الغزالي: لا مخرج لنا إلا بالعودة إلى هويتنا الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الغزالي: لا مخرج لنا إلا بالعودة إلى هويتنا الإسلامية

[12-09-2003]

مقدمة

أمريكا خاضت الحروب للسيطرة على العالم سياسيًّا واقتصاديًّا.

الأمريكان في مأزق فيتنامي جديد.

4 مليارات دولار التكاليف الشهرية للأمريكيين في العراق.

لا بديل عن مقاومة المحتل.

رغم مرور عامين على أحداث 11 سبتمبر إلا أن تبعاته لا زالت تظهر من وقت لآخر على الساحة الدولية، ولا زالت تُؤثر بقوة على العالم، خاصةً منطقة الشرق الأوسط.

وبالرغم من عدم إدانة العرب والمسلمين في هذه الأحداث- كما روج الأمريكيون- فإن تبعات الحدث لا زالت تطول يومًا بعد يوم المنطقة العربية والإسلامية؛ بدأت باحتلال أفغانستان، ثم العراق، ثم انبطاح جميع الأنظمة العربية، إلا أنها في الوقت ذاته أيقظت الشعوب ودفعتها لمواجهة الإمبريالية الأمريكية.

حول آخر تبعات أحداث 11 سبتمبر، يحدثنا الدكتور "عبدالحميد الغزالي" الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة.

نص الحوار

  • في البداية نُريد أن نعرف كيف أثرت أحداث 11 سبتمبر على خريطة العالم؟ وكيف وظَّف الأمريكيون الحدث لتحقيق المكاسب؟
لا شك أن أحداث 11 سبتمبر كانت ذات أبعاد عميقة على كافة المستويات دوليًّا وإسلاميًّا وأمريكيًّا؛ لأنها اعتُبرت ضربةً قاسمةً للجسد الأمريكي، فأثرت عليه سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، فبُرجَيْ التجارة هما رمز للقوة الاقتصادية، والبنتاجون رمز للقوة العسكرية، والبيت الأبيض رمز للقوة السياسية.
فضلاً عن ذلك، فإن الاعتداء على الولايات المتحدة داخل أراضيها كان أمرًا مُستبعدًا، فهي المرة الأولى التي تتعرض فيها الولايات المتحدة لمثل هذا الاعتداء، خاصةً وأنهم كانوا يعتقدون أن أمريكا محصنةً وبعيدةً عن أي اعتداء خارجي؛ وهو الأمر الذي أصاب الإدارة بالتخبط الشديد، حذرنا من خطورته وقتها، وقلنا إنه يتعين على الولايات المتحدة ألا تتأثر بردود فعل الشارع الأمريكي، وتُحاول أن تنظر إلى القضية بموضوعية؛ حتى لا تقع في أخطاء تُؤثر عليها بالسلب.

