الداعية فاطمة فضل: متاعب اعتقال الزوج اعتدنا عليها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الداعيةفاطمة فضل: متاعب اعتقال الزوج اعتدنا عليها
12-10-2006

حوار- تسنيم محمد

مقدمة

- الرضا يحوِّل الصعاب إلى منحةٍ وليست محنة

- تفهُّم الأبناء لظروف اعتقال الأب يُخفِّف المصاعب على الأم

شهدت الآونة الأخيرة تصعيدًا على الإخوان المسلمين، وتوالت حملات الاعتقالات التي طالت الكثير من القيادات البارزة في الجماعة، ومن بينهم الدكتور عصام العريان الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، وأصبح تكرار اعتقاله مثالاً على انتهاك الحكومة المصرية لحقوق الإنسان؛ حيث لا يكاد يخرج من اعتقال إلا ويدخل في آخر، وهو صامدٌ لا يتراجع عمَّا يُؤمن به من أفكار.. العجيب أيضًا هو صمود أسرته وثباتها، فالزوجة والأولاد يرون راعي أسرتهم أغلب الأوقات في الاعتقال.

(إخوان أون لاين) كان في زيارةٍ إلى منزل هذا المجاهد، وحاور زوجته الداعية الأخت فاطمة فضل؛ حيث تحدثت معنا عن برامجها الخاصة في رمضان، وكيف كان هذا الشهر الكريم بمثابةِ نقطة تحوُّل في حياتها، كما تحدثت معنا أيضًا عن حال الأسرة في غيابِ الأب وعن زيارته في المعتقل خلال شهر رمضان، والمتاعب التي تواجهها، وغيرها من القضايا التي نتعرف عليها من خلال هذا الحوار:

زيارة لمعتقل

* ما شعورك وأنت ذاهبة إلى زيارة زوجك في رمضان؟

ونحن نزوره في رمضان نسأله الدعاء؛ لأنه أكثر تفرُّغًا منا، فهي زيارة فيها طلب للدعوات؛ حيث نغتنم الفرصة في هذا الشهر ونسألهم الدعاء كما نهتمُّ بتحضير الوجبات التي يحبون تناولها.

* وكيف تقضون اليوم أثناء الزيارة؟

نشرح له البرنامج اليومي ونتناقش في كيفيةِ قضاء اليوم الرمضاني، ويطلب منا قول أذكار معينة، وأذكر أنه في إحدى الزيارات كتب لنا أذكارًا نقولها، كما يساعدنا في إعدادِ البرنامج الرمضاني، وكيفية توزيع زكاة المال، كما نتناقش في أمورِ البيت الحياتية العادية في كل شيء، ويعرف مَن يأتينا ومَن نذهب إليه، والزيارة عادةً تكون كل أسبوع، نتناقش خلال الزيارة عمَّا حدث خلال الأسبوع السابق من زياراتٍ ودعواتٍ وأحداثٍ وقعت لكل فردٍ في الأسرة، ويتحدث مع كل ابن من أولاده يسأله عن المشكلات التي تعترضه وماذا يريد، فيعرف مشاكلهم ويعطيهم نصائح، ويناقشني في الظروفِ التي نمرُّ بها، فهي مناقشة للظروف الحياتية، ومناقشة للنظام الرمضاني الذي نسير عليه خلال الأسبوع، وفي رمضان تقل الزيارة فإذا كان ميعاد الزيارة في غير رمضان تنتهي الساعة الثانية ظهرًا ففي رمضان تنتهي الساعة الواحدة.

* وما تقييكم لهذه التجربة؟

كل ما يفعله الله لنا هو خير، وكل ما يمرُّ بنا من حبس الزوج هو قدرٌ من عند الله، وهو خيرٌ، ولا بد للإنسان المؤمن أن يستسلم ويرضَى بهذا القدر، والرضا والتسليم يكون معناه عدم الشكوى أو الاستنكار لقضاء الله وقدَره، وكل ما يمرُّ من مصاعب للإنسان في السجن شيءٌ طبيعيٌّ، مثل الإنسان المريض الذي يشرب الدواء المرّ، فهو راضٍ بالمرض ولكن الدواء مرٌّ، وهناك بعض المصاعب والمتاعب التي تُقابلنا، ولكن عندما يقابل الإنسان هذه المتاعب بارتياحٍ ورضا تنقلب هذه المصاعب إلى منحةٍ وليست محنةً كما يستشعرها البعض، فأنا أستشعر رعاية الله ومعيَّة الله معنا، والحقيقية لا أستطيع أن أصف لكِ أنني مهما شكرت الله عز وجل على رحمته بنا ولطفه بنا ورعايته لنا؛ لأن الله تعالى هو أرحم الراحمين ويعوضنا كل خير.

