الموقع يحاور رئيس الحركة الشيخ أبوجرة سلطاني بخصوص اتهامات المدعو ( أنور مالك)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رئيس الحركة في حوار مع مجلة النبأ الجديد
أ. أبو جرة سلطاني.jpg

يتحدث السيد رئيس الحركة في هذا الحوار عن رئاسيات 09أفريل2009 ويحلل ظاهرة الانشقاق، ويسلط الضوء على كثير من نقاط الظل التي يعمل المنشقون على الترويج لها، ويرد على بعض الشبهات الأساسية ردودا مؤصلة، ويرسم معالم طريق المستقبل مبشرا بإعادة أسس قوية ونظرة واضحة.


النبأ: سؤال تقليدي ولكن لابد أن نبدأ به حوارنا معكم السيد الرئيس: ما هو تقييمكم لرئاسيات 09أفريل2009 كشريك في التحالف الرئاسي؟.

رئيس الحركة: انتخابات 09أبريل حولها دعاة المقاطعة إلى استفتاء حول تقرير المصير بين تيارين:

- تيار المصالحة الوطنية والاستمرارية في استكمال بناء الجزائر.

- وتيار التغيير نحو المجهول الذي صار يخافه الشعب الجزائري لأنه تيارغامض ومغامر...

فانتصرت إرادة الاستقرار وتمت " تزكية " رجل المصالحة الوطنية الذي لو عرض استفتاء جديدا حول العفو الشامل ستكون النسبة مفاجئة للجميع بما في ذلك بقايا الاستئصال من العلمانيين، فالشعب كره من الدماء والدموع و هو يبحث عن الاستقرار والأمن والرخاء ولم يعد يستجيب للدعوات المتطرفة مهما كانت الجهات الداعية لها.


النبأ: هل نفهم من كلامكم أن الشعب قد استوعب دروس المغامرين والدافعين إلى التأزيم وصار لا يثق إلا في أطراف العقد الاجتماعي الاقتصادي وشركاء التحالف؟

رئيس الحركة: هذا سبب وجيه وصحيح، وأنا شخصيا, أعتقد أن الجزائر أوسع من نداءات هذه الأطراف التي صارت أعدادها في تناقص ولكن صوتها مازال عاليا لأنها تحوز على تأييد دوائر المال والأعمال والإعلام، أما صف دعاة الاستقرار فقد توسع بفعل المأساة الوطنية..، فقد انخرط في هذه العملية الشباب والنساء، وأبناء التيار الإسلامي الذين "ناموا" 15عاما من عمر المأساة، ثم التحقوا بالركب في هذه الانتخابات، وهم الذين رجحوا الكفة ورفعوا نسبة المشاركة، بالإضافة إلى كثافة الحملة الانتخابية.


النبأ: تعني أن التيار الإسلامي صوت على بوتفليقة؟.

رئيس الحركة: في جملته نعم، وكذلك بعض المستفيدين من قانون المصالحة الوطنية ممن استطاعوا تسوية وضعياتهم الإدارية وحصلوا على حق الانتخاب والتصويت.


النبأ: وما سر هذا الإقبال الهائل على بوتفليقة؟.

رئيس الحركة: هناك عوامل كثيرة يأتي في مقدمتها ثمرات المصالحة الوطنية ثم الإنجازات الملموسة في الميدان خلال10 سنوات متتالية، ثم الورشات المفتوحة، يضاف إليها جهود التحالف الرئاسي، والنقابات و الاتحادات والجمعيات والمجتمع المدني، والحملة الانتخابية الواسعة، ووسائل الإعلام و مباركات الشيوخ والزوايا..إلخ كلها، في تقديري، عوامل صبت في وعاء واحد فطفح الكيل بأكثر من 90%.


النبأ: وكيف تفسرون دخول حركة مجتمع السلم بجناحين؟.

