القيادات الطلابية في السبعينات كشف حساب خمسين عاما (2/2)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
القيادات الطلابية في السبعينات .. كشف حساب خمسين عاما (2/2)


المقدمة

ذكرنا ان قادة الحركة الطلابية في السبعينات قد تفرقت بهم السبل الى أربعة اتجاهات:

  1. من انضم للإخوان المسلمين ، ومثل هؤلاء الأغلبية
  2. من شكل (الدعوة السلفية) ، مبتعدا عن الإخوان
  3. من شكل (الجماعة الإسلامية) ، مبتعدا كذلك عن الإخوان

وذكرنا كذلك ان سياسة السلطة في عهدى السادات ومبارك ، كانت اما الاحتواء واما التوريط ، وان هذه الاتجاهات الأربعة تفاوتت حظوظها من الانتشار في الشارع المصرى ، وقدرتها على ان تكون بديل للسلطة القائمة .

فبينما كان رموز العمل الطلابى في السبعينات ينخرطون في العمل الدعوى (الدعوة السلفية) ، او العمل السياسى (اليساريون) ، او المواجهات المسلحة مع الدولة (الجماعة الإسلامية) . كان الإخوان المسلمون يدفعون بقيادات العمل الطلابى في السبعينات والذين انضموا اليهم ، الى ساحات ارحب واوسع من العمل المجتمعى وصولا الى العمل النقابى ثم العمل السياسى ..

شباب اليسار في السبعينات .. تشتت وسقوط

كانت الحركة الطلابية تحت سيطرة التيار اليسارى بالكامل طوال فترة عبد الناصر ، وكانت اشبه بدكان سياسة وظيفته تعبوية بالدرجة الأولى لصالح تبرير سياسات عبد الناصر ، لكن الثقة في عبد الناصر ومن ثم في مؤيديه انهارت سريعا بعد هزيمة 67 وظهر ذلك في مظاهرات الطلبة في عام 1968 ، لتبدأ بعدها الحركة الطلابية عهدا جديدا .. فالحرية التي جاء بها السادات اوجدا منافسا صعبا امام اليسار ..

وكان من ابرز طلاب اليسار في السبعينات ممن جمعتهم منظمة الشباب الاشتراكى وتربوا في معهد اعداد القادة بحلوان او كان من المنتمين للتيار الماركسى :

  1. احمد عبد الله رزة: القيادى الماركسى المعروف ..
  2. ممدوح حمزة: والذى كان رئيسًا لاتحاد طلاب كلية الهندسة عام 1969 ، وكان احد قادة اعتصام كلية الهندسة عقب هزيمة 1967 .
  3. حمدين صباحى: بدأ عضوا في (منظمة الشباب الاشتراكى)
  4. احمد بهاء الدين شعبان: القيادى الماركسى الذى شغل منصب أمين (نادى الفكر الاشتراكى) المنظمة الديمقراطية التقدمية التى تشكلت فى الجامعة عام 1976 ..
  5. محمد السعيد ادريس : رئيس اتحاد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من قادة "منظمة الشباب الاشتراكي" .. ساعد في تهيئة "معهد إعداد القادة" بحلوان
  6. عبد الله السناوي: كان هو المسئول عن كتابة وصياغة أفكار ومشروعات (نادى الفكر الناصرى) بجامعة القاهرة النظرية والعملية ..
  7. كمال أبو عيطة: وهو الذى تولى مهمة التواصل مع الشارع ، والتحرك الجماهيري والعمل الميداني ..
  8. جمال فهمى: وهو من رموز العمل الطلابي بالجامعة في منتصف سبعينيات

معارضة صاخبة .. لكنها ضعيفة

بموت عبد الناصر ومشروعه عام 67 ومجئ السادات بسياسات مختلفة تماما عن سابقه ، بدأت اليسار وطلابه يخوضون معركة جديدة مع السلطة ..

معركة اليسار

وصل اليسار الى قناعة ان السادات يصفى الاشتراكية ، خاصة عندما اخذ السادات قرارا بتصفية الوجود السوفيتى في مصر والذى بدأ بابعاد (الخبراء) السوفيت من مصر، وعليه فقد بدأ اليسار (الصحفيين والكتاب وطلبة الجامعة واتجاهات فى النقابات المهنية والاتحاد الاشتراكى ومجلس الامة) في التكتل ضده في محاولة لافشاله وارباكه .

