التشريعات الصحفية وانتخابات البرلمان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التشريعات الصحفية وانتخابات البرلمان

22 فبراير 2010

بقلم: ضياء رشوان

حين يطالع المرء عنوان هذا المقال يمكن أن يذهب ذهنه إلى عديد من المستويات التى تجمع بين الصحافة والانتخابات فى مصر، خصوصا الانتخابات المقبلة البرلمانية فى العام الحالى والرئاسية فى العام المقبل.

والحقيقة أنه من بين هذه المستويات المتعددة التى تجمع الصحافة فى مصر بالانتخابات المقررة خلال هذين العامين الحاسمين، فإن مستوى رئيسى هو الذى سوف يحظى بتركيز أكبر فى المقال الحالى، وهو ربما الأكثر أهمية بالنسبة للصحفيين، مهنة ونقابة ومؤسسات صحفية.

وهذا المستوى من العلاقة هو ذلك الذى يربط الصحافة كمهنة ونقابة ومؤسسات قومية بالبرلمان بمجلسيه الشعب والشورى ومن ثم بالانتخابات الخاصة بكل منهما.

فمن حيث المهنة والمؤسسات، فإن مجلس الشورى برئيسه والمجلس الأعلى للصحافة يعدان الجهة الرئيسية التى تتحكم بملكية وإدارة كل المؤسسات الصحفية القومية، فضلا عن أن الأخير هو المخول بحكم الدستور بالإشراف على أوضاع المهنة بكل مستوياتها.

أما من حيث قانون النقابة والتشريعات الأخرى المنظمة للمهنة وأصحابها فهى كلها تعد من الناحية الدستورية «تشريعات مكملة للدستور».. الأمر الذى يستلزم إقرارها عبر مجلسى البرلمان، الشعب والشورى ــ وليس الأول وحده ــ الأمر الذى يجعل من تشكيلهما والطريقة التى يعملان بها والتيارات السياسية المختلفة التى تتقاسم مقاعدهما من أخص شئون الصحافة والصحفيين ونقابتهم.

من هنا فإن عرض بعض التشريعات الخاصة بالنقابة أو المهنة على مجلسى البرلمان يجب أن يأخذ فى اعتباره تشكيلهما والتوقيت، الذى يتم العرض فيها تحسبا للوصول لنتائج قد لا تكون مرضية للصحفيين أو نقابتهم أو أوضاع مهنتهم.

ومن هنا فإن ما أثير من حديث مؤخرا حول اتجاه نية بعض القائمين على نقابة الصحفيين بالبدء فى إعداد مشروع قانون جديد للنقابة يكون بديلا للقانون رقم 76 لسنة 1970 يستوجب مناقشة جدية له من تلك الزاوية وزوايا أخرى لها علاقة بمصالح الصحفيين ونقابتهم ومهنتهم.

فأما عن زاوية توقيت عرض مشروع القانون الجديد والتشكيل الحالى لمجلسى البرلمان فهو يرتبط قبل كل شىء بأن كليهما يعقد فى الوقت الحالى آخر دور انعقاد له قبل حلول انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى فى مايو القادم، وانتهاء الفصل التشريعى لمجلس الشعب فى نفس التوقيت استعدادا لإجراء انتخاباته فى أكتوبر الذى يليه. وهنا تظهر مسألة تشكيل المجلسين وأهميتها بالنسبة للتوقيت، حيث من المعروف أن الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم يهيمن عليهما بأغلبيته وأن هذه الأغلبية تنتظر الآن قرارات الحزب بشأن إعادة ترشيحهم لمقاعد المجلسين فى الانتخابات السابق الإشارة إليها.

ومن ثم فإن استعداد أغلبية هؤلاء الأعضاء لمقاومة أى ضغوط تمارسها عليهم قيادة حزبهم بخصوص مشروع قانون النقابة سوف يكون أضعف ما يمكن، وهو ما قد يؤدى فى حالة عرض المشروع فى التوقيت الحالى إلى استمرار ممارسة تلك القيادة لنهجها المستمر منذ زمن بعيد فى إصدار تشريعات تحرم الصحفيين من حقوقهم الأساسية وتجور على ما حصلوا عليه من مكتسبات عبر نضالهم الطويل.