رئيس الحركة: لم ندخل بجناحين، لقد دخلنا بجناح واحد، و بقرار من مجلس الشورى الوطني، ونشطنا الحملة في 48 ولاية وفي الخارج،وحتى الذين أرادوا الاستثمار في الحملة دخلوا تحت مظلة المترشح عبد العزيز بو تفليقة كما دخلنا واستعطفوا الناس بصورة الشيخ نحناح رحمه الله وببعض أفراد عائلته، وقد اكتشفوا، في الميدان أنهم-خارج مؤسسات الحركة- قد يملكون صكا سياسيا مؤقتا ولكنه بلا رصيد، وأن عزهم وكرامتهم وشرفهم يكمن في العمل مع إخوانهم و في الاعتزاز بحركتهم والانضواء تحت لوائها والعمل من داخل مؤسساتها لا أن يتبنوا مواقف الحركة وقراراتها تحت عنوان جديد استنكره الناس عليهم، وقد أبلغوني بهذا الاستهجان من كثير من الولايات التي نشطوا بها تجمعات أو قاموا بعمل جواري لفائدة نفس المترشح الذي زكى ترشحه مجلس الشورى الوطني للحركة، فالناس يعرفونهم ويدركون أنهم من أبناء "حماس" كما يقولون حتى لو خرجوا من جلودهم، وحينما يقول لهم المواطنون أنتم جماعة حماس فيردون عليهم بأنهم تيار التغيير يضحكون عليهم، ويقولون لهم " تغيير ماذا"، بل منهم من نصحهم بضرورة الالتحاق بالحركة والتخلي عن هذه الممارسات الحزبية اليائسة خاصة أن حركتنا معروفة بانضباط كل المنتمين إليها، ولانتحرك إلا بشرعية كاملة.


النبأ: بعضهم يقول إنهم يتحركون بشرعية الإخوان المسلمين، فما تعليقكم؟.

رئيس الحركة: كلنا، في الإطار العام إخوان وكلنا مسلمون، وكل من يتبنى الفهم الوسطي المعتدل للإسلام يصبح – من حيث يدري أو لا يدري- منتميا فكريا وسلوكيا لمدرسة الإخوان المسلمين، أما الشرعية في العمل الميداني فمصدرها المؤتمر، و إطارها المؤسسات التي تنبثق عن المؤتمر، والقرارات لا تنبثق إلا من داخل مؤسسات الحركة ووفق قانونها الأساسي ولوائحها ونظامها الداخلي، وكل كلام خارج هذا الإطار هو كلام للمزايدة باسم مدرسة مفتوحة لكل راغب في الانتساب إليها، و كلنا "تلاميذ" فيها ونتشرف بالانتساب إليها، ونحن في حركة مجتمع السلم تعلمنا منها الكثير وصرنا نفرق بدقة ووضوح بين الرأي والقرار، وبين النصح والإلزام، فالرأي نقبله من أية جهة جاء لأنه حكمة " والحكمة ضالة المؤمن" أما القرار فلا يمكن أن نقبله إلا من باب النصيحة إذا صدرت من علماء وشيوخ نقدرهم ونجلهم، أما إذا تحولت النصائح إلى قرارات يزايد بها البعض أو يضغطون بها علينا أو يعملون على تجاوز قرارات مجلس الشورى الملزمة، أويعمل البعض الآخر على الضغط بها على مؤسسات الحركة وعلى عواطف أبناء الحركة فنقول له: نحن نفرق بوضوح وبشكل صارم بين خط الجماعة و"المناجمنت" ولا نقبل أن يتدخل أحد في تسيير حركتنا فنحن أحرار وقرارنا سيد ؟؟.


النبأ: ماذا تقصدون بالمناجمنت السيد الرئيس؟.

