الدكتور محمد مرسي عضو مجلس الشعب في حوار خاص

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الدكتور محمد مرسي عضو مجلس الشعب في حوار خاص

11/09/2003

مقدمة

- ما حدث بدمنهور كان خارج كل التوقعات

- نمد أيدينا للجميع لما فيه صالح الوطن ولا نهدف لإحراج أحد

- دورنا البرلماني أشاد به الجميع، وسنعيد قوانين الشريعة في الوقت المناسب

أثار دخول 17 نائبًا من الإخوان المسلمين بمصر إلى البرلمان عدة تساؤلات، حول مدى إمكانية إنشاء حزب للجماعة، وعلاقة الجماعة بالنظام الحاكم، ومدي مقدرة نواب الإخوان على طرح القضايا المختلفة، وتقديم الحلول الممكنة للعديد من القضايا المثيرة، وإمكانية تجاوب المجلس والحكومة مع ما يطرحونه، وما حدث أخيرًا من مؤامرة علي الدكتور محمد جمال حشمت، انتهت إلي بطلان الانتخابات في دائرته بندر دمنهور، وإعادتها بينه وبين مرشح لحزب الوفد، تدخلت فيها أجهزة الدولة بكافة أساليب التزوير؛ لدعم مرشح الوفد ضد نائب الإخوان في مهزلة شهدها العالم كله.

واليوم وبعد انقضاء جولتين برلمانيتين كاملتين من هذه الدورة البرلمانية، واقتراب الدورة الثالثة من منتصفها، كان لابد أن نلتقي مع المتحدث باسم نواب الإخوان بالبرلمان، الدكتور محمد مرسي، فكان معه هذا الحوار.


نص الحوار

  • بدايةً ما هو تعليقكم علي ما حدث مع الدكتور محمد جمال حشمت، والمؤامرة التي أدت لخروجه من المجلس؟!
ما حدث للدكتور محمد جمال حشمت كان خارج كل التوقعات، ولقد كانت موافقة مجلس الشعب علي بطلان عضوية الدكتور محمد جمال حشمت نائب دمنهور، وعضو كتلة الإخوان؛ لأهداف سياسية، كما أن تقرير محكمة النقض الخاص بالدائرة استهدف في غير الهدف الذي صدر من أجله، ولقد طالبنا قيادة المجلس وأعضاءه أن يراقبوا إعادة الانتخابات بدائرة دمنهور، وحذرنا مما سيقع بها، والذي عكّر صفو الحرية والديمقراطية والنزاهة الانتخابية، وأكّدنا علي ضرورة أن تتخذ نفس الإجراءات التي اتخذت مع طعن حشمت في باقي الطعون المقدمة في نواب المجلس؛ لضمان المساواة بين سائر أعضاءه.
وفي الحقيقة لقد فوجئنا كما فوجئ الناس جميعًا بالسرعة التي تمت بها إجراءات الموافقة على الطعن؛ لأن إدارة المجلس دأبت علي عدم الأخذ بتقارير النقض في السابق، وفي مواقف مشابهة، ومع إصرار المجلس علي طرح هذا الموضوع وبهذه السرعة، شعرنا أن هناك أمرًا مبيتًا ونيةً سابقةً؛ لإنهاء هذا الموضوع تحديدًا، وبهذا الشكل الذي تم به.
وأريد أن أؤكد أن نواب الإخوان يحترمون القانون والدستور، ويحرصون علي معاملة تقارير محكمة النقض بما تستحقه من تقدير واحترام، وأننا نلتزم بما يصدر من المجلس من قرارات، إلا أن تقارير اللجنة التشريعية في تحقيق العضوية، أو الطعن عليها، يجب أن تراجع بدقة؛ حتى لا نكون أمام العالم ممن يخالف للقانون، أو لا نحترم الدستور.
الدكتور جمال كان من أنشط نواب المجلس، وليس نواب الإخوان فقط، ولقد ترك فراغًا في المجلس كله، وفيما يتعلق بنا كنواب الإخوان فإنه مازال معنا برأيه إن أراد.
  • البعض يري أن ما حدث لحشمت ممكن أن يتكرر مع غيره من نواب الإخوان؟!
في الحقيقة كل شيء جائز، ونحن نعمل من أجل الوطن وخدمة الجماهير، ومجلس الشعب بالنسبة لنا وسيلة ضمن وسائل كثيرة؛ لخدمة الوطن ومصالح الجماهير


