السعيد الخميسى يكتب:الحُكًام بين الداء والدواء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٩:٢١، ٢٨ فبراير ٢٠١٥ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>السعيد الخميسى يكتب:الحُكًام بين الداء والدواء</font></font></center>''' '''بتا...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
السعيد الخميسى يكتب:الحُكًام بين الداء والدواء


بتاريخ : الأحد 27 إبريل 2014

  • الفقيه العلامة الكبير فيلسوف الإسلام الشيخ محمد الغزالي رحمه الله كان بمثابة الجراح الماهر الذى يمسك مشرطه بحساسية شديدة وحس مرهف ويضعه على مكان الجرح ليبدأ فى إجراء العملية الجراحية لاستئصال الورم الخبيث من جسد المريض ليبرأ من سقمه ويتعافى من مرضه .

لقد رزقه الله نفاذ البصر وعمق البصيرة فكان قادرا بفراسة المؤمن على تشخيص الداء وتحديد العلاج .

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله فى إحدى روائعه وهو يشخص الداء الذى أصاب الحُكًام بصفة عامة , وحُكًام العرب والمسلمين منهم بصفة خاصة : " لقد رأيت من طغى عندما حكم , ومن غش عندما تعامل , ومن استكبر عندما استغنى , ومن أفسد أسرته وأمته عندما تمهد له الطريق , وهناك حكام حفروا خنادق بينهم وبين جماهير الأمة... لأن أهواءهم طافحة وشهواتهم جامحة, لايؤتمنون على دين الله ولا على دنيا الناس. ومع ذلك عاشوا آمادا طويلة..!؟. " .

  • والشيخ العلامة رحمه الله يحدد أصل الداء ومنبع المرض الذى أصاب حكامنا منذ عهود مديدة وعقود مديدة فى عدة آفات محددة ومعلومة ألا وهى : الطغيان فى الحكم , الغش فى التعامل , الاستكبار والاستغناء , إفساد الأسرة والأمة , غلبة الهوى , جموح الشهوات وطغيانها , عدم الأمانة على دين الله ولاعلى دنيا الناس , وأخيرا الحكم لمدة طويلة .

وكل داء من هذه العلل والأسقام تحتاج إلى مقال منفصل للوقوف على تفاصيله وأسبابه ونتائجه وطرق علاجه .

ولكن مالايدرك كله لايترك جله .

  • إن الأنظمة الفاسدة فى أى بقعة على هذه الارض فى أى مكان وفى أى زمان غالبا ماتلجأ إلى سياسة الطغيان وفرض سياسة الأمر الواقع على شعوبها .

والأمر الواقع هنا هو مخبر وراء كل مواطن , وفتح ملف أمنى لكل معارض ووضع عامة الشعب على ذمة التحقيق , فالكل متهم حتى تثبت براءته..! ؟.

الطغيان أخطبوط وحشى له آلاف الأنياب وآلاف المخالب وآلاف الأرجل , يستطيع بها القبض على الآلاف ووضعهم تحت الإقامة الجبرية فى السجون والمعتقلات . الطغيان هو سحب سوداء ملبدة تخيم على أرجاء أى وطن تحكمه أنظمة فاسدة لتحجب عنه شمس الحرية ونورها وضيائها .

الطغيان هو سجن كبير الداخل فيه ليس كالخارج منه.

يدخله شباب يافع يملأه نور الأمل فى مستقبل مشرق لوطنه وبلده , لكن للأسف الخارج منه شيوخ كبار أحنت الإبتلاءات ظهورهم , وأوهنت المحن عظامهم , ومن طول المحنة خرجوا أشباحا ليجدوا أنفسهم فى زمان غير زمانهم وفى جيل غير أجيالهم.

  • إن الأنظمة الفاسدة فى أى مكان وفى أى زمان على هذه الارض غالبا ماتلجأ لسياسية الإستكبار والإستغناء .

السلطة المستكبرة المتسلطة الغاشمة تستكبر على شعبها وتذيقه العذاب ألوانا وأشكالا .

هى لاتريد شعبا معارضا فاهما واعيا لأن الوعى والفهم قنابل موقوتة تدك حصون الفاسدين وتزلزل عروشهم وتسحب البساط من تحت أقدامهم .

الطغاة متكبرون بطبائعهم المنكوسة وفطرتهم الموكوسة.

الطغاة يظنون ظن السوء أن الشعوب كالجارية ملك يمين لهم يعقدون عليها حين يشاءون ويطلقونها وقت مايريدون .

الطغاة يظنون أن الله خلق الأنهار لتجرى من تحتهم , وأن الله خلق الجبال لتكون أوتادا تثبت خيمة حكمهم , وأن الله خلق السماء لتكون سقفا يحفظ ملكهم .

ومن يعارضهم يتهمونه بعمى البصر وذلك فى قول فرعون لشعب مصر فى القرآن الكريم " أفلا تبصرون..! ؟" .

