السعيد الخميسى يكتب: برقية عاجلة للأحرار خلف الأسوار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٨:٣٧، ١١ مارس ٢٠١٥ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "السعيد الخميسى يكتب: برقية عاجلة للأحرار خلف الأسوار" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السعيد الخميسى يكتب: برقية عاجلة للأحرار خلف الأسوار

بتاريخ : الخميس 09 يناير 2014

* أخى الحر الشريف خلف الاسوار :

لقد اصطفاك الله من بيننا لتكون وقود المعركة الذى يدفع عجلات الثورة للإمام . ففيم الجزع ..؟ وفيم الهلع..؟ ماظنك بالله..؟ ماظنك بقدر الله..؟
ماظنك بقضاء الله..؟ هل نسيت وأنت تنام فى هذا الزمهرير أن الله على كل شئ قدير..؟ هون عليك فحبل المحنة مهما امتد سينقطع . وليل المحنة مهما طال سينقشع .
وضباب المحنة مهما كثر سينكشف . ونار المحنة مهما اشتعلت ستنطفئ .
أنسيت أن أمر المؤمن كله له خير.؟ إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له..؟ أنسيت قول الحكيم : إذا أتاك الدهر يوما بنكبة فوسع لها صدرا , فإن تصاريف الزمان عجيبة , فيوما ترى يسرا , ويوما ترى عسرا..؟ ماعليك إلا أن تصبر فإن المصائب إذا توالت تولت..!
أرأيت كيف..؟ إن الإمام الشافعى كان يخاطبك أنت ساعة قال : دع الأيام تفعل ماتشاء.... وطب نفسا إذا حكم القضاء .
ولاتجزع لحادثة الليالى.... فما لحوادث الدنيا بقاء .
وكن رجلا على الاهواء جلدا.... وشيمتك السماحة والوفاء .
ولاحزن يدوم ولاسرور.... ولابؤس عليك ولارخاء .

* أخى الحر وراء الأسوار :

ألم يأتك قول الشاعر : يا صاحب الهم إن الهم منفرج ...أبشر بخير فإن الفارج الله . اليأس يقطع أحيانا بصاحبــــه .... لا تيأسن فإن الكافي الله .
الله يحدث بعد العسر ميســــرة ... لا تجزعن فإن القاسم الله .
إذا بليت فثق بالله و أرضَ به..... إن الذي يكشف البلوى هو الله . إن همك منفرج ذلك يقين لاريب فيه وسيسقط مردة الشياطين وسيفتضح أمرهم امام العالمين .
إياك أن تتجرع حسرات اليأس وقطرات الإحباط فتيأس من إنفراج الأزمة وانتهاء الكارثة وانقشاع ليل الظلام .
إياك من سيطرة هذا الإحساس على نفسك وروحك لأن أمر الله بين الكاف والنون .
أحسن الظن بالله واعلم أن مع العسر يسرا ولن يغلب عسر يسرين أبدا . فاملأ نفسك بالأمل ودع عنك اليأس والإحباط فنصر الله قريب وأقرب مما تعتقد وتتصور وتأمل.

* أخى الحر وراء الاسوار :

أما ترى أن الليل الطويل ينجلى..؟ وأن السحاب الكثيف الملبد بالغيوم ينقشع..؟ والريح الصرصر العاتية تهدأ وتسكن مع سقوط المطر..؟
ولحظة المخاض العسيرة المحاطة بالعويل والصراخ يتبعها لحظة ميلاد جديدة لجنين الحرية ..؟ تأكد أن كل شدة إلى رخاء .
وكل نائبة بالصبر ستتحول إلى هناء .
ومستقبل كل الأحرار الشرفاء سيكون إلى نعماء بعد ضراء وإلى سرور بعد كل هذه الغموم وإلى الأمل بعد كل هذا الألم وليس ذلك على الله ببعيد . إن ابتسامة المهزوم تفقد المنتصر حلاوة الاحساس بالنصر.
فلو أنت أخى الحر الشريف تشعر أنك فى لحظة إنهزام نفسى , فماعليك إلا أن تبتسم فى وجه جلادك لتفقدة نشوة الاحساس بالقوة وتشعره أنك حر بثباتك على المبدأ , وهو المعتقل السجين باستخدامه القوة الباطشة الطائشة ضدك وأنت أعزل من كل سلاح إلا سلاح الايمان بالله عز وجل .

* أخى الحر الشريف وراء الأسوار :

ألم يأتك قول الرسول صلى الله عليه وسلم ساعة قال " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " . فالجزاء العظيم من الله ينتظرك .
والثواب الكبير من الله فى الطريق إليك فاصبر واحتسب .
إياك والسخط من غضب الله . إياك والغضب من قضاء الله . إياك والقلق من أن الله اصطفاك من بيننا لتكون أنت وقود تلك المعركة الثورية التى ستحطم الأغلال التى فى أعناقنا وتكسر السلاسل التى فى أرجلنا .
لنحيا كراما بثباتك . لنحيا أعزاء بقوتك . لنحيا كرماء بصلابتك .
لنحيا أقوياء بجلدك واحتمالك . لنحيا شرفاء بصبرك واحتسابك .
لنحيا وهاماتنا فى عنان السماء بتجردك لقضيتك وتجردك لله فى كل لحظة بلا خوف أو تردد أو تذبذب أنك على الطريق الصحيح والصراط المستقيم .

