الجيش .. سلطة فوق الدولة - (دستور) .. تكتبه الاقلية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الجيش .. سلطة فوق الدولة (دستور) .. تكتبه الاقلية


المقدمة

كان احد اخطر نتائج انقلاب 2013 الغاء دستور الثورة (2012) لصالح اخر اسميناه (وثيقة الانقلاب) كتبته اقلية سياسية ودينية ، فانتج اخطر اثر وهو ان يكون الجيش سلطة فوق سلطة الدولة ! ولم يخلو الامر بطبيعة الحال من مكافأة كل من شارك في هذا الانقلاب ثم جرى تعديل على وثيقة الانقلاب ليعزز من سلطة الجيش على حساب شركاءه في الانقلاب نرصد في هذه الورقة تلك التطورات (الدستورية) واثارها .

أولا: أهمية الدستور

الشعب هو اصل الدولة ومانح السلطة ، ومن خلال ممثليه المنتخبين تتكون سلطتان (التنفيذية والتشريعية) ثم تنضم اليهم سلطة ثالثة (القضاء) .. ولضمان عدم تغول سلطة على أخرى او اختطاف (الدولة) لصالح فرد او فئة او مجموعة .. كان الدستور الذى هو عقد بين الحاكم والمحكوم (الشعب) والذى يضمن التوازن بين سلطات الدولة ويضمن كذلك التداول السلمى للسلطة (فالدولة ليست بديلا عن المجتمع والأمة) وهذا هو الفارق الاساسى بين الدولة الشمولية التي تديرها فئة من الناس مغلقة عليهم وبين الدولة الديمقراطية

ثانيا : دستور .. كتبته اقلية

والمقصود هنا وثيقة الانقلاب (2013) والتى كتبت بعد انقلاب الجيش على الرئيس مرسى وتعطيل دستور 2012 ..

دستور (الثورة) 2012

لأول مرة في التاريح المصرى تتشكل هيئة (منتخبة) لاعداد الدستور في 2012 فترة الرئيس مرسي .. فيتم عرقلتها ! مرة بحلها بحكم قضائى في مرة أولى ، ومرة بانسحاب البعض منها في مرة ثانية ، ومرة أخيرة بمحاولة اقتحام القصر الجمهورى واحداث فوضى في البلاد !

لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل .. فيتم تعويض المنسحبين باخريين احتياطيين (منتخبين) في المرة الثانية وتم حماية القصر في المرة الأخيرة ولكن بعد دفع ثمن باهظ .. ترأس لجنة اعداد الدستور شيخ القضاه المستشار حسام الغريانى احد ابرز قضاة تيار الاستقلال ، واشرف على كتابة وتلاوة موادها الفقيه القانونى الكبير الدكتور حسين حامد حسان

التمثيل الشعبى: ضمت جميع أطياف وفئات الشعب من إسلاميين وليبراليين ويساريين وقوميين ومستقلين ومسلمين ومسيحيين بالإضافة لشباب الثورة ، وعندما انسحبت بعض الجهات - بايعاز من المؤسسة العسكرية - كان قد تم التوافق على "95%" من مواد الدستور ، وتم التعويض عن المنسحبين باخريين منتخبين (احتياطيين) ..

استغرق عملها ستة اشهر ، وعرضت اعمالها على الاعلام في شفافية لم تحدث من قبل ، وتمت الموافقة على موادها مادة مادة امام الشعب المصرى كله حتى عندما طرح الدستور على الشعب للاستفتاء عليه ، تمت الموافقة عليه بنسبة كبيرة (63.8%) .

لجنة الخمسين لوثيقة انقلاب 2013

تشكلت هيئة معينة (خمسون عضو) غير منتخبة وبقرار من انقلابى مؤقت غير منتخب ترأس لجنة الخمسين المرشح الرئاسي الخاسر والسفير السابق عمرو موسى ، واشرف على كتابة مواد الدستور وصياغتها شاعر العامية سيد حجاب

التمثيل الشعبى: هيمن على لجنة الخمسين المعينة لون واحد فقط ، وهم التيار العلماني من جهة والموالين للمؤسسة العسكرية والأمنية من جهة ثانية .. وغاب عنه كل مؤيدى المسار الديمقراطى وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمين صاحبة الشعبية الأكبر في كل الانتخابات التي أجريت خلال الثورة !

