اللهم لا تدخلنا فى التجربة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
اللهم لا تدخلنا فى التجربة

24 يوليو 2009

بقلم: عماد الدين حسين

قد نلتمس العذر لبعض الحكومات عندما تغير من مواقفها من النقيض إلى النقيض إذا تطلبت مصالحها ذلك، لكن هل يمكن التماس العذر لكتاب ومفكرين يغيرون مواقفهم من الحدث الواحد كما يغير المرء ملابسه كل يوم.

عندما الحكومة المصرية اختلفت مع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات فى الثمانينيات، فشن معظم رؤساء وكتاب الصحف القومية هجوما حادا على عرفات وألصقوا به كل الموبقات.. بعدها بأيام قليلة تغير الموقف وتصالحت الحكومة وعرفات، ويروى أن الأخير وكان خبيرا فى كيفية التعامل مع الإعلام ــ وفى أول زيارة له للقاهرة بعد المصالحة نصح عرفات بعض رؤساء التحرير المصريين الذين هاجموه بقسوة ــ قائلا لهم: عليكم ألا تكرروا ذلك مستقبلا لأن الحكومات تتخاصم وتتصالح كل يوم وأنتم ستكونون مضطرين إلى عدم مهاجمتى طالما أن علاقتى بالحكومة المصرية جيدة وإلا سيكون منظركم سيئا أمام قرائكم!.

ما حدث مع أبوعمار ــ رحمه الله ــ يتكرر كل يوم ولا أحد يتعلم الدرس، ويبدو أن المسألة أقرب إلى الداء للعضال الذى لا شفاء منه.

بعض الكتاب المصريين الذين هاجموا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعنف وقسوة وحملوه أسباب كل مشاكل مصر من عصر خوفو إلى عصر نظيف.. فجأة رأينا بعضهم يمدح عبدالناصر، بصورة تفوق ما يفعله أحيانا بعض كوادر الحزب الناصرى.

المسألة ليست هل عبدالناصر يستحق ذلك أم لا، لكنها فى قدرة بعض الكتاب على التغير والتلون طالما كان ذلك يرضى من أصدروا قرارا بتعيينهم.

قياسا على ذلك لنتخيل أن مصر وإيران قررتا ــ ولاعتبارات سياسية مصلحية فقط ــ إعادة العلاقات بينهما فورا، وتمت دعوة الرئيس أحمدى نجاد لزيارة مصر، ولنتخيل أيضا أن الرئيس نجاد أشاد لدى وصوله القاهرة بالرئيس حسنى مبارك وحكمته، ودوره فى الاستقرار.

إذا حدث ذلك جدلا فلن نتفاجأ إذا وجدنا كاتبا أو حتى صحفيا ــ من إياهم ــ سبق له سب نجاد والتهجم عليه، لن نتفاجأ إذا وجدنا هذا الكاتب يمتدح نجاد «وبساطته واختلاطه بالناس والفوز الكاسح الذى حققه فى الانتخابات الأخيرة فى مواجهة مثيرى الشغب أمثال حسين موسوى وهاشمى رفسنجانى ومحمد خاتمى ومهدى كروبى»، بل قد نجد هذا الكاتب يوغل فى الأمر مشيدا بالمذهب الشيعى وفوائد ولاية الفقيه، وأهمية «الخمس»، ووداعة الحرس الثورى وعبق الإيمان الروحى فى حوزة قم.

يتعجب المرء من قدرة البعض على الكتابة عن الفعل ونقيضه، عن سب شخص اليوم والإشادة به غدا فقط لمجرد أن السياسة العامة للحكومة تتغير طبقا للمصلحة العامة أو الخاصة.

لا ألوم المتحولين، فلا أعرف ظروفهم، وربما كان منهم من يؤمن فعلا بما يكتب حتى لو كان يغيره كل لحظة، لكن كل ما أدعو به فى هذا الأمر هو القول المنسوب إلى السيد المسيح عليه السلام «اللهم لا تدخلنا فى التجربة».

المصدر