الانتهازية الأمريكية

  • وكيف وظفت أمريكا هذا الحدث؟
الإدارة الأمريكية عملت على استغلال هذا الحدث، وحاولت توظيفه بتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، فأعلنت قبل إجراء أي تحقيق أن هذه الأحداث قام بها المسلمون العرب رغم عدم تقديمهم الدليل على هذا الاتهام، ثم أعلنت حربها غير المبررة، وأسموها "الحرب على الإرهاب"، ولم تُحدِّد زمانها أو مكانها، ومن ثَمَّ جعلتها حربًا مفتوحةً ضد العالم أجمع حتى يخضع لسيطرتها.
فضلاً عن ذلك، فإن كتابات المحافظين الجدد قد كشفت عن أهدافهم الخفية؛ حيث كتبوا وثيقة يؤكدون فيها على ضرورة سيطرة أمريكا على العالم، وذلك من منطلق أنها القطب الأوحد، وهو نفس الاتجاه الذي روَّج له الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" قبل الحادث؛ حيث قال: "إنه لا يجب أن نُضحي بمستوى معيشة المواطن الأمريكي حتى ولو أدَّى ذلك إلى الحرب".
وهذا يعني من وجهة نظري أنهم كانوا يسعون للسيطرة على النفط والطاقة؛ حتى يضمنوا الحفاظ على ارتفاع مستوى معيشة المواطن الأمريكي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعملون على تهديد الدول الكبرى، وخاصةً الدول الصناعية.
  • وما هو المخطط الذي وضعته أمريكا لتنفيذ هذا السيناريو؟
أمريكا بدأت تنفيذ مخططها بإعلانها ما أسمته "الحرب على الإرهاب" في أفغانستان ثم العدوان على العراق، فنجحت في وضع قواعد عسكرية في منطقة لم يكن فيها قواعد من قبل، وهي آسيا، فاقتربوا من بترول (بحر قزوين)، وتواجدوا بالقرب من دولتين كبيرتين هما الهند والصين، فضلاً عن اقترابهم من دولتين إسلاميتين ذات احتمالات نووية كبيرة هي باكستان وإيران.
ولاستكمال سيطرتهم على النفط بعد وجودهم بجوار بترول (بحر قزوين)، وإذا وضعنا في الاعتبار تدخلهم الواضح في بترول دول الخليج باستثناء العراق، كان لابد من المرحلة الثانية لهذه الحرب، وجاء الدور على العراق فكانت حربًا مبنية على أكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وإن أمريكا معنية بتغيير النظام العراقي الدكتاتوري وفرض الديمقراطية في الشرق الأوسط على غرار النموذج العراقي.

فشل ذريع

  • وهل نجحت الولايات المتحدة في تنفيذ مخططها؟
ما حدث حتى الآن عكس ما خططت له الولايات المتحدة الأمريكية، فالإدارة الأمريكية تعيش من جراء هذا الغزو مأزقًا كبيرًا لا يقل خطورة عن المأزق الفيتنامي، وليس أدل على ذلك من أنها تغيرت في موقفها الدول الأخرى في إعمار العراق بنسبة 180 درجةً، وأصبحت الآن تستجدي تدخل الأمم المتحدة، وبعض الدول الأخرى؛ حتى تمكنها من تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار في العراق، وذلك بعد أن كانت رافضةً تمامًا أي تدخل من الأمم المتحدة أو من أية دولة أخرى، بل كانت تعتبر مشاركة أية دولة في إعمار العراق بمثابة منحة لها على دعمها للولايات المتحدة في حربها ضد العراق.
وإلى جانب المأزق الأمريكي في العراق هناك مأزق آخر تواجهه الولايات المتحدة في أفغانستان بفعل المقاومة الأفغانية التي بدأت تُكبد الأمريكيين الخسائر.
إضافةً إلى ذلك، فإن كل هذه الأمور ليست بعيدةً عن القضية الفلسطينية التي تمر بأخطر مراحلها هذه الأيام بفعل الموقف الأمريكي الداعم للعدو الصهيوني والمتحيز للإدارة الشارونية التي اتخذت نفس خطوات الاحتلال الأمريكي، واستنسخت مفهوم الحرب على الإرهاب وطبقتها على الشعب الفلسطيني، وأعدت قائمةً للمطلوب اغتيالهم على غرار قائمة الأمريكيين في العراق، وضعت على رأسها الرئيس "عرفات" والشيخ "أحمد ياسين".
  • من المعروف أن الولايات المتحدة كانت حريصةً على ابتزاز الدول العربية، خاصةً دول الخليج لتمويل حربها ضد ما أسمته "الإرهاب"؛ فإلى أي مدى نفذ الأمريكيون هذا المخطط؟
الإدارة الأمريكية كانت تعتقد أن تكاليف الحرب على أفغانستان سيساهم في دفعها دول الخليج، وكانوا يخططون لتمويل الحرب على العراق من بترول الأخيرة، ولكن تخطيطهم لم ينجح حتى الآن، فالإدارة الأمريكية تعيش الآن مأزقًا اقتصاديًا، فتكاليفهم تقدر بنحو 100 مليار دولار، وفشلوا في إيجاد تمويل لحربهم، خاصةً وسط تصاعد حدة المقاومة العراقية التي لم تُمكن الاحتلال من الانفراد بالبترول؛ حيث نسمع من حين لآخر بضرب أنابيب البترول العراقية، فما تصورته أمريكا مكاسب انقلب إلى تكاليف بلغت شهريًّا نحو 4 مليارات دولار.