رئيس الحركة: رأسمال المرء، بعد إيمانه، حريته، ورأسمال كل مؤسسة هو شرعيتها ومصداقيتها وصدور قراراتها بالتداول الملزم للجميع من داخل أنظمتها ولوائحها، والرافض لقرارات مجلس الشورى ومؤسسات الحركة هو المنشق عنها، وعليه أن يعود إلى رشده ويلتحق بالجماعة ويقوّي رصيدها ورصيد الحركة وشرفها يكمنان في استقلالية قرارها عن التسيير من خارج مؤسساتها الشرعية و بالشورى، و نحن نقبل النصح من الجميع ونستفيد بالرأي و المشورة من شيوخنا وأساتذتنا، ولكنّنا لن نقبل الإملاءات الإدارية من أية جهة كانت، فالقرار قرار المؤسسات الشورية وهي وحدها المخولة للحل والعقد، أما غيرها فالنصح مشروع "..لأئمة المسلمين وعامتهم" فإذا استغل بعض أبناء الحركة من المنشقين عنها النصائح ليحولوها إلى قرارات وجب أن نذكرهم ببعض البديهيات المعلومة والتي منها أن الإسلام قد أعطى فضاءات واسعة لإدارة شؤون الناس إذا كانت ذات طابع دنيوي اجتهادي تنظيمي، ونحن بحمد الله اختلفنا في التنظيم و لم نختلف في الدين، ولا في المنهج و الفكرة والرسالة والقضية والخط..بل اختلفنا في قضايا تنظيمية ذات طابع سياسي اجتهادي داخلي، ولم يكن الاختلاف قائما على منهج ولا على فكرة ولا على خط سياسي.. إنما على تهم باطلة أراد أصحابها التملص من قرارات المؤتمر فأرادوا أن يبحثوا عن الذرائع للهروب فخاضوا في تفاصيل نهانا شرع الله عن الخوض فيها وقال في مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة".

فالقضايا الإدارية شؤون يومية تشبه " تصريف الأعمال" فكيف نصرف أعمالنا بقرارات من خارج مؤسسات الحركة الشورية؟ وكيف يعقل أن يعلن " المنشقون" عن تأسيس حزب سياسي ويبقى لهم حق النصح والاحتجاج؟؟ وما قيمة مساعي الصلح بعد أن أشهروا بيان تأسيس هذا الحزب خارج الأطر الشرعية والمؤسسية للحركة؟ اللهم إلا إذا أدرجنا هذه المساعي في منطوق قوله تعالى –قياسا مع الفارق-للاستئناس فقط:" قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون"فهي مجرد محاولات لإقامة الحجة والبراءة مما قام به هؤلاء من شق صف الحركة عندما دعوا إلى الاستجابة للمتفق عليه بعد سلسلة من المساعي الجادة لكبار العلماء والدعاة.


النبأ: وهل تمت مساعي جادة في هذا الاتجاه؟.

رئيس الحركة: يعلم الله تعالى، أنه خلال العشرة (10) أشهر الماضية، وقبل أن يعلن المنشقون عن تأسيس كيان خارج إطار المؤسسات الشرعية كنا نعمل على طرق كل الأبواب ونطلب الرأي والنصيحة من كل علمائنا وشيوخنا التماسا لبركات الشورى و قد تشكلت " لجنة صلح" مستقلة و اتصلت بكل الأطراف، وقرر مجلس الشورى الوطني تشكيل خمس لجان فرعية اتصلت بجميع إخواننا فردا فردا إلا من أبى..و لما وجدنا استجابة من بعض الإخوة في الصف الثاني والثالث، وبعض الفضلاء في الصف الأول، اقترحنا حلولا نموذجية تحفظ كرامة كل فرد وعرضناها على الشيوخ الذين نثق في علمهم وحبهم لنا وغيرتهم على الحركة وعلى علماء الجماعة فاستحسنوها وباركوها..ولما دخلنا في تطبيقها وجدنا تملصا وهروبا من قياداتهم في الصف الأول، واكتشفنا أن القضية في أساسها ليست فكرية ولا منهجية ولا سياسية ولا إدارية ولا حتى تنظيمية أو هيكلية و إنما هي قضايا نفسية تحولت إلى ما يشبه التمرد على الشرعية ورفض كل حل نقدمه من طرفنا ولو كان بتنازلات كبيرة.


النبأ: لكن بعض الأفراد في الرأي الآخر يقولون إن المشكلة مرتبطة بالمرجعية؟.

