الداعية زينب الغزالي .. الجزء الثالث

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الداعيه زينب الغزالي .... الجزء الثالث


الفنانات التائبات

في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات بدأت تنتشر ظاهرة "الفنانات التائبات", وبدأت أعداد منهن تزور الداعية الكبيرة زينب الغزالي, وعلى رأسهن السيدة "ياسمين الخيام" أو إفراج الحصري, وقصة الحاجة زينب مع ياسمين الخيام قديمة, فقد كانت علاقتها ببيت الشيخ الجليل, والعالم الكبير وشيخ المقارئ المصرية, الشيخ محمود خليل الحصري, علاقة وثيقة, أساسها الحب في الله والاحترام والاهتمام بأحوال الأمة, ونشأت "إفراج" ابنة شيخ المقارئ قريبة من الحاجة زينب على أساس هذه العلاقة الودود, وكانت لها مكانتها الخاصة في قلبها حتى دخلت السجن فيما عرف بقضية الإخوان عام 1965 م.

وقبل أن تخرج الداعية المجاهدة من السجن في عام 1971 م , بعد أن أصدر الرئيس السادات قراراً بالعفو عن بقية مدة العقوبة , بناءً على تدخل الملك فيصل رحمه الله , رأت رؤيا.. رأت "إفراج الحصرى" تتأرجح في أرجوحة, وفسرت رؤياها بأن هذه بشارة بـ "الإفراج" عنها , وأن "إفراج الحصري" ستتعرض للتأرجح بين الصواب والخطأ فترة من الزمن, وتحققت الرؤيا بالفعل, وخرجت الداعية الكبيرة بعد أيام من السجن , وقررت أن تزور بيت الشيخ الحصري بمجرد أن يتيسر لها ذلك, ومرت سنوات قليلة , بدأت بعدها الحاجة " إفراج " في الدخول إلى الغناء من باب الإنشاد الديني, ثم تحولت إلى الغناء العاطفى, الذي تتمايل فيه يمنة ويسرة , وهى حاسرة الرأس! .. كان هذا التحول صدمة للشعور الديني والإسلامي العام, إذ كيف يقبل الناس من ابنة شيخ عموم المقارئ المصرية , وأكثر من خدموا القرآن الكريم من قرائه , أن تدخل مجال الغناء والطرب , وتتمايل أمام الناس وتتلقى كلمات المديح والإعجاب؟!

امتنعت زينب الغزالي عن زيارة بيت الحصري, غضباً واحتجاجاً على غناء "إفراج" ولم يكن العالم الجليل يملك من الأمر شيئاً, فقد كانت ابنته متزوجة, وزوجها هو وليها, لكن "ياسمين" كانت تلجأ إلى الحاجة زينب, كلما مرت بحالة من القلق وتزايد مشاعر التمزق والوحشة.. كانت ترتمي في أحضانها وتبكى بكاءّ شديداً, وكلما شعرت بحاجتها إلى الارتواء من معين القرب من الله , أسرعت إلى "أمها" زينب الغزالي, حتى بدأت عملية التحول في داخلها من جديد, أو لنقل العودة إلى الأصل, وعندما اطمأنت تماماً , وقررت اعتزال الغناء نهائياً, ذهبت إلى الحاجة زينب لتشهد على قرارها, وبدأت مرحلة جديدة أكثر دفئاً في العلاقة بينهما.

كانت الحاجة " إفراج " تشعر بمتعة خاصة عندما ترتمي في أحضان زينب الغزالي , كانت تلقى بمتاعبها وهمومها في هذا الصدر الحنون, الذي استقبلها كأحسن ما يكون الاستقبال , ومن هذه العلاقة الحميمة بدأت علاقة زينب الغزالي بالفنانات المعتزلات , ولأن الحاجة ياسمين سيدة ذكية وواعية , بدأت تستفيد من علاقاتها في الوسط الفني, لتزيد من القريبات إلى الله , وتذكرهن بحلاوة الإيمان وطمأنينة النفس في ظل طاعة الله..

وعندما كانت تدرك , بذكائها الفطري والديني, أن الفنانة التي أمامها بحاجة إلى نموذج دعوى وديني قوى , يقوى من عزيمتها , ويشد من أزرها , كانت تصطحبها إلى زيارة الداعية الكبيرة بعد أن تكون قد أعطتها طرفاً من الحديث عن إيمانها وثباتها وإخلاصها وحبها لدينها , وفهمها الوسطى , فكانت هذه الزيارات بمثابة طوق النجاة من الضعف إلى القوة , ومن اليأس إلى الأمل , ومن الخوف إلى الاطمئنان برحابة الإيمان وعظمة الإسلام..

كانت الداعية الكبيرة ترحب بهؤلاء الفنانات المعتزلات, وتذكر لهن أن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن, وأن إخلاص التوبة يمكن أن يحول السيئات إلى حسنات , وأن الصدق مع الله يورث الطمأنينة في القلب والسكينة في النفس.. لم تكن الداعية المجاهدة تستخدم أسلوب الترهيب إلا نادراً, كانت تحب الترغيب والحديث عن رحمة الله بالإنسان, وكان هذا يفتح لها القلوب, ويهيئ لها النفوس.. رحمها الله رحمة واسعة.