حصاد عامين

  • الناس تريد أن تعرف ما قدمه نواب الإخوان خلال الفترة الماضية من عمر المجلس؟!
في الحقيقة فإن أي نائب في البرلمان له دوران أساسيان وهما: الدور التشريعي والدور الرقابي، بمعنى أن له حق ممارسة التشريع بدءًا من اقتراح مشروعات القوانين، وانتهاءً بالتصويت عليها، مرورًا بمناقشة هذه المشروعات المقدمة في المجلس، كما أن له حق الرقابة والمساءلة للجهاز التنفيذي بالدولة، والمتمثل بالحكومة.
غير أن هناك بعدًا ثالثًا، أو دورًا ثالثًا لا يقل أهميةً عن الدورين الآخرين، ألا وهو خدمة الجماهير وحل مشاكلهم، سواءً في دائرته، أو في غيرها من الدوائر، بقدر المستطاع؛ لأنه في النهاية نائب عن الشعب، وممثل له في البرلمان.
ونحن بدورنا كنواب ممثلين لطوائف الشعب المصري، نمارس هذه الأدوار والمهام الثلاث بدرجات، نحسب أنها إن شاء الله ترضيه، للجمهور الذي اختارنا، ووضع فينا ثقته ويأمل أن نحقق له الكثير في البرلمان.
أما عن حصاد نواب الإخوان في خلال الجولتين الماضيتين من الدورة البرلمانية الحالية، فهي بفضل الله كثيرة ومتعددة، ونحن لن نصل إلى درجة الكمال، ولن نرضى عن أنفسنا، ونأمل أن يكون أداؤنا في الدورة الثالثة أفضل من الدورتين السابقتين.
  • د. مرسي.. لقد أشرت في بداية الحديث إلى أن هناك دورين لعضو مجلس الشعب، وهما الدور الرقابي والدور التشريعي، لكن الملاحظ أن نواب الإخوان لم يقدموا تشريعات قوانين بالشكل الذي كان ينتظره الجمهور، فما السر في ذلك؟
نحن نعرف الواقع الذي نعيش فيه، ومن ثم فلا نتحدث إلا بموضوعية، وفي بلدنا مصر الكثير من القوانين والتشريعات، وهناك الكثير من المشكلات، وبعض القوانين الموجودة كافية ومرضية إذا ما طبقت كما ينبغي، وهناك بعض القوانين تحتاج إلى تعديل.
ويوجد عدد ضخم من القوانين الجيدة التي لا تتنافى مع الفطرة السليمة، ولا تتضارب مع الشريعة الإسلامية، وبعضها يحتاج لتعديلات بخصوص ما يستجد من ممارسات، أو مشاكل على الساحة.
وإذا كنت تقصد أن الناس يتحدثون عن تطبيق الشريعة الإسلامية، فإنه قد سبق أن بذل جهد كبير في فصول تشريعية سابقة، وموجود في مكتبة المجلس مشروعات القوانين التي تم دراستها من قبل اللجنة المكونة من المجلس، والتي شارك فيها أساتذة قانون، وكان للأزهر فيها تمثيل، وأيضًا شارك فيها نواب من المجلس، كان من بينهم الأستاذ الدكتور صوفي أبو طالب، والأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور.
وهذه القوانين جاهزة ومدروسة، ولم تعرض على المجلس، ولكنها موجودة، فإذا ما تمكنّا في الجولة القادمة من الأخذ بما يتناسب مع الحال والواقع الذي نعيش فيه وعرضه على المجلس فسيكون دورنا هذا، وفي هذا الإطار عندنا نماذج جيدة، فهناك مشروع القانون الذي تقدم به الدكتور أكرم الشاعر عن الموافقة بدخول طلاب الأزهر – خريجي الثانوية الأزهرية – كلية الشرطة، وقد طبق هذا القانون بدءًا من هذا العام الدراسي 2002 / 2003، بالإضافة للعديد من المشروعات التي قدمت بالدورة الحالية، مثل قانون النائب حسين محمد إبراهيم؛ لتحريم ألعاب اليانصيب والقمار ومسابقات 0900 التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وقانون آخر عن التعذيب في أماكن الاحتجاز، وهناك أيضا تعديلان وافق عليهما المجلس مؤخرًا للنائب الدكتور أكرم الشاعر:
الأول عن الاستفادة من خريجي كليات التربية، وتعينهم بعقود مؤقتة لمدة ثلاث سنوات، ثم تعينهم بعدها مباشرةً وتوفير الدرجات الوظيفية لهم، والتعديل الثاني كان عن زيادة بدل العدوى للأطباء، وهي تعديلات في مشروعات خدمية.
ونحن نريد أن نتحدث بموضوعية، ونريد أن يفهم الناس الذين يقولون هذا الكلام عمّا كانوا ينتظرونه، لقد كنا 17 نائبًا ثم 16 فقط، كما أننا لا نمثل الأغلبية بالبرلمان، والمتابع لجلسات المجلس سوف يري ما يحدث من تكتلات لنواب الأغلبية؛ لعدم تمرير أي شيء، ورغم ذلك نحاول أن نقدم كل ما في وسعنا؛ لأن مشروعات القوانين وتعديلاتها تحتاج إلى أغلبية الأصوات لإقرارها.
وبالتالي يجب أن نكون واقعيين فيما نتحدث عنه، فرغم أننا ثاني تكتل برلماني بعد الحزب الوطني الحاكم إلا أننا ما زلنا أقليةً، والأغلبية في يد الحزب الحاكم، ومن ثم فإن المتاح من وسائل سنّ القوانين، أو إيجاد تشريعات جديدة ليس بالكثير، وعلينا أن نقبل بهذه الحقيقة، ونتعامل مع نواب الإخوان وفقًا لذلك.


