القضاء على المقاومة الإسلامية أو التعايش معها أمران مستحيلان ...فما الحل ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
القضاء على المقاومة الإسلامية أو التعايش معها أمران مستحيلان ...فما الحل ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

من الواضح تماماً أن المقاومة الإسلامية التي فتحت جبهات عدة مع أعداء الله على اختلاف ألوانهم السياسية و الأيديولوجية لها خصائصها التي تجعلها متمايزة في كلّ شيء عن غيرها من حركات التحرّر في العالم ، و ذلك بما تملك من عقيدة راسخة ضاربة في أعماق التاريخ ، و رصيد حضاري لا يمكن تجاهل أثره في معادلة الصراع الدائر بين الأمة الإسلامية و أعدائها ، و فكر مستنير ، و مبادئ و قيم قادرة على إنقاذ البشرية من براثن الحضارة الغربية الفاسدة المفسدة ، كما أن المقاومة الإسلامية تعرف أعداءها جيداً الذين هم أعداء الله ، تعرف هويتهم ، و تعرف طبائعهم ، و تعرف أهدافهم ، و تعرف عمق عدائهم لهذه الأمة و لعقيدتها ، و تعرف خبثهم ، و تلوّنهم ، و كذبهم ، و خداعهم ، و تعرف نقاط الضعف و نقاط القوة لديهم ، و لذا فهي الأقدر على مواجهتهم و إلحاق الهزيمة بهم بلا منازع ، و ذلك لما تملكه من مقوّمات تجعلها غير قابلة للانهزام منها :

أولاً :

المقاومة الإسلامية تثق بوعد الله و نصره للمؤمنين المجاهدين في سبيله ، كما تثق بمعيّته لها ، و هذا يمنحها زاداً من الصبر يؤهّلها لمواصلة المقاومة حتى النهاية ، و بهذا تكون هي أقدر من أعدائها على تحمّل وعثاء الطريق .

ثانياً :

المقاومة الإسلامية لا تعتبر قتل فردٍ أو مجموعة من أفرادها خسارة تجعلها تعيد حساباتها ، فلسان حالها دائما يقول (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (التوبة:52) ، فقتلاها شهداء تحزَن على فراقهم و تفرح لفوزهم ، و لكن لا تنهزم بسبب استشهادهم.

ثالثاً :

كلما قدّمت المقاومة الإسلامية المزيد من الشهداء كلما ازداد رصيدها بين الجماهير العربية و الإسلامية ، و ازداد الإقبال عليها و الالتفاف حولها ، و ازداد الدعم الذي يقدّم لها سواء كان دعماً مادياً أو معنوياً ، و هذا يعني أنها بقدر ما تقدّم من تضحيات بقدر ما تزداد قوة ، و ما من شك أنها كلما ازدادت قوة كلما استعصت أكثر فأكثر على الكسر ، فلا تستطيع دولة على وجه الأرض مهما ملكت من عناصر القوة أن تقضي على حركة رصيدها الجماهير .

رابعاً :

المقاومة الإسلامية تعمل على تحقيق أهداف نبيلة سامية فهي تدافع عن حياض الأمة ، فأبناء المسلمين يعيشون ذلّ الاحتلال أو الاضطهاد في فلسطين و العراق و كشمير و الشيشان و الفلبين و غيرها من بقاع الأرض ، و ديار المسلمين مغتصبة ، و ثرواتها منهوبة ، و ما من شك أن الذي يقاوم من أجل تحقيق الحرية لشعبه و وطنه ، و من أجل حماية أبناء المسلمين و ثروات الأمة تهون عليه التضحيات الجسام ، و لا يعرف الانهزام أبداً ، لأنه يفضّل الموت مرة واحدة في ساحة الشرف على أن يموت ذلاً في كلّ لحظة تحت أقدام المحتلين الذين يسلبونه أرضه و كرامته و حاضره و مستقبله .

خامساً :

المقاومة الإسلامية أو الجهاد في سبيل الله فريضة من فرائض الإسلام ، فإذا ما اعتديَ على بلاد المسلمين يكون الجهاد في سبيل الله فرض عين على كلّ مسلم و مسلمة في البلد المعتدى عليه ، و ما من شك أن المؤمن يشعر بالراحة و الرضا عندما يؤدّي ما عليه من فرائض ابتغاء وجه الله ، و لذا فالمقاومة الإسلامية لا تعرف التعب و لا الكلل لأن ما تقوم به فريضة واجبة ، و لا أكون مبالغاً إن قلت إن المؤمن يشعر بالمتعة عندما يقوم بواجب الجهاد في سبيل الله ، و لا يعرف ذلك إلا من ذاق حلاوته .

سادساً :

المقاومة الإسلامية بما تملك من رصيد عقائدي لا تعرف الصفقات على حساب الحقوق المشروعة ، فهي لا تعرف الالتقاء في منتصف الطريق الممتدة بين الحقوق الإسلامية المشروعة و أهداف النزوات العدوانية لقوى الشر ، فالالتقاء في منتصف الطريق يعني التنازل عن حقوق إسلامية مشروعة لصالح أعداء الله ، و هذا يعني أن المقاومة الإسلامية لا تنهزم سياسياً أيضاً ، و هذا يضع العدو أمام معادلة جادة و واضحة إما إعطاء الأمة حقوقها كاملة ، أو استمرار المواجهة و الاستنزاف الذي لن يتوقّف ، و استقرار هذه المعادلة في وجدان العدو يجعله أقرب للانهزام منه للثبات .