استغرق عملها شهران وتمت بعيدا عن الاعلام اتسمت عمليّة صوغ مشروع دستور عام 2014 بانعدام الديمقراطيّة، سواء أكان ذلك بتعيين جميع أعضاء لجنة الخمسين المكلّفة بتعديل الدستور وليس انتخابهم خلافًا للجمعيّة التأسيسية لكتابة دستور عام 2012، أم بإقصاء معارضي الانقلاب العسكريّ بصورة متعمدة.

ديباجة .. احتلال العسكر

لم تذكر ديباجة دستور 2012 القوات المسلحة إلا في الإشارة لانحيازها لإرادة الشعب في خلع الرئيس حسني مبارك، ثم في تحديد دورها بالدفاع عن الوطن بعيدا عن السياسة جاءت لغتها مباشرة ورصينة، واتخذت من ثورة 25 يناير 2011 الأساس والمنطلق لها، فأول سطر فيها يقول: "هذا هو دستورنا: وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي فجّرها شبابنا، والتف حولها شعبنا..".

كما أكدت ديباجة دستور 2012 أيضا على دور الشرطة في توفير الأمن وخدمة الشعب وحمايته، مع احترام كرامة الإنسان

وثيقة الانقلاب 2013

حذفت ديباجة وثيقة الانقلاب تلك العبارة من ديباجة دستور 2012 (.. وقواتها المسلحة مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل في الشأن السياسي) !

فإن ديباجة دستور 2013 أسهبت في الحديث عن الجيش من وصف جنوده بـ"خير أجناد الأرض"، مرورا بتأسيسه على يد محمد علي، وليس انتهاء بذكر مآثره وأفضاله على مصر. همّشت ديباجة التعديلات الدستورية ثورة الخامس والعشرين من يناير، وذكرتها ضمن ثورات أخرى وقرنتها دائما بالثلاثين من يونيو، فاسمها في هذه الديباجة "ثورة 25 يناير - 30 يونيو"، ويأتي ذكرها ضمن ثورات أخرى مثل ثورة 1919، وثورة يوليو 1952.

بينما لم تذكر ديباجة التعديلات الدستورية أي شيء عن دور الشرطة، في حين تؤكد على ضرورة توافق الدستور مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ثالثا: الشعب .. اغتيال الحرية وضياع الهوية

جاءت مواد وثيقة الانقلاب كلها تخفيفا أو إلغاءا لمعظم الضمانات التي تكفل للمواطن الحرية في الاختيار ومن ثم محاسبة السلطة والرقابة عليها !

الهوية

  • وثيقة الانقلاب 2013

حذفت المادّة 219 التي تنص على أنّ "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة"، بالإضافة إلى المادة 44 التي نصّت على حظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة، كما حذفت المادة 10 التي أشارت إلى دور الدولة والمجتمع في صيانة الأسرة.

وحذفت المادة 4 التي خوّلت مؤسسة الأزهر بأنّ تكون مرجعية دستورية في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. والجدير بالذكر أنّ هذه الأخيرة كانت اقتراحًا من القوى المدنيّة، وقد اشترطتها للموافقة على الدستور السابق اعتقادًا منها بأنّ ذلك سوف يسحب البساط من تحت أقدام القوى الإسلاميّة.

تعليق .. بقاء مادة ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع لم يتم تفعيلها من ساعة إقرارها ، ليس لأن الأداة الدستورية كانت غير كافية، ولكن لأن التوازن السياسي لم يتح لأي من القوى الإسلامية فرض رؤيتها باستخدام هذا النص الدستوري، من وقت إقراره في ظل حكم الرئيس الأسبق أنور السادات وحتى الآن.