الشريعة الإسلامية

لقد أشرت مسبقَا إلى وجود صعوبات في مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية التي سبق أن ناقشها مجلس الشعب في عام 82، 1983م، وبذل فيها مجهود رائع على يد الدكتور صوفي أبو طالب، وقد فجر نواب الإخوان هذه القضية من جديد في الدورة الماضية، عندما تقدم أكثر من 10 منهم بطلب للدكتور فتحي سرور بإعادة مشروعات القوانين بتطبيق الشريعة، وهذا يطرح سؤالاً مهمًا: لماذا لم تقوموا بإعادة هذه المشروعات من جديد للمجلس وتحيوا فيها الروح مرةً أخرى؟

يجب أن نتحدث عن الواقع الذي نعيش فيه وبموضوعية شديدة، فمثلاً نحن لا نتصور أن نأخذ كل القوانين الخاصة بتطبيق الشريعة الإسلامية، ونعرضها على المجلس جملةً واحدةً؛ ليناقشها ظنًا أنه سيوافق عليها كلها.
رغم أن مشروعات قوانين تطبيق الشريعة موجودة بالفعل، وتم دراستها من قبل اللجنة المختصة كما قلنا، وهي دراسة وافية أخذت كل مراحل الدراسة والبحث العلمي والتمحيص الكلي؛ لتكون مطابقةً للشريعة الإسلامية، طبقًا للدستور، ورأي الإفتاء والأزهر.
نحن نتكلم عن الواقع كما قلنا، غير أن هذا لا يمنع من أن نطالب المجلس كمؤسسة تشريعية أن يعيد النظر في هذه المشروعات، وأن يوافق على إعادة عرضها على المجلس من جديد، وهذا ما نحرص على تنفيذه إن شاء الله في الفترة الحالية والقادمة، حيث سنحاول أن ننتقي بعض مشروعات القوانين ونعرضها على المجلس لأخذ الموافقة عليها، وهذا يخضع لظروف وملابسات لابد أن توضع في الحسبان.
فليس هناك مبرر لأن نعرض كل يوم مشروعًا قانون فيؤخذ عليه التصويت ويرفضه المجلس؛ لعدم وجود السبب الكافي لمناقشته.
وأضرب مثالاً بمشروع القانون الذي تم التقدم به في الدورة الثانية، حول تحريم شرب الخمر والاتجار به وتصنيعه، وهو مشروع قانون ضمن مشروعات تقنين الشريعة التي كانت موجودةً بالمجلس وتقدم به النائب حسين محمد للجنة الاقتراحات والشكاوى، ووافق عليه الأزهر الشريف، إلا أن باقي خطوات إقراره.
لم تكتمل بعد، ونحن في انتظار عرض المشروع علي المجلس في الدورة الحالية لمناقشة خطواته، وسوف نحاول أن نبذل أقصى جهد ممكن، ورغم أن أحدًا بالمجلس لا يستطيع أن يقول إن شرب الخمر جائزة، وكذلك تصنيعه وتجارته، فإننا نتمنى أنه إذا ما عرض المشروع للمناقشة وأخذ الرأي حوله أن تنتهي بالموافقة عليه؛ لأنه طبقًا لنص المادة الثانية من الدستور، فإن المشروع مطابق للدستور، وبالتالي واجب التنفيذ بعد أخذ رأي المجلس.
وبشكل عام فإن ظروف عرض المشروعات والقوانين على المجلس هي التي تتحكم في اختيار المشروع المناسب للعرض.
وهذا يأخذنا إلى نقطة أساسية في الحديث عن المجتمع الذي نعيش فيه والواقع الذي نحياه، فالحركة الإسلامية حركة إصلاحية شاملة، ولابد أن تبذل أقصى جهد في التربية حتى نصل لمرحلة يكون فيها المجتمع مستعدًا لتطبيق القوانين التي تتفق مع الشريعة الإسلامية، وغير مستعد لتطبيق أو استخدام أي قانون مخالف لها.


