الحكومة المصرية تسبح في بحر من الفساد!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحكومة المصرية تسبح في بحر من الفساد!


2003-16-11

مقدمة

• 200 ألف قضية و90 ألف شكوى بالحكومة في ثلاث سنوات.

• صغار الموظفين كبش فداء للكبار، والبترول يحتل الصدارة.

• النائب "حمدي حسن": نقل تبعية الجهاز المركزي للمحاسبات من البرلمان أفقده قوته.

• النائب "عادل عيد": الحكومة المصرية تتعامل مع ملفات الفساد "بألاعيب شيحة".

كشف التقرير السنوي الأخير لهيئة النيابة الإدارية بمصر عن كارثة تفشي الفساد في أجهزة الدولة؛ حيث أشار التقرير إلى أن إجمالي قضايا الفساد بالحكومة عام 2002 م بلغ 73 ألف قضية، بواقع قضية فساد كل دقيقة ونصف، كما كشف التقرير أن عام 2002 م قد شهد زيادة في معدل قضايا الفساد بأجهزة الحكومة بلغت 10 آلاف قضية عن عام 2001 م، بما يعكس حالات التردي التي وصلت إليها المصالح والوزارات والشركات الحكومية.

تصدرت المخالفات المالية لعام 2002م قائمة قضايا الفساد الحكومي، والتي كانت بواقع 43 ألفًا و822 قضية مقابل 29 ألفًا و545 قضية في عام 2001م، أغلبها في قطاعات البترول والبنوك والثقافة والمحليات. أما المخالفات الإدارية فقد بلغت 23 ألفًا و551 قضية تمثلت في الامتناع عن أداء العمل، والانقطاع عنه، والجمع بين وظيفتين، ومزاولة الأعمال التجارية.

وقفزت الجرائم الجنائية التي تقع من العاملين بالحكومة إلى 10 آلاف و50 قضية، منها: 1272 قضية اختلاس مال عام، و264 قضية رشوة، و1180 قضية تزوير، واستعمال محررات مزورة، و4 آلاف و606 قضايا، و1624 جريمة سلوك شخصي، و1224 مخالفة أخلاقية.

ولم يختلف تقرير 2002م كثيرًا عن تقرير 2001م؛ حيث أكدت النيابة الإدارية أن 167 قضية فساد كان يتم كشفها كل يوم، بواقع 64 ألف قضية في العام، منهم: 50 ألف قضية اختلاس ورشوة، وتربح داخل الأجهزة الحكومية و14 ألف قضية لمخالفات إدارية.

رغم هذه الأرقام المخيفة، فقد أكد التقرير أن هناك قضايا أكثر داخل بعض المصالح والوزارات، لكنها لا تخضع لسلطة النيابة الإدارية؛ حيث إن هذه الجهات لديها قوانين تحمي موظفيها من التحقيق معهم في حالة انحرافهم وإخلالهم بواجبات وظيفتهم، وأن مثل هذه القوانين تحمي لصوص المال العام من العقاب.

وإن كان هذا ما جاء في تقرير الرقابة الإدارية لعام 2002م، فإن عام 1999م شهد ضبط 146 مليون و409 ألف جنيه في قضايا الكسب غير المشروع، كما تم ضبط 20 مليون و502 ألف جنيه في قضايا استغلال النفوذ، و13 مليون و400 ألف جنيه في قضايا الاختلاس.

أما الأموال التي تم ضبطها بتهمة الاستيلاء على المال العام، فقد بلغت 119. 5 مليون جنيه. هذا بخلاف قضايا تهريب البضائع المتورط فيها موظفين حكوميين؛ حيث شهد نفس العام ضبط ما قيمته 41. 690 مليون جنيه في تهريب الماس والسيارات والذهب وبضائع أخرى، فضلاً عن 20 مليون و799 ألف جنيه تهرب من الرسوم الجمركية بمساعدة موظفي الجمارك.

زيادة بينة

وفي عام 1998م زادت قضايا نهب المال العام لتصل إلى 395 قضية في عام واحد، وانخفضت بواقع 50 قضية عام 1999م، أما جرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام فقد بلغت عام 1998م 1044 قضية، زادت إلى 1102 قضية في عام 1999م، ثم قفزت إلى 1200 قضية عام 2001م، وزادت زيادة بسيطة عام 2002م؛ حيث وصلت 1272 قضية.

