السياسة العامة للتربية والتعليم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون
قسم المهن – فرع المعلمين
السياسة العامة للتربية والتعليم

بسم الله الرحمن الرحيم


مقــــــدمة

إن إصلاح التعليم فى مصر يجب أن يبدأ أولا بتحديد أهدافه الأساسية وغاياته الرئيسية فمتى تحددت الأهداف ووضحت الغايات أمكن وضع نظم التربية وخطط الدراسة وموضوعات المناهج وطريقة الامتحانات وطريقة إعداد المعلمين بما يكفل تحقيق تلك الأهداف والغايات.

الأهداف الأساسية للتربية والتعليم

حقيقتان

من الحقائق الواقعية التى يجب أن تثبت فى أذهان المشرفين على سياسة التربية فى مصر. هذه الحقيقة التالية: أن مصر بلد عربى إسلامى ليس فى عزلة – مع ذلك – عن الحضارة البشرية العامة وهو يستمد تصوارته للحياة أولا من العقيدة الإسلامية, ثم من الثقافة العالمية الأخرى, معتمدا على اللغة العربية – فى الدرجة الأولى – فى بناء ثقافته, ثم يتفرع عن هذا فكرته عن النظام الاجتماعى ونظام الحكم وسائر مقومات الحياة.

وهناك حقيقة ثانية: وهى أن واضع سياسة التربية فى مصر ليست مهمته أن يفرض على الأمة فلسفة معينة وإنما تنحصر وظيفته فى تحقيق الفلسفة الخاصة التى تعتنقها الأمة, والأهداف التى تتفرع منها, وفى ابتداع الوسائل الفنية التى تتحقق بها تلك الفلسفة وهذه الأهداف عن طريق النظم التعليمية والخطط والمناهج وما إليها.

وإذا تقررت هاتان الحقيقتان.. اتضح لنا أننا – كأمة شرقية فى مركز الصدارة من العالم الإسلامى وكمعتقل من معاقل الإسلام وحضارته – لابد أن تهدف فى تعليم أبنائنا إلى إيجاد جيل جديد من الشباب الذين يعتزون بقوميتهم وإسلامهم, ويعملون على إحياء حضارتهم وتحرير الوطن الإسلامى من قيود الاستعمار الأجنبى فى شتى الميادين.


الوسيلة :

ولكى نحقق هذا الهدف الأساسى.. يجب أن نعمل على إيقاظ ضمير الفرد.. وتهذيبه.. وتربية شخصيته,, وتعزيزها وتثقيف عقله وتنمية جسمه وإعداده بذلك ليكون إنسانا صالحا رشيدا.

وهذا يستدعى أ، يكون للبنت مدرستها وللولد مدرسته, وفى ذلك تحقيق للمزايا التربوية والخلقية التى تتعلق بسلامة تكوين الشخصية وتكاملها.

ولابد أن تشمل هذه التربية الرشيدة كل فرد من أفراد الدولة فى مراحل التعليم كلها كل حسب استعداده واجتهاده وإذا وضحت هذه الغايات والأهداف فلابد أن يتبع ذلك إصلاح فى نظم التربية.

مبادىء عامة فى نظم التربية والتعليم

الدين أساس التربية

لتحقيق هذه الأهداف الأساسية للتربية يجب:

1- أن نجعل التربية أساسا فى نظمنا التربوية وهذه التربية تتكيف بأ‘مار التلاميذ وتجاربهم. ففى المرحلة الأولى يكفى أن يؤخذوا بالقدوة الطيبة فى أداء العبارات المقررة, وفى التوجيهات العملية فى حياتهم اليومية فى المدرسة, وأن تشرح لهم المبادىء الدينية بمناسباتها الواقعية وأن تستقر خشية الله والشعور برقابته فى ضمائرهم الصغيرة الغضة, مع شىء من القصص الدينى السهل المبسط والأحكام الدينة الضرورية وحفظ قدر مناسب من القرآن.