خسارة عربية

  • هناك من يرى أن العرب هم الأكثر خسارةً من تبعات أحداث 11 سبتمبر؛ حيث تواجد الأمريكيون في المنطقة بصورة مباشرة، وأصبحوا مصدر إذلال للشعوب والحكومات العربية أصابتهم جميعًا بالسلبية والتبعية؛ فما رأيكم؟
أنا أختلف معك، فلابد أن نفرق بين الأنظمة والشعوب، فالأولى بالفعل عاجزة عن فعل شيء، بل إن بعضهم كان مشاركًا بصورة أو بأخرى في العدوان على العراق؛ وهو الأمر الذي أدَّى إلى مزيدٍ من العجز ومزيد من الانبطاح والتبعية، إلا أن هذه الأنظمة بدأت- إلى حد ما- في أن تفيق من هذا الوضع، خاصةً بعد أن بدأت تدرك أن الوضع الطبيعي لأي بلد محتل هو المقاومة، خاصةً بعد أن تأكدنا من أن أمريكا يمكن مقاومتها, أما الشعوب فهي التي لم ولن تستسلم، فالصورة واضحة في أذهانها، حتى شعوب الدول التي تعاونت مع المحتل تؤمن تمامًا بأهمية المقاومة .
  • ألا ترون أن من الخسائر التي لحقت بنا من جراء الوجود الأمريكي المباشر في المنطقة هو مزيد من الديكتاتورية التي تُمارس من الأنظمة العربية ضد شعوبها؟
لا شك أن ما حدث في المنطقة العربية والإسلامية يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان العربي والمسلم، وهذا يرجع إلى هشاشة الأنظمة، وبُعدها عن الشعوب، خاصةً أن قوة أي نظام تستمد من الشعوب، ولن تأتي هذه القوة إلا بمصالحة حقيقية مع شعوبها تُمكنها من الخروج من الهجمة الشرسة من قِبَل الصليبية الجديدة والصهيونية العالمية, وفوق كل ذلك، فإن مخرج هذه الأمة هو العودة إلى هويتنا الإسلامية.
  • دعني أنقل لك رؤية مغايرة لما طرحتم حول فشل أمريكا في توظيف أحداث 11 سبتمبر؛ حيث هناك رؤية أخرى تقول: إن الولايات قد حققت بالفعل مكاسب عسكرية وسياسية؛ فما رأيكم؟
أمريكا قد تكون نجحت في إيجاد قواعد عسكرية جديدة في المنطقة، وقد تكون فرضت هيمنتها على العالم، إلا أن النزعة الإمبراطورية التي كانت ترمي إليها قد فشلت في تحقيقها. فضلاً عن ذلك، فإن قواتها لا تأمن على نفسها في المنطقة.
  • ما رأيكم في الرأي الذي يعتقد في أن التطلع الأمريكي السريع لبناء إمبراطورية قد يكون أحد عوامل تراجعها؟
'"ابن خلدون"' له نظرية في نشأة الدول وانهيارها؛ حيث يقول:
"إن الدول مثل الإنسان يولد طفلاً، ثم ينمو فيصبح شابًا، ثم مرحلة الفتوة، ثم الشيخوخة، ثم الكهولة والاندثار".
ولا شك أن هذا القانون يلحق بالحضارات، خاصةً التي لا قيم أو ثوابت لها مثل الحضارة الأمريكية التي لا قيم أو ثوابت تمكنها من البقاء، ولكن لا يمكننا أن نقول إنها ستنتهي في السنين القليلة القادمة، لكن بلا شك هناك عوامل ضعف في البنية السياسية الأمريكية.

المصدر