الدور الرقابي

  • لو تحدثنا عن الدور الرقابي.. فإن البعض يري أن نواب الإخوان كانوا يتهربون من بعض القضايا مثل الإعلام ؟!
الحقيقة على العكس تمامًا، وكما أن هناك من يقولون إن الإخوان يتهربون من قضايا الإعلام، فإن هناك من يقولون إن نواب الإخوان يقتحمون ميادين الإعلام والثقافة والفن، ونحن لسنا مع هذا الرأي ولا ذاك.
فنحن لا نبالغ فيما نأخذ من محاور العمل المختلفة، ونحاول أن يكون هناك توازن في الأداء البرلماني، لأننا نؤمن بأن الزمن جزء من العلاج، وأن المرحلية الإصلاحية ضرورة، كما أننا نؤمن أننا لا نستطيع نحن أو غيرنا تقديم الحلول الناجحة لكل المشاكل المتراكمة بين عشية وضحاها.
ففي مجال الإعلام والثقافة كانت هناك فعاليات كثيرة، منها ما قدمه د. جمال حشمت في الدورة البرلمانية الأولى حول الكتب الثلاثة التي أصدرتها وزارة الثقافة، كما قدم الدكتور حمدي حسن أسئلةً عن المذيعات المحجبات اللائي تم منعهن من الظهور علي شاشة القناة الخامسة بعد ارتدائهن الحجاب.
  • لكن هذه ثقافة وليست إعلام!
أنا عندما تحدثت قلت الإعلام والثقافة والفن، وبالنسبة للفن فقد تابع الكل طلب الإحاطة الذي تقدمنا به حول عرض فيلم "طائرة الرئيس" الذي يتحدث عن طائرة الرئيس الأمريكي.
وبعض وسائل الإعلام اعترضت على الموضوع وقالت كيف تتدخلون في مثل هذه الأمور؟، وهذا يرجع لحرية الفن، وحرية التليفزيون.
وأحب أن أؤكد أننا كنواب للإخوان مهتمون بالأعمال والأدوات الثقافية، وبوسائل الإعلام ونوعية الفن الذي يعرض على الناس، فالإعلام والثقافة والفن في تصورنا هو الذي يشكل ثقافة المجتمع، وله دور كبير في التأثير على تربية النشء فيه.
ومن ثم تؤثر على التنمية البشرية في المجتمع، ونحن لنا في هذا المجال مساهمات ليست قليلة، ولعلك تذكر موضوع القبلات في السينما، فقد عارضنا الموضوع وقلنا رأينا فيه بصراحة، غير أن وسائل الإعلام، وأذكر على سبيل المثال مجلة "الكواكب" اعترضت على مناقشتنا لمثل هذا الموضوع، وكيف يتم تناوله تحت قبة البرلمان، وأن هذا لا يجوز وأن هذه حرية الفن، وأن ما يطالب به نواب الإخوان هو نوع من المصادرة على الفنانين وعلى وسائل الإعلام.
ووجهت "الكواكب" نصائحها لنواب الإخوان بأن "انشغلوا بما هو أهم.." وأود أن أؤكد أن كثيرًا مما يعرض في الصحف ووسائل الإعلام وخاصةً التليفزيون لا يعبر عن هوية هذا المجتمع، وأننا لا نترك فرصةً إلا وننبه على خطورة مثل هذه الأدوات، وضرورة استخدامها الاستخدام الأمثل.
هذا مفهومنا عن التوازن، كما قلت لك سابقًا، ونحن نتفاعل مع قضايا ومشكلات المجتمع بقدر المستطاع، وبالقدر الذي يتواءم مع واقعنا الذي نعيشه.


