العملاء ظاهرة خطيرة يجب التصدّي لها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العملاء ظاهرة خطيرة يجب التصدّي لها

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد تم احتلال قطاع غزةو الضفة الغربية من قبل العدو الصهيوني عام 1967م أي منذ 36 عاماً ، و مدة زمنية كهذه كانت كفيلة أن تؤدّي إلى إسقاط عدد من أبناء الشعب الفلسطيني – و إن كان يعدّ نسبياً ضئيلاً - في أوحال العمالة ، من أصحاب النفوس المريضة ، و العقول المتواضعة الضعيفة ، و أسرى الشهوات ، و لا غرابة في ذلك في ظلّ احتلال يقوم عليه شياطين الإنس من اليهود الصهاينة الذين لا يعرفون حداً لوسائلهم اللاأخلاقية و اللاإنسانية ،

فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ، فمن هؤلاء العملاء من تم إسقاطه و هو طفل صغير ، و منهم من سقط و هو يبحث عن لقمة العيش ، و منهم من تم ابتزازه من خلال منعه من السفر بينما يكون في حالة اضطرار كأن يكون على وشك إنهاء دراسته في الخارج ، و منهم من وقع في حبائل شبكات العملاء و أوكارهم دفعته إلى ذلك نزوة شيطانية لم يستطع مقاومتها ، و منهم من سقط أثناء التعذيب في أقبية التحقيق عندما وضع تحت ضغط نفسي و جسدي هائل مما دفعه إلى القبول بالتعاون مع أعداء الله ليفرّ من آلام التعذيب إلى جحيم العمالة ..

و أمام هذه الأساليب الشيطانية التي يستخدمها الصهاينة الذين تجرّدوا من كلّ القيم الإنسانية كان لا بد للفلسطينيين من استخدام أساليب علاجية و وقائية لتحجيم هذه الظاهرة و القضاء عليها حماية للمجتمع الفلسطيني ، ففي الانتفاضة الأولى يوم كانت السيطرة على الشارع الفلسطيني لرجال المقاومة في عدم وجود السلطة تمكّنت فصائل المقاومة المختلفة من تقليص هذه الظاهرة ، و بالتالي الحد من عمليات الإسقاط ، .

و من الأساليب التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية في ذلك الوقت كعلاج لهذه الظاهرة :

•التوعية الأمنية المنهجية و المتواصلة من قبل الفصائل الفلسطينية بأساليب الإسقاط التي يمارسها اليهود الصهاينة ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، و ذلك عبر الدروس في المساجد ، و من خلال النشرات الخاصة التي تعمّم على أبناء التنظيمات المختلفة من قبل تنظيماتهم ، و النشرات العامة التي كانت تعمّم على جمهور المواطنين .
•متابعة أي فرد خاصة من أبناء التنظيمات إذا ما تم استدعاؤه من قبل جهاز المخابرات الصهيوني ، و العمل الفوري على إنقاذه إن كان قد تورّط بالموافقة على التعاون مع العدو و ذلك قبل انغماسه في ممارسات خطيرة تحول دون إمكانية إصلاحه .
•رصد شبكات العملاء من قبل الفصائل الوطنية و الإسلامية ، و جمع المعلومات عنها و ذلك بهدف إعداد ما أصبح متعارفاً عليه بالملف الأمني لكلّ من عناصر تلك الشبكات قبل إخضاع أيّ منهم للتحقيق .
•رصد بيوت الدعارة ، و تجّار المخدرات ، و جمع المعلومات عن هذه الأوكار الخطيرة ، لأن العدو يعتبرها من أهم الوسائل التي يعتمد عليها في إسقاط أبناء الشعب الفلسطيني .
•اختطاف المشتبه بهم و التحقيق معهم .
•تصفية كلّ من تثبت مشاركته في عمليات الاغتيال التي يقوم بها العدو .
•ردع العملاء الذين تثبت إدانتهم بالعمالة دون تورّطهم في عمليات الاغتيال و ذلك بالاعتداء عليهم بالضرب الذي يودعهم المستشفى ، و في ذلك كشف لهم أمام المجتمع حتى يحذر الناس منهم .
•نشر أسماء العملاء الذين تثبت إدانتهم سواء في البيانات أو على صفحات الجدران .
•محاولة إصلاح بعض العملاء عن طريق تقوية الوازع الديني لديهم ، و كذلك الحس الوطني عندهم ، ثم اختبارهم بعد ذلك بتكليفهم بمهام أمنية ضد العدو الصهيوني ، و العديد منهم تمكّن من النجاح في الاختبار مما أدّى إلى إرباك العدو .