  • إن الطغاة فى أى مكان وفى أى زمان على هذه الارض غالبا مايلجأون إلى إفساد مجتمعاتهم , لأن الطغاة كالفيروسات المعدية لايحلو لهم العيش إلا وسط المستنقعات العفنة الآسنة .

ولايتلذذون إلا بالشرب من المياه الراكده التى تبيض فيها الميكروبات وتفرخ .

هم يرفعون شعار محاربة الفساد , وهم أصل الفساد .

يحولون المجتمع إلى برك راكدة ومستنقعات عفنة رائحتها تزكم الأنواف .

هم يكرهون الطهر والطهارة لأن رائحة الورود تؤذيهم وتشل حركتهم وتعطل خطتهم شأنهم فى ذلك شان الخنفساء التى تنمو وتترعرع على الروائح الكريهة المؤذية , وتموت إذا شمت رائحة الورود والرياحين.

الطغاة لايرتون إلا من برك الدماء ولاتنمو أجسادهم إلا من لحوم الضحايا ولايرون إلا فى الظلام كالخفافيش السوداء التى تنتظر زوال النهار بفروغ صبر حتى تبدأ فى التحليق فوق الروؤس .

الطغاة يكرهون ضوء النهار ويعشقون سواد الليل.

  • إن الطغاة فى أى مكان وفى أى زمان فى أى بقعة على هذه الأرض غالبا مايحكمون شعوبهم بمنطق " الهوى " وليس بمنطق الحق .

لأن " الهوى " مرض نفسى متغلغل فى نفوسهم . هم لايستطيعون مخالفة أهوائهم الجامحة وشهواتهم الطافحة .

إن هذا " الهوى " هو ذلك اللجام المعلق فى رقاب الطغاة كى يسهل على الشيطان اقتيادهم إلى الطريق الذى يريده والوجهة التى يحددها . الطغاة يعبدون أهواءهم بل ويجعلون هواهم إلها يعبد من دون الله .

الحاكم الطاغية يرى فى المنام بوجوب إعلان الحرب على دولة مجاورة , فيعلن عليها الحرب فى الصباح , وساعتها تدق وسائل إعلامه طبول الحرب ولاصوت يعلو فوق صوت المعركة .

الحاكم الطاغية يقرر فى كل لقاءاته ومؤتمراته أنه هو الدولة والدولة هو.

يعلن فى كل صباح ومساء أنه هو الدستور وهو الحكومة وهو البرلمان وهو القضاء وهو الإعلام ..! ؟.

يخيل إليه من فرط هواه أنه لاأحد على الأرض يمشى سواه..! ؟.

فهو الآمر الناهى لكل سلطات الدولة شاءت أم أبت .

  • إن الطغاة فى أى مكان وفى أى زمان على هذه الارض يظنون أنهم أمناء على شعوبهم .

لذا يرون حكمهم حكما سرمديا أبديا فلايخرج من القصور إلا محمولا فى جنازة عسكرية إلى القبور ولاتوجد فترة انتقالية بينهما .

الطغاة يعتبرون أن ميزانية الدولة هى دخل خاص لأبنائهم وأحفادهم .

فلاتكاد تميز بين مال الطاغية ومال الدولة .

الطغاة يعتقدون أن كل عقارات وأراضى وممتلكات الدولة هى ملك خاص لهم ولذويهم ورثوها كابرا عن كابر .

فلاتعجب إن وجدت يوما أن مال الطاغية إتسع وتمدد وتضخم حتى فاق وتخطى ميزانية الدولة .

الطاغية ليس له راتبا محددا يتقاضاه كل شهر ويعلمه الرعية , لأن الطاغية يعتبر نفسه هو الدولة.

والمواطنون مجرد أجراء عند فخامته يتفضل عليهم كل شهر بصدقة جارية للسائل والمحروم من أبناء شعبه البائس الفقير .

  • تلك هى بعض مواطن الداء التى شخصها العلامة الكبير الشيخ الغزالى وهو يحدد العلل والأسقام التى ابتليت بها الشعوب المستذلة والامم المستعبدة والدول المؤممة .

مع أن الحاكم القوى الأمين يستطيع أن يرقى بأمته إلى أعلى أعليين فى مصاف الأمم الراقية المتقدمة ويجعل لها ذكرا فى العالمين .

لكن للأسف يسعون لبناء مجد شخصى وثروات هائلة لهم ولذويهم حتى تثور عليهم الشعوب فمنهم من يسجن ومنهم من يعدم ومنهم من يهرب .

وفى النهاية لايدفع الثمن إلا الشعوب الكادحة التى تأكل من كد يدها وعرق جبينها .

وصدق الكاتب الساخر جلال عامر حين قال " ترقد الطيور على بيضها ليفقس ويرقد الحكام على شعوبهم لتفطس. " وبصراحة كفاية علينا كده , شبعنا فطيس.......!؟

المصدر