سياسة الإصلاح

هذا السؤال طرحته وسائل الإعلام في الداخل والخارج علينا عشرات المرات، وقد أجبنا عليه، ونكرر أن سياسة الإخوان في الإصلاح معروفة، وطرق عمل الإخوان كحركة إصلاح للمجتمع المدني بالوسائل السليمة، وبالحكمة والموعظة الحسنة معروفة، وكتب الإخوان تمتلئ بها المكتبات، وهي موجودة بالسوق منذ عشرات السنين.
ونحن كنواب نعرف جيدًا سياسة الإخوان في الإصلاح وطرقهم وأدواتهم ووسائلهم، ثم إننا نعيش في المجتمع ونخالط الناس ونعرف مشاكلهم، فلسنا غرباء عنهم ونحن من نسيج هذا المجتمع ونتعامل معه أيضًا، ولا يمنع ذلك أننا نعيش مع الناس ونعرف ما يريدون.
فنحن نمارس العمل السياسي من خلال فهمنا للإسلام والأطر العامة له بشكل تلقائي، وعندما تكون هناك قضية ما تحتاج للرأي حول مدى مطابقتها للشرع من عدمه، فهناك الكثيرون من أولي الرأي سواء من الإخوان أو من غيرهم، من الممكن أن نستأنس بآرائهم.
وكذلك إذا ما جدّ جديد في القوانين أو مشروعات القوانين أو التقارير المعروضة على المجلس، وكنا نحتاج فيها إلى مساعدة من فنيين، فإن لنا الكثير من الزملاء سواءً من أساتذة الجامعات أو غيرهم في المكاتب الاستشارية، يمكننا أن نستعين بهم في المسائل الفنية المتخصصة، وهذا ما يحسب للإخوان، لا عليهم، فنحن نعرف جيدًا ماذا نريد؟.
  • لو عدنا مرةً أخرى لطريقة الأداء البرلماني لنواب الإخوان فيما يخص الدور الرقابي، يرى البعض أن الإخوان أحيانًا يستجيبون لرغبة الحكومة، ويوافقون على عدم مناقشة القضايا المقدمة منهم، واستجواب الأزهر الشريف مثالا علي ذلك ؟!
بدايةً نريد أن نقرر عددًا من الثوابت بالنسبة لنا في العمل البرلماني، فنحن لسنا حريصين ولا من أهدافنا إحراج الحكومة، أو البحث والتنقيب عن الأخطاء التي تضع الوزير أو رئيس الوزراء أو المسئول في خانة الإحراج، أو في مكان الاتهام دائمًا.
إنما نحن نؤدي دورنا، ونمارس الأدوات الرقابية من أجل الإصلاح، وما نرى أنه يمكن أن يؤدي إلى نتيجة إيجابية نتحدث فيه، وما نرى أن سلبياته ستكون أكثر من إيجابياته نؤجله إلى أن تحين الفرصة، وتتغير الظروف.
النقطة الثانية: أننا نصبر على ما نحن فيه في مجال تربية المجتمع، على الفهم والعمل والسلوك والأخلاق الإسلامية، فنحن نعرف جيدًا الواقع الذي نعيش فيه، والمشاكل المطروحة، ونتعايش مع هذه المشكلات، ولا نتصور أنه يمكننا وحدنا حل هذه المشكلات، أو وأنه بمجرد طرح المشكلة أو التفكير في حلول لها، أنها قد حلت أو اختفت من المجتمع.
مرةً أخرى أقول: نحن مع المعرفة والدراية بالمشاكل والواقع الذي نحياه، مع عدم الحرص على إحراج الآخرين، ومعرفة ثوابت الإسلام الداخلي أو على المستوى الإقليمي أو العالمي، كل هذه الأمور نضعها في حسباننا ونحن نقرر الموضوع الذي نختاره أو نتركه أو نؤجله.
وبخصوص استجواب الأزهر، فهناك بعض الأمور في الأزهر تحتاج إلى مناقشة، وهناك بعض التجاوزات الإدارية، وهناك بعض العجز والقصور في التمويل، وربما هناك سوء إدارة للمتاح من الموارد، وهناك أوقاف للأزهر يسيطر عليها بعض الأفراد والعلماء لم تسلم للأزهر.
وما نتمناه أن يعمل الأزهر كمؤسسة لا كأفراد، وأن يقوم بدوره لإصلاح ما في المجتمع من مساوئ أو مشاكل، طبقًا للرؤية الإسلامية وعندما ارتأينا أن هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى أن يساعد الأزهر في حلها، تقدمنا باستجواب.
وأود أن أوضح أن التقدم بالاستجواب لا يعني عرضه على المجلس، فالعرض على المجلس ووضع الاستجواب في جدول الأعمال من اختصاص إدارة المجلس المتمثلة في رئيس المجلس والوكيلين، وأحيانًا يؤخذ رأي اللجنة العامة وعضوية هيئة مكتب المجلس.
وعندما تقدمنا بهذا الاستجواب طلب من العضو المستجوب أن يقدم بعض المستندات الدالة على صحة استجوابه، وقد كنا حريصين على أن يقدم الأخ الأستاذ علي لبن نائب الإخوان ومقدم الاستجواب كل المستندات، وأيضًا طرح ما يمكن من حلول لكي تأخذ بها مؤسسة الأزهر بصفة عامة من خلال رئيس الوزراء باعتباره وزير شئون الأزهر، وهذا كله يدل على أن النية كانت خالصةً من أجل الإصلاح وليس الإحراج.
وتحدد موعد الاستجواب وتاريخه، غير أننا فوجئنا عندما همّ النائب علي لبن ليقف على المنصة، فوجئنا بمعارضة شديدة لعرض الاستجواب.
ويبدو أنه كان هناك تصور خاطئ لدى البعض، مؤداه أن الغرض من الاستجواب هو إحراج القائمين على الأزهر، ولما بدا لنا ذلك تشاورنا مع النائب وقررنا أنه إذا كانت الحكومة تريد تحويل الموضوع إلى لجان المجلس المتخصصة، كاللجنة الدينية، أو لجنة التعليم، أو لجنة الخطة والموازنة لدراسة الاستجواب فليس لدينا مانع، حتى نرى تقرير اللجنة التي يشكلها المجلس، فنحن لسنا حريصين على إحراج أحد ولسنا متعجلين، ونعلم أن المسائل تحتاج إلى وقت، وأن الزمن جزء من العلاج، كما أننا لن نستطيع حل المشكلات بين عشية وضحاها.
إضافةً إلي أننا توجهنا في البداية بالاستجواب للسيد رئيس الوزراء، وفضيلة الدكتور شيخ الأزهر؛ لعلمنا أنهما المسئولان المباشران عن الأزهر كمؤسسة، ولم يخطر ببالنا إحراجهم أو الإساءة إليهم، أو إلى الأزهر كمؤسسة دينية.
ثم إن القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة السلف الصالح تؤكد على أصالة المراجعات في الإسلام؛ بهدف المصلحة العامة، خاصةً إذا كان الكلام عن مؤسسة مثل الأزهر بحجمه الدولي في العالم الإسلامي.
فإذا صلح الأزهر، وعمل كمؤسسة بكل هيئاته وإداراته، فسيستفيد العالم الإسلامي كله من هذا الإصلاح.
  • ولكن ما طبيعة العلاقة بين نواب الإخوان والأجهزة التنفيذية؟
علاقة نواب الإخوان بلجان المجلس التنفيذية كعلاقة بقية النواب بهذه اللجان، ونحن نمارس دورنا الرقابي بشكل كامل، ولا نحرص على اصطياد الأخطاء، ونقوم بدورنا من خلال وسائل الرقابة العادية وهي السؤال أو طلب الإحاطة أو الاستجواب.. إلخ.
وأيضًا نعمل مع الأجهزة التنفيذية في مجال حلّ المشكلات، وتسهيل وقضاء مصالح الناس، وخاصةً في موضوع البطالة التي هي نتاج الممارسة الحكومية.
كما نهتم بالقضايا الجماهيرية مثل مياه الشرب والصرف الصحي والرعاية الصحية.
ونواب الإخوان يتحركون مع الناس؛ لقضاء حوائجهم قدر الاستطاعة، وليس هناك تهميش لنا أو محاولة لتعطيل طلباتنا، فالأمور تسير بشكل طبيعي.


