الشهيد "أحمد ياسين".. بطل ومثل ومعلم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الشهيد "أحمد ياسين".. بطل ومثل ومعلم

بقلم: توفيق الواعي

بطل وممثل ومعلم.jpg

الشهيد "أحمد ياسين": نسيج وحده في هذه الأيام، وفريد زمانه، وقريع دهره في هذه البيئة الجدبة، وكوكب نظرائه، وزهرة إخوانه، وغرة أهله، وحلية أكفائه، ومنقطع أقرانه في هذا الدهر، بطل في زمن الهزائم، وشجاع في أجواء الجبن، وقائد في محيط الصعاليك، وعملاق في وسط الأقزام، ورجولة في ميادين النذالة، وأمل في ضياع الطريق ووعورة الدرب، وأمة بعد التنازع والانحلال والتفسخ، وذهاب الريح، وصمود في وجه التمزق والانهيار والهزائم، ومثل بعد فقدان القدوة والرجولة والشرف، وحكمة في وسط الذهول وضياع الأحلام وعمى البصائر، وإيمان في أجواء الانحلال وضياع الهوية وبروز قرون الشياطين، وثقة في نصر الله ووعده للمؤمنين، في وسط الظلام والتيه وتكالب الأعداء ورجوم الظنون، وهواجس الضمائر.

كل هذا في رجل مقعد لا يقدر على الوقوف، مشلول اليدين، لا يقدر على حمل شيء، وفي جسم نحيل واهٍ، وبدنٍ مبتلًى بالأمراض والعلل، ونظر قد فقده إلا بصيصًا في عين واحدة، وألم ممضٍ، وأوجاع لا تهدأ، أليست هذه أعجوبة في الزمان، وآية على الأيام ونفحة من عناية الرحمن؟!

عاش الرجل لرسالته وأمته، وتفانى في دعوته، فكان جهادًا يمشي، وقدوة تتحرك، ومثلاً يشع نورًا وإيمانًا، وفهمًا وعرفانًا، في أجواءٍ عزَّ فيها الناصح، وقلَّ فيها النصير، وانعدم فيها قول الحق والجهر به، فجاء الشيخ فأضاف إلى المجاهدين قائدًا، وإلى الدعاة علمًا، وإلى المربين أستاذًا حكيمًا وقدوةً عظيمة، عجز جسمه النحيل، وشلله المقعد ومرضه المزمن عن الجهاد بالسلاح، فجاهد بسلاح الكلمة، وحسام التربية وسيف التنظيم، ومدافع الإيمان، وقنابل الصبر والإصرار والثبات، كلماته القليلة تنفذ إلى الأعماق وتستقر في العقول وتفتح مغاليق القلب بحب عجيب وإخلاص فريد، وتوجيه سديد، تسمعه يوجه الشباب فيقول: "حان الوقت يا أبنائي، ويا أحفادي لترجعوا إلى الله- تعالى- وتتوبوا إليه، حان الوقت لتدعوا التفاهات من حياتكم وتنحوها جانبًا، حان الوقت لتوقظوا أنفسكم وتصلوا الفجر في جماعة، حان الوقت لتتعلموا وتتثقفوا وتخترعوا وتكونوا سابقين على الغير، حان الوقت لتتحلوا بالأخلاق، وتنفذوا ما في القرآن وتقتدوا بالنبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وتتقربوا من ذلك النبي الأعظم".

أدعوكم يا أبنائي للصلاة في ميقاتها، وأريدكم يا شباب الأمة أن تعرفوا وتقدروا معنى المسئولية، وأن تتحملوا مشاق الحياة وأن تتركوا الشكوى، وأن تتجهوا إلى الله- عزَّ وجلَّ-، وتستغفروه كثيرًا ليمنحكم الرزق، وأن توقروا الكبير وترحموا الصغير، أطلب منكم يا أحفادي الصغار ألا تشغلكم قنوات الأغاني المرئية والمسموعة، وأن تعرضوا عن كلمات الهوى والعشق والحب، وأن تستبدلوا بها كلمات العمل والفعل، وذكر الله، وألا تنساقوا وراء الشهوات.

أما أنتن يا فتيات الأمة، حفيداتي: أستحلفكن بالله أن تتمسكن بالحجاب الحق الذي يستر العورات، وأستحلفكن بالله أن تحتمين بدينكن وبالرسول الكريم، واقتدين بأمِّكن خديجة وأمكن عائشة، اجعلنهما نبراس حياتكن، وأطلب منكن أن تستعددن لما هو آتٍ.

استعدوا بالعلم والدين، استعدوا للعمل بحكمة: اخشوشنوا، وتعلموا كيف تعيشون في ظلامٍ دامسٍ، علموا أنفسكم كيف تعيشون لأيامٍ بلا أجهزة كهربائية وإلكترونية، حين يمنع العدو ذلك، علِّموا أنفسكم كيف تعيشون في ظل حياة قاسية، علموا أنفسكم كيف تحمون أنفسكم وكيف تخططون لمستقبلكم، تمسكوا بدينكم، وخذوا بالأسباب وتوكلوا على الله".

بهذه الكلمات الواضحة المخلصة التي تخرج من القلب بغير تنميق، وبعفوية صادقة وشافية مضيئة، توضح الدرب وتقود المسيرة، وبهذه المعاني الحانية الرؤوم التي توجِّه الشباب وتأخذ بأيديهم يتكلم الشيخ، وهو يقرأ ما في نفوسهم ويخاطبهم بواقع حالهم، حتى يؤسس لجهادٍ يحتاج إلى إيمان واستعداد، بما يستطيعه الإنسان ويملكه، ويدع الباقي على الله تعالى، وكما وجه الشيخ الشباب، وجه القادة، وقد أعد البطل الداعية الشهيد رسالةً إلى القمة العربية المقبلة قبل استشهاده جاء فيها: "إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه، حفظ أم ضيَّع، فالله الله في أمة الإسلام، وقد رماها أعداء الله وأعداؤها عن قوس واحدة".

إن أمامكم اليوم تحديات جسامًا، وشعوبكم تنظر ما ستتمخض أن تأخذ القمة بعين قرارات، وإني أناشدكم أن تأخذ القمة بعين الاعتبار القضايا التالية:

1- أرض فلسطين أرض عربية إسلامية، وهي وقف إسلامي لا يجوز التنازل أو التفريط فيه لليهود، ولن تعود إلا بقوة السلاح.

2- الجهاد في فلسطين حق مشروع للشعب الفلسطيني، وهو فرض عين على كل مسلم.

3- إن شعبنا وهو يخوض ببسالة معركة قد فُرضت عليه لهو جدير أن يلقى كل أشكال الدعم والتأييد من قادة الأمة ودعمهم اقتصاديًا وعسكريًا.

4- نناشدكم وقف كل أشكال التطبيع مع العدو، وقطع الصلة به.

5- المسجد الأقصى يناشدكم وقد أعدَّ الصهاينة العدة لهدمه.

6- نناشدكم أن تقدموا كل أشكال الدعم للعراق الشقيق وشعبه حتى يتحرر من الاحتلال الأمريكي.

هذا ما أردت أن أنصح به، وقد علمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن الدين النصيحة، أسال الله أن يجمع كلمتكم لنصرة دينه ويوحد صفوفكم على الخير.. آمين. أخوكم "أحمد ياسين".

فهل تسمع القمَّة النصح، وقد ذهب الرجل البطل لربه يشكو ظلم أهله وتخاذلهم؟

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا

ولكن لا حَياةَ لمن تنادي

وإنا لمنتظرون، ﴿وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227).

قالب:روابط توفيق الواعى