الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القضاء إذا استقل !!»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ١: سطر ١:
'''القضاء إذا استقل ..... بقلم / أ. فهمي هويدي'''
'''<center>القضاء إذا استقل</center>'''
 
 
''' بقلم: أ/[[فهمي هويدي]]'''
 
   
   
[[ملف:القضاء.jpg|إطار ]]
[[ملف:القضاء.jpg|إطار ]]
اشتهر آصف على زردارى فى التسعينيات بأنه «السيد عشرة فى المائة»، بعدما شاع عنه أنه يتلقى هذه النسبة من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الذين يقصدونه أملا فى الحصول على عقود تجارية وإبرام صفقات مع حكومة إسلام أباد.
اشتهر آصف على زردارى فى التسعينيات بأنه «السيد عشرة فى المائة»، بعدما شاع عنه أنه يتلقى هذه النسبة من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الذين يقصدونه أملا فى الحصول على عقود تجارية وإبرام صفقات مع حكومة إسلام أباد.


ذلك أن موقعه كزوج لرئيس الوزراء آنذاك بى نظير بوتو مكنه من أن يمارس نفوذا واسعا فى دوائر الحكومة، فذاع صيته وتضخمت ثروته. وبمضى الوقت فاحت رائحة فساده، الأمر الذى انتهى بإيداعه السجن حين تركت زوجته منصبها، حيث أمضى هناك أحد عشر.
ذلك أن موقعه كزوج لرئيس الوزراء آنذاك بى نظير بوتو مكنه من أن يمارس نفوذا واسعا فى دوائر الحكومة، فذاع صيته وتضخمت ثروته. وبمضى الوقت فاحت رائحة فساده، الأمر الذى انتهى بإيداعه السجن حين تركت زوجته منصبها، حيث أمضى هناك أحد عشر.


حين تمكن الجنرال برويز مشرف من السلطة فى عام ٢٠٠١ ورضخ للابتزاز والتهديدات الأمريكية التى أعقبت وقوع أحداث 11 سبتمبر، فإن سياساته أثارت قلق الأحزاب وإجراءاته التى انفرد بها أثارت حفيظة رجال القانون والقضاء.
حين تمكن الجنرال برويز مشرف من السلطة فى عام [[٢٠٠١]] ورضخ للابتزاز والتهديدات الأمريكية التى أعقبت وقوع أحداث 11 سبتمبر، فإن سياساته أثارت قلق الأحزاب وإجراءاته التى انفرد بها أثارت حفيظة رجال القانون والقضاء.


فما كان منه إلا أن قمع الأحزاب وأصدر أمره بعزل رئيس المحكمة العليا التى ألغت بعض قراراته، وحين أدى ذلك إلى إثارة الرأى العام ومورست ضده ضغوط داخلية وخارجية عدة لإجراء انتخابات عامة لإعادة الحياة السياسية المدنية إلى مجراها الطبيعى، فإنه لجأ إلى مصالحة السيدة بى نظير بوتو التى كانت قد غادرت البلاد وتوزعت إقامتها بين دبى ولندن، مفضلا عقد صفقة لتقاسم السلطة معها.
فما كان منه إلا أن قمع الأحزاب وأصدر أمره بعزل رئيس المحكمة العليا التى ألغت بعض قراراته، وحين أدى ذلك إلى إثارة الرأى العام ومورست ضده ضغوط داخلية وخارجية عدة لإجراء انتخابات عامة لإعادة الحياة السياسية المدنية إلى مجراها الطبيعى، فإنه لجأ إلى مصالحة السيدة بى نظير بوتو التى كانت قد غادرت البلاد وتوزعت إقامتها بين [[دبى]] ولندن، مفضلا عقد صفقة لتقاسم السلطة معها.