حرية الافراد

  • حذف الانقلاب كون الحجز في أماكن غير لائقة أو التعذيب والمعاملة غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز "جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون"، واكتفت بالنص على "التزام الدولة بتوفير أماكن لائقة إنسانيًا وصحيًا".
  • حذف حق "التظلم من رفض إعطائها "المعلومات"، وما قد يترتب على هذا الحق من مساءلة".
  • حذفت المسودة الحالية الضمان المتعلق بحق "المضرور في إقامة الدعوة الجنائية عنها بالطريق المباشر" في حالة الاعتداء على الحقوق والحريات

تكوين الأحزاب

نص الانقلاب صراحة على منع قيام الأحزاب "على أساس ديني" .. فاستبعد بذلك قطاع كبير من الشعب المصرى من العملية السياسية تمام !

انتخابات مجلس الشعب

تزوير الانتخابات ليست جريمة: المادة 55 من دستور 2012 الذى استفتى عليه بنسبة 64% كانت تحظر نصًا على عدم تدخل أي من أجهزة الدولة بالتأثير في العمليات الانتخابية ومعاقبة من يقوم بذلك وأكد القدوسي أن هذه العبارة قد تم حذفها من دستور ما تسمى بـ"الخمسين" تمهيدًا لتزوير الانتخابات ، استبدلت بها المادة 87 بعد ان حذفت العبارة التالية منها (وتكفل الدولة سلامة الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها. وتدخل أجهزتها بالتأثير فى شىء من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون) !

نتيجة الاستفتاء ليست ملزمة: فقد كانت المادة 150 من دستور 2012 تنص على: "لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة التي تتصل بمصالح الدولة العليا. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من موضوع وجب التصويت على كل واحد منها. ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة في جميع الأحوال".

بينما تنص المادة المقابلة لها، وهي المادة 157 من وثيقة لجنة الخمسين المعينة على: "لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح الدولة العليا. وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة وجب التصويت على كل واحدة منها". وبهذا تكون الوثيقة قد حذفت من نهاية المادة النص الذي يقول: "ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة في جميع الأحوال". وبناء عليه لا تكون النتيجة ملزمة.

رابعا: الرئيس .. العودة للحاكم للفرد

حيث تطورت المواد التي تنظم صلاحيات الرئيس في وثيقة الانقلاب مرتين ، مرة حين الانقلاب ومرة عند التعديل (سنذكرها لاحقا)

الرئيس

  • ماقبل الثورة:

كانت الحكومة مجرد سكرتارية تنفيذية ، تأتمر باوامر الرئيس

  • دستور الثورة 2012:

إلزام رئيس الجمهورية بالاستقالة حال عدم التصويت بالموافقة في استفتاء شعبي على دعوة الرئيس إلى حل البرلمان توزيع السلطة بين الرئاسة ومجلس الوزراء حرص دستور 2012 على توزيع السلطة بين الرئاسة ومجلس الوزراء ، فكلاهما ملزم بالمشاركة في اتخاذ القرار والإشراف على تنفيذه (المواد 140 – 150) .

  • (دستور) الانقلاب 2013:

إلزام رئيس الجمهورية بالاستقالة: تم حذف هذا النص من دستور (الانقلاب) بالإضافة الى صلاحياته في مواجهة مجلس الشعب المنتخب وسع الانقلاب من صلاحيات الرئيس (المادة 123) حيث جعل من حقه تعيين (5%) من أعضاء مجلس النواب ! كما لم يعد مُلزما بتكليف رئيس الوزراء من الحزب أو الائتلاف الحزبي الأكبر في مجلس النواب (المادة 146) ؛ ومن ثم فلاقيمة لفوز حزب ما بالأغلبية او الأكثرية ، سوى في عدد المقاعد فقط !