وزادت معدلات القضايا، فبعد أن كانت بواقع قضية كل دقيقتين عام 2001م، التي ضبط فيها 63 ألف و369 قضية بواقع 211 قضية في اليوم و35 قضية كل ساعة إلى 73 ألف قضية لعام 2002م.

أما القضايا التي تم ضبطها عام 2000م، فقد كشف التقرير السنوي للرقابة الإدارية أنها حققت في 63 ألف و269 قضية فساد مالي وإداري وجرائم قضائية داخل الهيئات والمصالح والوزارات مقابل 66 ألف و422 قضية عام 1999م.

أما عدد الشكاوى التي قدمت للنيابة الإدارية عام 2000م، فقد بلغت 34 ألف و808 شكوى، إضافة للشكاوى التي تلقتها فروع الدعوة من النيابات الإدارية، والتي وصلت إلى 3917 قضية مقابل 4129 قضية لعام 1999م.

أبرز القضايا

أبرز القضايا التي تم ضبها لم يكن متورطًا فيها مسئولون كبار، بل شملت صغار الموظفين الذي كانوا سببًا في ضياع ملايين الجنيهات على الخزانة العامة، وغالبًا فإن هؤلاء المتهمين كبش فداء لمسئولين كبار. من هذه القضايا محاكمة 14 مسئول من مفتشي الأغذية في يناير 2001م، بتهمة توريد أغذية فاسدة للمستشفيات بمبلغ ربع مليون جنيه، ومحاكمة 4 مسئولين بشركة المنسوجات الحريرية في إبريل 2000م، ووجهت لهم النيابة الإدارية تهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام، والإضرار العمدي به؛ وهو ما ضيع على الدولة مليون و151 ألف جنيه، وإحالة 7 مسئولين بإدارة الأملاك الزراعية بالسويس، بعد تلاعبهم مع مسئول بالحزب الوطني لتمكينه من الاستيلاء على 15 فدان من أملاك الدولة بجوار قناة السويس.

وفي الإطار نفسه تمت محاكمة مسئول سابق بالهيئة العامة للسد العالي لاتهامه بإهدار 174 ألف جنيه قيمة معدات تم شرائها، ولم يستفيد منها أحد، وفي أغسطس 2000م تم محاكمة 4 مسئولين بشركة مصر للتجارة الحرة ومصر للتأمين بتهمة الإضرار بالمال العام بعد تسهيل الاستيلاء على 6 ملايين جنيه، وفي 2001م تم محاكمة أكثر من مسئول بهيئة مياه الشرب بالمنصورة، وآخرين بنادي المنصورة الرياضي تسببوا في إهدار 34 مليون جنيه.

وفي إبريل 2001م تم فتح التحقيق مع نائبين بمجلس الشعب عن الفيوم بتهمة الاستيلاء على 162 مليون جنيه، إضافة لمقاول دفع 2. 5 مليون جنيه رشوة لهما لتسهيل استيلائه على 150 مليون جنيه، وهي القضية التي عرفت بتعويضات الفيوم.

وفي مارس 2001م تم محاكمة مسئول بشركة (بتروجاس) لاستيلائه على 210 ألف جنيه، وفي يوليو 2001م قضت محكمة الجنايات بحبس مدير مخازن بشركة الملح والصودا سنة وغرامة 9 ملايين جنيه لاستيلائه على بضائع قيمتها 34 مليون جنيه.

أما عام 2002م فكان مليئًا بالقضايا ذات الحجم الكبير؛ حيث حكمت المحكمة على رئيس مجلس إدارة شركة حديد أسوان بالسجن، وفي مايو 2002مم تم تحويل المدير المالي السابق لشركة الإسكندرية للغزل والنسيج بعد استيلائه على نصف مليون جنيه، ومحاكمة "محمد فودة" (سكرتير وزير الثقافة).

ثم تأتي قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة، والتي اتهم فيها الذراع الأيمن للدكتور "يوسف والي" نائب رئيس الوزراء وقيادات بارزة بالوزارة، وهناك أيضًا قضية "محمد الوكيل" الذي حكم عليه بالسجن 18 عامًا بتهمة الرشوة، وكذلك قضية المسبوكات الكبرى المتهم فيها "أسامة عبد الرحمن"، وفي العام نفسه تمت إعادة محاكمة المدير السابق لبنك الاستثمار العربي وخمسة آخرين سهلوا لثلاثة من رجال الأعمال الاستيلاء على 2. 5 مليون جنيه.

