الجانب الآخر من حياة الرنتيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الجانب الآخر من حياة الرنتيسي

مقدمة

عرفه الجميع بمواقفه الحازمة والشجاعة، وتصريحاته الجهادية، وشخصيته القوية، وحكمته الصائبة؛ لكن ربما يجهل الكثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني عامةً، ومن أبناء الحركة الإسلامية خاصة، الجانب الآخر من حياة الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي - القائد العام ل حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة - فقد كان- رحمه الله- الزوج الحنون، شديد الحياء، والوالد والجد المبدع في التعامل مع أبنائه وأحفاده، والجار العطوف، وقد زرع في أسرته حب الدين والوطن.

التقرير التالي يسلط الضوء على بعض هذه الجوانب من حياة الدكتور القائد أبو محمد، الذي لقي ربه في عملية اغتيال صهيونية جبانة مساء يوم السبت الموافق السابع عشر من إبريل 2004 م برفقة اثنين من مرافقيه؛ القائد القسامي أكرم منسي نصار، والمجاهد أحمد الغرة .

التمسك بالثوابت الفلسطينية

الشيخ ربحي عبد العزيز الرنتيسي ابن عم الدكتور عبد العزيز قال: إن الدكتور عبد العزيز كان يسير بخطًَى ثابتةً، متمسكًا بالثوابت الفلسطينية، والمعادلة عنده هي عدم التنازل عن ذرة من تراب فلسطين ، أما على صعيد العائلة فقد كان الأب الحاني والزوج العطوف، كان يجمع ولا يفرِّق، ويحاول أن يحل مشكلات العائلة، ويجمع شملها في الأفراح والأتراح، وقد كان واصلاً للرحم، فقد كان في العيد- مع عظم مشاغله- لا يترك بيتًا من آل الرنتيسي إلا ويزوره، ولا يختلف على حسن خلقه وأمانته اثنان.

شديد الحياء.. حافظ لكتاب الله

ويضيف أنه من لم يقترب من الدكتور لا يعرفه جيدًا، فقد كان شديد الحياء، وقد كان من القلائل الذين حفظوا كتاب الله- تبارك وتعالى- وثبَّتوا هذا الحفظ في عقولهم وقلوبهم، كان محافظًا على طاعة الله، صاحب الكلمة الثابتة التي لا تتزعزع.

وعن المدة التي قضاها الدكتور في المعتقل يقول الشيخ ربحي: لقد كنت أحبه حبًّا شديدًا، وهو يبادلني نفس الشعور، وقد عايشته داخل المعتقل وخارجه؛ حيث كنا داخل معتقل النقب الصحراوي، وكنت أنا وإياه في غرفة واحدة، فكان الصنديد البارز في مواجهة السجَّان الصهيوني .

من مواقف الدكتور الخالدة

ومن بين المواقف التي أذكرها له في المعتقل عندما جاء الضابط الصهيوني ودخل إلى الغرفة، فوقف جميع من فيها إلا هو، فلما سأله الضابط: "لماذا لم تقف لي؟!"، قال: "أنا لا أقف إلا لله"، فغضب الضابط وأمر بعزله عزلاً انفراديًّا، ومكثَ في العزل الانفرادي 45 يومًا على خلفيَّة هذا الحادث، وبعد أن عاد إلى الغرفة منتصرًا؛ حيث لم يتنازل قال لنا: "لقد كان العزل نعمةً وبركةً عليَّ؛ حيث ثبَّت حفظي للقرآن الكريم".

ويوضح الشيخ ربحي أنه اعتقل في سجون السلطة، وعندما خرج زاره الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على مدار أربعة أيام متتالية، فكان يذكر هذا الصنيع للدكتور، وزاد حبه له على أثر ذلك.

الإيمان بقضاء الله

ويقول: إنه كان مؤمنًا بقضاء الله وقدره، وكان يقول: "كيف أهرب من قدر الله، وأنا أتمنَّى الشهادة"، وبعد توليه هذا المنصب لم يتغير أبدًا؛ حيث إنه كان مطلوبًا قبل وبعد القيادة، وكان يعلم أنه من الممكن أن يتعرَّض للاغتيال في أية لحظة.. لقد كان توليه هذا المنصب خيرًا لنا في العائلة؛ حيث إننا أصبحنا لا نختلف مع الناس؛ حتى لا يظنوا أننا نعتمد على الدكتور؛ بل زاد حبنا وتواضعنا واحترامنا للناس.

أم محمد واللحظات الأخيرة

"أم محمد" زوجة الشهيد عبد العزيز الرنتيسي

"كان سعيدًا جدًّا على غير عادته، وطوال جلسته معنا قبل دقائق من اغتياله كان يردِّد الأنشودة التي تقول: "أن تدخلني ربي الجنة.. هذا أقصى ما أتمنَّى"، وحدثنا عن رغبته بالشَّوق للشهداء.." بهذه الكلمات وصفت أم محمد الرنتيسي اللحظات الأخيرة من حياة زوجها الذي اغتالته قوات الاحتلال مع اثنين من مرافقيه بثلاثة صواريخ، أطلقتها مروحيات الأباتشي باتجاه سيارته قرب شارع الجلاء ب غزة .

وأضافت أم محمد: قبل دقائق من اغتياله كان الشهيد الدكتور أبو محمد معنا، وكانت ترتسم على وجهه علامات فرح غريبة، جعلتني أوقن أن القصف الذي حدث بعد خروجه مباشرةً نال منه، وأيقنَّا بعدها أنه استشهد قبل أن يذاع الخبر وتؤكده وسائل الإعلام.