وبدأت أولى تلك المواجهات في 1972 ضد قرارات الإصلاح الاقتصادى (عبد المنعم القيسونى) وثانى تلك المواجهات في 1977 ، والتي بدأت عفوية بين العمال والطلاب أولا ، لكنها سرعان ماتحولت الى شغب وتحطيم بفعل اندساس اليساريين فيها ومحاولة توجيهها لخدمة مخططاتهم ضد السادات الذين انزلهم من عرشهم ..

الشباب وقود المعركة

وكان الشباب اليسارى بانواعه المختلفة هم وقود المعركتين ، فاُستنفذت طاقة الشباب اليسارى في الصدام مع السادات ، على حين استفاد الإخوان من الطاقة الجديدة التي أضيفت لهم من شباب السبعينات في اكتساب مساحة جديدة لهم داخل المجتمع المصرى

وهكذا انشغل جيل السبعينات من اليساريين في المعارك الداخلية بينهم وبين انفسهم حول قيادة اليسار او التيار الناصرى ، او فى معارك مع السادات من اجل الحفاظ على النفوذ الذى ورثوه من عبد الناصر قبل موته ، مما جعلهم عاجزين عن تحقيق التحام فعلي بالجماهير ، ومن ثم لم يستطع اليساريون ان يشكلوا في اى وقت من الأوقات بديلا للنظام الذين كانوا ينتقدونه صباح مساء !

المعركة مع مبارك

ولم يستطع رفاق السبعينات ان يصنعوا لانفسهم تيارا وطنيا مستقلا يقدمون من خلاله للمصريين ما يقنعهم بانتخابهم ، ولم يستطيعوا كذلك ان يقتحموا المجتمع المهنى من خلال الانتخابات النقابية ، اذ استأثر بها طلاب السبعينات من الإخوان ..

وعلى مستوى العمل الحزبى ، عانى اليسار كله من حالة التفرق ، وعلى سببيل المثال ، عندما ظهر "الحزب العربي الديمقراطي الناصري" في 1992 برئاسة الراحل ضياء الدين داود ، فاشترط حمدين صباحي من البداية أن يكون أمينا عاما للحزب الجديد !.. ولما لم يتحقق طلبه قاد أول انشقاق في الحزب الوليد ، وعلى خطاه سار مصطفى بكري ، وانشق هو الآخر لأن الاختيار لم يقع عليه رئيسا لتحرير صحيفة نفس الحزب ، فغلبت النجومية على العمل الوطني !! (1)

وذلك على عكس شباب السبعينات الذين انضموا لجماعة الإخوان المسلمين والذين صار بعضهم أعضاء مكتب ارشاد اكبر جماعة إسلامية في العالم ، بقى شباب يسار السبعينات مشتتين ومتفرقين طوال خمسين عام !!

التمايز بين الإخوان واليسار

فعلى عكس الإخوان المسلمون ، انكفأ اليسار (الشيوعيون والناصريون) على انفسهم ! دون ان يقدموا شيئا ملموسا للناس ! فكانت النتيجة الطبيعية ان يبتعد عنهم الناس سواء في الانضمام اليهم او في انتخابهم في النقابات المهنية و مجلس الشعب ! وهكذا فشلت قيادات ورموز طلاب السبعينات ممن انتموا الى اليسار ان يحوزوا رضا الشارع المصرى او ان يكونوا بديلا للنظام في مصر !!

فبينما كانت أسماء مثل عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان وحلمي الجزار وجمال حشمت وعصام حشيش وأبو العلا ماضي وغيرهم كثير تملأ فضاءات العمل النقابى ثم العمل السياسى .. كانت أسماء قيادات العمل الطلابى اليسارى في السبعينات (شيوعيين وناصريين)

تخبو ولا يكاد يسمع بهم احد مثل ممدوح حمزة (والذى ظهر فقط مع مقدمات ثورة يناير وما بعدها) وشعبان بهاء الدين و احمد عبد الله رزة ... وأسماء أخرى ظهرت فقط في العمل السياسى مثل حمدين صباحى او النقابى مثل سامح عاشور ... الى ان جاءت ثورة يناير لتعطى الجميع فرصة جديدة ونادرة .