والأمر هنا ليس مجرد توقعات بالأسوأ من سلوك قيادة الحزب الحاكم فى البرلمان، بل له سوابقه التاريخية التى كان أخطرها إصدار القانون 93 لسنة 1995 فى غفلة من الزمن، والذى نجح الصحفيون عبر وحدتهم ونقابتهم أن يسقطوه بلا رجعة بعد أشهر طويلة من الصمود، ثم أتى تقاعس تلك القيادة عن تنفيذ وعد رئيس الجمهورية لنقيب الصحفيين السابق الأستاذ جلال عارف بإلغاء مواد الحبس فى قضايا النشر من جميع القوانين المصرية،حيث لم يتم إلغاء سوى عدد قليل منها وظل الباقى على حاله بعد نحو ست سنوات من صدور الوعد الرئاسى.

من هنا فإن التريث فى تقديم أى مشروعات خاصة بالصحافة مهنة أو نقابة إلى البرلمان حتى إتمام انتخابات مجلسيه سيكون هو الوضع الأكثر مناسبة لخروجها منه بالصورة التى دخلت بها إليه، وليست مشوهة ــ كما جرت العادة ــ ومتعارضة مع مصالحهم وأهدافهم.

إلا أن هذا الشرط لن يكون وحده كافيا للوصول إلى هذه المصالح والأهداف،فالأمر يتطلب من نقابة الصحفيين دورا أكثر مبادرة فى شأن التشريعات الصحفية عموما. وأول القول هنا هو إن مجلس النقابة قد أحسن اتخاذ قرار بعقد مؤتمر عام للصحفيين مخصص لمناقشة بعض من أبرز قضاياهم،وهو الآن بصدد إعداد أجندة هذا المؤتمر.

ولعله من المناسب أكثر هنا أن يكون هذا المؤتمر مخصص بمجمله لعنوان عريض، وهو «التشريعات الخاصة بالصحافة»، حيث يقوم بمناقشة جميع التشريعات التى تمس المهنة والنقابة، واضعا لها سلما للأولويات بحيث يكون المعيار الوحيد هو مصالح الصحفيين وما يعترض طريقهم من مصاعب، سواء طريق ممارسة مهنتهم أو التمتع بحياة كريمة وأجور عادلة.

وفى هذا السياق يبدو قانون النقابة فى مؤخرة الأولويات التى يأتى فى المقدمة منها مشروعات قوانين تخص الدمغة الصحفية وتخصيص نسبة من حصيلة إعلانات الصحف للنقابة ولائحة عادلة لأجور الصحفيين واستكمال إلغاء مواد الحبس فى قضايا النشر والحصول على قانون واف لحرية تداول المعلومات.

وعقد هذا المؤتمر العام الخامس للصحفيين حول تشريعات مهنتهم يمكن أن يكون بعد ثلاثة أشهر من الإعداد الجيد له من جانب مجلس النقابة ومن يرغب من أعضاء جمعيتها العمومية، على أن يسبق ذلك صدور قرارين واضحين من المجلس بخصوص التشريعات الصحفية..

الأول بجدول أعمال وموعد انعقاد المؤتمر العام، والتأكيد على أنه الجهة الوحيدة المختصة بإعداد مشروعات التشريعات الصحفية، وأنه على الجهات البرلمانية أن تنتظر إقرارها من جانب الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين.

أما القرار الثانى، فيخص المشروع المعد من جانب الحكومة لقانون حرية تداول المعلومات، حيث يتم التنبيه بوضوح على أن النقابة ستكون هى الجهة الوحيدة المؤهلة لتقديمه بعد صياغته من المؤتمر العام الخامس وإقراره من الجمعية العمومية وأنها لن تشارك فى مناقشة أى مشروعات أخرى له من خارجها.

