المشهد السياسي العام في مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٥:١٩، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


جماعة الإخوان في مصر وقراءة في المشهد السياسي العام - 28 أكتوبر 2009م

أولاً: الشأن المصري الداخلي الحراك السياسي نحو الإصلاح:

الإمام-الشهيد-حسن-البنا-فى-معسكر-حلوان.jpg

تشهد مصر حالة من الحِراك السياسي يتجه نحو تعزيز فرص الإصلاح السياسي على كافة المستويات؛ حيث يلاحظ في هذه الفترة تكون العديد من الفعاليات والتجمعات السياسية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين التي تضع قضية الإصلاح السياسي نصب أعينها، وفي قلب اهتمامها، ويأتي ذلك مع نهاية عام 2009م، وفي استقبال عام 2010 م الذي ستجري فيه الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشورى و الشعب وبعده عام 2011م؛ حيث تجري انتخابات الرئاسة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها حركات إصلاحية عن نفسها وتعلن عن رغبتها ومساعيها للإصلاح، ولكن سبق ذلك جهود كبيرة بدأت في عام 2004م؛ حيث تضافر العديد من الحركات والتجمعات والقوى السياسية وتسابقوا على وضع أجندة للإصلاح السياسي، وقطعوا شوطًا مهمًّا باتجاه الانفتاح السياسي ودعم الحقوق السياسية، كما بذلت جهود مقدرة في العمل المشترك والعمل الجماعي، وهو ما ساهم في تقريب المواقف تجاه القضايا والشئون العامة والوطنية.

غير أن حركة المد الإصلاحي شهدت تراجعًا خلال العامين الماضيين، وهو ما يحتاج إلى نقاش واسع ومصارحة حتى يمكن وضع أجندة وطنية للإصلاح تراعي كل الغايات والآمال والتطلعات وتذلل كل المعوقات.

وهناك اعتقاد بأنه لا خلافَ على أن تكوين هذه الأجندة يقتضي، ويتطلب مشاركة ومساهمة، ليس فقط الحركات الاجتماعية والسياسية، ولكن أيضًا لا بد من مساهمة فعَّالة للأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها الفكرية، ولكي تتحقق الاستمرارية للجهود الإصلاحية، فإنه من الضروري إدراك المعوقات التي قللت من فعالية هذه الحركات الإصلاحية خلال العامين الماضيين، وأيضًا إدراك التحديات التي تعترضها حاليًّا ومستقبلاً.

وباعتبار أن الإصلاح والحريات هدف مشترك لكل التيارات الفكرية والسياسية بأحزابها وحركاتها وتجمعاتها، فإنه من الأهمية السعي لبناء موقف مشترك، كما أنه من الأهمية تجاوز مسألة الخلاف في بعض القضايا بين جماعة الإخوان المسلمين وباقي الأحزاب والحركات ليبرالية كانت أو قومية باعتبار أن هذا الخلاف معوق عن توحيد الجهود الإصلاحية، بل ويعمل على إضعافها وتشتيت جهودها.

ويتمثل التحدي الآخر في تضاؤل فرص التعبير والإعلان عن الحركة الإصلاحية من المنابر الحكومية، وخاصةً بعد تراجع دور مواقف بعض النقابات المهنية في التعبير عن الرأي وتوفير الحماية للمجتمع المدني والرأي العام وضعف الترابط والتضامن بينها.

إن تنامي نشاط الحركات التي تنشد الإصلاح، يجب أن يُفضي إلى حركةٍ وطنيةٍ أو جبهة وطنية تتسع لكافة التيارات والحركات والقوى السياسية وتعمل على تسريع الخطى نحو الإصلاح.

حوادث الطرق وخطرها على الأمن القومي

تعكس حوادث الطرق وزيادة معدلاتها وحجمها عاملين في غاية الأهمية والخطورة، فمن وجهة التحليل الاقتصادي فإنها تُشكِّل خسائر مباشرة للاقتصاد القومي المصري، أما من ناحية الإدارة والخدمات، فإنها تعكس التخلف في التخطيط والتطوير؛ ومما لا شك فيه أن ذلك يُعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

فمن الناحية الاقتصادية، فإن حوادث الطرق ومنها القطارات لا تزال تشكل قدرًا كبيرًا من الخسائر البشرية التي تتراوح حول معدل 15 ألف فرد سنويًّا، وفي الإمكانات والفرص الاقتصادية التي خسرتها الدولة جراء هذه الحوادث.