الأجر من الله

* وما المتاعب التي تواجهك في غياب زوجك؟

المتاعب تتمثل في تحمل عبء الأولاد وحدي، فوجود الزوج يخفف عني موضوع تربية الأولاد، متاعب أخرى بسيطة تتمثل في الزيارة والانتقال، ولا تختلف متاعب الزيارة في رمضان عن غيره من الشهور، وهي في الحقيقة متاعب صغيرة لا تُذكر، خاصةً أننا اعتدنا عليها فأصبحت لا تُمثل لنا متاعب، بل أصبحت من الأمور الطبيعية، والإنسان عندما يستشعر أن وراء هذه المتاعب أجرًا من الله ورضًا من الله فالمتاعب تتحوَّل إلى أشياء مريحة.

* ماذا تُمثل الزيارة في رمضان؟

هذه الزيارة تمثل الكثير؛ لأن المعتقل لا يدري شيئًا عن أخبارِ أسرته وأولاده، وأهم هدف أن نراه ويرانا ويطمئن علينا، ومن المهم أن نُدخل عليه السرور، يعرف مشاكلنا ويعرف حياتنا كيف تسير، وهذا يُعطيه الطمأنينةَ والراحةَ، ويشعر أنَّ أسرته في وضعٍ طبيعي وفي أحسن حال، ومن ثَمَّ التخفيف من معاناته داخل السجن.

* بالنسبة للأولاد.. ماذا يفعلون حال غياب الأب؟ وما شعورهم؟

الكبار لهم عاملٌ مهم بالنسبة للأولاد، فلو كان الكبار في وضعٍ طبيعي يُعطيهم الطمأنينةَ ويشعر الأبناء أنَّ هذا الأمر طبيعي جدًّا وأنه وضعٌ من عند الله وأن سجنَ أبيهم شيء مُشرِّف يجب الاعتزاز به، وهي أشياء مهمة في أن يفهم الأولاد لماذا تمَّ سجن أبيهم، وأن هذا الأمر من عند الله، ولا بد من الرضا به، وأنَّ الله تعالى سوف يُكرمهم بهذا، وهذا شيء مهم يجعل الأولاد يعيشون في ظروفٍ نفسيةٍ ممتازة، بل على العكس أذكر أنَّ "أسماء" ابنتي في الثانوية العامة وكانت تقول إن الله أراد أن يسجن أبي في هذا الوقتِ لكي يدعو لي؛ لأنَّ الله يستجيب لدعوته، وقد كان ما أرادت، فالأولاد يشعرون أن سجن أبيهم فخرٌ، وأنَّ الله تعالى معهم ومعه في سجنه، وهي أمورٌ واضحةٌ تمامًا أمامهم، وهذا بالطبع له مردودٌ إيجابي على الأم، ويُشعرها بالطمأنينة، ويُشعر الأب بالارتياحِ داخل السجن في أنَّ أبناءَه لم يتأثروا بسجن أبيهم، خاصةً أن بعضَ الناسِ قد يصابون بعُقدٍ نفسية، ولكن الفهم وتوضيح الرؤية بالنسبة للأبناء مهم جدًّا كي يعيشوا ظروفًا نفسيةً طبيعيةً.

* هل يختلف رمضان عن باقي شهور العام؟

بصفةٍ عامةٍ ينبغي على المسلم أن يتميز في رمضان عن باقي الشهور الأخرى، وبالنسبة للأخت الداعية يجب أن يكون التميز في كل شيء، في عباداتها ومعاملاتها، في دعوتها في كل أمورِ الحياة، في صلةِ الرحم، وفي أخلاقياتها مع الناسِ، في كل شيء يجب أن يكون هناك تميزٌ؛ لأنَّ الداعيةَ ستزيد من الدعوةِ في رمضان وتزيد من عبادتها، فكلما استزادت من الإيمان ومن العباداتِ والمعرفة والقراءة سيجعل دعوتَها خصبةً وأكثر ثراءً.