وفى المرحلة الثانية تدرس لهم المبادىء التهذيبية والاجتماعية والإنسانية العامة التى جاء بها الإسلام, ويصبح النظام الاجتماعى الاسلامى موضع دراسة بالقدر الذى يتفق وطبيعة هذه السن, كما أن طريقة دراسة التاريخ الاسلامى يجب أن تعدل فتصبح مجالا لعرض القيم الأساسية فى النظام الإسلامى وما أدته للبشرية كلها من خدمات وما تركته فى العالم من آثار.. فإن هذا وحده هو هو الكفيل بإظهار عظمة الإسلام, وتركيز آثاره التهذيبية فى نفوس الشباب , ووقايتهم من دعايات المبادىء الهدامة التى تستغل جهلهم بحقيقة النظم الاجتماعية فى الإسلام فتوهمهم أن تلك المبادىء هى الطريق الوحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية وهى بجوار المبادىء الإسلامية لا تعد شيئا فى هذا المجال. إن أبطال التقليد الغربى فى التعليم يعلمون كيف اتخذ دين الغرب – مع بعده عن واقع الحياة – أساسا لتربية لنشء ويذكرون قول فروبل" تأملنا فى أول ساعة دخلنا فيها المدرسة فإذا التلاميذ يقرأون آية من الإنجيل.. ليكن دين الله أول همك وأول شىء تسعى إليه. فكان لهذه الآية من الثر مالا أستطيع أن أنساه حتى اليوم" وقول هوجو" يجب أن يحكم بالسجن على كل صاحب مدرسة كتي على بابها" لا يعلم الدين هنا" وكل هذا يشهد على أن الغربيين يعترفون بأهمية الدين فى تربية النشء تربية صالحة.

ونقصد من التربية الدينية فى المدارس ألا تكون مجرد تدريس لفقه الإسلام كما قد يحدث الآن, ولكننا نريد نفوسا تنطبع على الفضائل والأخلاق كما رسمها القرآن الكريم فيشب التلاميذ عليها فى جميع المراحل التعليم... نريد أن تكون منهاجا يؤدى إلى أن تصبح العقيدة جزءا من سلوك التلاميذ وآدابهم.

كما يجب أن يعود التلاميذ تأدية العبادات عمليا فلا يقضى وقت طويل فى تعليمها.

ويجب ألا يغيب عن الذهن: أن فى تحفيظ القرآن الكريم فى مراحل التعليم المختلفة. أكبر العون على أن يكون تعليم اللغة العربية فأساسها القرآن الكريم, كما أن كثيرا من الأمم الأجنبية تحفظ أبناءها فى مبدأ حياتهم كثيرا من الآداب العالية والتعاليم والأدعية مع أنها تعلو على أفهامهم. ولما كان التعليم الدينى يؤدى إلى غرس الفضائل فى النفوس وكان التلاميذ- من غير المسلمين- فى حاجة إلى تنمية هذه الفضائل فى نفوسهم. فواجب الدولة أن تتيح – لغير المسلمين من التلاميذ – الفرصة كى يتعلموا شئون دينهم.


البيئة جزء من المناهج

(ب) أن تكون دراسة البيئة ومشكلاتها جزءا من البرامج المدرسية, فالعزلة الواضحة بين المدرسة والمجتمع تحول دون تربية ضمير الفرد وشخصيته تربية حقيقية, لأنها تحول بينه وبين التفاعل مع المجتمع فى فترة الدراسة حتى إذا خرج إلى الحياة خرج غريبا عنها واصطدمت مبادئه النظرية ومثله الفردية بواقع البيئة ومنطق المجتمع .. فينتهى غالبا إلى الشك فى كل القيم الأخلاقية التى لم تتعرض للاختبار من قبل, وذلك فضلا عن فقدان التعاطف بينه وبين البيئة.. ما ينتهى به إلى التعالى على الجمهور, لأنه أصبح من طبقة أخرى, ومن ثم لا يحس أن هناك ضرورة لمراعاة المبادىء الأخلاقية فى معاملته مع هذا الجمهور الذى انعزل عنه

كذلك ينشأ من خطر الكلام عن المشكلات العامة فى محيط المدرسة وكبت حرية الأساتذة والتلاميذ فى دراستها والتعليق عليها, واعتبار هذا من الاشتغال بالسياسة المحرمة على الموظف.. ينشأ من هذه الاعتبارات شعوران متباينان فى نفوس التلاميذ.