حل مجلس الشعب: صار من حق الرئيس حل المجلس عبر الدعوة الى استفتاء الشعب على ذلك وبذلك.. صادر الرئيس قادر على حسم أي خلاف سياسي بينه وبين السلطة التشريعية عن قطع طريق العملية السياسية ، بغرض إعادة ترتيب أوراق اللعبة السياسية من جديد وصار من حقه المشاركة في تعيين وزراء الحقائب السياديّة (الدفاع، والخارجيّة، والداخليّة، والعدل) إذا اضطر إلى تكليف أحد نواب الحزب أو الائتلاف الحزبي الأكبر في مجلس النواب (المادة 147) . وبذلك .. صار مجلس الوزراء أقرب إلى مجلس تنفيذي لسياسات يضعها الرئيس أو المجلس الأعلى للدفاع !

خامسا: المؤسسات .. تمكين الدولة العميقة

وفى تخريب متعمد لمؤسسات الدولة وحرف لوظيفتها ، تم توزيع الغنائم .. فتحولت مؤسسات الدولة اقطاعيات تتحكم لاتخدم !

الجيش .. سلطة مستقلة

فبرغم ان الدستور (2012) اعطى امتيازات للجيش ، الا ان وثيقة الانقلاب زادت من هذه الامتيازات مما حوّل الجيش الى سلطة مستقلة لاتتبع السلطة التنفيذية !

  1. اشترط الدستور (2012) في تعيين وزير الدفاع ان يكون من بين ضباط القوات المسلحة (مادة 195) .
  2. كما جعل مجلس الدفاع الوطني (اغلبه من العسكريين ويرأسه رئيس الجمهورية) مختصا بمناقشة موازنة القوات المسلحة ، كما يؤخذ رأيه في القوانين المتعلقة بها (مادة 197) .
  3. اشترط الدستور لمحاكمة المدنيين امام القضاء العسكرى ارتكاب جرائم تضر بالقوات المسلحة (مادة 198) وترك تحديد هذه الجرائم للقوانين . تلك القوانين التي كانت سيحددها مجلس الشعب المنتخب القادم ، وهذا مالم يحدث نظرا للانقلاب ..

وثيقة انقلاب 2013

  1. اضافت وثيقة الانقلاب وجوب موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع لدورتين رئاسيتين من تاريخ العمل بالدستور الجديد (مادة انتقاليّة 234) ! فوزير الدفاع في هاتين الفترتين هو اعلى من رئيس الوزراء ومن رئيس الجمهورية !
  2. اضافت وثيقة الانقلاب ان تذكر موازنة القوات المسلحة رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة (المادة 203) ! مما يعنى ان مؤسسة القوات المسلحة فوق المسائلة والمحاسبة امام (مجلس الشعب المنتخب) !
  3. ولم يذكر في المقابل أية إشارة في وثيقة الانقلاب أو غيرها إلى الإمبراطورية المالية العسكرية ، فما من مادة او قانون يسمح للمؤسسات الرقابية بمراقبة الأصول المدنية للمؤسسة العسكرية أو تنظيمها، بما في ذلك قضية الاستحواذ على الأراضي ومصادرتها – وهي إحدى القضايا الشائكة في هذا الملف !! - المؤسسات المسلحة في الدساتير المصرية 1923-2013 Brookings – عمر عاشور – 14/1/2014
  4. عدلت وثيقة الانقلاب من تشكيل مجلس الدفاع الوطني العسكرية (بعد إلغاء مجلس الشورى الذي كان رئيسه عضوًا به) فحولت بذلك الأغلبية النسبية الى اغلبية مطلقة (تسعة الى خمسة) للعسكريين !
  5. حددت وثيقة الانقلاب الجرائم التي يحاكم بسببها المدنيون امام القضاء العسكرى ، لكن بلغة فضفاضة جدا (المادة 204) بطريقة تعطي هذه المحاكم سلطة معاقبة المدنيين كلما رغبت المؤسسة العسكرية ، فيكفى ان يعلن الجيش منطقة ما انها "منطقة عسكري" لتمتد اليها ولاية القضاء العسكرى ، كذلك تحمي هذه المادة العسكريين وموظفي الاستخبارات ومن "يعادلهم" من أي رقابة مدنية (قضائية كانت أم برلمانية، أو غيرهما) .

