المشروع الإصلاحي للإمام حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٠٠، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المشروع الإصلاحي للإمام حسن البنا



بقلم:أ. عبده مصطفى دسوقي

مقدمة

الإمام البنا فى إحدى خطبه


قال الشهيد سيد قطب : "كلماتنا عرائس من شمع..."، بهذا المعنى وعى الإمام البنا حقيقة الدنيا فحيا ومات وهو يعمل من أجل هذه الحقيقة؛ ألا وهي تربية أجيال تعرف معنى الإسلام الشامل، ومن ثم ظل يغرس البذرة ويرعاها حتى مات في سبيلها، فآتت ثمارها يانعةً.

مات حسن البنا ورحل، غير أنه ترك جيلاً حمل معانيَ هذا الدين الحنيف، فأضاء للبشرية السبل.

مات حسن البنا ورحل بعد أن ترك ذكره في قلوب أحبائه وأعدائه، فكان من القلائل الذين أثنى عليه الأعداء قبل الأحباب.

وها هي ذكرى استشهاده تهلُّ علينا بعبيرها ونسيمها في 12 فبراير؛ فمنذ تسعة وخمسين عامًا رحل الإمام البنا في ليلةٍ غلِّقت فيها الأبواب، وأُطفئت فيها الأنوار، فترصد به الأعداء ونالوا منه مأربًا، ظنًّا منهم أنهم سيقضون على ما عمل من أجله، غير أنهم فزعوا بعدما رأوا البذور التي ظنوا أنها قد ضمرت وماتت في باطن الأرض، قد أينعت ودبَّت فيها الحياة.

وفي العام الماضي احتفل الإخوان المسلمون بذكرى مئوية الإمام البنا؛ هذه الشخصية التي ما زالت تعطي الجديد لمَن أراد الحديث عنها أو في أحد جوانبها، وما كل ذلك إلا نعمةٌ من الله وهبها الله للإمام البنا.

وبمناسبة هذا الحدث عَقد مركز الإعلام العربي احتفاليةً شارك فيها الكتَّاب والمفكرون والعلماء؛ كلٌّ منهم يُظهر جانبًا من جوانب شخصية الإمام البنا، وصدرت هذه الأبحاث التي قُدِّمت في كتاب تحت عنوان "المشروع الإصلاحي للإمام البنا.. تساؤلات لقرن جديد"، شارك فيه ما يقرب من ستة وعشرين عالمًا ومفكرًا بأبحاث قيَّمة.


الجانب الفكري

تحت عنوان "التجديد في المشروع الحضاري للإمام البنا"، عرض المفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمد عمارة فكر التجديد عند الإمام البنا؛ حيث طاف حول امتداد منهج وفكر الإمام البنا للمشروع الحضاري الذي بدأه الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، غير أن الإمام البنا تميَّز عنهم بجانب التطبيق والعمل، وبالرغم من أنه جاء وسط ظروفٍ صعبة كانت تحياها الأمة؛ فقد كانت تعيش في ظل الاحتلال الأوروبي والذي فرَّقها شيعًا يضرب بعضهم رقابَ بعض، في ظل ذلك استطاع أن يُخرج جيلاً ربانيًّا من وسط هذا الركام الكبير عُرف معنى الشمولية في الإسلام.

وتناول معالم التجديد لدى الإمام البنا في مشروعه الحضاري، فحدَّد عدة معالم؛ منها:

1- التميُّز عن المؤسسات الدينية التقليدية؛ حيث لم يقف عند المتون والحواشي والعقل وفقط، بل كان الدين شموليًّا.

2- الجمع بين النظر العقلي والنظر الشرعي.

3- مرونة الشريعة، والانفتاح على الحكمة الإنسانية.

4- إسلامية النظام النيابي الدستوري.

5- رفض التغريب، ونقد الحضارة المادية الغربية.

6- تكافل دوائر الانتماء الوطني والقومي والإسلامي والإنساني.

7- سنة التدريج في الإصلاح.