1- ضمر الشخصية. والحذر من المشاركة فى المسائل القومية.وترك هذه الأمور للعابثين والمستبدين والمفسدين.

2- النقمة على القائمين بتصريف الأمور وعدم الثقة بهم أو الرغبة فى التعاون معهم. وكثيرا ما ينسحب هذا الشعور على القائمين بالأمور فى المدرسة. فيتمرد الطلبة ولا يستجيبون لنصح الأساتذة والنظار.

وتفاديا لهذا كله يجب: أن تكون دراسة البيئة وأحوالها الاجتماعية ومشكلاتها الخاصة جزءا من برنامج كل مدرسة تكيفه هى بحسب محيطها وظروفها ووسائلها الممكنة فى الدراسة كما تكون المشكلات القومية العامة جزءا من برنامج الدراسة الثانوية. ويترك اختيار نوع المشكلات التى تدرس كل سنة لمدرسى المادة بحسب ما يجد من الأحداث.

ولابد أن تكون البرامج من المرونة بحيث تسمح بهذا النوع من الدراسة.

تنويع البرامج

(جـ) أن توضع الخطط والبرامج بحيث تسمح للاستعدادات الشخصية أن تبرز, وتفسح المجال للشخصية المستقلة فتظهر. فالتلميذ الذى يجبر على أن يكون وفق قالب عام لا يحسب فيه أى حساب لشخصيته واستعداداته. لا يمكن أن يشعر بعد ذلك بالحرية والكرامة فى جو المجتمع.

ومن ثم ينبغى – فضلا عن مرونة الخطط الدراسية – أن نكثر من أنواع المدارس ذات البرامج والاتجاهات المنوعة بحيث يجد كل صاحب موهبة مجالا لظهور موهبته فى نوع التعليم الذى يلائمه.

كذلك ينبغى أن نشغل أوقات الفراغ بنشاط حر يلى رغبات المواهب والاستعدادات تحت إشراف المدرسة. وهذا يستدعى أن يكون الوقت الذى يقضيه التلميذ فى المدرسة ليس هو وقت الدراسة المقررة فحسب. بل يجب أن تكون المدرسة مفتحة الأبواب طول اليوم تحت تصرف تلاميذها وملاحظة أساتذتها, لمزاولة نشاطهم الحر فى مختلف ميادينه لهذا النشاط.

وأن تتولى كل مدرسة تزويد نفسها بما يلزمها بوسائل تدبرها هى بمعرفتها دون إرهاق للتلاميذ ولا إلزام. وفى مقدمة ما يجب أن توفره لهذا الغرض مكتبتها التى يجب أن تصير محور النشاط العلمى فى المدرسة والحى, سواء النشاط التعليمى أو الاطلاع الشخصى.


تكوين عقلية جديدة

(د) تكوين عقلية جديدة – مبرأة من الآثار الاستعمارية التى كانت تهدف إلى تخريج مواطنين ضعاف الشخصية ينفرون من تحمل التبعة, مع تقديس طبقة الموظفين, وقصر الاحترام على الثقافات النظرية – وذلك يجعل التدريب العملى قاعدة أساسية وإسباغ الاحترام على الأعمال اليدوية وعلى الثقافات الفنية.


تكافؤ الفرص

(هـ) إتاحة فرصة التعليم المجانى لأبناء الأمة جميعا المرحلتين: الأولى والثانوية, واعتبار شهادة المرحلة الأولى مؤهلة لتكملة الثقافة العامة, وشهادة الثقافة مؤهلة للشعب المختلفة. دون وضع قيود أخرى سوى التفوق المناسب.

تنظيم مراحل التعليم

ظاهرة عجيبة

إن الظاهر البارزة فى نظامنا التعليمى. هى انعدام الوحدة فى أية مرحلة من مراحله, مع التعقيد الشديد فى أنظمته وقلة التنويع فى اتجاهاته, وهذا كله يؤدى إلأى تفتيت وحدة الشعب وتنافر عقليات المتعلمين مع عدم تلبية الحاجات الحقيقة للحياة العملية. وفى ذلك ما نراه من خلافات حول الكادر " واختلاف الشهادات الدراسية

حتى فى الشهادات. ذات النوع الواحد.