رئيس الحركة: المرجعية، أو الجماعة التي يتحدثون عنها بريئة منهم ومما يروجون له، فقد صاروا يستخدمونها كحصان طروادة لتضليل الطيبين من أبناء الحركة و لإخفاء نواياهم الحقيقية المتمثلة في إيجاد الذرائع للتملص من الحركة وتشكيل كيان خاص بهم ، فالمسألة قديمة ويعود تاريخها إلى يوم وفاة الشيخ المؤسس (رحمه الله)، فمنذ ذلك اليوم شرع بعضهم خلال العهدة الأولى 2003-2008 في تجميع الناس حول ما سموه " المجلس السياسي " الذي صار كيانا مستقلا عن الحركة، ثم شرعوا في "هيكلة" هذا الكيان بجمع الناس حولهم وطلب البيعة السريةمتمردين بهذه التصرفات على كل المرجعيات المعلومة في أدبيات الفقه الإسلامي وفي ثقافة الحركة وثقافة الجماعة التي تعلّمناها من العلماء والشيوخ لا تقر بهذه الكيفيات لأنها ترفض المناورات..فهل هذه التصرفات من ثقافة الجماعة أم من تراث المرجعية؟؟


النبأ: كيف تفهمون المرجعية إذن؟.

رئيس الحركة: الجماعة التي نعتز بالانتماء إليها فكرة ومنهاجا حددت أطر التعامل معها في تنظيم محكم تمت تجربته في الميدان و ثبتت نجاعته، فهناك خمسة مستويات في فكر الجماعة وفي أدبيات الحركة تتداخل وتتكامل لتصنع المرجعية في شكل خمس دوائر أوسعها المرجعية الإسلامية العليا المتمثلة في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأضيقها مرجعية التنظيم وبينهما الفكرة، والمنهاج، والرسالة، والقيادة، وكلها خاضعة لشرط الالتزام بالإسلام والدفاع في سبيله في إطار الضوابط الشرعية والحرية التي يكفلها الدين نفسه لكل معتنقيه.


النبأ: نفهم من كلامكم، فضيلة الشيخ، أن الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ليس بالضرورة " انتماء تنظيميا" إذا التزم كل قطر بتعاليم الإسلام واستوعب فكرة الوطنية والاعتدال وأخذ بمنهج الجماعة؟ أي التزام الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتطرف وفهم الإسلام وفقا للأصول والأركان المعتمدة في أدبيات الإخوان.

رئيس الحركة: هذا بالضبط ما قصدته، فالإسلام نفسه لا يفرض شكلا واحدا من أشكال "التنظيم" ولا يفرض نموذجا واحدا لإدارة الشؤون الداخلية لأية جماعة ترى نفسها ملزمة بالأخذ بخط الوسطية والاعتدال، لأن الإسلام أوسع من التنظيم، وأوسع من الجماعة، وأوسع من الحركة، فلا توجد اليوم، في العالم كله "جماعة المسلمين" وإنما توجد جماعات للمسلمين، كل واحدة تجتهد في قطرها بخصوصياتها لنشر الفكرة وحمل الناس عليها بالتربية والدعوة والعمل السياسي، فالدين أوسع من كل هذه الجماعات، بل هو أوسع من المذاهب الفقهية نفسها، فالمذهب اجتهادات علماء أعلام وأئمة أفذاذ هدفهم تسهيل الفهم وجمع كلمة الأمة وصياغة تنظيم شرعي باجتهاد بشري لفقه العبادة، وسياسة الناس، و أخلقة السياسة والاقتصاد والاجتماع و "تنظيم" العمران وفقا لسياسة شرعية قائمة على اجتهادات بشرية لحمل الناس على التعاون والتنسيق في القضايا الكبرى ذات الآثار المتعدية، فلا يوجد " قالب" واحد يصب فيه كل تنظيم و لا يوجد نموذج مثالي محدد للدولة، فحيثما تكون المصلحة فثم شرع الله.