خصائص الإخوان المسلمين

كما كتب الداعية فتحي يكن تحت عنوان "خصائص الشخصية الحركية ل جماعة الإخوان المسلمين" تحدَّث عن أن الإخوان المسلمين ليست حركةً لها بريق سرعان ما يختفي، لكنها حركة ذو هوية، كما تحدَّث عن خصائص هذه الشخصية، وأنها:

1- سلفية العقيدة.

2- ربانية التربية.

3- جماهيرية الدعوة.

4- أخلاقية السياسة.

5- انقلابية المنهج.

6- انضباطية الجهاد.

7- ضوابط القوة.

8- نخبوية القيادة.

9- مرحلية العمل.

10- وسطية المواقف والسياسات.

11- عالمية المشروع.


البنا والإصلاح

وتحت عنوان "الإصلاح في فكر الإمام البنا"، كتب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يوضِّح بعض الجوانب التي عمل الإمام البنا على إصلاحها:

1- الإصلاح في المجال الديني.

2- الإصلاح في المجال الاجتماعي.

3- الإصلاح في المجال السياسي.

4- الإصلاح في المجال الفكري.

وختم البحث بمقولةٍ للإمام البنا قال فيها: "لا تيأسوا؛ فليس اليأس من أخلاق المسلمين, وحقائق اليوم أحلام الأمس, وأحلام الأمس حقائق الغد, ولا زال في الوقت متسعٌ, ولا زالت عناصر السلامة قويةً عظيمةً في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد والضعف لا يظل ضعيفًا طول حياته, والقوي لا تدوم قوته أبدَ الآبدين, فاستعدوا واعملوا اليوم؛ فقد تعجزون عن العمل غدًا".


البنا والتربية

كما كتب الدكتور يوسف القرضاوي تحت عنوان "التربية السياسية عند الإمام البنا"؛ وضَّح فيه جوانب هذه التربية، مثل:

1- الربط بين الإسلام والسياسة.

2- إيقاظ الوعي بوجوب تحرير الوطن الإسلامي.

3- إيقاظ الوعي بوجوب إقامة الحكم الإسلامي.

4- إقامة الأمة المسلمة.

5- إيقاظ الوعي بوجوب الوحدة الإسلامية.

6- الترحيب بالنظام الدستوري.

7- حماية الأقليات والأجانب.


وكان من ثمرات هذه التربية:

(أ) مطاردة عوامل اليأس والإحباط في الأمة خلال المحن والشدائد.

(ب) إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير ومحاربة الرذائل والمنكرات.

(ج) تحرير الوطن من الاستعمار الأجنبي.


ثم وضح منهج الإمام البنا في عملية التغيير, وأنه لا يعتمد أسلوبَ الانقلاب العسكري للوصول إلى الحكم، ولا يلجأ لفرض المشروع الإسلامي بقوة الحديد والنار؛ لأن ذلك يؤدى بالساحة الإسلامية إلى فتن عمياء.

كما أنه لا يعتمد أسلوب الثورة الشعبية التي تجر إلى حروب أهلية وصراعات داخلية, وفي ذات الوقت لا يكفي بالوعظ والإرشاد دونما تفكير ببلوغ الحكم.

ولقد اعتمدت منهجية البنا القاعدةَ الربانية في التغيير، والتي تحقق البعد الحقيقي والمضمون الجوهري للرسالة الإسلامية, ومن ثم حرص الإمام البنا على إنضاج الخطوات وعدم الاستعجال، وأن السلطة وسيلة لإقامة شرع الله، وليست غايةً بذاتها أو بديلاً عن شرع الله.

ثمَّ تحدَّث عن مقومات رجل التغيير لدى الإمام البنا فقال: هذه المقومات تتمثل في:

1- امتلاك روح المبادرة والإقدام في الفكر والعمل.

2- الحزم وعدم التردد.

3- حسن التخاطب والاتصال مع الآخرين.

4- القدرة على الإقناع.

5- سرعة البديهة والتصرف بحكمة.

6- المرونة الفكرية وسط الأفق.


