الزوجات والأمهات وصفحات مشرقة من الصبر والاحتساب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الزوجات والأمهات وصفحات مشرقة من الصبر والاحتساب

[03-06-2004]

مقدمه

حدثتنا السيرة النبوية الشريفة كما حدثنا التاريخ الإسلامي عن علماء وقادة ورموز غيَّبهم الأعداء خلف القضبان؛ لأنهم حملوا دعوة الله إلى الناس، وأصرُّوا على التمسك بمواقف العزة والإباء، وتحمَّلوا وعائلاتهم في سبيل الله الضيم والعناء، فكانت الزوجة المحتسبة والأم الصابرة ظهيرًا قويًّا لأولئك القادة، بل كانت عوائلهم تبثُّ في نفوسهم الأمل والإصرار على مواصلة طريق الحق المبين.. هذه الصفحات المشرقة تسطرها في واقعنا المعاصر زوجات وأمهات "رهائن الأقصى" بمناسبة مرور عام على اعتقالهم عبر مجموعة من الحوارات التالية:

زوجةرائد صلاح: لن يقدم تنازلات ولو بقي في السجن مدى الحياة

البداية كانت مع زوجة الشيخ رائد صلاح- رئيس الحركة الإسلامية في أرض 1948م- وقد سألناها العديد من الأسئلة حول حول قضية زوجها ودوره كأب وزوج وداعية إلى الله، فكانت إجاباتها كالتالي:


نص الحوار

  • .......؟
الشيخ بالنسبة لنا غائب حاضر، فقد كان يعطي وقته للحركة الإسلامية وخدمة أبناء وطنه، وأحيانًا كنا نستعين به في بعض أمور البيت التي تحتاج إلى الحزم، خاصةً فيما يتعلق بالأولاد.
  • .......؟
صراحة لا نعد ساعات ولا أيامًا ولا شهورًا؛ لأننا نحتسب ذلك عند الله.. فالقضية غامضة وغير واضحة.
  • .......؟
غياب الأب كان غير طبيعي بالنسبة للأولاد، لكن مع الوقت بدأوا يتقبَّلونه، وفي بعض الأحيان يشعرون أن هناك ضرورة لوجود الأب بيننا، فيقولون يا ليته كان موجودًا..!!


غياب الشيخ

  • .......؟
الإسلام ربَّانا على مبادِئ وأسس، ونحن أتباع مبادئ ولسنا أتباع أشخاص، إذ يضايقني جدًّا أن يقال ذهب الشيخ وذهبت معه الدعوة، وحسب اطلاعي على نشأة وعمل الحركة الإسلامية فكل شيء طيِّب جدًّا.

والحركة الإسلامية وضعها مطمئنٌ ويسير على قدم وساق، وغياب الشيخ لم يؤثِّر لأن هذه الدعوة ربانية وليست دعوةً بشريةً، واعتقال الشيخ حفَّز أبناء الحركة ووضعَهم أمام تحدٍّ عظيمٍ.

  • .......؟
القضية غامضة ومبهمة وهي سياسية بالدرجة الأولى، وجزء من الحملة الشرسة على الإسلام، فهؤلاء المعتقلون يدفعون ضريبة الأقصى والانتماء، وما هذه الإجراءات القانونية القضائية بحقهم إلا أساليب "تكتيكية" وقائية.
  • .......؟
ماذا تتوقع من أموات؟! ماذا تتوقع من أحجار شطرنج يحركها السيد الأمريكي وفق مصالحه؟! سقوط بغداد كان طامَّةً كبرى، ولم يحركوا ساكنًا..!!
  • .......؟
ليس في حياتنا شيءٌ اسمه فراغ، نحن بحاجة إلى وقت لننجز المهام الدعوية الكثيرة المنوطة بنا، ونحن كدعاة لم يؤثر الاعتقال فينا، وكلُّ مَن يعمل في مجال الدعوة إلى الله ليس عنده فراغ.
  • .......؟
أستطيع أن أحكم على الشيخ "رائد" كزوج وأب فقط، لكن لا أحكم عليه كرئيس بلدية؛ لأنه في هذه الحالة كان ملكًا لأهل "أم الفحم" جميعًا، ولا أحكم عليه كرئيس حركة؛ فهو ملك لشعب كامل.