وكان من بين بنود الصفقة التى تمت عام 2007 اطلاق سراح زوجها المسجون على ذمة قضايا الفساد، من خلال إصدار قانون وصف بأنه لـ«المصالحة الوطنية»، الذى بمقتضاه تم العفو عن عدد كبير من المتهمين والمحكومين فى قضايا فساد (قيل إنهم 2500 وقيل مرة ثانية إنهم ثمانية آلاف)، وهؤلاء كانوا خليطا من السياسيين ورجال الأعمال.
وكان من بين بنود الصفقة التى تمت عام [[2007]] اطلاق سراح زوجها المسجون على ذمة قضايا الفساد، من خلال إصدار قانون وصف بأنه لـ«المصالحة الوطنية»، الذى بمقتضاه تم العفو عن عدد كبير من المتهمين والمحكومين فى قضايا فساد (قيل إنهم 2500 وقيل مرة ثانية إنهم ثمانية آلاف)، وهؤلاء كانوا خليطا من السياسيين ورجال الأعمال.


عادت بى نظير بوتو إلى إسلام أباد بعد ذلك العقد. واستأنفت نشاطها السياسى إعدادا لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها فى عام 2008. لكنها اغتيلت بعد أشهر قليلة من وصولها. فرأس حزب الشعب الذى كانت تقوده، زوجها آصف زردارى. وحين فاز الحزب بأغلبية الأصوات فإن الزوج أصبح رئيسا للجمهورية.
عادت بى نظير بوتو إلى إسلام أباد بعد ذلك العقد. واستأنفت نشاطها السياسى إعدادا لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها فى عام [[2008]]. لكنها اغتيلت بعد أشهر قليلة من وصولها. فرأس حزب الشعب الذى كانت تقوده، زوجها آصف زردارى. وحين فاز الحزب بأغلبية الأصوات فإن الزوج أصبح رئيسا للجمهورية.


كان ذلك مفاجئا للطبقة السياسية وللمثقفين الذين لم ينسوا سجل الرجل الحافل بالفساد، لكنهم رضخوا لنتائج الانتخابات الديمقراطية التى أدت إلى تراجع نفوذ العسكر فى القرار السياسى، وأسفرت عن تنشيط الحياة السياسية والمدنية. لكن زردارى «الرئيس» ظل يسوِّف فى إعادة رئيس المحكمة العليا القاضى افتخار محمد شودرى إلى منصبه.
كان ذلك مفاجئا للطبقة السياسية وللمثقفين الذين لم ينسوا سجل الرجل الحافل بالفساد، لكنهم رضخوا لنتائج الانتخابات الديمقراطية التى أدت إلى تراجع نفوذ العسكر فى القرار السياسى، وأسفرت عن تنشيط الحياة السياسية والمدنية. لكن زردارى «الرئيس» ظل يسوِّف فى إعادة رئيس المحكمة العليا القاضى افتخار محمد شودرى إلى منصبه.
سطر ٢٤: سطر ٢٩:
وفى اللحظة الراهنة لا يحول دون محاكمة زردارى سوى حصانة منصبه كرئيس للجمهورية، بعدما رفعت عنه الحصانة التى منحها إياه قانون المصالحة الوطنية. والضغوط تتزايد الآن لإجباره على الاستقالة بعدما انفتح ملف فضائحه وسوابقه.
وفى اللحظة الراهنة لا يحول دون محاكمة زردارى سوى حصانة منصبه كرئيس للجمهورية، بعدما رفعت عنه الحصانة التى منحها إياه قانون المصالحة الوطنية. والضغوط تتزايد الآن لإجباره على الاستقالة بعدما انفتح ملف فضائحه وسوابقه.