* أخى الحر الشريف وراء الأسوار :

ماتظن أن الله فاعل بك..؟ وماظنك بالطغاة المعتدين..؟
وهل ظلمهم باق إلى يوم الدين..؟ وهل بغيهم مستمر فى كل وقت وحين..؟
دعنى أذكرك بما ورد فى الأثر بأن داود عليه السلام دخل غارا فوجد فيه رجلا ميتا وعند رأسه لوح مكتوب فيه أنا فلان بن فلان " الملك " عشت ألف عام وبنيت ألف مدينة وافتضضت ألف بكر وهزمت ألف جيش ثم صار أمرى إلى أن بعثت زنبيلا من الدراهم فى رغيف فلم يوجد ثم بعثت زنبيلا من الجواهر فلم يوجد فدققت الجواهر واستفيتها فمت مكانى. فمن أصبح وله رغيف وهو يحسب أن على وجه الارض أغنى منه أماته الله كإماتتى..!" نعم..
هذا " ملك " عاش الف سنة ثم مات تلك الميتة , فما بالك بالطغاة اليوم..؟ فمابالك بالظالمين اليوم ..؟
فما بالك بالبغاة اليوم..؟ هل سيعيشون الف عام..؟ هل سيهزمون ألف جيش ..؟ هل سيتزوجون ألف إمرأة..؟ إنهم أضعف بل أقل مما تصور ومما تعتقد ومما تفكر فيه وأنت وحيد فى غياهب السجون.

* أخى الحر الشريف وراء الأسوار :

إذ لم تجد من يسرك ويسعدك فحاول ان تسعد نفسك .
إذ لم تجد من يضئ لك الطريق فلاتعبس وتتراجع وتتقهقر إلى الخلف لأن الضوء الخافت فى نهاية النفق المظلم سيصل بك إلى نهايته آمنا سالما غانما . إبحث دائما عن رحيق الامل ولاتشغل نفسك بسموم الألم .
تذكر من زرع فى قلبك وردة وانسى من رماك بسهم لأنه سيرتد إليه فى نحره .
فتش عن القلب الذى يحبك. القلب الذى يمنحك الدفء فى هذا الصقيع , القلب الذى يوصلك بعنان السماء , واهجر القلب الذى يصل بك إلى أسفل السافلين. لاتبكى كثيرا على الأطلال لأنها قد ملئت بالأشباح والخفافيش.
لاتقلق على بيتك وزوجتك وأولادك وبناتك فهم فى معية الله وحفظ الله فقر عينا .
لاتظن أن كل النوافذ قد أغلقت وكل الأبواب قد سدت لأن باب الله مفتوح لن يغلقه أحد ولايملك أى بشر أن يغلقه .
قف على باب الله وتبتل إليه تبتيلا تجد فرج الله بين يديك يدق عليك باب زنزانتك الضيقة المظلمة دون موعد مسبق..!

* أخى الحر الشريف وراء الأسوار :

أعلم يقينا ويعلم معى كل الناس أنك تركت بيتك ونزلت إلى الشوارع والميادين لاتحمل فى قلبك إلا سلاح الأمل فى نصر الله , نزلت وأنت تعلم أنك ستواجه خصما لدودا مزودا بأقوى أسلحة الفتك والدمار , خصما مزودا بالرصاص والمجنزرات والدبابات وطلقات الخرطوش ولكن ذلك لم يضعف من عزيمتك القوية ولم ينل من إرادتك الصلبة , فواجهتم بصدر عار إلا من الحب , وقلب خال إلا من الأمل , ويد خالية من أى سلاح إلا سلاح الإصرار والعزيمة والثبات . فكان جزاؤك السجن والاعتقال والاختطاف والاهانة والتعذيب .
هذا الشرف يكفيك . وهذا التكريم من الله باختيارك أظنه يرضيك . وهذا الإصطفاء من الله لك أظنك يسعدك ويقويك .
فلما القلق والخوف والاضطراب..؟ قف ثابتا كالطود الشامخ واعلم أن الجبال الثابتة لاتحركها أى ريح بينما أشباه الرجال تحركهك كثبان الرمال..! لأنهم ضعاف القلوب والعقول والنفوس .

* أخى الحر الشريف وراء الأسوار :

إعلم أن كل بلاء دون النار عافية , وكل نعيم دون الجنة زائل . فلاتضيع وقتك فى وساوس الشيطان ودع عنك همزات الشياطين وقل رب أعوذ بك أن يحضرون.
فلاتشغل نفسك بما مسك من ضر وما أصابك من بأساء وضراء . واعلم أن ريح الإبتلاءات لاتعصف إلا بأعالى الأشجار , أما الجذوع فثابتة ممتدة جذورها فى أعماق الأرض . وأنت...
جذوع الإيمان بالله وبقضائه وقدره , حلوه ومره , خيره وشره , ممتدة فى أعماق نفسك لن يصل إليها الطغاة فيقلعوها أو الظالمون فيخلعوها أو المعتدون فيجتثوها .
فلا تضيع الأمل ولاتمزق الحلم ولاتغرق ضوء قمر الأمل فى بحور ظلام ليل اليأس , وانظر إلى السماء تجد شمس الحرية تطل برأسها من جديد لتعلن عن نهار جديد تنهار فيه قيود الحديد وتنكسر فيه سلاسل العبيد ليعود المجتمع حرا كما كان , مستقلا كما كان , أبيا كما كان , عزيزا كما كان .
فكن أنت كما كنت أعرفك دائما تستهين بالمصائب وتحتقر النوائب وتنتظر عودة الحق الغائب ويسألونك متى هو ..؟
قل عسى أن يكون قريبا . هذه رسالتى إليك فتصفحها مرار وتكرارا ولك منى السلام والتحية والإكرام .

المصدر