الشدائد في حياة المؤمنين 1

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشدائد في حياة المؤمنين 1

الشدائد في حياة الدعاة سياسة الغاء الآخر .. إلغاء للبنان !!

بقلم الداعية فتحي يكن

> يكن : سياسة الغاء الآخر .. إلغاء للبنان !!<

أدلى النائب السابق الداعية الدكتور فتحي يكن بالتصريح التالي حيال ما يجرى من حروب الغاء على الساحة اللبنانية:

لاتزال تمارس في لبنان ـ منذ وجد لبنان ـ سياسة إلغاء الآخر،وإن بأنماط وأشكال مختلفة..

وسياسة إلغاء الآخر كانت وستبقى المعول الذي لا يفتأ يهدم هذا البلد ويدفع به الى بؤر الفتن والحروب الداخلية،وبالنتيجة الى إلغائه بالكلية من الخارطة الجغرافية والسياسية،وهو ما تطمع به اسرائيل،وما تخطط له الولايات المتحدة الامير كية في إطار بلورة مشروعها الشرق أوسطي الجديد.

بات المواطن لايدري ماذا يخطط ويهيأ لهذا البلد في الخفاء .. فلا ما يسمى " قوى معارضة " أقلعت عن هذه اللعبة الخطيرة،ولا بمن يعتــبرون انـفسهم"حرس النظام" توقفوا عن سياسة سوق لبنان الى الجحيم!

بتنا لا نرى أحدا خارج اللعبة .. فالجميع شركاء في الجريمة .. ووحده المواطن،الذي يراقب ما يجري،ويعرف ما يجري،ويستطيع الحكم على ما يجري .

بدأت الجريمة في الانقسام والصراع الواقع بين الرئاسات،ووسط الحكم والحكومة،والذي تحت مظلته وبذريعته يجري كل ما يجري !!

فهنالك ظاهرة الغاء لمواقع وادوار قضائية !!

وهنالك ظاهرة الغاء أو تهميش لمواقع أمنية !!

هنالك معارك الغاء من قوى سياسية لقوى سياسية أخرى !!

بل إن الأمر وصل الى مستوى الغاء الأخ لأخيه والأبن لأبيه،على نحو ما كانت عليه البشرية في عصر " قابيل وهابيل " !! ولكأن ما يجري أشبه بحمى الغاء الجميع للجميع !!

فهل يستمر الحال على هذا المنوال،والظروف قاسية،ورياح التغيير عاتية .. وهي التي تسببت بتدمير العراق ومن قبلها افغانستان،وما لبنان ببعيد عن كل ذلك،بل هو مستهدف قبل سواه، إلا أن يكون كل اللبنانيين على كلمة سواء،وفي مقدمتهم أهل الحكم واصحاب القرار،ومعذرة الى الله ولعلهم يرجعون !!


كيف نواجه أهل الحسد؟

كذلك فان من خلق الاسلام وخلق النبوة محاذرة الحسدين ومقاطعة المغتابين وعدم الاستماع اليهم، ومجاراتهم والجلوس الى مجالسهم،وليدركوا شنيع فعلتهم وقبيح خصلتهم.

بل ان الاسلام ليوجب على من سمع شيئا من الهمس الآثم أن ينكره على قائله والمتحدث به،وأن يذب عن عرض أخيه،ويلقن الوالغ في حرمات الآخرين وأعراضهم درسا من شرع الله وأخلاق الاسلام.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:"من ذبّ عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يعتقه من النار" رواه أحمد.

ثم ليسمع الذين يجارون الحاسدين من أهل الغيبة والنميمة،ويصغون اليهم،ويسيرون بالفتنة معهم، ليسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثالهم:" من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو بستطيع نصره، أدركه اثمه في الدنيا والآخرة" رواه الأصبهاني وقوله:" ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه الا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته.وما من امرئ مسلم ينصر امرأ مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته الا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته" رواه أبو داود.

وأخيرا فليحذر هؤلاء وأولئك ممن يرتعون في حرمات الناس ويتتبعون عوراتهم ليحذروا بطش الله ووعده ووعيده على لسان نبيه:"يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الايمان الى قلبه،لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم،فانه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته،ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله، وفي رواية في عقر بيته" رواه أبو داود.