تعليق:

وكان مبارك يلجأ الى محاكمة السياسين امام المحاكم العسكرية عندما يعجز القضاء الطبيعى عن ادانتهم .. عاد اليها الانقلاب ، الى درجة محاكمة من يتعارك مع جندي يخدم في بنزنة تتبع الجيش (وطنية) رئيس القضاء العسكرى فى حواره مع لميس الحديدى يقول اللى هيتخانق مع اى عامل شغال فى محطة بنزين الوطنية هيتحاكم محاكمة عسكرية واللى هيتخناق مع اى فرد من القوات المسلحة هيتحاكم محاكمة عسكرية

القضاء .. انحراف وتغول السلطة

جعل الدستور (2012) رقابة المحكمة الدستورية العليا سابقة على اصدار القوانين وليست لاحقة عليه ، مما غل يد المحكمة الدستورية العليا عن التدخل في الشأن السياسى وذلك حين جرى حلّ مجلس النواب والشورى، وحلّ الجمعيّة التأسيسيّة بأثرٍ رجعيّ بعد ذلك ، ما عطّل المسار الديمقراطي في المرحلة الانتقالية .

كما منع الدستور ندب القضاة إلا ندبًا كاملًا (المادة 170) ، والجدير بالذكر أنَّ أسلوب الندب إلى جهاتٍ غير قضائيّة كان وسيلةً إقصائيّة تستخدمها السلطة التنفيذيّة ضد القضاة المعارضي

وثيقة الانقلاب 2013

الغى الانقلاب اشتراط الدستور الرقابة المسبقة على اصدار القوانين (المادة 177) ! مما فتح الباب مجددا لممارسة نفس الدور القديم في قطع الطريق على العملية السياسية ان جاءت نتائجها بغير ماتشتهى سلطة الحكم ! كما عدل الانقلاب مادّة منع ندب القضاة إلا ندبًا كاملًا (المادة 170 من دستور 2012) !

وجعل الانقلاب موازنات الهيئات القضائية "تدرج في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا" ، مما أدى إلى التغوّل على السلطة التشريعية وحقها في مراقبة ميزانية الهيئات القضائية وكذلك حقها، الطبيعي، في إقرار القوانين التي تتعلق بتنظيم أوضاع مؤسسات الدولة !

الشرطة .. التحصين من المسائلة

  1. أُعْطِيَ قطاع الشرطة أيضاً امتيازات جديدة لم يذكرها دستور 2012. فالمادة 206 تنص على أن ولاء الشرطة هو "للشعب" ولم تذكر أية مؤسسة رسمية منتخبة أو وثيقة دستورية أو حقوقية ! وقد يعني هذا أنّ مظاهرة من الآلاف في ميدان التحرير مغطاه بكثافة من وسائل الإعلام المحلية، قد تبرر حملة قمع شرطية مشابهة للحملة التي شنها الجيش في يوليو 2013، وذلك بعد الإعلان أن هؤلاء الآلاف يمثلون ال85 مليون مواطن - المؤسسات المسلحة في الدساتير المصرية 1923-2013 Brookings – عمر عاشور – 14/1/2014
  2. تمّ استحداث مجلسٍ أعلى للشرطة يتكوّن من "أقدم ضباط هيئة الشرطة ، ورئيس إدارة الفتوى المختص بمجلس الدولة" ويختص المجلس بمعاونة وزير الداخلية في تنظيم هيئة الشرطة وتسيير شؤون أعضائها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى، ويؤخذ رأيه في أي قوانين تتعّلق بها (المادة 207) .. عملياً تعطي هذه المادة المجلس الأعلى للشرطة حق النقض لأية محاولة لإصلاح القطاع الأمني، وقد حدث شيئاً من ذلك – دون أية مواد دستورية – في عهد الرئيس محمد مرسي.
  3. تنصّ المادة 237 على أن تقوم الدولة بمحاربة "الإرهاب"، وهو مصطلح يُستَخدم بشكل واسع وانتقائي لوصف المعارضة السياسية – بغض النظر عن سلميتِها – والخلط المتعمّد بينها بين المعارضة المسلحة. والأمثلة على الانتقائية والتوسع تفوق التصور، منها اتهام الرئيس باراك أوباما بأنه عضو في منظمة الإخوان المسلمين "الإرهابية،" واتهام الدكتور محمد البرادعي بالتآمر مع "الإخوان" للتحريض على العنف في سيناء، وحتى اتهام الدمية "أبلة فاهيتا" برعاية الإرهاب