النبأ: لكن بعض الإخوة يرون أن "مركزية القرار" شرط من شروط الولاء، أو هكذا يفهمون؟.

رئيس الحركة: هذا قياس غير صحيح وغير واقعي، وغير عملي، و نظرة غير صائبة، والذين يتحدثون اليوم عن مركزية القرار يقيسون وضعنا التنظيمي في العالم اليوم على أنظمة الخلافة الراشدة أو الخلافة الإسلامية التي يشترط في القياس عليها جملة من المحددات يأتي في مقدمتها وجود سلطة مركزية قادرة على بسط النفوذ، وحماية البيضة واستقلالية القرار، وتأمين الحريات، والقدرة على المكافأة والعقاب...أي وجود دولة مركزية وولايات إسلامية وعهد وعقد..إلخ، وكلها شروط غير متوفرة في عالمنا اليوم، ولذلك فوضعنا أشبه ما يكون بوضع الشعوب التي تعيش الشتات وهي تبحث عن آليات "تجميع" نفسها لضمان بقائها أولا وإثبات وجودها وكينونتها ثانيا، فكيف تتحدث عن قرار مركزي في عصر انتهت فيه الأنظمة الشمولية وشاعت فيه مفاهيم الديموقراطية المحلية تطبيقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:" أنتم أعلم بشؤون دنياكم".وإدارة شؤون الحركة وتنظيم سيرها باللوائح ليست مسألة عقيدة وفقه ودين وإنما هي مسألة اجتهاد تنظيمي محلي لما تصلح به سياسة الناس بالــــدعوة و بالعقيدة والفقه والدين، فكيف تختلط عند البعض الوسائل بالغايات، والكل يهتف أن " الله غايتنا".


النبأ: على ذكركم الشؤون الدنيوية، هل التنظيم مسألة دينية أم هو شأن دنيوي؟.

رئيس الحركة: التنظيم ليس غاية ولا مقصدا، وإنما هو " واجب" لا يتم واجب إنضاج الفكرة ونشرها في الناس إلا بتنظيم الجهود، كما أن تطبيق المنهج ونشر رسالة الإسلام لا يمكن أن يتحركا في أجواء من الفوضى والارتجالية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومن هنا فاللوائح هي التي تنظم هذا الواجب وتعطيه قوة الإنفاذ بالشورى من داخل المؤسسات لضمان وحدة الصف وتوظيف الطاقات وتفعيل الكفاءات والقدرات، وتشجيع المحسنين ومعاقبة الخارجين عن شرعية المؤسسات وفق لوائح متفق عليها، وكل تنظيم له شرعية القول للمحسن أحسنت ومكافئته وللمسيء أسأت ومعاقبته بشروط مكتوبة متفق عليها سلفا ومدونة في وثائق رسمية يتم الاحتكام إليها حال النزاع دون المساس بخصوصيات الأفراد ومكانتهم العلمية والدعوية وحقهم في إبداء الرأي داخل المؤسسات الشورية.


النبأ: لكن البعض يتحدث عن الرأي الآخر، والفريق الآخر..وحتى التيار الآخر الذي خرج على الحركة وأنشأ حزبا جديدا الذي لا يعترف لكم لا بالشرعية ولا بالمؤسسات ولا بالشورى، كيف تتعاملون معه؟.

رئيس الحركة: نحن ليس لنا سلطة على عقول الناس ولا على قلوبهم، فكل ما بيننا وبينهم هو التزام معنوي خاضع لسيادة مؤتمر ولقرار مؤسسات شورية، فإذا ظهر من يرفض نتائج المؤتمر ويتمرد على شرعية المؤسسات المنبثقة عنه ويسمي نفسه رأيا آخر أو تيارا آخر ويرفع راية حزب جديد فهو حرّ ويتحمل تبعات خياره، ولكنه في كل الحالات يكون بهذا السلوك قد فصل نفسه من الحركة وحكم على نفسه بشيء آخر غير الذي تم الاتفاق عليه في المؤتمر وأفرزته مؤسسات الحركة، وفي هذه الحالة هو مخير بين أمرين:

- إما حل كل " هياكله" الجديدة والإعلان عن ذلك بصراحة ووضوح ثم العودة إلى شرعية المؤتمر والنزول عند قرارات المؤسسات، وله بعد ذلك كل الحق في إبداء الرأي والدفاع عن قناعات أفراده من داخل مؤسسات التداول الشورية.