و هذه الأساليب في المعالجة أدّت إلى نتائج إيجابية منها :

•حماية المجتمع الفلسطيني من مخاطر هؤلاء الخونة الذين تجرّدوا من كلّ قيم الإنسانية أو ضمير فيه بقية من حياة أو حياء .
•حماية أسر العملاء أنفسهم من مخاطر أبنائهم الذين تورّطوا في العمالة ، لأن شياطين اليهود الصهاينة كانوا يكلّفون العميل بإسقاط أهل بيته من أخوة و أخوات و أبناء و أم و زوجة ، و هكذا لتصبح الأسرة بكاملها في خدمة الاحتلال الصهيوني ، كما أن العدو كان يهدف من وراء ذلك إلى هدم المجتمع الفلسطيني من خلال إفساده ككلّ عبر إفساد الأسرة التي تشكّل اللبنة الأساسية في بناء المجتمع .
•الحد من انتشار هذا الوباء و اتساع رقعته داخل المجتمع الفلسطيني .
•حماية مشروع المقاومة ، و ذلك من خلال حماية المجاهدين ، و إضعاف قدرة العدو على ملاحقتهم و اغتيالهم .
•إزالة عقبة كأداء تقف في وجه المقاومة و تحدّ من قدرتها على تحقيق أهدافها ، فالعدو الصهيوني يكون أقرب إلى الإذعان لشروط المقاومة إذا فقد طابور العملاء الذي يزوّده بالمعلومات التي تمكّنه من تحقيق أهدافه ، فإذا تقلّصت دائرة العمالة ، عندها ستتمكّن المقاومة من تسديد ضربات قوية للعدو في الوقت الذي يعجز هو فيه عن تسديد ضربات للمقاومة .

و لكن و للأسف الشديد فقد وجد العملاء مرتعاً خصباً لهم في ظلّ السلطة الفلسطينية التي سخّرت أجهزتها الأمنية لملاحقة المجاهدين بدلاً من تسخير هذه الأجهزة لملاحقة العملاء ، بل إن العملاء وجدوا لهم أماكن عمل داخل الأجهزة الأمنية في الوقت الذي حرصت فيه هذه الأجهزة على تنقية صفوفها من الإسلاميين ، و على سبيل المثال لا الحصر بينما كنت معتقلاً لدى السلطة كان العقيد المشرِف على اعتقالي مباشرة يكلف حارساً مسلحاً ليقف بباب الغرفة التي كنت معتقلاً فيها ،

و كان أحد هؤلاء الحراس عميلاً معروفاً لدى الجميع و قد حذّرني زملاؤه الشرفاء من وجوده ، و ذات يوم طلبت من العقيد أن يأذن لي بأن أتمشى و لو على سطح البناية حتى لا يحدث ضمور في العضلات بسبب عدم الحركة ، فقال نحن لا نسمح بذلك خوفاً على سلامتك و حرصاً على أمنك ، فقلت له إن كنتم تحرصون على أمني فكيف تكلفون عميلاً معروفاً و مدجّجاً بالسلاح ليحرسني ، فقال العقيد :

و من هو؟

قلت له فلان ، فتم نقله على الفور إلى مكان آخر ، و لم يتم فصله من الجهاز الأمني الذي يعمل به .
و في ظلّ هذا الوضع الصعب حيث إن السلطة لا تستطيع أن تقوم بأي دور ضد العملاء لأنه على ما يبدو أن اتفاقية أوسلو توفّر لهم الحماية ، و لذلك لم يفرّ العملاء من الضفة الغربية و قطاع غزةمع قدوم السلطة ، بينما فرّ العملاء من جنوب لبنان مع جيش العدو الصهيوني لأن الصهاينة فشلوا في الوصول إلى اتفاقية مع لبنان تقضي بتوفير الحماية لهم و عدم مساءلتهم ،
في ظلّ هذا الوضع تقف الفصائل الوطنية و الإسلامية في حيرة من أمرها ، فاستمرار السكوت على العملاء سيؤدّي إلى مخاطر كبيرة جداً ، و عليه فإن الفصائل الفلسطينية المقاومة تجد نفسها أمام قرار صعبٍ لا بدّ منه يوماً ما رغم وجود السلطة .

المصدر