الحوار مع الدولة

  • توقع المراقبون بعـد نجـاح 17 عضـوًا من الإخوان ودخولهم البرلمان أن يتم فتح حوار بين الـدولة والجماعة، فهل هناك جهود في هذا الإطار؟
نحن موجودون في المجلس وهذا قمة العمل السياسي، والكل يعرف أننا نواب الإخوان في البرلمان، والشعب انتخبنا بناءً على برنامجنا الإسلامي وانتمائنا الفكري.
والمسئولون في الحكومة يعرفون ذلك، ونحن لسنا في موقف الدفاع عن النفس، ولكننا نحاول أن نكون على اتصال مع الجميع بما فيهم المسئولون بكل مستوياتهم من أعضاء الجهاز التنفيذي، سواءً كانوا وزراء أو نوابًا لهم أو محافظين أو غيرهم من المسئولين، فنحن على اتصال بكل هؤلاء دائمًا.
وأنا أعتبر أن هذه كلها قنوات مفتوحة، أما من يريد أن يجلس معنا جلسات ذات طابع سياسي، فنحن مستعدون لذلك، ونحرص عليه ونتمنى أن يحدث ونمد أيدينا للكل بعد الاحتقان السياسي الناتج عن قانون الطوارئ، وتقديم بعض المدنيين للمحاكمة أمام القضاء العسكري "الاستثنائي"، فهذا الاحتقان يحتاج إلى حوار ولقاءات ونحن لا نحمل في صدورنا إلا كل حب لكل من يحب وطننا مصر.
  • وهل هناك تنسيق بين نواب الإخوان باعتبارهم ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني الحاكم، وبين باقي نواب المعارضة والمستقلين؟
العلاقة الطبيعية بيننا وبين نواب المجلس جميعًا موجودة، وتنسيق المواقف بيننا وبين نواب المعارضة والمستقلين على قدر عالٍ جدًا، وقد تم التنسيق مرات لطرح وجهات نظر معينة، فالتنسيق موجود، ويحدث كثيرًا تحت القبة في مناقشة مشروعات القوانين والقضايا المثارة، وأخيرًا تمّ تشكيل هيئة للمستقلين برئاسة الزميل النائب محمد خليل قويطة، ونحن نشارك فيها بفاعلية ونحاول تفعليها بمشاركة باقي زملاءنا المستقلين؛ لتنسيق المواقف، وقد ظهر نشاط هذا التنسيق فيما حدث بانتخابات دمنهور حيث قدم النائب عادل عيد استجوابًا عن المهازل الأمنية بها، بناءً علي اتفاق في الهيئة وإن كان المجلس رفض هذا الاستجواب، إلا أنه كان خطوةً جيدةً ومهمة في سبيل تنسيق المواقف بيننا.
  • هناك قضايا كثيرة مثل الفساد والعراق والتعامل الأمريكي مع الدول العربية والإسلامية، وقضايا الأمن القومي المصري، لم تجد طريقها للبرلمان، فما تبريرك لذلك؟
أحسب أن كل هذه القضايا التي ذكرتها قد وجدت طريقها للبرلمان، بل وطرحت مرات عديدة، فنحن في أولى جلسات هذه الدورة من الفصل التشريعي الأول في ديسمبر 2000م، طرحنا على المجلس إصدار بيان يساند المقاومة الفلسطينية، ويعلن الوقوف ضد الهجوم البربري الصهيوني المستمر على أبناء الشعب الفلسطيني.
كما اقترحنا عمل صندوق باسم المجلس يدعو المصريين للتبرع بجنيه واحد من زكاة الفطر – وكان ذلك قبل عيد الفطر–، وقلنا في المجلس إن هذا الصندوق يمكن أن يجمع أكثر من 50 مليون جنيه في أقل من أسبوع، على أن يخرج هذا الدعم من مجلس الشعب كمعبر عن الشعب المصري كله.
وفي هذه الدورة عقدت جلسة خاصة؛ لبحث العدوان الصهيوني على الفلسطينيين والذي حدث في 30 مارس 2002م، وفي نهاية الجلسة قرر المجلس إقرار الاقتراح بعمل صندوق باسم المجلس للتبرع للفلسطينيين، وقرر الأعضاء التبرع براتب شهر لصالح الفلسطينيين.
كما تمّ طرح القضية الفلسطينية على أكثر من محور، وعندما صدر قرار من مجلس الأمن برقم 1397، والخاص بالموافقة على الدولة الفلسطينية، كان للمجلس دور، وكان لنا نحن نواب الإخوان بفضل الله دور واضح في هذه المناقشات التي تمت للقرار المذكور.