ومن ناحية الخدمات التى توفرها الدولة لقطاع النقل والمواصلات فإن المشكلة هنا لا تتعلق فقط بغموض معايير المحاسبة، ولكنها تظهر أيضًا ضعف استخدام التطور التكنولوجي في إدارة الطرق وملائمتها للسير والكثافة المرورية وتوافر معايير السلامة، وهذه الجوانب تعدُّ من العوامل الأساسية في تزايد حوادث الطرق ولا سيما السكك الحديدية، وهذا لا ينفي وجود عوامل أخرى، مثل ضعف الموازنات وسوء الإنفاق والفساد.

ثانيًا: الشأن الإقليمي الدعوة للانتخابات وأزمة السلطة الفلسطينية

لا تعدُّ هذه المرة الأولى التي يدعو فيها رئيس السلطة الفلسطينية إلى انتخابات مبكرة أو دون توافق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، فقد دعا إلى انتخابات مبكرة في نهاية 2007 م، ثم تراجع عنها لأن القضية الأساسية ليست في إصدار "مرسوم" الدعوة للانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولكنها تتعلق بالظروف التي يصدر فيها القرار، ومع ذلك فقد أصدر قراره الثاني في هذه الأيام ليعلن عن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 يناير 2010 م؛ وذلك رغم أن ثمة مفارقة مهمة، تتمثل في انتهاء ولاية رئاسة السلطة في 9 يناير 2008 م، ووجود نزاع قانوني حول ممارسة الرئيس لاختصاصاته، وفي ظلِّ تداخل شديد بين منظمة التحرير والسلطة، وبغض النظر عن التكييف القانوني للوضع داخل السلطة الفلسطينية، فإن الظروف السياسية التي تمر بها القضية الفلسطينية وظروف السلطة على وجه الخصوص والأزمة بين حركتي "فتح" و"حماس" تحول دون تنفيذ هذا "المرسوم" الذي صدر في سياق تعثر وارتباك المصالحة الفلسطينية في اللحظات الأخيرة؛ وذلك رغم قطع شوط مهم في التقريب بين مواقف الفصائل الفلسطينية، وبالتالي؛ فإنه من الممكن قراءة الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية في يناير 2010 م على أنها محاولة للتنصل من بعض الالتزامات التي أُعلن عنها أثناء المحادثات في القاهرة لتحقيق المصالحة.

وهذه الالتزامات والاستحقاقات لا تتعلق فقط بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية، وإنما تمتد أيضًا لتطال التدخلات الخارجية في الشئون الفلسطينية، وهنا يمكن الإشارة إلى اعتراض الولايات المتحدة على مساس المصالحة الوطنية بمشروعها الأمني في الضفة الغربية ، والذي يقوم على رعايته وتنفيذه فريق أمني أمريكي برئاسة الجنرال "دايتون"، والذي يتوافق معه ويسير في ركبه الرباعية الدولية التي تحركها أمريكا المتصهينة.

ولقد كان لهذا الاعتراض أثر واضح على ارتباك المصالحة وإضعاف الدور المصري، بالإضافةِ إلى أن الممارسات الصهيونية في القدس والمسجد الأقصى تُشكِّل التهديدات المباشرة للسلطة الفلسطينية والفلسطينيين، غير أنه رغم هذا التهديد فإن السلطة انصرفت باهتمامٍ إلى تعزيز الخلافات مع الفصائل الفلسطينية، وكان الأولى بها العمل على جمعها لمواجهة حصار واحتلال المسجد الأقصى ؛ الأمر الذي يجعل الدعوة لإجراء الانتخابات عاملاً أساسيًّا لصرف الأنظار والجهود عن القضايا الأساسية، ويفاقم من الأزمة بين الفلسطينيين ويقضي على فرص التوافق الوطني، ولهذا فإنه من الضروري مناقشة قضايا المصالحة الفلسطينية في مناخ متحرر من الضغوط الخارجية وخالٍ من الاشتباكات الداخلية.