المرحلة الأولى

وتفاديا لهذا كله:

يجب توحيد المرحلة الأولى للتعليم واعتبارها مرحلة أساسية:

إن المرحلة الأولى للتعليم هى التى نستطيع – فى الوقت الحاضر – أن نتأكد من إلزام الأمة جميعا بها.

وهذا يقتضى أن تتضمن مناهج هذه المرحلة الحد المعقول من الثقة اللأزمة لكل إنسان فى هذا المجتمع.. وأن تحقق هذه الثقافة الأسس الأولى لفلسفة الأمة الخاصة كذلك.. بحيث لو انقطع التلميذ عندها لكان حاصلا على الحد المعقول من الثقافة والتربية.

ولكى تنهض المرحلة الأولى من التعليم بهذه المهمة يجب:

(أ‌) أن تكون مدتها ست سنوات كاملة ما بين سن السادسة وسن الثانية عشر.

(ب‌) أن تشمل جميع التلاميذ فلا يتم التفريع قبلها... لأنه يصعب قبل سن الثانية عشرة معرفة مواهب التلاميذ واستعداداتهم.

(جـ) أن تخصص هذه المرحلة للغة العربية والثقافة القومية والتربية الدينية.. فى تدرس – بأى شكل – لغة أجنبية فى المرحلة الأولى كى يتسع الوقت للثقافة القومية. والحفظ قسط من القرآن الكريم لايقل عن ستة أجزاء مع طائفة من الأحاديث إلى جوار التربية الدينية.


المرحلة الثانوية

ويجب توحيد مستوى المرحلة الثانوية مع تنويعها:

إننا نعانى فى مصر فوضى لا مثيل لها, ناشئة من اختلاف مستويات الثقافة دون الجامعية والعالية. ما بين توجيهية علمية وثانوية أزهرية وزراعية. وتجارة وصناعة متوسطة.. ومعاهد تربية ابتدائية. ومدارس معلمين ابتدائية وثقافة نسوية.. وفنون طرزية..الخ

ومن الواجب أن يكون مستوى المرحلة الثانوية مستوى عاما موحدا مع التنويع الكثير لهذه المرحلة فى حدود المستوى العام. تلبية للحاجات العملية كلها والحاجة التعليم الجامعى والعالى كذلك. لذلك نقترح:

(أ) أن تكون مدة المرحلة الثانوية ست سنوات ( ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة)

(ب‌) أن تقسم هذه المرحلة إلى قسمين متساويين:

الأول: للثقافة العامة

وبه تبدأ دراسة لغة أجنبية واحدة يختارها الطالب مع الاستمرار فى حفظ قدر من القرآن الكريم. لا يقل عن ثلاثة أجزاء.

وينبغى أن يزود الطلبة والطالبات – فى هذه المرحلة بقسط من الثقافة المهنية العملية – على اختلاف أنواعها تكمل نواحى النقص فى حياتهم العملية,وتغرس فى أنفسهم احترام العمل. وهذا فضلا عن أن الثقافة العملية تعين على الكشف عن الاستعدادات العملية, وتساعد من يتجه فى تعليمه اتجاها مهنيا.. فيما بعد.

والثانى:

للشعب المتعددة.. وهذه الشعب تقسم إلى نوعين:

نوع يعد للدراسة الجامعية والعالية على النحو القائم الآن وبه تبدأ دراسة لغة أجنبية إضافية. ونوع يعد للدراسات المهنية ويكتفى فى بعضه باللغة الأجنبية الأولى, وتضاف فى بعضه لغة أو أكثر كما سيأتى:

(أ‌) الشعب الجامعية أربعة هى : الشعبة الرياضية, والشعبة العلمية البحتة, والشعبة الأدبية, والشعبة العربية والدينية. (وفى هذه الشعبة يتمم حفظ القرآن الكريم مع التوسع فى الدراسات الدينية والعربية) ومنها تستمد كلية دار العلوم

وقسم اللغة العربية بكليات الآداب وكليات الأزهر ومنها كذلك تستمد معاهد المعلمين للمرحلة الأولى.. كما سيجىء. وهذه الشعب الجامعية لا يقبل فيها إلا المتفوقون فى الثقافة العامة المستعدون للتعليم الجامعى وينبغى الاستمرار فى إعطاء قدر كاف من القرآن والدين واللغة العربية والثقافة القومية فى سائر الشعب الآخرى.