وأضافت أم محمد أن زوجها الراحل كان مصدر قوة ل حركة حماس ؛ لكن حين يكتب الله نهاية أجله.. فإن حركة حماس لن تضيع.. وذكرت أنها كانت تتوقَّع اغتيال زوجها مثلما كان- رحمه الله- يتوقع ذلك في كل لحظة، وأضافت أن استشهاده لم يفاجئْنا، لا أنا ولا أبناءه؛ لأنه هيأَنَا لهذا اليوم.

وقالت زوجة قائد حماس الشهيد: إن زوجها كان متواجدًا مع أسرته رغم حذَرِه الشديد من محاولات النَّيْل منه، فقد كان يتوقَّع أن تطاله صواريخ الاحتلال في أي وقت"، مؤكدةً أن رحيل زوجها- وقبله الشيخ أحمد ياسين - لن يُضعِف المقاومة؛ بل سيَزيدها قوةً وثباتًا.

نال ما تمنى

وتابعت قائلةً: "الحمد لله الذي منح زوجي ما كان يتمناه"، وأضافت "هنيئًا لك يا أبا محمد الشهادة، هنيئًا جوارك مع النبي- صلى الله عليه وسلم- ومع الشيخ أحمد ياسين ومع المجاهدين"، وعبَّرت عن فخرها واعتزازها بالشرف الذي ناله زوجها، وقالت: "إنني أقف اليوم موقف فخر واعتزاز في عرس زوجي؛ حيث يزف إلى 72 حورية من الحور العين، وتمنَّت من الله أن تلحقه في الوقت القريب".

أما ابنة الشهيد "آسيا"- وهي متزوجة ولديها أربعة أولاد- فقد عبَّرت عن فخرها بالمكانة والدرجة التي حظي بها والدها الشهيد، وقالت: "هنيئًا لك يا أبي الشهادة، فقد نلت ما تمنيته".

المربي المتميِّز

وأضافت أن استشهاد والدها- وخروج مئات الآلاف من المواطنين في جنازته- أكد أن شعبنا مصمِّم على خيار المقاومة، وأضافت أن شهادته- بإذن الله- ستكونُ بدايةَ النصر"، موضِّحةً أن والدها الشهيد ربَّى جميعَ أبنائه وبناته على حب الجهاد"، وقالت: "كان يشفي غليلنا بمواقفه القوية"، مضيفةً أنه كان نعم الأب، لا يفرِّق بين أحد من أبنائه.

حب الدين والوطن

وقالت: "إن والدها الشهيد زرع في أسرته حب الدين والوطن، ورغم انشغالاته الدائمة لم نشعر أنه بعيد عنا، وكانت حياتنا الأسرية سعيدة، وكان دومًا يعبر عن رغبته في الاستشهاد، ويتمنَّى الشهادة منذ كنا أطفالا"، وفي غمرة انشغالها باستقبال وفود المهنئات كانت زوجة الشهيد تخصِّص جزءًا من وقتها للحديث مع ممثلي وسائل الإعلام المختلفة.. كانت قويةً ومتماسكةً ومحتسبةً عند الله مصيبتَها في زوجها، رغم علامات التأثُّر التي بدت على وجهِها.

عطوف على الأهل والفقراء

الدكتور صلاح- شقيق الدكتور عبد العزيز- قال: بعد خروجي من صلاة العشاء تلقَّيت الخبر، وقد كنت في طريقي إلى عيادتي، فعندما أخبرني شاب أنَّ هناك حادثًا، ذهبت مباشرةً لأتابع الأخبار، ووجدت أخي في حالة خطيرة جدًّا، وبعد دقائق جاء خبر الاستشهاد؛ ولكن كان للخبر تأثيرٌ كبيرٌ على نفسيتي ونفسية العائلة، إلا أننا سرعان ما سعِدنا بهذه الشهادة التي طالما حلم بها.

ويضيف الدكتور صلاح: لقد كانت زوجته صابرةً ومحتسبة جدًّا، بعكسنا نحن الإخوة والأبناء، فقد اتصلت بهم في غزة ؛ لأنني في خان يونس، فكانت هي التي تصبِّرنا وتهدِّئ من رَوعنا وحزننا.

وحول سؤالنا له عن خصال الدكتور وكيفية تعامله مع عائلته قال: إنه أب حنون، عطوف، أب يحافظ على أبنائه، زوج يحترم زوجته، أخ يحب إخوته وأخواته، طبيب مخلص محب لدينه ووطنه، كان كثيرًا ما يعالج المرضى الفقراء دون مقابل.

ويضيف الدكتور صلاح لم يكن الدكتور شقيقي فقط.. بل كان أبي في نفس الوقت؛ حيث إنه ربَّاني، وربَّى إخوتي وعلَّمني أنا وإياهم، حتى أصبحت طبيبًا، ثم ساعدني كذلك في زواجي.. لقد رأيته في اليومين الأول والثالث لاغتيال الشيخ بساعات؛ وهو الأمر الذي أراحني وأسعدني أن أجلس معه قبل استشهاده، فقد فعلت المستحيل لأحضر من خان يونس لرؤيته في الساعة الثالثة فَجرًا، وجلستُ معه حتى الساعة السادسة صباحًا، فكان ذلك راحةً وطمأنينةً لي.


المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.