العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

في الوقت الذي لم يطرأ فيه على الموقف السوري أي تغيير يمكن للإدارة الأمريكية أن تغلف به هذه الهجمة على سوريا ، نرى أن المواقف الأمريكية و الصهيونية قد قفزت قفزات متسارعة في توجيه الاتهام و الإدانة لسوريا ، ثم في القيام بالعدوان السافر و الغاشم عليها ، فقد قام الجانب الصهيوني بالغارة الاستفزازية على دمشق ، و أما الجانب الأمريكي فقد تمثّل عدوانه في مشروع القانون المسمى "محاسبة سوريا و سيادة لبنان" ، هذا القانون الظالم الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء 15/10/2003م بغالبية كبيرة ، فلماذا كانت هذه الاستفزازات العدوانية من كلا الجانبين الصهيوني و الأمريكي في هذا الوقت بالذات ؟ و ما سرّ هذا التزامن في التحرّك العدواني من الطرفين في آنٍ واحد ؟

ما من شك أن لهذا العدوان من الطرفين اللذين يمثّلان محور الشر في عالمنا المعاصر أهدافه الخبيثة ، و أرى أن من بين الأهداف التي يريد أن يحقّقها محور الشر هذا ما يلي  :

-محاولة يائسة للهروب من أزمات داخلية يعيشها كلاً من الطرفين ، فأما شارون و قادة العصابات الصهيونية الذين يتحكّمون في القرار الصهيوني فقد أخفقوا في توفير الأمن و الاستقرار لشعبهم كما وعدوه ، مما جعلهم على شفا جرفٍ سياسي هارٍ يوشك أن ينهار بهم ، و أما بوش و قادة الإرهاب الأمريكيين فيعيشون أزمة سياسية طاحنة أيضاً ، خاصة أنهم على أبواب الانتخابات القادمة بينما احتلال العراق أصبح يمثّل شوكة في حلق هذه القيادة و فشلاً كبيراً لها على كلّ الصعد : الصعيد العسكري ، و الصعيد الأمني ، و الصعيد الأخلاقي ، و الصعيد الاقتصادي ، مما خلق حالة من الاستياء في الشارع الأمريكي خاصة أنه يستقبل يومياً تقريباً أعداداً من النعوش الأمريكية القادمة من العراق ، و كذلك داخل المؤسسة العسكرية على مستوى الجنود و الضباط العاملين في العراق ، الذين يواجهون الموت في كلّ لحظة ، مما أدّى إلى خلق حالة من الرعب و الإحباط و التذمر داخل صفوف الجيش حيث إن هناك أغلبية بين القوات الأمريكية المقيمة في العراق تتمنّى العودة إلى أمريكا و الهروب من جحيم العراق .

-محاولة يائسة من كلا الطرفين للتضييق على المقاومة الفلسطينية التي فضحت عجز الكيان الصهيوني في القدرة على البقاء و الاستمرار و قد أفقدته أمنه و استقراره و دمّرت اقتصاده بطريقة لم يعهدها من قبل ، فهم بممارسة الضغط على سوريا إنما يأملون أن تقوم سوريا بخطوات عملية ضد قيادة الفصائل الفلسطينية المقيمة في سوريا ، و هذا من شأنه أن يضيق على المقاومة من جانب ، و أن يخرج بعض الأنظمة التي لعبت دوراً ضد المقاومة الفلسطينية من دائرة الحرج الذي يخلقه لها الموقف السوري من جانب آخر .

-محاولة يائسة من القيادة الأمريكية الشريرة لإقناع نفسها أولاً ، ثم إقناع الشعب الأمريكي ثانياً ، و إقناع العالم ثالثاً أنها لا زالت قادرة رغم ما تتلقّاه من صفعات في أفغانستان و العراق على تهديد أي قطرٍ على وجه الأرض ، و من هنا جاء التهديد إلى سوريا يفتقر إلى أي مبرّر يمكن لأمريكا أن تتذرع به اللهم إلا مبرر الصفاقة و الشر و العدوان و الغطرسة .