(ب‌) الشعب المهنية هى: الزراعية والصناعية والتجارية وشعبة أعمال السكرتارية, وشعبة الأ‘مال الإدارية. وفى مدارس البنات شعب الثقافة النسوية والتطريز والتمريض. وتضاف لغة أجنبيةفى شعبة التجارة وفى شعبة السكرتارية وفى شعبة الإدارة للحاجة إليها.

على أ، يراعى فى تنويع الدارس المهنية طروف البيئة وحاجتها.. وأن يترك للطالب اختيار اللغات الأجنبية التى تريد أن يتعلمها. ويجب تنظيم اختيار التلاميذ من القسم الأول من المرحلة الثانوية إلى القسم الثانى على أساس على بحيث يكون توزيعهم على الشعب المختلفة من علمية ومهنية متفقا مع استعداداتهم العقلية وميولهم النفسية.. وهذا يقتضى وضع الاختبارات السيكولوجية المتعددة التى يمكن استخدامها فى هذا والاحتفاظ بسجلات كاملة لكل تلميذ تبين مراحل نموه العقلى والنفسى وميوله واستعداداته, وبذلك نضمن وضع كل تلميذ فى نوع الدراسة التى يصلح لها فيقل – تبعا لذلك – عدد الراسبين كما نضمن تخريج الشبان الأكفاء فى الأعمال المختلفة التى تخصصوا لها

وعلى هذا النظام يتوحد مستوى الدراسة الثانوية ونخلص من الدوار الذى يسببه اختلاف المستويات المتعددة للتعليم دون العالى... كما نحقق حاجة البلاد العملية من التعليم الفنى.

ولكى نضمن إقبال الطلاب على التعليم الفنى يجب أن نحقق ما يأتى:

"أ" ضمان مستوى مناسب من الحياة الكريمة لخريجيه. وتقدير قيمتهم فى ميدان التوظف والعمل على السواء, وتوحيد مستواهم المادى والأدبى مع زملائهم فى الشعب الجامعية.

(2) أن توضع الخطط والبرامج لهذا النوع من التعليم على أساس دراسة الحياة الواقعية فى مجال العمل والاسترشاد بآراء الفنيين المختصين فى ذلك

(3) أن تكون الخبرة العملية هى هدف هذا النوع من التعليم والإقلال من النظريات التى لا ضرورة لها.

(4) إيجاد نوع من المعاهد العليا المهنية يلتحق به من يريد من خريجى المدارس الفنية.

(5) إيجاد دهاليز بين هذا النوع من التعليم.. والتعليم الجامعى لمن يريد فى نهايته أن يسلك طريق الجامعة وذلك بواسطة امتحانات محلية فى كل كلية يضمن بها صلاحية خريجى التعليم الفنى للإستمرار فى التعليم الجامعى.  

المنـــاهـــــج

أسس جديدة :

يجب أن تقرر المناهج الدراسية وفقا للأهداف الأساسية للتربية التى سبق أن بيناها.. كما يجب أن تتمشى مع نظم التربية التى ذكرناها من جديد بحيث تتشبع كلها بهذه الروح العامة لسياسة التعليم, تلك الروح التى تتفق مع إيماننا بأننا بلد عربى إسلامى يستمد تصوراته للحياة من العقيدة الإسلامية أولا ثم من الثقافة العالمية الأخرى ثانيا, ويكون هدف ذلك كله تكوين الإنسان الصالح المؤمن بدينه ووطنه وحضارته الإسلامية.

وتحقيقا لذلك:

1- يجب أن يكون تدريس اللغات من مطالعة... وإنشاء وقصص ... وسيلة أيضا لتهذيب الضمائر والنفوس... ولتعليم الفضائل الخلقية والمثل العليا, ولجعل القراءة عادة محببة لدى الطلاب.