الثورة .. حضور باهت ومشتت

قامت ثورة يناير ولهذه القيادات حضور باهت ولاحق على حركة الشباب والشارع ، اذ كانت الساحة تكاد تكون حكرا على الإخوان المسلمين الذين قاموا بحراسة الميدان وحمايته .

وكانت حصة الناصريين وباقى اليسار من أصوات المصريين في كل الانتخابات التي جرت بعد الثورة متواضعة جدا ، كشأنهم دوما في كل الانتخابات التي أجريت بعد موت عبد الناصر وسقوط نظامه . وهذا كان انعكاسا طبيعيا لحالة الشارع المصرى ، والذى اصطف دوما لصالح الإخوان المسلمون سواء في النقابات المهنية او في انتخابات مجلس الشعب أيام مبارك .

وفى فترة الرئيس محمد مرسي ، كانت لهذه القيادات دوراً أساسيا في تشكيل جبهة الإنقاذ بالتعاون مع الوفد ، وهى التي استخدمها السيسى غطاء مدنيا للانقلاب على الرئيس المدنى المنتخب محمد مرسي ..

الانقلاب .. السقوط المدوى

وكانت تلك القيادات نفسها مع عامة التيار اليسارى مؤيدة للانقلاب العسكري يوم 3 يوليو 2013 على الدولة المدنية !! وبطبيعة الحال اعطاهم الانقلاب بعضاً من المنافع ، قبل ان ينقلب عليهم لاحقا كشأن كل الانقلابات في التاريخ ..

أسماء برزت :

وكانت هذه هي اهم مواقف تلك القيادات:

  1. احمد عبد الله رزة: القيادى الطلابى الماركسى المعروف (اختفى لاحقا من العمل العام ، دون معرفة أسباب !)
  2. ممدوح حمزة: والذى كان رئيسًا لاتحاد طلاب كلية الهندسة عام 1969 ، وكان احد قادة اعتصام كلية الهندسة عقب هزيمة 1967 . لكنه اشتهر بعد الثورة بمشهد في برنامج لهانى رمزى ، دخل فيه الاستديو في صحبة خروف سخرية من الرئيس محمد مرسي ومن جماعة الإخوان ! وذلك اثناء حكم الرئيس محمد مرسي (2) لكنه أيد انقلاب 2013 ! وقَبِل ان يكون معارضاً تحت سقفه ! لا رافضاً له ! بل انه شكل جبهة أسماها (التضامن من أجل التغيير) لتحديد الموقف من انتخابات رئاسة الانقلاب في 2018 ! (3)
  3. حمدين صباحى: عضو سابق في (منظمة الشباب الاشتراكى) .. لكنه بعد انقلاب 2013 قَبِل بعد انقلاب ان يكون (كومبارس) لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى ، فترشح امامه ليحصل على ٪17 مما حصل عليه في انتخابات 2012 ! وكان الثالث بين 13 مرشحا ! والغريب انه صرّح في مؤتمر صحفى بعد خسارته بقوله (اعتز انني مع شركاء وحملة متفانية افخر بها ، قدمنا فرصة الاختيار لشعب قادر على الاختيار والان اتت اللحظة التي اقول فيها لشعبنا العظيم انني احترم اختياره واقر بخسارتي في هذه الانتخابات) (4) قَبِل هذا وهو يعلم كما الجميع انها مسرحية من قِبَل قائد الانقلاب لاسباغ الشرعية علي انقلابه !!
  4. احمد بهاء الدين شعبان : أمين (نادى الفكر الاشتراكى) عام 1976 .. كان اثناء سنة الرئيس محمد مرسي عضو (الأمانة العامة لجبهة الإنقاذ الوطنى) . لكنه بعد الانقلاب أيّد الانقلاب ، ثم رضى ان يشغل منصب مقرر لجنة ثقافة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة ! (5)
  5. محمد السعيد ادريس: احد قياديى "منظمة الشباب الاشتراكي" .. (باحث بمركز دراسات "الأهرام" وبرلماني سابق وقيادي بحزب الكرامة والمجلس الوطني المصري) ، لكنه بعد الانقلاب في برنامج (مصر تنتخب الرئيس) والمذاع علي فضائية " CBC اكسترا " مع ضياء رشوان قال (أن المشير عبد الفتاح السيسي يقدر ويحترم نضال وشخصية حمدين صباحي وفوز أي منهما مكسب لـ مصر) !! (6)
  6. عبد الله السناوي: القيادى السابق فى (نادى الفكر الناصرى) بجامعة القاهرة النظرية والعملية (رئيس سابق لتحرير صحيفة العربي المصرية) . لكن بعد الانقلاب والذى كان احد مؤيديه كعامة التيار اليسارى ، عندما ظهرت اول تسريبات نشرتها شبكة رصد عن حوار بين قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى مع رئيس تحرير المصرى اليوم ياسر رزق ، ألمح فيها السيسى لعزمه خوض انتخابات الرئاسة ، قال عبد الله السناوى مبررا (أن التسريبات سطو على الملكية الفكرية لصحيفة المصري اليوم، وتجب معاقبة من قام بها بغض النظر عن صحتها من عدمها.) ! وتحول بعدها الى احد مثقفى السيسى ! (7)
  7. كمال أبو عيطة : النقابى العمالى السابق (تم تعيينه وزيرا للقوى العاملة في اول حكومة بعد الانقلاب حكومة حازم الببلاوى) !! بل وصل الامر به الى السفر لامريكا تأييدا لقائد الانقلاب عندما ذهب هناك لحضور دورة الأمم المتحدة 69 ، وقال كمال أبو عيطة عن زيارته تلك : (ان ميادين الثورة انتقلت لامريكا) !! (8)
  8. جمال فهمى : وهو احد الناشطين في اليسار المصرى منتصف السبعينات . لكنه بعد الانقلاب كعامة تيار اليسار المصرى كان مؤيدا للانقلاب ، ومثلما فعل زميله عبد الله السناوى ، عندما ظهرت تسريبات شبكة رصد والتي تبين نية السيسى لخوض الانتخابات الرئاسية ، قال (شبكة رصد تابعة للإخوان المسلمين وتهدف إلى تشويه صورة السيسي وصرف الناس عنه ، لكنها لن تفلح في ذلك ، لأن شعبيته تفوق ذلك ، وأن هذه التسريبات لا تعدو كونها فبركة إلكترونية باستخدام المونتاج الصوتي وتركيب الجمل والمقاطع التي تحقق هدف التشويه) (9)