سابعاً :

لقد أثبتت التجارب المتكرّرة في أكثر من مكان أن محاولة الالتفاف على المقاومة الإسلامية ، أو محاولة قطع الطريق عليها بخلق بدائل تقبل بتنازلات خطيرة على حساب الحقوق المشروعة لن يكتب لها النجاح ، فالمقاومة الإسلامية بما تملك من وعي ، و بما تشكّل من بؤرة استقطاب جماهيرية ، قادرة على إفشال كلّ محاولات الأعداء في خلق بدائل قادرة على قطع الطريق عليها .

ثامناً :

كما أن المقاومة الإسلامية ليست جيشاً نظامياً ، فأعداء الأمة بما يملكون من أسلحة ، و من جيوش معدة إعداداً جيّداً قادرون على إلحاق الهزيمة بأيّ من جيوشنا العربية و الإسلامية في وضعها البائس الحالي ، أما المقاومة الإسلامية فهي أمر مختلف لأنها لا تحتاج إلى قواعد ثابتة ، فلا تشكّل أهدافاً سهلة لأعدائها ، و هذا بطبيعة الحال يحيّد معظم قوة العدو التي يمكن أن يستخدمها ضد جيش نظامي مما يعزّز قدرة المقاومة الإسلامية على الصمود و الاستمرار .
هذه هي أهم المقوّمات التي تملكها المقاومة الإسلامية و التي تجعل منها قوة لا تعرف الهزيمة ، و عندما نقول إن المقاومة الإسلامية لا تعرف الهزيمة فهذا يخلق واقعاً صعباً أمام قوى الشر و العدوان ، الذين يعيشون على العدوان و سفك الدماء و نهب خيرات الشعوب المستضعفة ، لأن المقاومة الإسلامية ستضعهم في موقفٍ حرج جداً ، فهم لا يستطيعون القضاء على المقاومة و لا يستطيعون التعايش معها .
فها هي أمريكا تتجرّع العلقم في العراق و أفغانستان ، تدفع ثمناً باهظاً لعدوانها ، فقتلاها و جرحاها بالمئات إن لم يكونوا بالآلاف ، و خسائرها المادية بمئات المليارات من الدولارات ، و خسائرها المعنوية حدّث عنها و لا حرج ، فقد اعترفت أمريكا أن هناك أعداداً متزايدة من جنودها و ضباطها يفضّلون الانتحار بسبب انخفاض روحهم المعنوية على الاستمرار في مواجهة المقاومة العراقية ، و أقرّت أن قتلى الانتحار يشكّلون 10 % من قتلاها في العراق ، كما أن استطلاعات الرأي تثبت أن أكثر من 50 % من الجيش الأمريكي في العراق يعانون من انخفاضٍ شديد في المعنويات ، و أخيراً أقرّ وزير خارجية أمريكا "كولن باول" أن حكومته لم تكن تتوقّع مقاومةً بهذا الحجم و قابلة للاستمرار حتى يومنا هذا .
وأما في فلسطين فضربات المقاومة زعزعت ثقة الجندي اليهودي الصهيوني بنفسه و بقادته ، ففي "عين يبرود" تمكّنت كتائب القسام من قتل الجنود الصهاينة دون أن يحرّكوا ساكناً ، أو يدافعوا عن أنفسهم و قد جرّدتهم من أسلحتهم بعد قتلهم ، كما تمكّنت في عملية مشتركة مع سرايا القدس من قتل جنود العدو الصهيوني في موقعهم المتحصّنين فيه ، رغم تفوّق العدو في العدد و العتاد و الموقع الحصين ، و ما من شك أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين أصبح مكلِفاً جداً و عبئاً ثقيلاً على المحتلين بسبب المقاومة الإسلامية التي لا تعرف التراجع ، و لا تعرف الانهزام ، و لا تقبل بالمساومة على حساب الحقوق الوطنية المشروعة .
و الإرهاب الذي مارسته العصابات الصهيونية ضد المقاومة الإسلامية في فلسطين لم تمارسه أي قوة إرهابية في العالم من قبل ، إلا أن المقاومة الإسلامية تواصلت و لم ترفع راية بيضاء و لن تفعل ذلك ، و أصبح أسطورة الإرهاب في العالم "شارون" في موقف صعب جداً فهو لا يستطيع القضاء على المقاومة الإسلامية كما وعد و لا يستطيع التعايش معها .
و نفس الشيء يمكن أن يقال عن المقاومة الإسلامية في الشيشان ضد الاحتلال الروسي ، و عن المقاومة في كشمير ضد العدوان و الظلم الهندي ، و عن المقاومة في الفلبين ضد الحكومة العنصرية التي تضطهد المسلمين في الفلبين و تسلبهم حقوقهم .

و يبقى السؤال المشروع :

إذا كان العدو المحتل لا يستطيع القضاء على المقاومة أو التعايش معها ..

فما الحل ؟

و لا أرى إلا حلاً واحداً و هو هروب القتلة و خروجهم من أرض المسلمين ، و توقّفهم عن ممارسة الإرهاب ضد المسلمين ، فهل يدرك ذلك أعداء الله قبل فوات الأوان ؟

المصدر