الـ4 سنوات من الانتفاضة في عيون د. الزهار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


تدخل انتفاضة الأقصى عامها الخامس في ظل متغيرات محلية ودوليه غاية في التعقيد، مع استمرار تصعيد العدوان الصهيوني لجرائمه، خصوصًا تجاه حركة (حماس), في الوقت الذي يُتوقع أن يشهد العام الخامس للانتفاضة منعطفًا مهمًّا، في ظل الحديث الصهيوني عن الانسحاب من قطاع غزة, والحوار الفلسطيني الداخلي المزمع عقده في القاهرة.

وحول هذه المحاور وغيرها تبرز العديد من التساؤلات بشأن موقف حركة (حماس) وإستراتيجيتها ورؤيتها المستقبلية، وهي ما يحاول الدكتور محمود الزهار- القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- الإجابةَ عليها، في حوار المركز الفلسطيني للإعلام مع فضيلته:

* انقضى العام الرابع من عمر انتفاضة الأقصى بإنجازاته وتضحياته، وهو العام الأقسى على حركة (حماس).. كيف تنظرون إلى عام مضى من الإنجازات والتضحيات؟!

    • إنَّ الإنجازات التي تحققت تاريخيةٌ, أولها قناعةُ العدو أن كسر إرادة المقاومة بات مستحيلاً, وأن أدوات الصراع تحقق أهدافها في الجانب المعادي على اقتصاده وروحه المعنوية، واستقراره وأمنه وحالات الفساد وتفكك المجتمع الصهيوني, والهجرة المعاكسة, وحالات الفرار من الخدمة في المناطق المحتلة، وعلى الجانب الآخر حمل معظم الشارع الفلسطيني روحَ المقاومة، وقدَّم خيرة أبنائه، وصمد صمودًا أسطوريًّا في وجه التدمير الشامل.. لقد صمدت المقاومة الفلسطينية حتى أشعرت المقاومة العراقية والأفغانية- وكلها روافع وطنية قومية مهمَّة- أن ثقافة المقاومة في المجتمع شملت الرغبة العارمة في الإصلاح عبر التغيير.

أما التضحيات فهي كبيرة، ولكن ليست هذه حالة شاذة في تاريخ الشعوب التي حررت أوطانها.. إنَّ حرية الوطن وحرية القدس هي أغلى من أي ثمن, خاصةً إذا كانت هذه التضحية استجابةً لله ولرسوله.

* البعض يرى أن حركة (حماس) دفعت الثمن الأكبر خلال العام الرابع؛ جرَّاء تصعيد الهجمة الصهيونية عليها.. إلى أي مدًى أثَّر ذلك عليكم بعد رحيل أبرز قيادات الحركة الشيخ الإمام أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي ؟!

    • هذا شرف عظيم.. (حماس) سجلت أكبر نسبة من الخسائر في صفوف العدو، وقدمت أكبر سجل تضحيات في نفس الوقت, ولكنها سجَّلت دعمًا شعبيًّا متناميًّا ومصداقيًّا على كل المستويات, وهذه لا تقدر بثمن, نلمسه في قوة التنظيم وسلامة تحركه، وازدياد الداخلين، وصمود المقاومين، وبروز قيادات ميدانية وسياسية وإعلامية أثبتت استفادتها من التجربة.

رحيل الإخوة الكبار لم يكن عبثًا؛ فقد مهَّد الأرض، وترك خلفه مَن لا يقيل ولا يستقيل، وأذكِّر بأن الأعداء- قبل غيرهم- شهدوا لـ(حماس) تماسكها واستمرارها.

* كان واضحًا أن الخط البياني خلال أعوام الانتفاضة يدل على أن مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني في تصاعد.. هل تعتقد أن هذا التصاعد استمر خلال العام الرابع وعلى أبواب العام الخامس أيضًا؟

    • الحقائق تقول بذلك, فإذا قلنا إن المقاومة بكل أشكالها صمدت نتيجة التعبئة النفسية والجهادية.. فكيف نفسر موقف الشارع الفلسطيني في دعمه لهذه الفصائل المقاومة بأبنائه.. خيرة أبنائه.. إما شهداء أو جرحى أو أسرى.. ولم يكل أو يضجر, ثم كيف واجه الشارع الفلسطيني تخريب كل مصادر رزقه على يد الإجرام الصهيوني.. هل هناك صوت واحد شذَّ من المواطنين العاديين عن الصبر والاحتساب, صحيح أن هناك جهات ترى أن المقاومة أضرت بجيوبها وبمستقبلها السياسي.. وهؤلاء لا يشكلون حيزًا من اهتمام المواطن المقاومة، إلا إذا أراد أن ينافق أو يركب موجة.

