المحاسبات: فوسفات أبو طرطور نموذج لإهدار المال العام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المحاسبات: فوسفات أبو طرطور نموذج لإهدار المال العام
معمل فوسفات أبو طرطور

كتب-أحمد صالح

24-02-2009

شهدت لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب في اجتماعها أمس برئاسة ممدوح حسني وكيل اللجنة مناقشاتٍ ساخنةً، طالب خلالها الأعضاء بضرورة الوقوف على آخر مستجدَّات تزييف إهدار المال العام داخل مشروع فوسفات أبو طرطور.

وحدَّد الأعضاء عزب مصطفى، صبري خلف الله، عبد المنعم سمك مطالبَهم، بضرورة إرسال آخر تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن المشروع، والمستجدات التي حدثت له بعد نقل تبعيته إلى وزارة البترول.

وطالبوا هيئة الثروة التعدينية بإرسال بيان عن عدد المحالين للنيابة العامة والقضاء، والذين تسبَّبوا في إهدار المال العام الذي بلغ أكثر من 12 مليار جنيه على مدار 34 عامًا، كما طالبوا هيئة الثروة المعدنية بإرسال الخطة التي تم وضعها للنهوض بهذا المشروع، وكيفية التعامل مع التراكمات الماضية، وكيفية استغلال المشروع إنتاجيًّا واقتصاديًّا.

جاء ذلك بعد أن أكد ممثل الجهاز المركزي للمحاسبات محمد سيد أحمد بعد استعراض نتائج الرقابة المالية وتقويم الأداء للمشروع عن السنة المالية المنتهية في 200730/6/ أن مشروع فوسفات الوادي الجديد "أبو طرطور" ما زال يعدُّ نموذجًا لإهدار المال العام؛ نتيجةً لسوء التخطيط والتقصير الشديد في إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والأخطاء الجسيمة في التشغيل والتنفيذ، وما صاحب من تضارب في القرارات والسياسات التي اتُّخِذَت بشأنه دون تحقيق أي من الأهداف المرجوَّة منه.

وأكد ممثل الجهاز أنه بالرغم مما سبق ذكره ومع نهاية العام المالي 2006/2007 وبعد مرور حوالي 34 عامًا ما زال المشروع في مرحلة تجارب التشغيل؛ لما واجهه من مشكلات جسيمة اعترضت تحقيق أهدافه، وأدَّت إلى عدم الاستفادة بما تم استثماره من أموال فيه، فضلاً عن تحمُّله خسائرَ تجارب بدء التشغيل.

وقال ممثل الجهاز: إن كافة المحاولات التي تجري وما يتم من إظهار ما تم استثماره في المشروع بأقل من حقيقته بالمراكز المالية دون سند محاسبي؛ إلا أنها محاولات تهدف إلى تجزئة للخسارة واقتسام لها وتحسين صورة المشروع على غير الحقيقة، وأنها جميعًا حلول ليست جذريةً لوقف نزيف الخسائر والأموال المهدرة.

وأشار إلى أن ما تم استثماره في المشروع وما تم صرفه على المشروعات التكميلية نحو 10 مليارات و780 مليون جنيه منذ بدء المشروع عام 1976 وحتى 200430/6/، وذلك قبل نقل تبعية المشروع إلى وزارة البترول وفصل المشروعات التكميلية عنه، من خطوط سكك حديدية وفيلات وعمارات سكنية، وغيرها من المرافق الخدمية.

وكشف ممثل الجهاز عن وجود طاقات عاطلة وأموالاً غير مستغلة بنحو 137، 132 مليون جنيه بنسبة 13.8% من جملة الأصول الثابتة؛ في وقت تجاوزت المصروفات الإدارية للمشروع البالغة نحو 576 و58 مليون جنيه "عبارة عن رواتب وبدلات وحضور جلسات وانتقالات".

وذكر ممثل الجهاز أنه يوجد أصناف راكدة بالمشروع بنحو 33 مليون جنيه، تمثل قيمة قطع غيار خاصة بمعدات سبق تكهينها ولم تستخدم منذ عام 2000م نتيجة تغيير نظام المشروع من النظام الروسي إلى النظام الإنجليزي، فضلاً عن وجود مخزون المواد والمهمات المتنوعة والتي تم تقديرها بنحو 3.374 ملايين جنيه قيمة مواد مشعة خاصة بأجهزة النظائر المشعة ومشوَّنة منذ أكثر من 14 عامًا بمخازن تحت الأرض.