أما بخصوص قضية العراق والقضايا العربية الأخرى، فهذا مطروح على المجلس، وتم مناقشة التأييد الأمريكي للصهاينة، وصدر بيان من المجلس، حدد فيه ما يجب أن يكون على مستوى هذا الصراع، ندد بالمجازر ضد الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وتم طرحه بالقاعة من خلال عدد من الاقتراحات، وقد تم التنسيق في هذا الأمر بيننا وبين نواب المعارضة.
  • د. مرسي.. الساحة السياسية في مصر تشهد تحركات لإعداد نظام انتخابي جديد.. فهل لديكم كإخوان تصور لقانون انتخابي جديد؟
هناك كلام كثير تثيره وسائل الإعلام عن مشروعات لقانون انتخابي جديد، لكنه وحتى الآن لم يقدم للمجلس أي مشروع قانون بهذا المعنى، ونحن لا نريد أن نتحدث عن شيء لم يحدث بعد، ولم ير النور حتى الآن.
وعلى كلٍ فإن النظام الفردي هو أفضل النظم، وقد طبق في انتخابات 2000م، وكذلك في انتخابات 1995م، ثم إن هناك كلامًا يطرح عن نظام الانتخاب بالقائمة سواء النسبية أو المطلقة أو الخلط بينهما، ويطرح أيضًا كلامًا عن النظام الفردي والدوائر الانتخابية الواسعة، ولكن لم يصدر أي تصريح لأي مسئول بهذا الصدد، ولم تتحدث أي من الجهات التي يعتد بها حول الموضوع، حتى يمكننا القول بأننا بصدد دراسة مشروع قانون جديد، وبغض النظر عن الدخول في التفاصيل، فلابد أن تكون هناك حريات عامة للمواطنين، حرية في الترشيح وحرية في الاختيار. ولابد من توسيع مساحة الديمقراطية، وتغيير الأطر الحاكمة لهذه الديمقراطية.
والنظام الانتخابي – إذا عرض على المجلس – لابد أن يراعي مثل هذه الأمور، وإلا فسيطعن فيه من حيث عدم دستوريته، وهذا قد يؤدي إلى تعطيل الحياة البرلمانية.
فما نريده أن تكون هناك حريات حقيقية، وأن تكون هناك ديمقراطية جادة، وعندئذ يكون النظام الانتخابي أيًا كان، طالما ستتوافر الحرية الحقيقية والديمقراطية الجادة، وأتصور أن هذا هو ما سيؤدي إلى تفعيل الحياة السياسية، وإنعاش الحياة البرلمانية في مصر ويؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة لمصرنا الحبيبة، فبدون حريات حقيقية وديمقراطية صحيحة لن تكون هناك حياة سياسية أو برلمانية حقيقية مهما غيرنا النظم الانتخابية.
لابد أن تتوافر للمواطنين الحرية في أن يذهبوا إلى صناديق الانتخابات، وأن تكون لهم حرية اختيار من يمثلهم ويرونه الأفضل، وأن تكون هناك حرية للمرشح؛ للتحرك والاتصال بالجماهير وعمل الدعاية اللازمة له، وبدون هذه الحريات لن يفيدنا- في شيء- تغير النظام الانتخابي، وأتمنى إذا ما صدر قانون ينظم العملية الانتخابية أن يصاحبه تصحيح لأوضاع كثيرة مغلوطة لا نحبها ولا يجب أن تستمر.
  • سؤال أخير.. هل أدى نواب الإخوان في البرلمان دورهم حتى الآن؟
الإنسان يسعى دائمًا للأفضل، ونحن ندعو الله- سبحانه وتعالى- أن يتقبل منا ما نفعل وإن كان قليلاً، ونحن نحاول قدر المستطاع ألا نضيع الوقت، وألا نضيع الفرص، وأن نستغل الظروف المناسبة والأجواء المتاحة للقيام بالدور البرلماني المنوط بنا على أكمل وجه، وبقدر المستطاع، فإذا كانت الإصابة فلله الحمد والمنة، وإن كان التقصير فنسأل الله أن يعفو عنا، وأن يكون في المستقبل ما هو أفضل دائمًا لصالح مصر والمسلمين والعالم أجمع إن شاء الله.