- وإما أن يستمر في عناده وفي التمسك بأطماح الحزب الجديد،فيكون بذلك خارجا عن الشرعية وما عليه إلاّ أن يقطع صلته بالحركة ويتخذ لنفسه، بعد ذلك، اسما آخر وعنوانا آخر، ومنهجا آخر، ويرفع راية أخرى ويتحمل مسؤولياته في المنشط والمكره ونحن ندعو له بالتوفيق، فأرض الله واسعة والجزائر تستوعب كل أبنائها وبناتها بل وجميع الوافدين إليها من الأقطار الشقيقة والصديقة، والحركة تستوعب كل أبنائها وترحب بكل مؤمن بأهدافها النبيلة.


النبأ: بعض أفراد هذا التيار رفضوا الالتحاق بالمنشقين وما زالوا ينادون بطريق ثالث؟ . رئيس الحركة: ما هو هذا الطريق الثالث؟.


النبأ: يقترحون تتنازل الطرفين والذهاب إلى "طرف ثالث" يتفق عليه الطرفان ويكون بهذا الحل قد رضيت جميع الأطراف.

رئيس الحركة: للأسف، هذا البيان جاء متأخرا عن وقت الحاجة لسببين: الأول أنه لا نجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أية إشارة إلى إنشاء جماعة ثالثة أو "طائفة" ثالثة بتعبير القرآن الكريم حال نزاع المؤمنين، بل نجد توجيها إلى ضرورة تعاون الجميع على محاربة " التي تبغي" متى تأكد بغيها،حتى تفيء إلى أمر الله ثم بعد صحوة الضمير تأتي عمليات الإصلاح بينهما، والثاني هو أن التسليم بالطريق الثالث يفتح الباب أمام أطماع جديدة و يجعل فرقة جديدة تنادي بالطريق الرابع والخامس...إلى أن نقع جميعا في شر التنازع ثم الفشل وذهاب الريح لا سمح الله، وإذا فتحنا باب الاجتهاد في ما تسميه طريقا ثالثا فإن من حق كل مناضل أن يتقدم بمبادرة جديدة تدعو إلى طريق رابع وخامس..حتى ننقسم إلى 73 شعبة ويضيع الحق وتضيع مصلحة الدعوة ومصالح الناس..


النبأ: لكن المشكلة أن التيار الآخر ، الذي أنشأ حزبا جديدا، يعتقد بعض أنصاره أنهم هم أصحاب الحق؟.