2- يجب أن تصصح كتابة تاريخنا ودراسته فنخلصه من الأكاذيب والأغاليط التى دسها الاستعمار عمدا لتشويه الحوادث ولتحقيق إيحاءات معينة فى مشاعر الأجيال الناشئة, كما أن كثيرا من الحقائق التاريخية المعاصرة لم تكن واضحة فى أذهان واضعى التأريخ وزادوا فيها وأخفوا منها ولم يتحدثوا بالصراحة الكافية مما أنشأ فى أذهان أجيال كثيرة من التلاميذ صورة خاطئة عن بعض العهود وبعض الأحداث, وبخاصة ما يتعلق منها بالوعى الشعبى فى فترات معينة وبالزعامات والزعماء الشعبيين ولهذا كله أثره فى تربية نفوس المواطننين وشخصايتهم ونظرتهم إلى الأمور.

3- إن العيب البارز فى مناهجنا الدراسية الحالية... هو ميلها إلأى المعلومات النظرية المجردة, وبعدها – حتى فى هذا – عن واقع الحياة المحيطة بالتلاميذ. لذلك ينبغى أ، تكون دراسة أحوال المجتمع وحاجاته ومشكلاته الحقيقية اجتماعية واقتصادية وزراعية وتجارية وصناعية وعملية جزءا من مناهج الدراسة وأن يكون قسم من هذه الدراسة عمليا.

4- ينبغى أن يكون النشاط الاجتماعى داخل المدرسة وخارجها محسوبا فى أعمال التلميذ السنوية وجزءا من دراسته التى ينال عليها درجات معينة فالاشتراك فى تحرير مجلة المدرسة, وفى حفلاتها التمثيلية والرياضية, والقيام بدراسة حالة أسرة فقيرة فى الحى أو طائفة من العمال مثلا, أو الخدمة فى إسعاف المدينة أو التمريض, وما إلى ذلك من النشاط الاجتماعى الذى يمكن أ، يقوم به التلاميذ تحت إشراف المدرسة يحسب للتلميذ يكون جزءا من المنهج فى قسم المواد الإضافية.

نظــــــــــم الامتحانـــات

حالة شاذة :

إن نسبة الرسوب فى المدرسة المصرية نسبة شاذة والواقع أن معظم المشتغلين بمسائل التعليم اليوم.. يميلون إلأآ إعتبار آية نسبة تزيد على عشرين فى المائة نسبة عالية يجب البحث عن أسبابها وعلاجها... ونحن بصفة خاصة محتاجون إلأى تفريغ المقاعد من التلاميذ, فلا يشغلونها سنتين بينما نعانى أزمة مقاعد, وفى الوقت ذاته لا نريد أن يكون هذا التفريغ عن طريق إنجاح التلاميذ جزافا ولا تمرير الضعاف الذين لا يستحقون النجاح.

وعلاجها :

وعلاج هذه الحالة لا يحتاج فقط إلى تحقيق المرونة فى خطة الدراسة. لذلك نقترح:

(أ‌) أن يحتوى برنامج كل مرحلة أو شعبة دراسية على مواد أساسية ومواد إضافية ويكون نصيب المواد الأساسية 60% من عدد ساعات الدراسة و60% من مجموع الدرجات, الحد الأدنى للنجاح فيها 50% ونصيب المواد الإضافية 40% من عدد ساعات الدراسة 40% من مجموع الدرجات والحد الأدنى فيها 25%.

(ب‌) كل مادة من المواد الأساسية المقررة فى أية مرحلة أو شعبة دراسية.. لا تدرس فى أكثر من ثلثى عدد السنوات الدراسية المقررة لهذه المرحلة أو الشعبة... ويستثنى من ذلك اللغة العربية والدين.

(ت‌) كل طالب يرسب فى مادة أو مادتين من المواد الأساسية المقررة فى عام دراسى.. يجوز أن ينقل إلى الفرقة التالية ولكنه لا يعد ناجحا فى نهاية المرحلة أو الشعبة إلا إذا كان قد نجح فى جميع المواد الأساسية المقررة لهذه الفترة التعليمية.. وعليه أن ينجح فيما رسب فيه أية سنة تالية.