السودان: سجالات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية

في الفترة الأخيرة تزايدت الخلافات بين حزب المؤتمر الوطني السوداني وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد كان آخر هذه الخلافات، هو ما يتعلق بمطالبة الحركة بإقرار مجلس الشعب لتسعة قوانين تراها ضرورية ومنها قانون الأمن الوطني؛ وذلك لأنها تتعلق بترتيبات الفترة الانتقالية.

وقد شهدت الأزمة بين الجانبين تطورات سلبية خلال الأيام الماضية؛ حيث شهدت محاولات استقطاب للأحزاب والقوى السودانية، وشارك فيها التجمع الوطني، وفي هذا السياق عقدت الحركة الشعبية مؤتمر "جوبا" شاركت فيه أحزاب جنوبية وشمالية، غير أنه من الملاحظ أن الخطاب السياسي لمؤتمر "جوبا" يعكس حالة استقطاب شديدة سوف تؤثر على ما تبقَّى من الفترة الانتقالية، وبشكلٍ خاص ما يتعلق بانتخابات أبريل 2010 م والاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان في يناير 2011 م.

وفيما يتعلق بترتيبات هذا الاستفتاء توافق المؤتمر والحركة على إجازة الاستفتاء بمشاركة ثلثي مَن يحق لهم التصويت والمقيمين في جنوب السودان؛ وذلك بعد أن كان المؤتمر الوطني يصرُّ على إجازةِ الاستفتاء بمشاركة 75% من الجنوبيين على مستوى السودان، والأكثر أهميةً من ذلك هو التوافق على إجازة نتائج التصويت بالأغلبية البسيطة (50 % +1).

وفي سياق إدارة الخلافات والأزمة بين الطرفين، تحاول الحركة الشعبية توطيد علاقتها مع الولايات المتحدة، وتعمل على ترويج رؤيتها داخل الأوساط الأمريكية، في الوقت الذي تظهر فيه السياسة الأمريكية تجاه الحكومة السودانية (المؤتمر الوطني)، باستراتيجية أمريكية جديدة تجمع بين العقوبات والمساعدات، إلا أنها في حقيقتها تتجه نحو الضغط على الحكومة السودانية لحساب حركات دارفور والحركة الشعبية، وبهذا المعنى يمكن القول بأن السياسة الأمريكية تراجعت عن تحسين علاقتها مع حكومة (البشير) وهي السياسة التقليدية التي اتبعتها الإدارات الأمريكية منذ العقد الماضي؛ ويؤكد ذلك قرار الرئيس الأمريكي بالأمس لاستمرار العقوبات المفروضة على السودان.

وفي سياق المواقف الدولية تجاه التطورات الداخلية في السودان، يلاحظ أن السياسة البريطانية على سبيل المثال تولى اهتمامًا لدعم حكومة جنوب السودان ومساعدتها في الإعداد لانتخابات أبريل 2010؛ ولذلك يمكن القول بأن التعامل المصري مع تداعيات الأزمة في السودان قد جاء متأخرًا عن الأدوار الدولية الأخرى، وهو ما قد يقلل من تأثير المشروعات المصرية في جنوب السودان، ويساعد على استمرار التهديدات لمنابع النيل ويترك مساحة واسعة للصهاينة ليعبثوا بالأمن القومي المصري من الجنوب.

ثالثًا: الشأن الدولي الانفجارات في أفغانستان وباكستان وإيران

خلال الفترة الماضية شهدت أفغانستان وباكستان تدهورًا أمنيًا ملحوظًا قد يؤدي في المدى المنظور إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية في البلدين، كما أنه من المحتمل أن يمتد إلى إيران ليشكل حالة إقليمية تؤثر على باستقرار هذه البلدان.

فمن الملاحظ في هذه الفترة تصاعد حالة عدم الاستقرار في كلٍّ من أفغانستان وباكستان، فمن ناحيةٍ زاد تهديد وخسائر قوات "الأطلسي" في أفغانستان، وخاصةً أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين قد بلغ حتى الآن خلال هذا الشهر أكتوبر 2009 م 53 قتيلاً، ومن ناحيةٍ أخرى تزايدت العمليات المسلحة ضد الجيش ورموز السلطة في باكستان ، والخطورة التي تُمثلها هذه العمليات على الجانبين تتمثل في أنها تشكل تأثيرًا مباشرًا على الحكومتين وحلفائهما، وهو أمر يعكس حالة من التهديد المتبادل بين الأطراف المختلفة.

