الملط يواصل فضح الحكومة للعام التاسع على التوالي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الملط يواصل فضح الحكومة للعام التاسع على التوالي
المستشار جودت الملط

كتب- أحمد صالح وهاني عادل

02-03-2009

- رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: الوزارات فاشلة وترتكب كوارث

- وزير المالية يتجاهل التقرير ويكتفي برد قصير ثم ينسحب من الجلسة

- حسين إبراهيم: التقرير يكفي لإقالة 50 حكومة ويدعو لإحالته للنائب العام

أكد المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أثناء استعراضه الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للعام 2008/2007 أمام مجلس الشعب اليوم أن حسني مبارك لم يجد مفرًّا من التدخل المباشر لمواجهة سلسلة من الأخطاء في عمل عشرات الأجهزة الحكومية.

وقال الملط: إن المناصب ضريبة يدفعها الكفء وليس ميزةً يختص بها المقرَّبون، وإن هيبة الدولة هي الضمان الوحيد للاستقرار والشعور بالأمن والأمان والثقة في المستقبل.

وأبدى أسفه لوجود بعض المسئولين بالدولة لا يأخذون الأمور الحياتية للناس بالجديَّة المطلوبة، وأن هؤلاء يتخذون قراراتهم بناءً على ما يُعرض عنهم من تقارير مكتوبة دون معايشة الواقع ومواجهة المواقف والأزمات والتصدي للمشكلات العامة، مؤكدًا أن هؤلاء يفتقدون القدرة على المبادأة كما أنهم غير قادرين على العطاء والإبداع، بل إن بعضهم يصنعون الأزمات فلا يجد الناس أمامهم إلا الرئيس مبارك يرفعون إليه شكواهم.

وأكد الملط أن هناك أزمة ثقة بين المواطنين والحكومة، مُرجِعًا ذلك إلى كثرة التصريحات الوردية على لسان بعض الوزراء والمحافظين التي لم يتحقق منها إلا النذر اليسير، وعجز بعض المسئولين عن التعامل الصحيح مع وسائل الإعلام بالشفافية المطلوبة والتحرك السريع وحسن اختيار من يتحدث إلى المواطنين عبْر وسائل الإعلام، فضلاً عن لجوء بعض المسئولين إلى التعتيم الإعلامي وإنكار حدوث أزمة في بدايتها وعدم الاعتراف بوجود أي خلل أو التقليل من شأن الحدث.

كما أرجع الملط أزمة الثقة بين المواطن والحكومة إلى إحساس المواطنين بتجاهل الحكومة هموم ومواجع وأنَّات المهمَّشين ومحدودي الدخل، متهمًا الحكومة بسوء معالجة الأزمات والكوارث.

وقال: لقد مرت بهذه الحكومة أزماتٌ وكوارثُ وحوادثُ كثيرة؛ ذكر منها أزمة الخبز وحوادث الطرق والقطارات والحرائق وغرق العبَّارات وكارثة الانهيار الصخري بهضبة المقطم في الدويقة، موضحًا أن المسئولين فشلوا في تبرير الأزمات وتركوا الأزمات تتفاقم برغم وجود مؤشرات كثيرة كانت تنذر باقترابها.

وأكد الملط أن الإدارة في مصر تعاني من أمراض مزمنة، وأن الحكومة مطالبة بتطوير قدراتها على الاكتشاف المبكر للأزمات، ويكفينا أن الرئيس تدخَّل لحلِّ أزمة الخبز.

وتطرَّق الملط إلى العديد من وقائع الفساد وإهدار المال العام واستخدام جانب كبير من أموال بعض الصناديق والحسابات الخاصة في غير الأغراض التي أنشئت من أجلها بالمخالفة لأحكام القانون، وصرف هذه الأموال على الدعاية والإعلان، ونشر التهاني والتعازي وصرف المكافآت.