شباب السبعينات في الإخوان .. تقدم وصعود

أمّا قيادات العمل الطلابى في السبعينات الذين انضموا الى جماعة الإخوان المسلمين ، فقد كان مسارهم طوال خمسين عاما مختلف عن نظرائهم سواء في اليسار او في الجماعة الإسلامية او فى الدعوة السلفية

وكان من أبرزهم :

  1. خيرت الشاطر: احد قادة مظاهرات 1968 ، واحد قادة اعتصام كلية الهندسة جامعة الإسكندرية ، وصار بعد ذلك نائب للمرشد العام للإخوان المسلمين .
  2. عبد المنعم أبو الفتوح: انتخب رئيساً لاتحاد طلاب جامعة القاهرة في العام 75/1976 ، ثم صار بعد ذلك الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب ومدير عام المستشفيات بالجمعية الطبية الإسلامية وكان عضوا سابقا بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في مصر حتى شهر مارس 2011 .
  3. عصام العريان: احد قيادات العمل الطلابى في السبعينات ، وكان اصغر نائب لمجلس الشعب المصري سنة 1987 ، وانتخب مرة أخرى عام 2012 ، وهو عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر ورئيس المكتب السياسي فيها .
  4. حلمي الجزار: هو احد قيادات الحركة الطلابية في السبعينات ، حيث كان أميراً للجماعة الإسلامية ، وصار بعد ذلك عضو مجلس الشوري العام لجماعة الإخوان المسلمين ، كما كان أمينًا عامًّا "ل[[حزب الحرية والعدالة" بالجيزة
  5. محي الدين الزايط: احد قيادات العمل الطلابى في السبعينات بجامعة عين شمس ، وصار بعد ذلك عضو شورى جماعة الإخوان المسلمين

الإخوان .. طوق النجاة

كان انضمام شباب الجماعة الإسلامية بالسبعينات الى الإخوان المسلمين بمثابة تحدى لقيادات جماعة الإخوان المسلمين الخارجين لتوهم من السجون في بداية السبعينات . فكان الشباب تواق الى من يعبر عنه ويأخذ بيده الى حياة جديدة لم يعهدها ، يملك الحماسة لكن لايملك رؤية او خبرة بالاعيب السلطة في احتواء وترويض من يعارضها .