وقد انعكس هذا التطور في استمرار تردد الولايات المتحدة في إرسال جنود إضافيين إلى أفغانستان، وتزايدت معارضة الباكستانيين لشروط المساعدات الأمريكية؛ وذلك على الرغم من إفراد الولايات المتحدة لإستراتيجية عسكرية وسياسية تجاه البلدين؛ ولذلك يمكن القول بأن التقريرات والافتراضات التي قامت عليها الإستراتيجيات شابتها أخطاء كثيرة ترتب عليها زيادة الخسائر المباشرة ليس فقط على مستوى الخسائر في الأفراد والمعدات العسكرية، ولكن أيضًا على مستوى الخسائر اللوجستية.

فقد دفع وجود التهديد المتبادل باتجاه إعادة النظر في دعم عمليات الأطلسي في البلدين، فإلى جانب روسيا أعلنت اليابان عن وقف التسهيلات التي تقدمها لقوات الأطلسي في أفغانستان، وهو ما يشكل ضغطًا على السياسة العسكرية للحلف في هذه المنطقة، وخاصةً بعد اختلال الأوضاع الأمنية واختراقها للحدود الإيرانية وبشكلٍ يزيد من التوتر الإقليمي.

إن التدهور الأمنى يثير مسألة في غاية الأهمية، وتتمثل في عدم القدرة على بناء سياسي مستقر في ظل فوضى أمنية عارمة، فالمشاهدات المتعلقة بهذا الجانب تشير إلى وجود تعثر شديد في الانتخابات الرئاسية في أفغانستان ، هذا التعثر ليس بسبب التزوير فقط، ولكن أيضًا بسبب غياب المشروع السياسي الوطني في البرامج الانتخابية المطروحة؛ ولذلك لم تلق العملية الانتخابية تأييدًا أو حماية شعبية سواء ضد التزوير أو ضد حركة "طالبان"، وبهذا المعنى فإن نتائج الانتخابات أيًّا كانت سوف لا تساهم في تطوير العملية السياسية في الدولة بقدر ما إنها تعيد دورة الصراع مرةً أخرى، وخير شاهد على ذلك ما وقع فجر يوم 28/10/2009 م من هجومٍ على دار الضيافة التابعة للأمم المتحدة في كابل وقتل عددٍ من النزلاء الأجانب، وكذلك إطلاق الصواريخ على أحد الفنادق في كابل؛ لأنه يعتقد أن بها أجانب يشاركون في العملية الانتخابية المزمع إجراؤها، وقد أعلنت حركة طالبان مسئوليتها عن الهجومين وأعلنت أيضًا أن الهدف منهما تعويق الانتخابات، وفي ذات الوقت، فإن محاولة الرئيس الأمريكي لاستصدار قرار من الكونجرس يسمح برصد مبالغ مالية تدفع لأفراد طالبان الذين قد يرغبون في ترك السلاح والكف عن الهجوم على القوات الأمريكية وقوات التحالف لا يتوقع لها النجاح لاختلاف الحال في أفغانستان عنه في العراق.

أما على مستوى باكستان، فإن الانفجار الأمني يرتبط بشكلٍ وثيقٍ بتوسع عمليات الجيش ضد السكان المدنيين وتزايد التدخل الأمريكي سياسيًّا وعسكريًّا في الشئون الباكستانية، وهو ما يؤدي إلى نشوب ما يشبه الحرب الأهلية بين الدولة والمجتمع، وتحاول وزير الخارجية الأمريكية في زيارتها يوم 18/10/2009 م ل إسلام أباد أن تصل إلى ما تريده الولايات المتحدة بإقناع جنرالات الجيش بضرورة الاستمرار في هجومهم وعدوانهم على المدنيين بدعوى محاربة القاعدة وطالبان، الأمر الذي يستهلك قوى باكستان ويهدد أمنها القومي من داخلها.

وبالتالي فإن إمكانية بناء نظام سياسي ديموقراطي في ظلِّ الحرب والتدخل العسكري، تعد مستحيلة؛ وذلك بسبب عاملين؛ الأول، هو عدم تجانس السياسات ووسائل العمل، وثانيًا، المحاولات المستمرة لفرض الأيديولوجية الليبرالية على الشعوب وإزاحة القيم الإسلامية.