المرشد العام: الحج المؤتمر الحقيقي للمسلمين وفرصة لتوحيد الصفوف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المرشد العام : الحج المؤتمر الحقيقي للمسلمين وفرصة لتوحيد الصفوف
الاستاذ عاكف.jpg

كتب- أحمد رمضان

أكد فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين - أن الحج هو المؤتمر الحقيقي الذي يجب أن يلتف حوله المسلمون ليبحثوا شئونهم ويتخذوا قراراتهم المصيرية في مواجهة الأخطار التي تحدق بالأمة، وليس تلك المؤتمرات التي يجري وراءها الحكام العرب لتتأكد مرةً بعد أخرى أنها سراب.

وأوضح فضيلته في الرسالة الأسبوعية اليوم الخميس أنَّ لكل عملٍ من أعمال المناسك سرًّا يجب أن نفطن إليه، فما الإحرام والتلبية في حقيقته إلا التجرد من شهوات النفس والهوى، وما الطواف إلا دوران القلب حول قدسية الله، وما الوقوف بعرفة إلا بذل المهج في الضراعةِ بقلوبٍ مملوءة بالخشية، وما الرمي إلا رمز مقت واحتقار لعوامل الشر، وما الذبح وهو الخاتمة في درج الترقي إلى مكانة الطهر والصفاء إلا إراقة دم الرذيلة، كما أن الحج تخليةٌ وتحليةٌ وزادٌ، فإذا ما فرغ من ذلك عاد إلى وطنه آمنًا مطمئنًا قويًّا في الأخذ بنفسه وأمته إلى سبيل الهدى والرشاد.

وتطرق المرشد إلى الحديث عن عرفات كرمز للوحدة، مشيرًا إلى أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، وفي عرفات تتجلى هذه الوحدة؛ حيث يقف المسلمون من كلِّ القارات على اختلاف الأجناس والألوان واللغات والطبقات ليعلنوا في خشوع وإخبات: "لبيك اللهم لبيك...".

وإن هذه الوحدة توجب على المسلمين أن يشارك بعضهم بعضًا في السراء والضراء، والشدة والرخاء، وتشترك في الذود عن مصالحها، وتتعاون في رفع الأذى والضيم إذا نزل بأحد منهم، وتعمل على رد العدوان إذا لحق بأي شعب مسلم، وتتقدم بطيب نفس لتتقاسم المنافع والخيرات بينها، فتواسي الشعوب المسلمة التي تحل بها النوازل، أو الزلازل أو المجاعات، وبذلك يحققون التواد والتراحم فيما بينهم قال رسول- صلى الله عليه وسلم-: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

مطالبًا بأن تعمل الحكومات والأنظمة والشعوب العربية والإسلامية من أجل ذلك كله على رفع الحصار الظالم عن إخواننا في فلسطين ، حتى وإن غضبت أمريكا أو الصهيونية فمرضاة الله أولى وأعظم.

وتعجب فضيلته من الواقع المرير الذي نرى فيه مؤتمرات بزعامة أمريكا والصهيونية تعقد في ديارهم للإجهاز على ما بقي من فلسطين ، وإقامة الدولة اليهودية والضرب بيد من حديد على كل من يتحدث عن ضرورة الاعتزاز بإسلامنا وإعلان إيماننا الذي يدعونا إلى الجهاد في سبيل الله لاسترداد أرضنا المغصوبة، وتطهير مقدساتنا من رجس الصهيونية العالمية، والوقوف في وجه أمريكا الباغية.. والقوة الغاشمة التي سخرت أسلحتها للتخريب والتدمير وترويع الإنسانية.

مشددًا على أن هذا كله يفرض أن يكون للمسلمين إزاء ذلك اجتماع عام شامل يحددون فيه موقفهم في كل ما يدور من حولهم، ويشهدون به منافعهم التي تقيهم وتقي العالم شر ذلك الطيش الأمريكي الصهيوني ، الذي ينشر الرعب والخوف، ويقضي على الأمن والسلام.

وتطرق فضيلته إلى أن الاهتمام بأمر المسلمين يفرض علينا أن نجعل من الحج مؤتمرًا عامًّا لبحث قضايا المسلمين في كل مكان، "فمَن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، فحقيق بنا أن يجتمع رجال العلم والرأي ورجال التربية والثقافة ورجال النظام والإدارة ورجال المال والاقتصاد ورجال الشرع والدين ورجال الحرب والجهاد، مستنكرًا أن تهرع الوفود العربية لتصفق وتبارك صنيع الأعداء، ولا نرى من حكامنا مَن يغتنم مؤتمر الحج العالمي ليدعو إليه حكام العرب والمسلمين، ومَن يرغب أن يشهده من الناس أجمعين ليعلن فيهم بعزة المؤمنين أن فلسطين (كل فلسطين ) دولة عربية مسلمة ملك لجميع المسلمين، ولا يملك أحد صلاحية التنازل عن شبر منها، وبالتالي فالمسلمون أمناء على مقدسات غير المسلمين من نصارى ويهود، وحماة لكل مَن يعيش على أرضها من أهلها الأصليين، وتاريخنا شاهد على ذلك، أما الغزاة والشراذم الذين قدموا من الجحور بعد أن عاثوا في الغرب فسادًا فلا مكانَ لهم على أرض فلسطين المسلمة.

كما أن الجهاد المقدس في سبيل الله هو طريقنا لاسترداد حقوقنا، مشددًا على أنه لا سبيل لنا غير الجهاد المشروع في ديننا، ومقاومة المحتل التي هي حق للشعوب في كل القوانين والنظم؛ وذلك بعد أن سئمنا من مؤتمرات لعشرات السنين، وبعد أن صفعنا النظام العالمي على مدى نصف قرن بكل مؤسساته الدولية والإقليمية والتي ما قامت إلا لتبارك الصهيونية في كل ما تصنع، وتحول بيننا وبين أن نمسها بسوء.

وأشار فضيلة المرشد إلى أنه في هذا المؤتمر السنوي لوفد الله دعوة لجميع المسلمين لأن يحل الاتحاد والتقارب محل التفرق والتباعد، والتآزر والتعاون محل التنابذ والتخاذل، وأن يشعر المسلمون من خلال وحدتهم بالقوة والمنعة، وأن كل مسلم في أي أرض موصول بما يزيد على مليار مسلم يتحركون من أجله، ويناوئون قوى الأرض مجتمعة في سبيل رفع الضيم عنه.

وحذَّر فضيلته كل مسلم أشد الحذر من أن يزين له الشيطان سفك دم أخيه المسلم أو استباحة عرضه أو استحلال ماله بما يلقيه من شبهات وزخرف القول ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم، وليسمع كل مسلم وليسمع الناس أجمعون للرسول- صلى الله عليه وسلم- في يوم الحج الأكبر وهو يرسي دعائم القانون العام لحرمة الدماء والأموال والأعراض، قال- صلى الله عليه وسلم-: "إن دماءكم وأموالَكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض".

المصدر