* هل كنتم تتوقعون أن تستمر انتفاضة الشعب الفلسطيني أربعة أعوام، وأن تتواصل في عامها الخامس؟!

** الانتفاضة في القاموس السياسي تشير إلى أن أحدًا لا يستطيع أن يقول متى تنتهي, وحركة (حماس) لم يكن يهمها متى تنتهي بقدر ما يهمها متى تحقق أهدافها.. لقد تم اختطاف الانتفاضة الأولى سرًّا إلى أوسلو، وكانت خطيئةً تاريخيةً, ثم تم تصحيحها في انتفاضة الأقصى.. السؤال المهم هو كيف نوصل الانتفاضة إلى محطة النصر؟!

* بعض قيادات جيش الاحتلال يرون بأن العام الخامس للانتفاضة سيكون عامًا تنحسر فيه المقاومة إلى درجة كبيرة، معتمدين في ذلك على خطة فك الارتباط، وهم بذلك يقصدون قطاع غزة على الأقل.. هل توافقون هذا الرأي؟

    • إذا انسحبوا من غزة فهذا نصر مؤكَّد، مهما حاول شارون تجميل طريقة الهروب, وهذا النموذج سيتم سحبه إلى كل منطقة محتلة، وسط آمال أكثر استفادةً من التجربة.. إن العالم من حولنا لن يتجمد للأبد لصالح الضعف والهوان.. كما أن قوة أمريكا- وبالتالي الكيان الصهيوني- لن تدوم إلى الأبد.. سنة الله سوف تجري هنا كما جرت في أماكن وأزمنة لا حصر لهل.
  • في أكثر من مناسبة وتوقيت اعتبر الكيان الصهيوني (حماس) عدوَّه الأول، والأمر خرج لحيِّز التنفيذ من خلال تركيز الاستهداف خصوصًا في قطاع غزة.. كيف تقيِّمون نتائج المواجهة بينكم وبين الاحتلال؟ خصوصًا وأنكم تستقبلون العام الخامس بتكثيف الضربات والاغتيالات ضد مجاهدي الحركة؟!
    • هذا شرف عظيم.. أن يعترف العدو عبر تكثيف اعتداءاته على (حماس) ومحيطها الشعبي العظيم، واعتبارها العدو الأول.. إن (حماس) لن تعترف بالكيان الغاصب تحت أي ظرف.. بمعنى أن جوهر الشرعية الوجودية في المنطقة تهدده (حماس).. هذه الحالة الشعورية سوف تستنهض يومًا ما جماهيرَ المسلمين ليأخذوا دورهم, ومن هنا يفهم العدو معنى العداوة المطلقة والمحاولات المحمومة للقضاء على (حماس), نحن نحمِّل أمريكا المسئولية, وأمريكا تعترف أن المواجهة الحضارية ستكلفها الكثير.. نحن عادلنا محاولات الاجتياحات بأن أسَرنا أشلاء دباباتهم وجرافاتهم.. إن حديد هذه الآليات يرقد بجوار أشلاء جنودهم، وقد دفنَّا معها كرامة الجيش الذي لا يقهر.

* رغم مرور أربعة أعوام من الاغتيالات، خصوصًا ضد مجاهدي (حماس)، إلا أنه لا يبدو أن شيئًا قد تغير بالنسبة لتكتيك الحركة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة.. ما ردكم على ذلك؟

    • هذا صحيح، نحن نسخِّر الآليات (التكتيك) خدمةً للهدف النهائي الكلي وهو التحرير، وصولاً إلى المطلق, وهو صراع طويل، والقضية لم تعُد توفر إرادة، بل هي إمكانات وظروف موضوعية؛ ولذلك كلما توفرت فرصةٌ لتحقيق الهدف كان العمل, ليست فقط في المواجهة العسكرية مع العدو ولكن برنامج (حماس) الدعوي والاجتماعي والثقافي الذي انسحب على كل شرائح المجتمع.. وتأمل فقط ما تسمعه في سيارات الأجرة.. ماذا في مسجِّلاتها وما ذوق الجمهور اليوم.. وغدًا سنرى موقف (حماس) من الانتخابات.. إنه برنامج شامل متكامل، وهو البرنامج الوحيد المتوفر للإصلاح عبر التغيير.