ويبدو واضحا من الصياغات السابقة أن المؤتمر الخامس المقترح عقده ستكون مهمته هى إعداد مشروعات القوانين المطلوبة كلها، على أن تعرض بعد استكمالها على انعقاد للجمعية العمومية سواء كان عاديا أو غير عادى لإقرارها نهائيا بحيث تصبح المشروعات الرسمية التى تتبناها النقابة باسم أعضائها عند تقديمها للبرلمان.

وفور استكمال تلك الخطوات بداخل الجماعة الصحفية ونقابتها، فإن الواجب عليها وعلى مجلس النقابة وكل الناشطين من أعضاء جمعيتها العمومية أن يعدوا خطة مفصلة للتحرك الإعلامى والبرلمانى والتنسيق مع النقابات المهنية الأخرى، من أجل توفير أفضل ظروف لعرض مشروعات قوانينهم على البرلمان، بما يرفع من نسبة قبولها بالصورة التى أقروها بهم فى مؤتمرهم العام وجمعيتهم العمومية.

وفيما يخص الدعوات التى تعالت خلال المعركة الانتخابية الأخيرة فى النقابة ثم تجددت ثانية خلال الأيام الأخيرة مطالبة بتغيير قانون النقابة بحجج مختلفة، أبرزها أنه قانون قديم مر على صدوره أربعون عاما ويحمل مصطلحات وإشارات إلى أوضاع تتعلق بالاشتراكية والاتحاد الاشتراكى انتهى عهدها منذ وقت بعيد، فهى فى الحقيقة لا تملك من الحجج القوية ما يجعل هذا التغيير أمرا عاجلا يستحق كل هذه الجلبة.

فمن الناحية الواقعية سقطت كل تلك المصطلحات والأوضاع وهى فى حد ذاتها لا تمثل بأى حال جوهر هذا القانون ويمكن بسهولة التعامل معه فى ظل وجودها دون مشكلات تذكر كما جرى الأمر خلال الأعوام الثلاثين الماضية. إن خطورة البدء بتغيير قانون النقابة بقيت دوما هى التخوف من توسيع عضويتها وضم زملاء آخرين من العاملين فى مهن إعلامية خارج نطاق الصحافة، وهى دعوة خطيرة تكررت فى كل مرة كان يطرح فيها تغييره، يجب على جموع الصحفيين التصدى لها وإلا فقدوا نقابتهم للأبد.

وبغض النظر حتى عن هذه القضية الخطيرة التى قد لا ترد فى التعديلات التى يقترحها بعض الزملاء فى قانون النقابة، فإن الأهم هو الفلسفة التى تحكم القانون الحالى والقانون الجديد المزمع إعداده، فيجب فى الجديد أن يتوسع أكثر فيما ذهب إليه الحالى من ضمانات للصحفيين فى ممارسة مهنتهم وحقوق مادية ومالية منحها لهم، وليس أن يقلل منها ويحد من مساحتها فى وقت زادت حاجتهم فى ظل الظروف الجديدة التى يعيشون ضمنها للمزيد منها.

أما قضية القيد فى النقابة، والتى يرفعها البعض كقميص عثمان لتبرير العجلة فى تعديل قانون النقابة، فإن حلها المؤقت موجود فى نصوص القانون الحالى نفسه، والذى يسمح للنقابة بأن تكون صاحبة الولاية الأصيلة والوحيدة فى قيد الأعضاء الجدد، بما ينزع عن إدارات الصحف سلطة التحكم فى الصحفيين الجدد، حيث من الممكن قانونا إنشاء لجنة جديدة فى النقابة تضم عددا من شيوخ المهنة والخبراء لاختبار الزملاء الجدد، ومراجعة إنتاجهم الصحفى تمهيدا لتحويل أوراقهم إلى لجنة القيد التى تتحول إلى لجنة ذات طابع إدارى..

بما يرفع الحرج الذى يتحدث عنه البعض عن أعضائها المنتخبين فى مجلس النقابة، مع تفعيل جدول الانتساب محاطا بضوابط محكمة تمنع تسرب غير الصحفيين إلى عضوية النقابة.

المصدر