نبذة عن د.مرسى

الدكتور محمد مرسي، نائب الدائرة الأولى بالزقازيق محافظة الشرقية، ولد في أغسطس 1951م، وتلقى دراسته الأولى بالزقازيق، ثم انتقل للقاهرة؛ ليدرس الهندسة بجامعة القاهرة، وعقب تخرجه في كلية الهندسة بتفوق عين معيدًا بها، ثم مدرسًا مساعدًا، وحصل على منحة دراسية بالولايات المتحدة الأمريكية؛ لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا، ثم حصل على منحة أخرى ليعمل كأستاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة نورفريدج بكاليفورنيا لوس أنجلوس.

عاد بعدها ليعمل أستاذًا مساعدًا بكلية الهندسة جامعة الزقازيق، وانتخب عضوًا بنادي هيئة التدريس بالجامعة، وكان من أكثر أعضاء هيئة التدريس مشاركةً للطلاب في كل فعالياتهم بالجامعة.

وقد اختير د. مرسي عضوًا بلجنة مقاومة الصهيونية بمحافظة الشرقية، كما اختير عضوًا بالمؤتمر الدولي للأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وهو عضو مؤسس باللجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني.

وقد شارك د. مرسي في أعمال لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب، وهو عضو أساس بها، وله مساهماته الواضحة في مشروع قانون حماية الملكية الفكرية، كما يشارك في لجنة الطاقة في المجلس بصفة احتياطية.

والدكتور مرسي له نشاط بارز داخل المجلس وخارجه، ويهتم بمشاكل الفلاحين والعمال، ويطالب بضرورة الاهتمام بإبراز الدور العربي المشترك، وتفعيل اتفاقية السوق العربية المشتركة، وفتح قنوات اتصال بالدول العربية والإسلامية، وتعد القضايا التعليمية أهم ما يشغل بال الدكتور مرسي، حيث قدم العديد من الاقتراحات لتطوير التعليم الجامعي والتعليم الفني، وهو من أكثر النواب مشاركةً في المناقشات العامة والخاصة داخل المجلس.

ويعد الدكتور مرسي ضيفًا رئيسيًا في معظم المؤتمرات الجماهيرية، التي تنظمها الأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية لصالح القضية الفلسطينية وقضية العراق.

وقد نال مرسي إعجاب كافة أعضاء البرلمان سواءً المنتمين للحزب الوطني الحاكم، أو نواب المعارضة أو المستقلين، وذلك عندما طرح استجوابه الشهير حول حادث قطار الصعيد في شهر يوليو الماضي.

المصدر