سابعا: إعادة توزيع الغنائم .. التعديلات

فبعد ان صار قائد الانقلاب (السيسى) رئيسا ، تغيرت انصبة شركاة الانقلاب ! فتمت تعديلات على وثيقة الانقلاب (14-15 يناير 2014) اضافت للرئاسة والجيش وسحبت من القضاء ومجلس الشعب ! فلم يكن معيار المصلحة الوطنية حاضرة باى حال !

بوادر السعى لمزيد من السيطرة

بدأت هذه البوادر منتصف عام 2015 عندما حضر السيسى حفل إفطار قال فيه مخوفا من الصلاحيات الممنوحة لمجلس الشعب القادم (بقول لكل المصريين الدستور ده طموح جداً وحط صلاحيات لو مكنش هتستخدم في البرلمان برشد وبوطنية ممكن يتأذى المواطن أوي ومصر تتأذى أوي، مش هنعمل إجراء استثنائي، وأنا أؤكد ذلك، وممكن البرلمان يكون أداؤه خطير جداً بقصد أو بدون قصد يغرّق كل اللي بنعمله) !

وبعد ذلك بنحو شهرين وقبيل انتخابات (مجلس الشعب) تجددت نغمة وجوب تعديل الدستور مرة أخرى بدعوى انهم (لبسنا الدستور) ! الى تم إقرار التعديلات فعلا بعد (انتخابات مجلس الشعب) عندما طرحتها الكتلة الأكبر المؤيدة للسيسى وتم بالفعل الموافقة عليها ثم طرحها للاستفتاء

بعض التعديلات التي تمت الموافقة عليها

  1. ان تكون مدة الرئاسة لست سنوات بدلا من أربعة ، مما اتاح الفرصة لرئيس الانقلاب بالترشح لفترتين اخرتين بعد هذا التعديل
  2. توسيع صلاحيات الرئيس ، فهو من يعين رؤساء الهيئات القضائية من بين خمسة ترشحهم مجالسها العليا ، كما يتم إنشاء مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية يترأسه رئيس الجمهورية وعند غيابه يحل محله وزير العدل. ويختص المجلس بالنظر في شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات.
  3. تعيين النائب العام: فلم تعد موافقة رئيس الجمهورية على تعيين النائب اجرائية ، بل سيكون له حق الاختيار من بين مرشحين.
  4. صار لرئيس الجمهورية الحق في اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا ونائبه، بعد أن كانت موافقته على تعيين رئيس المحكمة إجرائية.
  5. صار من حق الجيش محاكمة المدنيين امامه ليس لانه اعتدى فقط على منشاته او افراده .. انما كذلك في حالة الاعتداء على منشات يقوم هو بحمايتها والدفاع عنها - التعديلات الدستورية في مصر: ما هي النصوص التي ستعدل؟ BBC – 9/4/2019
  6. وتم طرح ثلاث مسائل للتعديل بشأن القوات المسلحة؛ تتمثل الأولى في توسيع مهمات القوات المسلحة لتشمل، أول مرة في تاريخ الدساتير المصرية، "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد"، ويعطي هذا النص الجيش المصري الأدوار التي كان يمارسها الجيش في تركيا قبل التحول الديمقراطي. وتتمثل الثانية في اشتراط تعيين وزير الدفاع بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة دائمًا وليس مؤقتًا كما هو الوضع حاليًا في الدستور. أما المسألة الثالثة فتتمثل في توسيع مجالات محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