* ما رؤيتكم المستقبلية للانتفاضة في عامها الخامس؟

    • بدون أن نفرط في التفاؤل فإن المتوقَّع هو اندحار برنامج الهدم للخلف، وارتفاع مشروع البناء المقاومة.. إن اندحار الاحتلال عن القطاع سيفتح آفاقًا سياسيةً واقتصاديةً وأمنيةً جديدةً يجب أن تكون لصالح التحرير وليست في طريق الاسترخاء.. إن علينا أن نستمر في المقاومة, وأن نبني في نفس الوقت ما هدمه الاحتلال، وأن نصلح ذات البين عبر الانتخابات، وأن نضع قضية المعتقلين فوق جباهنا.. لن نكرر تجربة عام 1994 م؛ حيث ظنَّ البعض أن فرصة الاستجمام والتنزُّه والإثراء الفاحش وحماية الراقصات والساقطات والخونة وشرب الخمر.. وكل مفاسد البشر هي طبيعة المرحلة.. نحن لن نُلدغ من هذا الجحر مرةً أخرى إن شاء الله، فدرجة الوعي الجهادي في المجتمع أكبر من أن يتجاوزها أحد.

* بالنسبة لموضوع الانتخابات المحلية.. هل تعتقد أن السلطة بالفعل جادَّةٌ هذه المرة بإجراء الانتخابات، خصوصًا وأنكم وافقتم على المشاركة مبدئيًّا في انتخابات البلديات والمجالس المحلية؟!

    • نحن وافقنا على كل الانتخابات ولكن تحت السقف السياسي الذي نرضاه ولا يتناقض مع حقيقة أن كل فلسطين هي لكل المسلمين.. نحن ننظر بشك كبير لنوايا السلطة, لقد طالبنا مقابلة وزير الحكم المحلي منذ أكثر من شهر ولم يحدث, لنناقش معه أمورًا محددة, لقد وضعوا معظم لجان التسجيل من جهة واحدة, ويريدون أن يعدلوا القانون من أجل إضعاف أكثر للبلديات.. ولم تؤخذ اعتراضاتنا وبقية الفصائل الفلسطينية بالاعتبار, والسؤال هل سنقبل أن تصادر قناعات الشارع الفلسطيني, والحقيقة قلناها علنًا نحن بالوسائل المشروعة سنكون مع كل من يصحح مسيرة الانتخابات ولا يزورها أو يلغيها.

* في موضوع الحوار في القاهرة التقى وفد الحركة في الخارج أكثر من مرة القيادات المصرية.. على ماذا تتركز هذه اللقاءات وكيف تقيِّمونها؟!

    • اللقاءات إيجابية، وآلياتها إيجابية، بمعنى أنها تختصر الوقت في صلب المواضيع المطروحة؛ حتى تتم بلورة صورة توافق مقبولة.. والبعض يريدها حفلات استعراض.. مواقف وجمل.. وهذا ما حدث في بعض لقاءات سابقة.. المواضيع المطروحة معلنة.. كيفية التعامل مع الأرض الفلسطينية ومن عليها بعد الانسحاب المتوقع من القطاع, وبرامج المقاومة بعد هذا الانسحاب، ونحن قلنا ونقول رأينا بصراحة، وحتى الآن تسير الأمور بصورة إيجابية.

* هناك حديث في وسائل الإعلام حول ورقة مصرية تركز على خارطة الطريق ستُعرض عليكم، فإما أن تقبلوها كليًّا أو ترفضوها.. ما مدى دقة هذه المعلومات؟ وما هو طبيعة تعاطي الحركة مع مقترحات المصريين؟!

    • هذا غير صحيح.. خارطة الطريق رفضناها, ومصر لها رؤية إيجابية من خارطة الطريق, مصر تريد أن تخلق حالة دفع ذاتي لعملية الانسحاب من القطاع؛ لتستمر في مناطق الضفة المتبقية، وتؤمِّن حالة من الاستقرار؛ حتى تعلَن الدولة الفلسطينية وتحظى بتأييد دولي, وتحفَّظنا لأن هذه الخارطة ناقصةٌ كثيرًا من خطوط مطالبنا، وليس فيها قوةُ دفع، ونرى أن المقاومة الواعية المسئولة هي قوة الدفع، ونرى من قوة الدفع الإصلاح الداخلي، والاقتصاد القوي، والاتفاق على خطوات مرحلية دون القفز على النهائيات بالإمكانيات المتاحة اليوم.

المصدر : إخوان أون لاين