كان الوحيد في الساحة الذى يمتلك تلك الخبرة هى جماعة الإخوان المسلمين ، فكان انضمام الجزء الأكبر من شباب السبعينات للاخوان هو طوق نجاة للشباب من الوقوع في براثن النظام والخضوع للاعيبه ..

فتركز جهد الإخوان المسلمين في البداية على جذب الشباب الى المنهج الوسطى المعتدل ، وبدأ ذلك الجهد الإخوان غير المنتمين تنظيميا مثل العلماء (الشيخ محمد الغزالي والشيخ القرضاوي والشيخ سيد سابق) وكذلك أساتذة الجامعات المنتمين الى الإخوان والذين لم يكن الامن على علم بهم ثم تبع ذلك في مرحلة تالية ، استثمار طاقات هؤلاء الشباب بتوجيههم الى العمل المجتمعى في الاحياء ، ثم العمل النقابى في النقابات المهنية

معارضة بنّاءة .. إحياء وتجديد

فعلى عكس ما فعل اليساريون والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية (التيار الجهادى) ، اتجه الإخوان المسلمون بقوة وتخطيط الى ميدان العمل العام بكافة اشكاله ..

1. العمل العام المجتمعى:

قام الإخوان المسلمون بالدفع بقيادات العمل الطلابى في السبعينات لان يكونوا نجوم المجتمع المصرى طوال خمسين عام ، سواء في العمل المجتمعى او العمل السياسى .

فبالإضافة الى اهتمام الإخوان الواسع بالعمل الخيرى ، كانت الإضافة الأبرز والتي تفردت بها جماعة الإخوان المسلمين على جميع فصائل العمل السياسى هي التوجه المتميز نحو العمل الصحى ، فقامت جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس (الجمعية الطبية الإسلامية) في عام 1977 على يد الدكتور أحمد الملط

وهو من القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين ، وكان من ابرز الوجوه التي شاركت في ادارتها هم قيادات العمل الطلابى في السبعينات الدكتور عصام العريان ، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، والدكتور حلمي الجزار ، والدكتور عبد الناصر صقر ..

بلغ عدد المصريين المستفيدين من خدمات مستشفيات وعيادات الجمعية الطبية الإسلامية حوالى مليون مصري ، وفي 2013 كانت المؤسسة تدير 22 مستشفى و7 مراكز طبية متخصصة (أربعة مراكز غسيل كلى، ومركز لطب العيون، ومركز للخصوبة، ومركز لذوي الاحتياجات الخاصة) (10)

احداث الفتنة الطائفية 1981 : ثم تقدم الإخوان المسلمون بطلاب السبعينات خطوة كبيرة الى الامام ، فعندما اندلعت احداث الفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء في عام 1981 ، والتي مالبثت ان امتدت الى الصعيد .. وتهيأ الوضع لاشتعال الحريق في كل مصر ..

هرع الى المكان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ عمر التلمساني واصطحب معه احد قيادات السبعينات عبد المنعم أبو الفتوح ..كما ذهب حلمي الجزار (احد قيادات السبعينات) الى الى المنيا للافراج عن شباب قبطى احتجزهم شباب مسلم على اثر ماحدث في شمال القاهرة .. (11)

ذلك في الوقت الذى غابت فيه بقية التيارات الثلاثة الأخرى التي شكلت قيادات العمل الطلابى في السبعينات ، سواء الدعوة السلفية او الجماعة الإسلامية او اليسار بانواعه المختلفة !!

2. العمل النقابى:

ثم قفز الإخوان بجيل السبعينات قفزة كبيرة عجز رفاقهم اليساريين عن تحقيقها ، بل لم تكن في مخيلتهم أساسا ! وكان فرسان تلك المرحلة هم عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان وأبو العلا ماضى وغيرهم من قيادات العمل الطلابى في السبعينات ممن انضموا الى الإخوان المسلمين ..

أما خبرتهم العظمى في الديمقراطية فهي التي اكتسبوها من العمل النقابي ونجاحهم المنقطع النظير فيه ، فساهموا بصورة رئيسية في تحرير النقابات من نكستها التاريخية بعد انقلاب 1952 الذي صارت به اداة للدولة ، ففازت الجماعة عام 1986 بأغلبية المقاعد في نقابة الأطباء وتركت قاصدة خمسة مقاعد لغيرها ، ونالت 54 مقعدا من 67 في نقابة المهندسين .