(للعلم فإن الرئيس زردارى متهم بتلقى رشاوى فى التسعينيات بقيمة ١.٥ مليار دولار، وبغسل أموال فى بنوك سويسرا قيمتها ٦٠ مليون دولار. ووزير الداخلية متهم بالاحتيال فى مسألة النفط مقابل الغذاء مع الرئيس العراقى صدام حسين بمبلغ ١٥٠ مليون دولار. ووزير ما وراء البحار يواجه ٢٣ تهمة، بينها خمس جرائم قتل).
(للعلم فإن الرئيس[[ زردارى]] متهم بتلقى رشاوى فى التسعينيات بقيمة ١.٥ مليار دولار، وبغسل أموال فى بنوك سويسرا قيمتها ٦٠ مليون دولار. ووزير الداخلية متهم بالاحتيال فى مسألة النفط مقابل الغذاء مع الرئيس العراقى [[صدام حسين]] بمبلغ ١٥٠ مليون دولار. ووزير ما وراء البحار يواجه ٢٣ تهمة، بينها خمس جرائم قتل).


أتابع المشهد فى باكستان يوما بعد يوم، مقدرا الجهد الذى تبذله المحكمة العليا وقضاتها المستقلون لمقاومة الفساد وتحدى رموزه مهما علا مقامهم. وفى متابعة ذلك المسلسل المثير استيعد باستمرار وقائع الحرب الشرسة التى استهدفت إقصاء ومحاصرة دعاة استقلال القضاء فى مصر. وأكاد ألمح الذين شنوا تلك الحرب وهم يقرأون صحف الصباح، ثم يتبادلون النظرات ذات المغزى، ويهنئون بعضهم بعضا على ما أنجزوه.
أتابع المشهد فى [[باكستان]] يوما بعد يوم، مقدرا الجهد الذى تبذله المحكمة العليا وقضاتها المستقلون لمقاومة الفساد وتحدى رموزه مهما علا مقامهم. وفى متابعة ذلك المسلسل المثير استيعد باستمرار وقائع الحرب الشرسة التى استهدفت إقصاء ومحاصرة دعاة استقلال القضاء فى [[مصر]]. وأكاد ألمح الذين شنوا تلك الحرب وهم يقرأون صحف الصباح، ثم يتبادلون النظرات ذات المغزى، ويهنئون بعضهم بعضا على ما أنجزوه.





المراجعة الحالية بتاريخ ١٣:٠٩، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٠

القضاء إذا استقل


بقلم: أ/فهمي هويدي


القضاء.jpg

اشتهر آصف على زردارى فى التسعينيات بأنه «السيد عشرة فى المائة»، بعدما شاع عنه أنه يتلقى هذه النسبة من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الذين يقصدونه أملا فى الحصول على عقود تجارية وإبرام صفقات مع حكومة إسلام أباد.

ذلك أن موقعه كزوج لرئيس الوزراء آنذاك بى نظير بوتو مكنه من أن يمارس نفوذا واسعا فى دوائر الحكومة، فذاع صيته وتضخمت ثروته. وبمضى الوقت فاحت رائحة فساده، الأمر الذى انتهى بإيداعه السجن حين تركت زوجته منصبها، حيث أمضى هناك أحد عشر.

حين تمكن الجنرال برويز مشرف من السلطة فى عام ٢٠٠١ ورضخ للابتزاز والتهديدات الأمريكية التى أعقبت وقوع أحداث 11 سبتمبر، فإن سياساته أثارت قلق الأحزاب وإجراءاته التى انفرد بها أثارت حفيظة رجال القانون والقضاء.

فما كان منه إلا أن قمع الأحزاب وأصدر أمره بعزل رئيس المحكمة العليا التى ألغت بعض قراراته، وحين أدى ذلك إلى إثارة الرأى العام ومورست ضده ضغوط داخلية وخارجية عدة لإجراء انتخابات عامة لإعادة الحياة السياسية المدنية إلى مجراها الطبيعى، فإنه لجأ إلى مصالحة السيدة بى نظير بوتو التى كانت قد غادرت البلاد وتوزعت إقامتها بين دبى ولندن، مفضلا عقد صفقة لتقاسم السلطة معها.

وكان من بين بنود الصفقة التى تمت عام 2007 اطلاق سراح زوجها المسجون على ذمة قضايا الفساد، من خلال إصدار قانون وصف بأنه لـ«المصالحة الوطنية»، الذى بمقتضاه تم العفو عن عدد كبير من المتهمين والمحكومين فى قضايا فساد (قيل إنهم 2500 وقيل مرة ثانية إنهم ثمانية آلاف)، وهؤلاء كانوا خليطا من السياسيين ورجال الأعمال.