وخلال أشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر من العام نفسه تم محاكمة أكثر من 12 مسئولاً بقطاعات مختلفة بتهمة الاستيلاء على 46 مليون جنيه، وتحويل 27 مسئولاً بمديرية الشباب والرياضة بالفيوم للمحكمة التأديبية، ومحاكمة رئيس شركة مصر للتجارة الحرة و10 مسئولين آخرين معه بتهمة تسهيل الاستيلاء على 130 مليون جنيه.

مملكة الفساد

علق الدكتور "أحمد المجدوب" (أستاذ القانون الجنائي ومستشار المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية) على هذه الأرقام بأن الحكومة تحولت إلى مملكة فساد، وأن الفساد انتقل لكافة الشرائح والمستويات بالحكومة، ولم يعد يفرق بين موظف كبير أو مسئول صغير.

أشار المجدوب إلى أن كثيرً من هذه القضايا فيها كبش فداء، وغالبًا يكون الموظف الصغير، مؤكدًا أن هناك آلاف القضايا الأخرى التي مازالت في الخفاء؛ لأنها لم تجد من يكشف عنها.

أبدى المجدوب تعجبه من أن بعض القضايا لها عشرات السنون، ورائحتها فاحت وأزكمت الأنوف، ورغم ذلك لم يتم الكشف عنها إلا مؤخرًا؛ وهو ما أرجعه المجدوب إلى غياب التنسيق بين كافة الجهات المعنية بالرقابة، مشيرًا إلى أنه لو تم هذا التنسيق لتم الكشف عن آلاف القضايا الجديدة كل يوم.

دور البرلمان

وعن الدور الرقابي للبرلمان المصري في الكشف عن هذه القضايا والحد منها، أكد الدكتور "حمدي حسن" (عضو كتلة نواب الإخوان المسلمين) أأن نواب البرلمان المصري يتعاملون مع قضايا الفساد من خلال عدة طرق، منها: تقديم استجوابات عن قضايا فساد أكدتها المستندات، أو من خلال طلبات الإحاطة، والأسئلة التي يقدمها النواب عن القضايا التي تقع تحت أيديهم، وغالبا تكون مدعومة بمستندات أيضًا.

أضاف د. "حمدي" أن البرلمان نفسه له آلية إضافية، وهي تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الهيئات والوزارات والإدارات الحكومية، وهي التقارير التي تناقشها اللجان المختلفة بالبرلمان وتصدر بشأنها توصيات. ويشير النائب الإخواني إلى أن هذه التقرير فقدت الكثير من قيمتها رغم أهميتها بعد تحويل الإشراف عليها لرئاسة الجمهورية.

أضاف الدكتور "حمدي" أن أعضاء البرلمان، وتحديدًا نواب (الإخوان)، كشفوا قضايا فساد كثيرة، وقدموا فيها مستندات خطيرة، إلا أن أغلبية البرلمان التي تتبع الحزب الحاكم تقف عائقًا أمام أي خطوة ممكن تتخذ.

مملكة فساد

ويتفق معه النائب المستقل "عادل عيد"، الذي أكد أن النواب حذروا من قضايا فساد عديدة، منها: قضايا المبيدات الفاسدة، أو قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة، والمتهم فيها الدكتور "يوسف عبد الرحمن"- الذراع الأيمن لنائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة المصري الدكتور "يوسف والي"- وكثير من قيادات الوزارة، ورغم تحذيرات النواب إلا أن الحكومة لم تناقش الموضع رغم فجاجته، قال "عيد": "إن ما حدث في وزارة الزراعة تكرر مع ملفات الفساد بالقطاع المصرفي وما يحدث فيه من مهازل أدت إلى هروب مليارات الدولارات والجنيهات من مصر؛ وهو ما أوقعها في كارثة اقتصادية أليمة، لم تستطع مصر الخروج منها حتى الآن"، وأشار "عيد" إلى أن الحكومة المصرية تتعامل مع هذه القضايا بطريقة " ألاعيب شيحة"، ويري "عيد" أن علاج هذه الكارثة هو بتشريع أكثر صرامة وأشد عقوبة لمن يتورط في قضايا فساد بالقطاع الحكومي.

المصدر