أما دعاة الاسلام فان عليهم،ان ابتلوا بمن يحسدهم، أن يتدرّعوا بالصبر والصلاة ويتعوذوا بالله من شرور نفوس الناس وشرور ظنهم وحسدهم،ولا يخرجنهم الغضب الى الرد والكيد والى اتباع غير سبيل المؤمنين، لأنهم بذلك يصبحون مثلهم ويخسرون تميزهم وخلقهم ودينهم.

والأولى أن ينفقوا مما عندهم من خير ويحتسبوا ما يصيبهم عند الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء،ولا هو بغافل عما يعمل الظالمون.. وليسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من جرعة أحب الى الله من جرعة غيظ، كظمها عبد، ما كظمها عبد لله، الا ملأ الله بها جوفه ايمانا" وليكن شعارهم قول القائل:" اللهم اني تصدقت بعرض على الناس".

ان على دعاة الاسلام أن يتميزوا بخلقهم عن سائر حلق الله.. وان حسن الخلق هو محصلة الرسالة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:" انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وحيث يقول:" ان العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل، وأنه لضعيف العبادة.وانه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجات في جهنم" رواه الطبراني.


أولا: مؤمن يحسده

إن الحسد من أمراض القلوب الفتاكة،وقد يذهب بايمان المؤمن ان لم يثب لرشده ويتب الى ربه،وتتداركه عناية الله ورحمته.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:"دبّ اليكم داء الأمم من قبلكم، لحسد والبغضاء.والبغضاء هي الحالقة.أما أني لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين" رواه البيهقي ويقول:" ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من الحرص على المال والحسد في دين المسلم.وان الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".رواه الترمذي.

والدعاة الى الله عز وجل وبخاصة الموفقين منهم والنشيطين والمرموقين منهم والموهوبين،معرضون لألسنة الحاسدين وكيدهم.. يحسدونهم على علمهم وعلى كل خصلة من خصال الخير فيهم،ثم يتحينون الفرص للايقاع بهم وتحطيمهم..

يقول ابن المعتز:"الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له، بخيل بما لا يمكله، طالب بما لا يجده".

ولقد أمر الله تعالى نبيّه ان يستعيذ وأمته من أذى الحاسدين فقال:{ قل أعوذ برب الفلق* من شر ما خلق* ومن شر غاسق اذا وقب* ومن شر النفاثات في العقد* ومن شر حاسد اذا حسد}.

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد حذر من الحسد والتحاسد ومن البغض والتباغض،ومن التنافس والتدابر فقال:" اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله اخوانا كما أمركم، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا، وأشار الى صدره.. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.. كل المسلم على المسلم حرام دمه، وعرضه وماله" رواه مالك والشيخان أبو داود والترمذي.

والذين يحسدون الدعاة على ما آتاهم الله من فضله وعلى ما وهبهم من علمه،نفوسهم عليلة،وقلوبهم مريضة،تسوّل لهم المكر باخوانهم تشافيا واطفاء لغلواء الصدور.

تماما كما سوّلت (لقابيل) نفسه أن يقتل أخاه (هابيل) حسدا وسخطا وضغينة وحقدا فقال الله تعالى:{واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق، اذ قرّبا قربانا، فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر، قال لأقتلنّك، قال انما يتقبّل الله من المتقين، لئن بسطت اليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يديّ لأقتلك اني أخاف الله رب العالمين.اني أريد أن تبوء باثمي واثمك فتكون من أصحاب النار، وذلك جزاء الظالمين.فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين} المائدة.

ودعوة الاسلام على مدار التاريخ القديم والحديث شهدت حوادث ذات أبعاد مأسويّة كان الحسد أحد أبرز أسبابها..لا أعني حسد الأبعدين وانما حسد الأقربين.

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهنّد

فكم من قادة وأئمة اتهموا زورا وبهتانا،وأشيعت حولهم الشائعات والأراجيف بسبب حسد حاسد مريض النفس لا يرعى فيمن حوله الا ولا ذمّة..وكم من فتن أوقدت وأحقاد سعّرت بسبب حسد النفوس.