تم إقرار التعديلات في مجلس شعب الانقلاب 14/2/2019 ومن ثم تم طرحه للاستفتاء عليه من قبل الشعب

الخاتمة

عبرت وثيقة الانقلاب فقط عن الأقلية السياسية والدينية التي كتبتها وحدها ولصالحها .. فكانت في صيغتها الأولى توزيعا للمكاسب على من شارك في الانقلاب .. وفى صيغتها الثانية حصر هذه المكتسبات على من قام بالانقلاب لا من شارك فيه ! وكان اكبر الفائزين مؤسسة الجيش ، فوزيرها لايعينه رئيس الوزارء او حتى رئيس الجمهورية .. انما الجيش نفسه .. فصار بذلك الجيش كأنه دولة داخل الدولة بوزير فوق الرئيس وميزانية لاتناقش او تحاسب من مجلس الشعب !

وقضاء عسكرى يطال من غضب عليه الجيش وكان القضاء هي ثانى المستفيدين من الانقلاب حيث اعطى الانقلاب الهيئات القضائية قدرا من الاستقلالية مما جعلها تتغول على حق مجلس الشعب ومكنها في ذات الوقت من التدخل في العملية السياسية متى ارادت منحت وثيقة الانقلاب 2013 المؤسسات المسلحة امتيازات غير مسبوقة في تاريخ الدساتير المصرية !

وما كان ذلك ليحدث لولا تعاون بعض المدنيين ! فقد تمت الموافقة على المادة 204 التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية من قبل الغالبية الساحقة من اللجنة المُعَيَنَة من قبل العسكر، بنسبة 41 صوت إلى 6. أما المادة 203 – التي نصت على الأغلبية العسكرية في مجلس الدفاع الوطني والميزانية العسكرية – فصُوِّتَ عليها بالإجماع تقريباً: 48 صوت إلى صوت واحد !

وجاءت التعديلات على وثيقة الانقلاب لتزيد من صلاحيات من قام بالانقلاب وسحب ماسبق ان أعطاه لشركائه في الانقلاب (القضاء) ! لكن بالجملة صارت سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المواد من 200–205)، والشرطة (مادة 207)، والقضاء (مادة 185) ، اعلى من سلطة مجلس الشعب المنتخب ، إذ يمنح الدستور لهذه الجهات قدرًا من الاستقلالية في إدارة شؤونها من دون أن تخضع لسلطة البرلمان المنتخب.

حَذَفَ دستور 2014 من دون تفسير مواد في دستور 2012، منها مواد ديمقراطية وأخرى تعزز المجتمع المدني، في مجال مكافحة الفساد مثلًا، واستقلال الجامعات، واستقالة الرئيس في حالة رفض طلبه في استفتاء حل البرلمان، والحفاظ على اللغة العربية في الإعلام، ومواد الوقف، وعبارات كانت تشير إلى حياد المؤسسة العسكرية واحترافيتها في ديباجة دستور 2012 !

أن القوى الإسلامية، حتى في أكثر لحظاتها قوة وعنفوانًا، لم تتمكن من السيطرة على مفاصل الدولة، أو على الأقل تحييدها .. فلابد من وعى المجتمع كضمانة حقيقية لاحترام الدستور وخيارات الشعوب ظلت تحالفات الدولة القديمة ورجال نظام مبارك وحيتان المال والأعمال متحكمين، إلى حد كبير، في مضمون وإيقاع العملية السياسية في عالم ما بعد الثورة، لن يكون ممكنًا اجتراح تغييرات كبيرة، ناهيك عن جوهرية، في الرؤية الدستورية. مثلت وثيقة الانقلاب وتعديلاتها لطخة عار على المدنين الذين شاركوا فيها وايدوها .. ولازالت