والحقيقة أنه كان يحاول ألا يقصر في أي جانب من الواجبات العامة، حتى لو كان على حساب بيته، ومصلحةُ الجماعة والشعب كانت فوقَ مصلحة البيت والعائلة، كنَّا أحيانًا نتفق على زيارة قريب في المستشفى أو أيِّ أمرٍ آخر، وكان ينْشغِل بأشياء أخرى تهم الدعوة، وعلى أثر ذلك كان تحصل أحيانًا بيننا نقاشات.. فيقول: "احتسبي أجرك عند الله".

  • .......؟
كان عنده سرية تامَّة، أحيانًا كنت أرى الدموع في عينيه، ولم يكن يطْلِعُني على سرِّ هذه الدمعة، ويقول: "اتركي هذا الأمر.. لا أريد أن أُتعِبك"، لكنني كنت أستشيره، وكنت أخالفُه أحيانًا، خاصةً إذا كان رأيي مبنيًّا على دليل شرعي، والحقيقة أنه لا يتعصَّب لرأيه.
  • .......؟
كان رمزًا لأم الفحم، ومع ذلك فإن غيابه لم يؤثر على المسيرة الإسلامية، فهناك أشخاص- والحمد لله- يقومون بالواجب، وهم أهلٌ لذلك.
  • .......؟


ظروف الاعتقال

في ظل الحملة الشرسة ضد كل ما هو إسلامي، وخاصة رموز الحركات الإسلامية في أنحاء العالم، لم يكن الاعتقال مفاجئًا، بل المفاجئ أن أمر الاعتقال تأخَّر جدًّا، فمن الطبيعي أن يتوقَّع كلُّ شخص حمْل هذا اللواء.. القتل أو النفي أو السجن، وطبيعي جدًّا أن يأتي هذا الاعتقال في ظلِّ ما يُخطَّط للمسجد الأقصى المبارك.
وهذه سياسة مدروسة للقضاء على الإسلام، فهم يعتقدون أن حبسَهم لبعض الرموز أو قتلَهم أو نفيَهم سيقضي على الإسلام، كلاَّ.. إن الله وعدَ برفع رايته عاليةً خفاقةً، وكلما اشتدت الأمور ظلمةً قوي عود الحركات.
  • .......؟
الزيارة تتمُّ كل أسبوع مرة، والوضع في سجن "أشمورت" أسوأ بكثير من سجن "الجلبة" الذي كانوا فيه أولاً، وعندما نزورهم في "أشمورت" نرى خيالهم من بعيد، ولا نسمعهم أو يسمعونا جيِّدًا عند الحديث؛ لأن هناك حاجزًا بيننا من ثلاث طبقات، ويُدخلوننا إلى غرفةٍ مُحكَمة الإغلاق وصغيرةِ الحجم مع حراسة شديدة فلا نعرف مَن المعتقل؟ نحن أم هم؟! وبسبب التقييد والتفتيش الشديد عند الزيارة رفض الأولاد- وخاصة عمر والقعقاع- زيارة والدهم مؤخَّرًا؛ لأن الأمر يترك آثارًا نفسيةً سيئةً عليهم.
  • .......؟
الإصرار، والثبات، وعدم التنازل، حتى لو سجن عشرين عامًا، فنحن نذهب لنواسيه فيواسينا، ويشد من أزرنا.
  • .......؟
عليكَ بالصبر والثبات وعدم التنازل، حتى لو سُجِنتَ العمرَ كله، عليكَ أن تنسى أولادك وزوجتَك.. الله خلقنا وهو يدبِّر أمورَنا مهما كانت الظروف قاسيةً أو وصل الأمر للتعذيب، فلا تتنازل عن المسجد الأقصى، ومهما اشتدَّ الليل فسيأتي بعده النهار.. انظر للسابقين، وحتى في زماننا هذا، هناك إخوة لنا يعانون الكثير مما تعانيه، فلتصبر ولتحتسب.

المصدر