وتوجت نجاحاتها النقابية عام 1992 بنزع نقابة المحامين من بين أيدي الليبرويساريين، وترافق ذلك مع نجاحات في انتخابات أندية هيئة تدريس الجامعات وقد اكسبت تلك الفترة جيل السبعينات خبرة كبيرة في العمل العام ، واكسبتهم كذلك ثقة اكبر من القطاعات المهنية والتي تمثل حجر الزاوية في اى عملية تغيير ، اذ كانوا يمثلون في عمومهم الطبقة المتوسطة ..

بل استطاع الإخوان يعززوا خبراتهم في العمل الديمقراطى ، عندما اعترف لهم خصومهم بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية التي تمت تحت اشراف الإخوان المسلمين ، ففي انتخابات نقابة البيطريين عام 1990 خسر الإخوان المسلمون مقاعد النقابة لصالح خصومهم ، وكانت تلك الانتخابات تتم تحت اشرافهم ..

وأظهرت الكوادر الإخوانية النقابية مهارة عالية في الارتباط بقضايا المهنيين والشعب عامة ، كما أسفرت عن تفنن كبير في خدمات عضوية النقابات مثل عقد دورات متقدمة للراغبين في الترقي في المهنة ، وتوفير بوليصة تأمين حياة وطوارئ ، وتوفير قروض حسنة للمُقدِم على الزواج أو البدء في تجارة ، وشراء سلع مثل الأثاثات بأقساط مريحة .

كما تنادت مع طيف واسع في المجتمع المدني إلى مشروعات فكرية مثل مؤتمر العطالة في مصر (1989)، ومؤتمر التنمية والحرية (1990)، وندوة عن الإرهاب (1992)، ولقاء "مصريون ضد التعذيب" الذي ألغته الدولة . (12)

فكانت النقابات ساحة تفوق فيها طلاب السبعينات الذين التحقوا بجماعة الإخوان ، عن رفاقهم الذين التحقوا بالجماعات الإسلامية الأخرى او باليسار

3. العمل السياسى :

وقد ذكر كتاب (الإخوان المسلمون .. تطور حركة إسلامية) لمؤلفته كري ويكهام أستاذة العلوم السياسية بجامعة إيموري الأميركية والصادر في عام 2013 في عهد الرئيس أوباما ، كيف ان الإخوان المسلمون نجحوا بان يحولوا جيل السبعينات من (أمير جماعة) في السبعينات الى قادة العمل النقابى في الثمانينات والتسعينات . (13)

لم يكتف الإخوان في هذا الطور بالمطالبة بتطبيق شرع الله ، فكسبوا في سبيل الله أرضا جديدة وجمهورا ، فترشحوا لمجلس الشعب متحالفين مع حزب الوفد عام 1984 ، ومع الاشتراكي الثوري عام 1987 ، واقتربوا خلال هذه المرحلة البرلمانية من قضايا مجتمعية مثل: تحسين التعليم ، ونقص الإسكان ، والصرف الصحي ، أكسبتهم مهارة برلمانية لم تكن لديهم ، ووقفوا ضد قانون الطوارئ مما نمى ذوقهم للحريات العامة حتى تآخى عندهم قيام الدولة المسلمة والحرية

في الثورة .. طليعة الميدان

ومع قيام الثورة كان جيل السبعينات من الإخوان مع شيوخ الإخوان ، هم قادة الحراك وحماته ، فالدكتور عصام العريان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح كانوا أعضاء مكتب الإرشاد في الإخوان ، وكان الدكتور حلمي الجزار هو عضو الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين ، فكانت حركة جموع الإخوان المسلمين في ميادين المحافظات المختلفة هي نتيجة قرارات يأخذها هؤلاء في مكتب الإرشاد والشورى العام .

في الانقلاب .. دفاع عن الشرعية

و مع حدوث الانقلاب على الشرعية ، كان جيل السبعينات جزء من قيادة جماعة الإخوان المسلمين ، والتي قررت رفض هذا الانقلاب ومقاومته بالوسائل السلمية ، وسيذكر التاريخ للجماعة هذه الوقفة مع الإرادة الشرعية المدنية ببذل منقطع النظير، فجوهر الربيع العربي في قول فواز جرجس هو إخضاع جيوش عربية توحشت باسم الوطنية والقومية للإرادة المدنية، وبلغ من توحشها المشاهد وتفاقمها حتى أتت على المجتمع المدني ، فلم نعد أمما لها جيوش بل جيوشا لها أمم !

