الحاج محمد نجيب: رمضان في السجون خلوة لا مثيل لها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحاج محمد نجيب: رمضان في السجون خلوة لا مثيل لها

[11-11-2004]

مقدمة

تعرف الحاج محمد نجيب راغب على الإخوان منذ فترة طويلة، وكان ذلك عام 1942م، وواجه خلالها محنتي 1954، 1965، وله ذكريات كثيرة مع رمضان داخل المعتقلات، مؤكدًا أن الإخوان استفادوا من رمضان داخل السجون في حفظ القرآن والتزود من العلوم النافعة، وأن الروح التي كانت تسود بين الإخوان وقوامها الحب والإيثار كانت تخفف كثيرًا من تأثير السجون وفراق الأهل، وفي السطور التالية نستعرض معه بعض هذه الذكريات الرمضانية.

عن معنى رمضان في حياته يقول محمد نجيب: رمضان له بهجة وروحانية، ويجعلنا نستعد له استعدادًا خاصًا بقراءة القرآن وتكثيف العبادة التي لا يستطيع معظم الناس القيام بها باقي أيام السنة.


رمضان في السجن

بعض شباب الإخوان في محنة 65

ويروى قصة صيامه داخل جدران السجون قائلاً : في عام 1954م ومع المرة الأولى التي نُحبس فيها كنَّا نتساءل كيف سيأتي علينا رمضان؟، وكيف سنمارس شعائر الشهر الكريم؟، وكيف سنتناول الإفطار والسحور؟، ولكن بمجرد أن هلَّ علينا شهر رمضان شعرنا أن هناك خيرًا مقبلاً علينا، وتفاءلنا حين انشرحت صدورنا لقدومه، وتعجبنا أن نفس الفرحة والإشراقة التي كنا نشعر بها في الخارج هي ذاتها التي نحسها داخل السجن، مؤكدًا أن وجود الإخوان معًا كان له وقع طيب بما كان ينشره ذلك من حب وإيثار.

ويضيف محمد نجيب أن سجن مصر كان أول السجون التي أُودع بها عام 1954م وكان يعتبر "فندق السجون" ، حيث كان يودع فيه المساجين الذين لهم "واسطة" كبيرة!، وكان به مميزات لا توجد في باقي السجون، وكان يقع بين منطقتي القلعة ومصر القديمة، وشهدتُ رمضان داخل أسوار هذا السجن مرتين، ولم تختف فيهما أية مظاهر لرمضان في الخارج، من زيادة في الأكل والشرب أو الاحتفالات، مما سبب ارتياحًا لدى الإخوان وظهر في أحلامهم ورؤاهم.

ويذكر نجيب واقعة حضور المرشد الثاني المستشار حسن الهضيبي إلى السجن تمهيدًا لحصوله على عفو طبي، حيث أقام لمدة ليلة واحدة بالسجن وحينئذ نصحنا "محمود بك صاحب" وكان مدير السجن بأن لا نسأل المرشد عن شيء، أو نجعله يخرج من الزنزانة؛ لأن السجن مليء بالمخبرين، وكان مدير السجن وفديًا محبًا للإخوان.

وأذكر أن الدكتور صلاح عبد المتعال كان أصغر المساجين سنَّا من الإخوان، وكان يستيقظ قبل صلاة الفجر ويقدم تواشيح لإيقاظ إخوانه، وفي ختامها كان يقول اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بين أيديهم سالمين، فسمعه الأستاذ الهضيبي وقال له: وما فائدتنا إذن يا صلاح، بل قل: اللهم أهلك الظالمين بأنصار الحق المبين.

ويوضح محمد نجيب أن من زملائه بالسجن في تلك الفترة صالح أبو رقيق، د. توفيق الشاوي، د. محمود أبو السعود، الشيخ مصطفي العالم.


فراق الأهل

أما عن فراق الأهل في رمضان فيؤكد أن أحدًا لم يكن ينشغل بالأهل داخل السجون خاصة في رمضان؛ لإدراك الجميع بأن الله تعالى لن يضيعهم، وأن الإخوان كانوا يستغلون رمضان داخل السجن في العبادة وحفظ القرآن والتعلم، مشيرًا إلى سلسلة المحاضرات التي كان يلقيها الدكتور توفيق الشاوي عن (السرطان السياسى في الإسلام).

ويحكي الحاج محمد نجيب واقعة طريفة حدثت في رمضان بطلها (الحاج عطية) وكان أحد الإخوان المحبوسين في سجن مصر، وكان يخرج لجلسات كثيرة في المحكمة، وحدث أن أحضر معه "رنجة" لكي يقوم بشيِّها قبل الإفطار، ومرَّ مدير السجن وشمَّها فصادرها، كما كان يأخذ الخطابات التي يرغب بعض الإخوان في تهريبها لأسرهم، وكان يمر على حراس العنبر دون أن يكتشفوا وجود الخطابات، إلا أنها كانت تُكتشف عند بوابة السجن مما كان يتسبب في معاقبة حراس العنبر.

وفي سجن أبو زعبل قضى الحاج محمد نجيب سنة واحدة، وكان التعذيب يتم فيه دون تفريق بين رمضان وباقي الأيام، مؤكدًا أن اللواء أحمد رشدي كان مدير السجن حينئذ وكان أقسى من يقوم بالتعذيب للإخوان، أما في طرة فكان المساجين يستلمون الطعام ويسمح لهم بالشراء من "الكانتين"، ولكن ما كان يؤثر فيهم أن ذويهم لم يعرفوا.


ذكريات طرة

ويروى مشاهد آخرى رمضان قضاه في طرة، وكان ذلك عام 1967م، أيضًا حيث أتيحت المأكولات والمشروبات والإذاعة والصحف دون قيود، كما تولى الإخوان إدارة المخابز، وكان ذلك أفضل شهر رمضان يمر عليه داخل السجون.

ويختتم الحاج محمد نجيب ذكرياته عن رمضان قائلاً:إنه قبل خروج خميس حميدة وكيل الجماعة، والدكتور حسين كمال الدين وكيل جامعة أسيوط،، وكان مدير السجن مسيحيًا من أسيوط وكان ابنه طالبًا في جامعة أسيوط، فقال له الإخوان هل تريد أي خدمة يقدمها لك الدكتور حسين كمال الدين، فقال للإخوان " أمنيتي الوحيدة أن يصبح ابني مثل شباب الإخوان الذين رأيتهم في السجن".

المصدر