مشيرًا إلى أن هناك ملاحظات عديدة واردة في التقرير؛ منها عدم الاستفادة من آلاف الوحدات السكنية التي تم الانتهاء من تنفيذها منذ فترات طويلة، وتعثر بعض المشروعات المموَّلة بقروض من بعض الصناديق والحسابات الخاصة، وتوقف البعض منها فضلاً عن عدم الاستفادة من التبرعات المحصلة والأموال المتاحة ببعض الصناديق والحسابات الخاصة، وأكد الملط أننا بحاجة إلى قانون جديد للإدارة المحلية لمواجهة التسيُّب الذي يصل إلى حدِّ الفساد في قطاع الإسكان والبناء.

وحول المديونية الخارجية على مصر أكد الملط أنها تصل إلى 33.9 مليار دولار في 30/6/2008، بما يعادل 180.4 مليار جنيه بزيادة 4 مليارات دولار عن العام السابق، في حين بلغ الدين العام الداخلي في 30/6/2008 نحو 666.9 مليار جنيه بنسبة 74.4% من النتائج المحلي الإجمالي وأن متوسط نصيب الفرد في الداخل والخارج من صافي رصيد الدين العام الداخلي نحو 8527 جنيهًا عام 2007/2008، مؤكدًا أن هناك زيادة مستمرة وكبيرة في صافي رصيد الدين العام الداخلي، وأن نسبته تعد أعلى النسب بين الدول العربية والأجنبية، وهو أمرٌ يتطلب حلولاً حاسمةً تكفل السيطرة على هذا الدَّين.

وأكد الملط أن عبء خدمة الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي أقساطًا وفوائدَ بلغت نحو 58.9 مليار جنيه عن العام المالي 2007/2008 بزيادة بلغت 5.1 مليارات جنيه عن العام المالي السابق ولقد بلغ متوسط نصيب الفرد في الداخل والخارج من إجمالي أعباء خدمة الدين العام الداخلي والخارجي الحكومة نحو 748.9 جنيهًا عن عام 2008/2007.

وكشف الملط عن استمرار وارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري مع الدول العربية والأوروبية فضلاً عن ارتفاع معدل التضخم، كما كشف أيضًا عن ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات طبقًا للنشرات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بنسبة 12.4% وفي مجموعة الطعام والشراب بنسبة 18.4% والخبز والحبوب بنسبة 30.5% والزيوت والدهون بنسبة 24.9% والخضراوات 24.1% والألبان والجبن والبيض 12.6% واللحوم 12.5% والأسماك 12.1% والفاكهة 29.2% والتعليم 26.4% والكهرباء والغاز 9.3%، مؤكدًا أن الحكومة لم تستطع السيطرة على الأسعار ولم تنجح في ضبط الأسواق ومواجهة ظاهرة تهريب السلع بالأسواق وإغراقها بالعديد من المنتجات مجهولة المصدر والمغشوشة.

وحول متابعة وتقويم الأداء الحكومي أكد الملط تدني مستوى الدعاية الصحية للمواطنين، وأنها ما زالت دون المستوى، وأيضًا مستوى التعليم بالمؤسسات التعليمية الحكومية بكافة أشكاله لعدم وجود رؤية توجيه ينفذها الوزراء فضلاً عن تخلف النظام التعليمي الجامعي.

جاء ذلك في الوقت الذي نفى فيه الملط أن يكون ذهب إلى أيٍّ من مقارِّ أي حزب من الأحزاب السياسية لمعالجة أي مستوى بهذا الحزب، وقال إن ما حدث كان في مقر إحدى لجان مجلس الشعب ويكفيني دعم الرئيس مبارك، وإنني أعتبر الموضوع منتهيًا عند هذا الحد.

من ناحية أخرى اختفى من الجلسة أي نوع من التراشق اللفظي بين الملط وغالي وعز فيما لم يتعدَّ ردُّ وزير المالية دقيقةً واحدةً، قال فيها إن له عتابًا وحيدًا على المستشار الملط لأنه لم يقم بتوزيع تقريره من قبل حتى يمكن دراسة بعض الموضوعات التي لم تذكر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة لمعالجة ما يراه من تقصير في مجال التعليم والصحة وأزمة الثقة بين المواطن والحكومة وسوء معالجة الكوارث، ثم غادر غالي الجلسة مباشرةً، وهو ما أثار غضب النواب، حيث نادى مصطفى بكري على وزير المالية، مطالبًا إياه بالبقاء، واعتبر خروجه من المجلس عدم احترام للنواب.