ودفع هؤلاء ثمن وقوفهم مع الشرعية ضد الانقلاب ، فتم اعتقال الدكتور عصام العريان الى ان وافته المنية داخل سجنه ، وتم اعتقال الدكتور حلمي الجزار وبعد خروجه خرج خارج البلاد ، وتم اعتقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح برغم تركه لجماعة الإخوان المسلمين ...

مفاجآت كشف حساب خمسين عام

وهكذا تفرقت السبل بقادة الحركة الطلابية في السبعينات :

  1. فمنهم من رضى بالسقف الذى حددته السلطة الحاكمة ، حتى صار أداة طيعة في يدها ، ومثل هذا الاتجاه (الدعوة السلفية) ، ورضى بعد ذلك بالانقلاب على الشرعية عام 2013 !!
  2. ومنهم من تورط في احداث العنف ، مما اعطى المبرر للسلطة في التعامل معهم بوحشية ، وأخيرا اضطروا الى ان يتماهوا مع انقلاب 2013 بعد ان كانوا جزءا من الحراك الرافض له ، ومثل هذا الاتجاه (الجماعة الإسلامية) !
  3. ومنهم من بقى على هامش السلطة ولم يستطع ان يشكل له شعبية في الشارع ، وكان جزءاً رئيسيا من انقلاب 2013 ! وأخيرا تمت الإطاحة به كاملا من سلطة الانقلاب بعد حققت اغراضها منهم !! ومثل هذا الاتجاه بقايا اليسار بفرعية الشيوعى والناصرى ..
  4. ويقى الجزء الوحيد (الإخوان المسلمون) الذى حقق انتشارا واسعا في الشارع المصرى ، وكان سببا في احياء العمل بالطلابى والنقابى والسياسى داخل مصر ، وعندما قامت الثورة كان هم وقودها وحماتها ، وعندما تم الانقلاب على الشرعية في 2013 رفضوا هذا الانقلاب وفضلوا الانحياز لشعبهم ، ومثل هذا الاتجاه الاستثنائى من انضموا الى جماعة الإخوان المسلمين .

وهكذا لم يكن كشف حساب خمسين عاما (19702020) في صالح قادة الحركة الطلابية في السبعينات ، وكان الاستثناء الوحيد من ذلك هم من اختار منهم الانضمام الى جماعة الإخوان المسلمين .

المحتويات

  1. عام 1977«عام المحنة» الذي غيَّر من حمدين صباحي وصحبه! محمد عبد الحكم دياب - القدس العربى - 27/6/2014
  2. المعارضة المصرية وخروف ممدوح حمزة العربى الجديد - 5/11/2020
  3. تفاصيل اجتماع جبهة ممدوح حمزة للتحضير لرئاسية 2018 مصر العربية - 21/9/2017
  4. حمدين صباحي يقر بخسارة الانتخابات الرئاسية ويحترم ارادة الشعب جنوبية - 29/5/2014
  5. بالأسماء - لجان المجلس الأعلى للثقافة.. محاولة لإرضاء الجميع مبتدا - 12/12/2015
  6. إدريس : السيسي يقدر ويحترم صباحي وفوز أي منهما مكسب لـ مصر
  7. تسريبات السيسي.. شارع منزعج ونخبة تبرر الجزيرة - 15/10/2013
  8. بالفيديو.. كمال أبو عيطة: ميادين الثورة انتقلت إلى أمريكا تأييدا لـ«السيسى» فيديو اليوم السابع - جمعية الشبان المسلمين - 28/9/2014
  9. تسريبات السيسي.. شارع منزعج ونخبة تبرر الجزيرة - 15/10/2013
  10. العمل الاجتماعي للإخوان المسلمين بعد 30 يونيو ضياء طارق – اضاءات – 29/6/2017
  11. (عبد المنعم أبو الفتوح : شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر 1970-1984)
  12. الأخوان المسلمون: حركة اجتماعية أم إرهابية! د. عبد الله علي إبراهيم – الجزيرة – 30/9/2013
  13. الأخوان المسلمون: حركة اجتماعية أم إرهابية! د. عبد الله علي إبراهيم – الجزيرة – 30/9/2013