وعن مبادئ التغيير لدى الإمام البنا، فوضَّح ذلك على النحو التالي:

1- الأخذ بمبدأ التخطيط في العمل.

2- التدرُّج في تغيير الواقع.

3- تقدير دور المرأة وإشراكها في التغيير.

4- التزام أسلوب الحوار والتشاور مع الآخرين.

5- التجديد والتطوير في البرامج والوسائل.


ولقد حدد الإمام البنا مراحل التغيير بثلاث:

1- مرحلة التعريف.

2- مرحلة التكوين.

3- مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج.


الإمام البنا والفكر الاقتصادي

وحول الجانب الاقتصادي عند الإمام البنا، تحدَّث الدكتور عبد الحميد الغزالي يوضِّح كيف اعتنى الإمام البنا بتجريد الاقتصاد من التبعية؟، ونادى بذلك بل قام بإنشاء الشركات الاقتصادية، كشركة المعاملات الإسلامية, والمحاجر والمناجم والمستوصفات والمدارس.

كما تحدَّث عن النظام الاقتصادي لدى الإمام البنا فقال:

1- المال الصالح.

2- العمل على كل قادر.

3- الكشف عن الثروات الطبيعية والاستفادة منها.

4- تحريم الكسب الخبيث.

5- التقريب بين الطبقات.

6- الضمان الاجتماعي واحترام الملكيات.

7- مسئولية وحظر استغلال النفوذ.

كما طالب البنا باستقلال النقد وإلغاء الربا، وتنظيم الضرائب وترصيد الشركات.


بين البنا والمودودي

ولقد وضح البروفيسور أليف الدين الترابي العلاقة بين الإمام الشهيد حسن البنا والإمام أبى الأعلي المودودي، وأن دعوتهما اشتركت في عدة مبادئ:

1- العودة إلى الإسلام من جديد.

2- الإسلام دين ودولة.

3- الوسطية والاعتدال.

4- الاعتماد على المنهج السلمي لإصلاح الحكم.

5- القدوة قبل الكلمة.

6- الشمولية.

7- الدعوة العالمية.


البنا والحركات التحررية والأقباط والمرأة والشباب والفن

وكتب المستشار عبد الله العقيل حول الإمام البنا وقضايا العالم الإسلامي.

كما كتب الدكتور محمد مورد عن علاقة الإمام البنا بالأقباط، وأوضح أن الإسلام دين غير طائفي، وأن حركة الإخوان حركة غير طائفية.

ولم يهمل الإمام البنا المرأة؛ فقد أعتبرها نصف المجتمع الفعال، وحول هذا المعنى كتب الدكتور مكارم الديري "المرأة في أدبيات الإمام حسن البنا".


كما كتب الدكتور رشاد محمد بيومي حول عناية الإمام البنا بالشباب.

وحول التقريب بين المذاهب الإسلامية والتي عمل الإمام على تقريبها، كتب الأستاذ حسان عبد الله حسان أن الإمام البنا عمل على وحدة الأمة لا فرقتها, وأوضح أن الإجماع على أمر فرعي به صعوبة.

كما كتب الأستاذ عصام تليمة عن الفن في فكر الإمام البنا، وعن كيفية بناء حسن البنا لجماعة الإخوان المسلمين.

وكتب د. عمرو الشوبكي بأنه اعتمد على تنوع المصادر الفكرية والدينية.

واشتمل ما كتبه على شهادات ورؤى بعض مَن عاصروا الإمام البنا، أمثال روبير جاكسون الذي كتب "حسن البنا الرجل القرآني"، وكتب إيفير الوبن "الإخوان المسلمون أول حركة اجتماعية مصرية"، كما كتب أنور الجندي "مولد العملاق الرجل الذي جمع الناس على المصحف".

كان ذلك تطوافة في المشروع الإصلاحي للإمام البنا، والذي لم يختلف عليه علماء الأمة؛ فقد شهدوا أن الرجل كان سياسيًّا بارعًا، ومصلحًا موفَّقًا، واقتصاديًّا محنكًا، وعالمًا مبجَّلاً، وزعيمًا دون منازع.