-توجيه التهديد لكلّ الدول العربية و الإسلامية في المنطقة من خلال توجيه التهديد لسوريا و العدوان الغاشم عليها ، فأمريكا و الكيان الصهيوني يأملان من العدوان على سوريا و تهديدها أن تعيش دول المنطقة من عربية و إسلامية في رعب مستمر يدفعها لتنفيذ الإملاءات الصهيو - أمريكية دون تردّد ، و التي من بينها التصدّي لمقاومة الشعب الفلسطيني و التضييق عليها ، و من بينها أيضاً المسارعة من قبل الدول العربية و الإسلامية لإقامة علاقات دبلوماسية و تجارية و ثقافية و أمنية مع الكيان الصهيوني ، و الاعتراف الواضح و الصريح بما يسمّى (دولة إسرائيل)..

-من الجانب الصهيوني أيضاً هي محاولة للهروب من الدائرة التي أصبحت قاعدة ثابتة خلقتها المقاومة الفلسطينية ، و التي تتمثّل بالردّ المؤلم على كلّ عمل إرهابي يرتكبه العدو الصهيوني ، و من هنا أراد الكيان الصهيوني أن يهرُب من هذه الدائرة التي كلّفته الكثير من المعاناة بتسديد ضربة لسوريا بدلاً من توجيه ضربة للفصائل الفلسطينية المقاومة ، تفادياً منها للردّ الحتمي و الذي أصبح إحدى المسلّمات على أي جريمة صهيونية يرتكبها العدو الصهيوني ، خاصة في ظلّ الاحتجاج الشديد داخل الكيان الصهيوني من قبل العديد من المثقّفين و من بينهم أساتذة جامعات ، و كذلك سياسيون و على رأسهم متسناع و بورج ، ثم التمرّد الذي حدث من قبل ضباط الاحتياط في سلاح الطيران الصهيوني و الذي شكّل صفعة قوية للمؤسسة العسكرية الصهيونية ، و شهادة واضحة على لاأخلاقية ما يقوم به العدو الصهيوني من عمليات لا يمكن أن توصف إلا أنها عمليات جبانة .

-أما الجانب الأمريكي فيريد من وراء هذه التهديدات و العقوبات و الفيتو الذي يحول دون إدانة العدوان الصهيوني أن يقدّم خدمة للكيان الصهيوني خاصة بين يدي الانتخابات القريبة القادمة ، فلا غرابة أن يتسابق الحزبان الجمهوري و الديموقراطي على كسب اللوبي الصهيوني الذي يلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار و مصير الإنسان الأمريكي .

-كما أن الجانب الصهيوني و الجانب الأمريكي يحاولان خلق فتنة داخلية بين كلّ من سوريا و لبنان خاصة أن الجانب الأمريكي يعتبر الوجود السوري في لبنان أحد أسباب الإدانة الأمريكية لسوريا و العدوان عليها .

ربما كانت هذه بعض العوامل الحقيقية التي دفعت محور الشر في العالم للعدوان على سوريا ، فإن كان الأمر كذلك فعندئذ لن تكون سوريا هي الدولة العربية الأخيرة المستهدفة من قبل محور الشر ، و أرى أن علاج هذا الأمر لا يكون أبداً في مجلس الأمن الذي أصبح مؤسسة أمريكية على أقلّ تقدير من خلال الفيتو الأمريكي الذي يقلِب الحق باطلاً و الباطل حقاً ، أو الأمم المتحدة ، أو التزلّف إلى أمريكا ، أو التقارب مع الكيان الصهيوني ، و لكن العلاج يكمن في وضع أسس و قواعد راسخة من أجل تقوية الأمة الإسلامية و استنهاضها من جديد كي تواجه هذه التحدّيات الجسام ، بدون ذلك سنبقى نقدّم لمحور الشر من أمننا ، و ثرواتنا ، و سيادتنا , و كرامتنا دون أن نحصل على رضاه أو نوقف نهمه و إصراره على إذلالنا فقط لأننا مسلمون.

المصدر