السفر لإثيوبيا لأكل اللحوم!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السفر لإثيوبيا لأكل اللحوم!

23 اغسطس 2009

بقلم: عماد الدين حسين

فى 12 يوليو الماضى كتبت فى هذا المكان متسائلا عمن ألغى صفقة اللحوم مع إثيوبيا بقيمة 250 مليون دولار التى وقعتها الوزيرة فايزة أبوالنجا، الأمر الذى أدى إلى زيادة التشدد الإثيوبى فى ملف مياه النيل، كما ألمح بذلك نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد فى مقال احتل صفحة كاملة فى أهرام 10 يوليو الماضى.

فى الأسبوع الماضى سألت وزيرا مهما ومطلعا على كثير من الملفات عن الأمر.. سؤالى كان بصيغة الاستنكار، وفوجئت بأن الوزير ينفى الأمر تماما، ويؤكد أنه لم تكن هناك صفقة بهذا الشأن.

تفسير الوزير للقصة يتجاوز مسألة النفى أو الإثبات ويكشف عن جوانب أخرى قد تكون خافية على كثيرين.

قال الوزير: إن مشكلة إثيوبيا وكثير من البلدان الأفريقية هى ضعف البنية التحتية وأحيانا انعدامها تماما.

ثم شرح بالتفصيل قائلا: «قد يكون سعر الماشية هناك رخيصا جدا مقارنة بأى مكان فى العالم، ولكن لكى أنقل هذه الماشية إلى مصر فإن سعرها فى هذه الحالة لن يكون رخيصا، لأننا نحتاج إلى موانئ مجهزة وقبلها مجازر مجهزة، وبرادات ضخمة، ومحاجر صحية على أعلى مستوى، لكى نضمن أن البضاعة سليمة، ولأن معظم هذه التجهيزات غير موجودة، فالحل الوحيد هو نقل هذه اللحوم أو الماشية بالطائرات، وهو حل غير عملى بالمرة لأنه سيجعل أسعارها خرافية.

أضاف الوزير أنه لو كانت الأمور كما يصور البعض وإذا افترضنا جدلا بأن الحكومة مقصرة فى شراء اللحوم الإثيوبية الرخيصة، فما الذى يمنع بقية البلدان من التقدم لاستيرادها؟، بل ما الذى يمنع أى رجل أعمال مصرى أو أجنبى يسعى للربح من شراء هذه اللحوم؟

يجيب الوزير على نفسه قائلا: إن الأمر به مبالغات كثيرة. ثم يكمل ساخرا: «إن الطريقة الوحيدة لحصولنا على اللحوم الإثيوبية بأسعار رخيصة هى أن نسافر هناك لكى نأكلها»!

سخرية الوزير قد تكون فى محلها، لكنها لن تحل المشكلة، ولذلك سألته: «ألا تعتقد أن وجود علاقات اقتصادية قوية مع إثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل قضية أمن قومى لمصر؟».

أجاب موافقا، لكنه أردف أن كلمة أمن قومى تعنى أننا سندفع أموالا بطريقة غير اقتصادية.

فقلت له إن أمريكا تقدم لنا المعونة السنوية لأسباب ليست اقتصادية، أهمها أن نستمر فى إقامة علاقات مع إسرائيل؟

مرة أخرى قد يكون كلام الوزير صحيحا مئة بالمائة فنيا واقتصاديا، لكن علاقات الدول تحكمها فى بعض الأحيان عوامل غير اقتصادية، وإلا لماذا تسعى إسرائيل ــ التى لا تنفق سنتا إلا بـ«طلوع الروح»ــ إلى عرض المساعدة على بلدان حوض النيل وأفريقيا وتقديم معونات تبدأ من إقامة أكاديميات لتدريب لاعبى الكرة نهاية بعرض إقامة السدود وتقديم الأسلحة.

ثم إذا كنا نهدر أموال دافعى الضرائب فى أشياء عبثية كثيرة مثل قروض رجال الأعمال الذين هربوا، أو تعويضات لسياج وغيره، فلماذا لا نستثمرها فى مشروعات مفيدة فى بلدان حوض النيل، كى نضمن أن يستمر النهر فى الجريان دون أن يعكره شىء؟!

المصدر