بل كم من صفوف تداعت وتصدّعت، وتبعثرت جموعها بفعل حسود حقود خسيس سار بالفتنة دون أن يخشى الله رب العالمين.. ودون أن يلتفت الى قوله صلى الله عليه وسلم:" ليس من ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة ولا أنا منه.ثم تلا قوله تعالى:{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا}".

وآفة الحسد هذه في تفاقمها وهياجها تدفع بصاحبها أو أصحابها الى ارتكاب كل الحماقات والى استحلال كل المكروهات والمحرمات_ كالنار في اندلاعها وهياجها تحرق الأخضر واليابس دون أن تلوي على شيء.

فقد تسوّل للحاسد نفسه أن يكذب ويلفق ويختلق لينال من غريمه الذي يحسده.. وليته قبل أن يفعل قد أدرك عاقبة أمره، وسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثاله:" أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة هو منها بريء، يشينه بها في الدنيا، كان حقا على الله أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاد ما قال" رواه الطبراني.

وقد يقع الحاسد في الغيبة والنميمة وهو يظن أنه يحسن صنعا.. ويبرر له شيطانه سوء عمله ليسقطه في الفتنة (ألا في الفتنة سقطوا وان جهنم محيطة بالكافرين. ان تصبك حسنة تسؤهم، وان تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون.)

{قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.

وليت الحسود يعلم أن عاقبة أمرهى خسرا.. وأن الله قد أعد له ولأمثاله عذابا نكرا، وخاصة الذين يصرون على الفتنة ولا يرعوون أو يرتعدون ويتوبون، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل اتيان الرجل أمه.وان أربى الربى اسطالة الرجل في عرض أخيه" رواه الطبراني.

وقال صلى الله عليه وسلم:"من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب اليه يوم القيامة، فيقال له: كله ميتا كما أكلته حيا، فيأكله ويضج" رواه الطبراني، ويقول صلى الله عليه وسلم:" الغيبة أشد من الزنى، قيل: وكيف؟ قال: الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه، وان صاحب الغيبة لا يغفر له، حتى يغفر له صاحبه" رواه الطبراني والبيهقي.

ويبيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الغيبة فيقول:"أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.قال: ذكرك أخاك بما يكره.قيل:أرأيت ان كان في أخي ما أقول؟ قال: ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".


أسباب الحسد

ولقد أجمل الامام الغزالي في كتابه الاحياء أسباب الحسد بما يلي:

  1. العداوة والبغضاء: وهذا أشد أسباب الحسد،فان من آذاه شخص بسبب من الأسباب وخالفه في غرض بوجه من الوجوه أبغضه قلبه وغضب عليه ورسخ في نفسه الحقد.

والحقد يقتضي التشفي والانتقام.

وبالجملة فالحسد يلزم البغض والعداوة ولا يفارقهما...

  1. التعزز: وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره.اذا أصاب بعض امثاله ولاية أو علما أو مالا خاف أن يتكبر عليه وهو لا يطيق تكبره ولا تسمح نفسه باحتمال صلفه وتفاخره عليه.
  2. الكبر: وهو أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه ويستصغره ويستخدمه ويتوقع منه الانقياد له، فاذا نال نعمة خاف أن لا يتحمل تكبره ويترفع عن متابعته،أو ربما يتشوّف الى مساواته..
  3. التعجب: كما أخبرنا الله تعالى عن الأمم السابقة اذ قالوا:{ ما أنتم الا بشر مثلنا} {وقالوا أنؤمن لبشر مثلنا} فتعجبوا أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب من الله تعالى بشر مثلهم فحسدوهم..
  4. الخوف من فوت المقصد: وذلك يختص بالمتزاحمين على مقصود واحد، فان كل واحد يحسده صاحبه في كل نعمة تكون عونا له في الانفراد بمقصوده..
  5. حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه: وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في فن من الفنون_ اذ غلب عليه حب الثناء من أنه وحيد الدهر وفريد العصر وأنه لا نظير له_ فانه لو سمع بنظير له في أقصى العالم لساءه ذلك وأحب موته أو زوال نعمته.
  6. خبث النفس: وشحها بالخير لعباد الله تعالى.. فاذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى أنعم الله عليه يشق عليه ذلك،واذا وصف له اضطراب أمور الناس وادبارهم وفوات مقاصدهم وتنغص عيشهم فرح به..

المصدر