كذلك هاجم النائب جمال زهران وزير المالية، وقال: إن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات اعترف بأنه تعرَّض للتجريح داخل لجنة الخطة والموازنة، وردَّ الدكتور سرور مؤكدًا أن وزير المالية استأذن منه لظروف صحية، ولأنه على ميعاد لزيارة الطبيب.

وكان أحمد عز قد تحدَّث في بداية الجلسة وعرض تقرير لجنة الخطة والموازنة حول الحساب الختامي للحكومة، مشيدًا بأداء الحكومة وزيادة الدعم وانخفاض عجز الموازنة وانخفاض معدل التضخم، وطالب عز بمراجعة دعم المنتجات البترولية بعد أن وصلت مديونيات هيئة البترول قصيرة الأجل إلى 100 مليار جنيه.

من جانبه رفض حسين محمد إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين تقرير اللجنة حول الحساب الختامي للحكومة، مطالبًا بإحالة الوقائع التي وردت في تقرير الجهاز المركزي إلى النيابة العامة، وقال: للمرة التاسعة خلال السنوات الماضية أصفِّق للمستشار الملط، ثم أقف مع نفسي وأتساءل: هل هناك أي جدوى من مناقشة تقرير في منتهى الخطورة مثل هذا؟!

مشيرًا إلى أنه إذا كان المجلس يراقب السلطة التنفيذية بناءً على نص الدستور؛ فإن الرأي العام يراقب المجلس ولكنه يُصدَم كل عام بعد تجديد الثقة للحكومة، رغم أن تقرير الجهاز يكفي لإقالة 50 حكومة.

وطالب الحكومة بالكشف عن أسماء رجال الأعمال الذين لديهم متأخرات على الضرائب في مصلحة كبار المموِّلين والتي تبلغ 7 مليارات جنيه، كما تساءل عن مصير 6 مليارات جنيه ديونًا مستحقةً على المؤسسات الصحفية القومية، وأضاف: هل مطلوب من الشعب أن يدفع خسائر صحف خاسرة مدعومة من حكومة فاشلة؟!

وتساءل: حينما تكون بين الحكومة والمواطن أزمة ثقة فكيف نمنحها الثقة؟! مطالبًا بإقالة الحكومة وإحالة تقرير الملط إلى النائب العام.

وخاطب النائب جمال زهران رئيس جهاز المحاسبات قائلاً: أنت خط الدفاع الأخير عن مصر، مشيرًا إلى أن تقريره يؤكد ما يرِد في بيانات نواب المعارضة من اتهامات للحكومة بزيادة نسبة التضخم وزيادة الفوائد والعجز الكلي والديون المحلية والخارجية.

ورفض زهران ما ذكره أحد رؤساء لجان المجلس- في إشارة لأحمد عز- وقلَّل خلاله من شأن واختصاصات الجهاز، واعتبر ذلك إهانةً لرئيس الجهاز، مشيرًا إلى أن ذلك إهانة لمجلس الشعب ومؤسسة الرئاسة، وعلَّق رئيس المجلس مشيرًا إلى أن كل نائب حرّ في إبداء رأيه داخل المجلس، ومن يتلقى الرأي حرٌّ في رده، ولا يمكن اعتبار ذلك إهانةً لأحد.

كما قدَّم النائب الإخواني عصام مختار شكرَه للمستشار جودت الملط وكتيبة الجهاز النشيطة، وقال: إن تقرير العام الماضي أشار إلى أن بعض المسئولين بالدولة لا يأخذون الأمور الحياتية للناس بالجدية المطلوبة، وأنهم عاجزون عن مواجهة المواقف والأزمات وغير قادرين على العقاب، وبعضهم سيُسهم في صنع الأزمات، مشيرًا إلى أن نفس الملاحظات تكرَّرت في تقرير هذا العام، وقال إن البعض يحاول استئصال هذا الجهاز الشريف الذي يكشف عورات الحكومة.

المصدر