العزوف عن التصويت ....ركون لليأس أم غضب صامت ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العزوف عن التصويت ....ركون لليأس أم غضب صامت ؟


( الأربعاء 21 أكتوبر 2015)

بقلم : مجدي مغيرة

مجدي مغيرة

ظهرت حقيقة شعبية النظام الحالي منذ اليوم الأول من أيام التصويت على مقاعد البرلمان ، عزوف كبير عن التصويت ، ولجان خاوية يصفر فيها الريح ، وطوابير – إن شئت أن تسميها بذلك – لا يتخطى عددُ الواقفين فيها عددَ أصابع اليد ، والإعلام يستجدي الناس ليصوتوا ، ولما استيقن كهانُه من عزوف الناس عن الذهاب للجان الاقتراع ؛ أخذوا يسبونهم ويلعنونهم ، ويستدلون من سلبيتهم على استحقاقهم للفقر والقهر .

والأمر الملفت للنظر هو اعتراف الجميع - بلا رتوش - بضعف الإقبال على التصويت لأي مرشحٍ .... مستقل كان أم في قائمة من القوائم الحزبية التي أعدتها الأجهزة الأمنية بعناية كبيرة .

وقد ظهرت سريعا تفسيرات ظاهرة العزوف عن التصويت :

فمن الناس من يقول أنها لعبة أدارها السيسي كي يكون البرلمان ضعيفا ؛ فلا يجرؤ على مخالفته أو تعطيله عن مسيرته المباركة المليئة بالنجاح والفلاح .

ومنهم من يقول أن ذلك صفعة من رجال مبارك موجهة إلى السيسي ، وفحواها : أنت بدوننا عاجز ومفضوح .

ومنهم من يقول أن ذلك علامة عن تخلي الأصابع المحركة للمسرح عن بعض العرائس التي استنفدت أغراضها ، والتمهيد للإتيان بعرائس جديدة بمواصفات جديدة تسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون أن تسمح لعودة الإخوان المسلمين للحياة السياسية مرة أخرى .

ومنهم من يقول أن سبب ذلك هو فشل النظام في إدارة شئون البلد ، وسوء اختياره لوزرائه ، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وما ترتب عليه من ارتفاع تكاليف المعيشة دون تعويض مناسب للشعب الذي كان ينتظر من يحنو عليه .

لكن أيا كانت التفسيرات سواء كانت السابقة أم غيرها ، لكن الواضح وضوح الشمس هو العزوف الكبير من الشعب عن الذهاب لصناديق التصويت .

ومن السذاجة أن نعتقد أن ذلك العزوف إنما هو استجابة لبعض رجال الحزب الوطني القديم الذين يريدون إحراج السيسي ، فالنسبة أكبر من أن تكون مفتعلة ، وبخاصة أن عملية التصويت هذه ليست الأولى من نوعها في عهد السيسي ، بل هناك عمليات تصويت أخرى في عهده كان قلة المشاركين فيها هي القاسم المشترك بينها جميعا .

فقد تم التصويت على دستور الانقلاب بنسبة حضور ضعيفة ، وكذلك التصويت في الانتخابات الرئاسية التي نافس فيها السيسي خيالُ مآتة قَبِلَ أن يقوم بدور الكومبارس بنسبة حضور أيضا ضعيفة ، و تم تغطية الفضيحة بعمليات تزوير واسعة على نطاق الجمهورية ، فهذه ثلاث استحقاقات سياسية تطلبت ذهاب الجمهور إلى صناديق الاقتراع العامة .

وهناك استحقاقات مهنية أخرى تمت ، وشهدت أيضا نفس العزوف من أعضائها الذين يمتلكون وعيا كبيرا ، ويمثلون قطاعا عريضا ممن نسميهم نخبة المجتمع المصري ، وهي انتخابات أعضاء نادي القضاة ، وانتخابات نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة ، وانتخابات نقابة الأطباء ، فضلا عن انتخابات نقابة الصحافيين التي أزاحت عن عضويتها الكثير من أشد مؤيدي الانقلاب وعلى رأسهم ضياء رشوان .

ويكاد يكون تفسير المحايدين الذين يرون أنفسهم لا مع النظام ولا مع الحراك الثوري ، ولا يجدون مانعا للمشاركة في لعبة الانتخابات أملا في تحسين بعض شروط القهر المسيطر ، يفسر هؤلاء سبب العزوف عن التصويت أن أعضاء المجلس الجديد قد حددهم النظام حتى قبل فتح باب الترشح ، ولا حاجة لنا بالمشاركة في عملية معروفة النتائج مسبقا .

فهل نستطيع أن نقول أن ضعف المشاركة إنما هو يأس قاتل سيطر على الناس وافتقدوا معه الأمل في تغيير الأوضاع ، وتحسين ظروف حياتهم .

هل استكان الشعب إلى الدرجة التي جعلته يقبل يائسا بهؤلاء دون أن يشاركهم في مسرحياتهم الهزلية ؟

هؤلاء الذين يُضيِّقون عليه حياته ، ويضطرونه للهروب من وطنه بحثا عن وطن آخر ، أو بحثا عن لقمة عيش أقل ذلا وخوفا وقهرا ؟

هل استيقن الناس أن إزاحة العسكر من كرسي الحكم هي رغبة أقرب ما تكون إلى الأماني والأوهام والأحلام منها إلى الحقيقة والواقع ؟

هناك – لاشك – من سيطر عليه هذا الوهم ، لكن هناك - في مقابله – من هو على يقين أن الصمود في وجه العسكر ، وقوة العزيمة في المواجهة ، والثبات أمام دباباته ومدرعاته وقنابله ومدافعه وسجونه ومعتقلاته هي ثمن طبيعي مقابل رحيله عن حكم البلاد إلى غير رجعة .

لا أظن أن الشعب سيصبر طويلا على هذه المهزلة التي تجر البلاد جرا إلى الخراب في كل نواحي الحياة ، وإذا كان الخوف قد منع بعض فئاته من مواجه ظلم العسكر ، فإن الظروف ستجبرهم على كسر ذلك الحاجز ، وعلى النزول إلى الشارع لمواجهة آلة الموت والدمار .

سيتيقن الناس أن الموت أمام قوات الظالم المستبد إنما هو حياة ،وأن الصبر في مواجهته خير من الصبر على ظلمه ،وأن الجراح من رصاصات الأمن الذي يواجه مظاهراتهم خير من جراح السياط التي تلهب الظهور داخل زنازين الموت البطيء ،وأن الموت الذي لا مفر منه خير لهم أن يأتيهم وهم يواجهون الظالم بدلا من أن يأتيهم وهم خاضعون لبيادته .

على شعوبنا أن تأخذ بزمام المبادرة بيدها ، ولا تقبل أبدا بوكلاء الغرب - من عسكريين وعلمانيين - الذين خدعوه آمادا طويلة .

على الشعب أن لا ينخدع مرة أخرى بالأمنجية الذين يظهرون بوجه القديس ، ويحملون قلب إبليس ، فالإسلام لم يكن يوما جلبابا قصيرا ولحية طويلة وتحريما للحلال والمباح ، وتبريرا لكل جرائم الحاكم السفاح .

على الشعب أن يثق فيمن قدم التضحيات من أجله ومن أجل الوطن ، ودفع – مقدما – الثمن من دمه وماله.

فهل سيستجيب الشعب ؟

المصدر