشهد الأخ طارق طه مهدي غنام بمسجد الغنام في طلخا بجوار مدينة المنصورة.. قتلوه بضربه على رأسه، الأمر الذي أدى إلى نزيفٍ في المخ وغيبوبة بسبب الغاز،وكانت الوفاة،حيث صعدت روحه الطاهرة إلى ربها بعد صلاة الجمعة يوم 6 مايو 2005 م.

وليست هذه هي المرة الأولى؛ فلقد مات الشهيد مسعد قطب بفرع أمن الدولة بـ(جابر بن حيان) بالجيزة تحت سياط التعذيب وبين الجلادين، ثم استشهد المهندس أكرم الزهيري في مايو 2004 م وهو في محبسه بسجن (مزرعة طرة) من جراء الإهمال الجسيم الذي أدى إلى الموت.. ولم يصدر بحق الأول ولا الثاني نتائج تحقيقات تمَّت أو محاكمات عُقدت للجاني!!

إن الإخوان المسلمين - و مصر تمر بهذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخها- يعلنون:

أولاً: لا بد من تحقيق الإصلاح الشامل في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي،ويتعين على النظام أن يبدأ فورًا باتخاذ الإجراءات الجادة لذلك مع عدم التسويف أو المماطلة.

ثانيًا: على النظام- ورئيس الدولة على قمته- أن يقدم المسئول عن هذه التجاوزات وعن حالات القتل هذه للقضاء من أجل محاكمةٍ عادلة تُشفى بها الصدور،وفي هذا الصدد فإننا نحمِّل النظام المسئولية الكاملة عن كل الممارسات القمعية التي تمارسها المؤسسة الأمنية.

ثالثًا: لا بد من إعادة النظر ومراجعة تحديد دور الأمن بعد أن تغوَّل عن طريق ممارسة ونشر ثقافة القوة والعنف في المجتمع،وهو ما يؤدي- بالإضافة إلى المعاناة التي يعيشها المواطن المصري- إلى إيجاد بيئة خصبة لظهور العنف.

رابعًا: يجب الإفراج الفوري عن كل من أُلقي القبض عليه خلال هذه الأحداث المؤسفة التي اعتدى فيها رجالُ الأمن على الأمة بكل طوائفها.

خامسًا: النيابة الآن مطالَبة بممارسة دورها الحقيقي في الانتصاف للمظلومين،فهي المدافِعة عن هذا الشعب والساهِرة على إقامة العدل وإحقاق الحق.

سادسًا: إن مؤسسات المجتمع الآن جميعًا- بل وكل الشعب- مدعوون للمشاركة الفعالة بكل الوسائل السلمية المشروعة والقانونية لتصحيح هذا الوضع المشين،ولإزالة هذا الاستبداد عن كاهل الأمة.

سابعًا: إن أصحاب الدعوات يعرفون طريقهم،ويدركون قيمة ونُبل ما يحملون من حق،وأبناء دعوتنا والحمد لله يعلمون ذلك ويضحون من أجله بكل غال وثمين،وهم بفضل الله على الدرب سائرون،بالوسائل السلمية والحضارية وعبر القنوات الدستورية والقانون؛حتى يأتي أمر الله بالفرج.

ثامنًا: إن الإخوان المسلمين - وهم يتحركون الآن مع باقي أبناء الأمة- يؤكدون على استمرارهم في المطالبة بالإصلاح السياسي (كمدخل للإصلاح الشامل)،كما يؤكدون على مطالبتهم بتغيير المادة 76 من الدستور،بما يحقق الهدف المقصود منها،ويدركون أن الأمة مستهدفةٌ،وأن الوطن يتربص به الأعداء؛ ولذلك فإنهم يحرصون كل الحرص على أمن الوطن وسلامته.

تاسعًا: نعلن مطالبنا كما سبق واضحةً جليةً (سبق أن بيناها في مؤتمرنا السابق فارجعوا إليها).

  1. إيقاف العمل بقانون الطوارئ إيقافًا نهائيًا وفوريًا،وتهيئة المناخ الحر السليم للممارسة الديمقراطية الحقيقية،مثل حرية الاجتماعات الجماهيرية العامة،والتظاهر السلمي،والإفراج عن جميع السجناء والمعتقلين السياسيين،ووقف الإجراءات التعسفية وكافة أشكال التعذيب البدني والنفسي،الذي يمارَس من بعض أجهزة الأمن في حق المواطنين،وذلك كمقدمة لعمل مصالحة عامة بين أبناء الأمة بما يعمِّق الانتماء بين أبناء الوطن جميعًا.
  2. إلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية المقيدة للحريات،وعلى الأخص قانون الأحزاب،وقانون المدعى الاشتراكي،وقانون مباشرة الحقوق السياسية،والقانون 100 وتعديلاته بشأن انتخابات النقابات، ولائحة 79 بشأن الاتحادات الطلابية، وغير ذلك من القوانين التي أدت إلى حالة الجمود والانسداد السياسي الذي تعانيه الحياة السياسية المصرية،مع إطلاق حرية إصدار الصحف،وتشكيل الأحزاب السياسية دون أية قيود،وأن يكون الناخب هو المرجعية الوحيدة في تقرير شعبية ومكانة أيٍّ من هذه الأحزاب في الحياة العامة في مصر .
  3. تهيئة المناخ المناسب والسليم لإجراء انتخابات حرة تعبر تعبيرًا حقيقيًا عن الإرادة الشعبية في اختيار قيادتها وممثليها في مجلسَي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية،ويجب أن تتم تنقية جداول الانتخاب،والإسراع بالانتهاء من مشروع الرقم القومي لضبط عملية التصويت،وتوفير الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية برمَّتها وفي جميع مراحلها،والتوقف عن أية تدخلات خارجية تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية وحرية الناخبين في ممارسة حقهم،بل واجبهم الانتخابي.
  4. تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني،وإزالة المعوقات أمام إنشائها،وعدم التدخل في شئونها من قِبل الأجهزة الأمنية.
  5. لن يكتمل الهدف من تعديل المادة 76 من الدستور إلا بتعديل مواد أخرى تتعلق بالصلاحيات غير المحدودة التي يتيحها الدستور لرئيس الجمهورية،وكذلك بعدد مرات ولاية الرئيس ومدة الولاية الواحدة؛حيث ينبغي ألا تتجاوز فترة الرئاسة أربع سنوات قابلةً للتمديد لمدة واحدة فقط.

عاشرًا: فيما يتعلق بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية نطالب مجلس الشعب في جلسته التي ستنعقد في 10/5/ 2005 م بعدم الموافقة على نص المادة التي وافقت عليها اللجنة الدستورية والتشريعية بالمجلس،وإزالة الشروط التعجيزية الخاصة بالترشيح حتى تتسق المادة الدستورية الأخرى.

وفي النهاية نؤكد أنه لا يصحُّ في النهاية إلا الصحيح، ولا يتصوَّر أحد أن الله غافلٌ عما يعمل الظالمون.

والأيام تمضي ولا يبقى إلا الحق ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾(الرعد: 17)، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج:40)، ﴿واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الرعد: 17).

المصدر