برامج رمضانية

* وما برنامجكم الشخصي في رمضان؟

نستثمر نهار رمضان في الدعوة من خلال الدروس وقراءة القرآن الكريم وتنظيم الحفلات والمسابقات القرآنية والدعوية وتقديم الجوائز في المسجد، وفي البيت بالليل نُكثِّف من قراءةِ القرآن الكريم وقيام الليل، فأفضل شيء خلال هذا الشهر الكريم هو الاستزادة من القرآن الكريم، فهو شهرُ نزول القرآن.. أيضًا ضمن برنامجنا الدعوة إلى الإفطارِ الرمضاني من الأهل والجيران، فرمضان مناسبة جميلة لزيادةِ التعارف وإطعام الطعام، كما وصَّى بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

* وماذا عن البرنامج الدعوي خلال الشهر الكريم؟ هل يختلف عن باقي الشهور؟

برنامجي الدعوي يتمثل في الاستزادةِ من العباداتِ، وهذه الزيادة الإيمانية الشخصية تأخذ قدرًا من الوقتِ لا يُستهان به، فمثلاً الدعوة إلى الطعامِ تحتاج كثيرًا من الوقتِ لإعداد الطعام واستقبال الصائمين، وقراءة القرآن أيضًا وصلاة التراويح، فنجد اليوم مكتظًّا بالأعمال، فالدعوة مكثَّفة في فترةِ النهار، ومع الدروس في المسجد، في إعطاء كلماتٍ عن الصيام وقراءة القرآن، وعمل حلقات تجويد في المساجد ومسابقات، فنحن نحاول أن نستثمر المسجد خلال هذا الشهر في دعوةِ الناس من خلال القرآن والتعريف بدعوةِ الله تعالى؛ لأنَّ الناسَ لديها استقبالٌ قويٌّ، فقلوبهم مهيَّأة خلال هذا الشهر لكل شيء يدعو إلى الله تعالى.

محاسبة النفس

* خلال الشهر الكريم هل لكِ جلسةٌ مع نفسك تراجعين فيها اتجاهاتك في الحياة؟

أي إنسان مؤمن لا بد أن تكون له ساعةٌ مع الله تعالى يحاسب فيها نفسه، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، فمن باب أولى أن تفعل الداعية هذا، ومن باب أولى أيضًا أن يحدث هذا في رمضان، الذي يجب أن تُستثمر فيه كل دقيقة للفوز ببركاتِ هذا الشهر، وأنا شخصيًّا كان شهر رمضان هو نقطة التحوُّل في حياتي كلها؛ حيثُ كنت إنسانة عادية مسلمة أصوم رمضان، وبدأتُ فعلاً أفكِّر مع نفسي وكنتُ وقتها لا أزال طالبةً في الجامعةِ، فقلتُ في نفسي كيف يصوم الإنسان ثم يبقى أمام التليفزيون والأغاني والمسلسلات، وفي لحظةِ تفكيرٍ مع نفسي قلت كيف يكون ما أفعله هو الصيام الصحيح، وبالفعل أخذتُ على نفسي عهدًا أن لا أشاهد التلفاز، وأن أغتنم فرصةَ الليل في القرآنِ والعلمِ والقراءةِ والذكر والعبادة، وكان هذا القرار الذي اتخذتُه بشأن استثمار هذا الشهر واغتنامه والاستفادة من كل دقيقةٍ فيه.
كان نقطةَ تحوُّل جعلني إنسانة أخرى بدأت أفهم الدين بشكلٍ آخر، وبدأتُ الالتزامَ بصورةٍ أقوى عندما التزمتُ بصيام رمضان صيامًا حقيقيًّا، وكان هذا أيضًا نتيجة التفكير، فكثرة التفكير مع الله في الخلوةِ ومحاسبة النفس، فهذه اللحظات التي يستكين فيها الإنسان إلى الله تعالى ويدعو الله من أجمل اللحظات التي يعبد فيها الإنسان الله تعالى؛ لأنها تُعينه على الإخلاصِ ومعرفة حقيقة نفسه.

* هل تشعرين أن هناك تغييرًا يطرأ عليك في رمضان؟

أكيد.. فالصيام والقرآن يجعل هناك تغييرًا يطرأ على الإنسان، وإن كان من الواجب على الإنسان أن يكون هذا حاله في كل شهور العام، ولكن سبحان الله الذي ميَّز هذا الشهر بأنه يُكرمنا فيه بروحانياتٍ أعلى؛ نتيجةَ المواظبة على قراءةِ القرآن وتدبّره وذكر الله والإنفاق وزيادة العطاء والمحافظةِ على الفروض، مَن هنا يشعر كل إنسانٍ وخاصةً الداعية التي تزيد من دعوتها وأنشطتها، تشعر أنَّ الصلاةَ مختلفة والصوم مختلف والدعوة أيضًا والدروس التي تُلقيها، فكل شيء له مذاقٌ خاصٌّ في رمضان.

المصدر