عادت بى نظير بوتو إلى إسلام أباد بعد ذلك العقد. واستأنفت نشاطها السياسى إعدادا لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها فى عام 2008. لكنها اغتيلت بعد أشهر قليلة من وصولها. فرأس حزب الشعب الذى كانت تقوده، زوجها آصف زردارى. وحين فاز الحزب بأغلبية الأصوات فإن الزوج أصبح رئيسا للجمهورية.

كان ذلك مفاجئا للطبقة السياسية وللمثقفين الذين لم ينسوا سجل الرجل الحافل بالفساد، لكنهم رضخوا لنتائج الانتخابات الديمقراطية التى أدت إلى تراجع نفوذ العسكر فى القرار السياسى، وأسفرت عن تنشيط الحياة السياسية والمدنية. لكن زردارى «الرئيس» ظل يسوِّف فى إعادة رئيس المحكمة العليا القاضى افتخار محمد شودرى إلى منصبه.

إلا أنه اضطر للرضوخ فى النهاية أمام ضغوط رجال الهيئات القضائية والمحامين ومعهم منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية. ومنذ عاد إلى وظيفته، قاد الرجل حملة مكافحة الفساد الذى استشرى فى البلد. وشرع فى تجريد الرئيس زردارى صلاحياته، ثم عكف مع قضاة المحكمة العليا السبعة عشر على دراسة قانون المصالحة الوطنية سابق الذكر.

وقرر القضاة بالإجماع بطلان القانون وإلغاء كل الآثار المترتبة عليه، وأهمها العفو الذى شمل رموز الفساد جميعا، وعلى رأسهم «الرئيس» آصف زردارى، ووزيرا الداخلية والدفاع فى الحكومة الحالية.

فى الوقت ذاته فإن المحكمة العليا أصدرت أمرا بمنع 248 مسئولا من السفر إلى خارج البلاد (وزير الدفاع منع من السفر إلى الصين، ووزير الداخلية صدر أمر باعتقاله) وتلك مجرد بداية فقط لأن إلغاء العفو من شأنه أن يحرك قضايا ودعاوى لا حصر لها ضد الرئيس وأعوانه وغيرهم من الضالعين فى مختلف صور الفساد واستغلال السلطة.

وفى اللحظة الراهنة لا يحول دون محاكمة زردارى سوى حصانة منصبه كرئيس للجمهورية، بعدما رفعت عنه الحصانة التى منحها إياه قانون المصالحة الوطنية. والضغوط تتزايد الآن لإجباره على الاستقالة بعدما انفتح ملف فضائحه وسوابقه.

(للعلم فإن الرئيسزردارى متهم بتلقى رشاوى فى التسعينيات بقيمة ١.٥ مليار دولار، وبغسل أموال فى بنوك سويسرا قيمتها ٦٠ مليون دولار. ووزير الداخلية متهم بالاحتيال فى مسألة النفط مقابل الغذاء مع الرئيس العراقى صدام حسين بمبلغ ١٥٠ مليون دولار. ووزير ما وراء البحار يواجه ٢٣ تهمة، بينها خمس جرائم قتل).

أتابع المشهد فى باكستان يوما بعد يوم، مقدرا الجهد الذى تبذله المحكمة العليا وقضاتها المستقلون لمقاومة الفساد وتحدى رموزه مهما علا مقامهم. وفى متابعة ذلك المسلسل المثير استيعد باستمرار وقائع الحرب الشرسة التى استهدفت إقصاء ومحاصرة دعاة استقلال القضاء فى مصر. وأكاد ألمح الذين شنوا تلك الحرب وهم يقرأون صحف الصباح، ثم يتبادلون النظرات ذات المغزى، ويهنئون بعضهم بعضا على ما أنجزوه.


المصدر : إخوان اون لاين