(ث‌) كل طالب يرسب مرتين فى مادة أساسية.. يجوز أن يستبدل بها مادة إضافية تعادلها فى مقدار الدرجات, وتصبح المادة الأساسية بالقياس إليه مادة إضافية ويستثنى ذلك اللغة العربية والدين.

(ج‌) ومتى تحققت هذه المرونة فى خطة الدراسة تحققت كذلك فى نظام الامتحان وبقيت للإمتحان جديته مع مراعاة استعدادات التلاميذ المختلفة ومع عدم إضاعة سنة دراسية كاملة على التلميذ لمجرد رسوبه فى مادة واحدة كما يقع الآن كثيرا.

إعداد المعلم الصالح

أهمية المدرس وضرورة إعداده :

إن كل الأهداف – التى يوضع من أجلها الخطة والمنهج – يمكن أن تضييع عبثا إذا نحن لم نعد المدرس إعدادا يتفق مع هذه الأهداف.

لذلك نصر على أن تكون الثقافة الدينية عنصرا أساسيا فى تكوين المدرس – وبخاصة مدرس المرحلة الأولى – الذى يبنى وجدان التلاميذ وعقيدتهم فى مرحلة مبكرة. كما يجب أن يكون ذا ثقافة علمية ومهنية مناسبة.

لذلك نقترح :

(أ‌) أن يؤخذ مدرس المرحلة الأولى حتما من شعبة اللغة العربية والدين ثم يدرس عامين دراسة مهنية لإعداده علميا وعمليا لوظيفة التعليم.

(ب‌) أن تستقى كلية دار العلوم وقسم اللغة العربية بكليات الآداب من شعبة اللغة العربية والدين, لتخريج مدرس اللغة العربية والدين بالمرحلة الثانوية.

(ت‌) أن تكون الثقافة الدينية عنصرا أساسيا من عناصر تكوين المدرسيين فى الكليات والمعاهد التى تعد سائر أنواع المدرسين فى المرحلة الثانوية.على أن يتلقى المدرسون الحاليون هذه الثقافة فى دراسات صيفية يختار لها أساتذة من المعروفين بحسن إدراكهم للثقافة الإسلامية وتشبعهم كذلك بالوجدان الدينى.

(ث‌) أن يكون ضمن مواد الدراسة بمعاهد التربية مادة " الطرق الخاصة لتعليم الدين" أسوة ببقية المواد... فإن تدريس الدين الآن يسير على غير هدى, وبلا منهج خاص قائم على أسس علمية. وهو مالا يليق ببلد إسلامى. ثقافته الأصيلة هى الثقافة الإسلامية بلا جدال.


إزالة المركزية

إن المركزية الواضحة التى لم يستطع نظام " المناطق التعليمية" أن يغير من ملامحها إلا قليلا... يحب التخلص منها سريعا.

وقد كان منطق إنشاء المناطق ذاته يقتضى ا، تترك لها إدارة شئون التعليم كلها. لأنها أقدر على معرفة الحاجات المحلية وعلى تلبية هذه الحاجات سريعا. وبالقدر المطلوب وحتى لو أردنا تجنب الطفرة, فإن ذلك المنطق يقتضى أن يقتصر إشراف الوزارة على الناحية الفنية البحتة, والناحية المالية العامة, أما الشئون الإدارية والتنفيذية فيجب تركها إلأى مناطق كلية.

وبغير هذه الخطوة الأساسية لا يمكن أن تتحقق للمنطقة شخصيتها المستقلة. ولا يمكن أن تلبى لحاجات النحلية فى حينها بالقدر المطلوب ولا تملك أن تنوع فى المدارس والمناهج والوسائل بحسب ما تقتضيه حاجة البيئة.

والمدرسة – بعد المنطقة – فى حاجة إلى قسط من الاستقلال أن يهيىء لها أن تكيف نظمها ووسائلها وروحها وأن تكون لها شخصية متميزة من صنع يدها وأن تكون هى المرجع الأخير فى كل ما يختص بتلاميذها فى ظل القوانين التعليمية العامة.

إن المدرسة التى ليس لها شخصية لا تملك أن تربى تلميذا له شخصية.


هذه مقترحات إجمالية أما الخطط والمناهج المفصلة لهذه السياسة العامة فتوضحها مذكرة تفصيلية أخرى.