وجدَّد ممثل الجهاز المطالب المتكررة في التقارير السابقة بضرورة إحالة كافة المخالفات إلى التحقيق وتحديد المسئولية عنها، خاصةً في ضوء الخسائر الجسيمة، وقال إنه يجب على إدارة المشروع- باعتبارها المسئولة عن إدارة هذه الأموال العامة وحمايتها- المبادرة باتخاذ هذا الإجراء، خاصةً أن كافة المخالفات الواردة بتقارير الجهاز خلال الأعوام المالية السابقة والعام المالي الحالي 2007/ 2006 ما زالت قائمةً ولم يتم تحديد المسئولين بشأنها.

فيما علَّق النواب على ما استعرضه ممثل الجهاز وما استعرضه رئيس هيئة التنمية المعدنية بأنه يمكنهم الاستعانة بأغنية كوكب الشرق أم كلثوم "اللي فات ننساه"؛ بشرط أن تصل إلينا الخطة التي أعلن عنها "حمودة" وما تحمله من بيانات ومعلومات عن المشروع خلال فترة الثلاث سنوات الماضية بعد نقل تبعيته إلى وزارة البترول.

وعبر النائب مؤمن زعرور عن ضيقه، وقال" زهقنا كلام وردي، وللأسف لم أجد في تقرير الجهاز سطرًا واحدًا يعطيني بصيص أمل، والأمور ما زالت "سودة"، وقال: نريد أن نعلم ما يدور داخل المشروع، خاصةً أننا كل عام نناقش تقرير الجهاز، ويأتي رئيس المشروع ويقول: يا جماعة أنا لسة مستلم المشروع.

وأضاف النائب عزب مصطفى- في سخرية-: إيه يا جماعة اللي بيحصل؟ 34 سنة والمشروع ما زال يخسر!، وتساءل: ماذا تم مع كافة المسئولين الذين أهدروا نحو 11 مليار جنيه هي من أموال الغلابة من الشعب المصري؛ الذي يعيش منه تحت خط الفقر نحو 80% من إجمالي سكان مصر!.

وقال: للأسف منذ 9 سنوات وأنا أتقدم باستجوابات عن هذا المشروع ولا حياة لمن تنادي، ولم يحاسب أحد نحو 13 حكومة فاسدة كانت وراء نزيف هذه الأموال، وتساءل: أين نحن من "إسرائيل" التي صنعت القنبلة النووية من فوسفات النقب.

وعلَّق النائب ممدوح حسني قائلاً: "إننا كنواب نشعر بالضيق الشديد كل عام، وعلى وزارة البترول- بما لديها من إمكانيات- النهوض بهذا المشروع، وقال: لا نريد بعد 5 سنوات أن نجد نفس الكلام الذي استمعنا إليه اليوم، وقال إذا كانت المشكلة في الولاَّعة سوف نتبرَّع بها لتشغيل الفرن!.

وطالب النائب عبد المنعم سمك بضرورة أن يتم محاسبة المسئولين عن إهدار المال العام وتحويلهم إلى محاكمة جنائية، وتساءل- في سخرية لاذعة- هل يمكن أن نرى هذا اليوم الذي يحاسَب فيه هؤلاء؟

وقال إن ما جاء في السطور الأربعة من تقرير الجهاز أغلق أمامنا النقاش، وأضاف: للأسف المشروع منذ 34 سنة يحمل معاني "الأسية"، ومع ذلك نقول بعد نقل تبعيته لوزارة البترول في منتصف 2005 "اللي فات ننساه" على رأي أغنية كوكب الشرق أم كلثوم ونحن نعلم مدى إمكانيات تلك الوزارة وما لديها من خبرات وموارد مالية!.

ووصف النائب صبري خلف الله ما يأتي به الجهاز المركزي للمحاسبات من تقارير حول هذا المشروع بالانتكاسة؛ ليس فقط للمشروع ولكن لمجلس الشعب وإهداره للمحاسبة البرلمانية في تحويل المتسبِّبين عن إهدار المال العام لمحكمة الجنايات بسبب تصرفاتهم الإدارية غير المسئولة التي كانت سببًا في إهدار نحو 12.5 مليار جنيه.

المصدر