رئيس الحركة: المسألة تنظيمية، كما قلت لكم سابقا، و نحن لا ننظر إلى المسألة على أساس أنها حق وباطل وإنما هي خلاف تنظيمي بين مؤسسة وأفراد، على دعاة الطريق الثالث الوقوف مع المؤسسة لا مع الأفراد، و"يد الله مع الجماعة" أما الأفراد فخارجون عن المؤسسة ومتمردون على الشرعية، والحق هنا ليس ملكية يدعيها من يشاء، وإنما هو اتفاق بين المؤمنين داخل مؤسسات شورية وبشرعية مؤتمر اجتمع له 1400 مندوبا من 48 ولاية ومن ممثلي الجالية بالخارج، وقد قال المؤتمرون كلمتهم في القيادة بانتخاب وتزكية وبـــشورى وديموقراطية، وعقد و تزكية الجهات المخولة وشروط أملاها أصحاب الحل والعقد – بلغة السياسة الشرعية- وقد تعلمنا من أصحاب الرأي الآخر خلال المؤتمر الثالث أن مجلس الشورى الوطني هو جهة الحل والعقد، ومجلس الشورى الوطني قد انتخب رئيسا ونائبين له كما انتخب رئيس مجلس شوري ونائبا له ووضع بين أيديهم أمانة الجماعة وأمرهم بالمضيّ على بركة الله، وهو يحاسبهم سنويا، أما المتمردون على شرعية المؤتمر الرابع وعلى مجلس الشورى الوطني وعلى كل مؤسسات الحركة، فلم ينتخبهم أحد ولم يزكهم أحد، ولم تفوضهم مؤسسات الحركة للتحدث باسمها، ومع ذلك فهم إخواننا وباب الحركة مفتوح على مصراعيه أمام كل راغب في العودة إلى الشرعية برغم أننا كنا نسمع كل يوم بأنهم ينظمون أنفسهم ويتأهبون للخروج بشيء ما إلى أن نشروا ما أسموه " بيان التأسيس" مباشرة بعد انتخابات 09 أفريل2009 وأعلنوا انشقاقهم عن المؤسسات و خروجهم عن الحركة، وقد عقدنا دورة استثنائية لمجلس الشورى الوطني بعد إعلانهم وقررنا إبقاء باب بيت الحركة مفتوحا لكل راغب في العودة إلى صف إخوانه .


النبأ: تقصدون بعد خروجهم بحزب مثلا؟.

رئيس الحركة: نعم، مهما حدث و مهما حصل منهم فهم إخواننا، و مهما كانت الصفة التي خرجوا بها أو الإطار الذي أعلنوا عنه يبقى كل واحد منهم أخا لنا وله كل " الحق" في العودة إلى بيته متى شاء..وغم مرارة ما جاء في تبريرات إنشائهم حزب جديد خارج أطر الحركة، نسامحهم على هذا الاجتهاد السياسي العـارض،و سوف يكتشف أبناء الحركة وبناتها جميعا صحة أو بطلان ما جاء في تبريرات خروجهم بكيل تهم باطلة تتحدث عن الانحراف عن الخط ومخالفة منهج الشيخ المؤسس رحمه الله وانحراف القيادة وسواها من مزاعم باطلة كلها سوف يذوبها الواقع عندما يواجهون أبناء التيار الإسلامي الذي يكره الانقسام ويدير ظهره لكل شاق لصف الجماعة مهما كانت مبررات الخروج، ولقد حذرهم كل العلماء والدعاة وحتى إخوانهم في النهضة و في الإصلاح وحتى بعض أبناء الحزب المحل حذروهم جميعا من مغبة هذا التصرف ولكن إذا نزل القدر عمي البصر.


النبأ: سؤال ما قبل الأخير، هل وضعتم في حسبانكم كل الاحتمالات الممكنة لتعويض الخارجين عنكم بأمثالهم حتى لا تضعف الحركة أو تهتز ثقة الناس فيها؟.

رئيس الحركة: أبشركم أن أعدادا هائلة من أبناء الحركة المتوقفين ومن أبناء التيارات الإسلامية كلها بدأوا يطرقون أبواب الحركة يوميا معربين عن رغبتهم في الالتحاق بصفوفها، ويقولون لنا إن حركة مجتمع السلم صارت مكسبا مهما للاستقرار وتجربة رائدة في العمل الإسلامي في العالم، وأننا بصدد بحث هذا الموضوع، والحركة التي تجاوزت محنة انتقال مؤسسها إلى رحمة الله سنة 2003-2008 قادرة، إن شاء الله، أن تعيد بناء نفسها من جديد على قاعدة من الولاء للمشروع والمنهج والرسالة للانطلاق نحو آفاق رحبة تنتظرنا في مقدمتها القضية الفلسطينية.


النبأ: سؤال أخير، هل ما زلتم تنتظرون فائدة من مساعي الصلح؟.

رئيس الحركة: كل مسعى فيه خير نشجعه بشرطين:

1. أن يكون من داخل المؤسسات وفي إطار الشورى.

2. أن ينطلق من نية صادقة في إقناع الشاردين بالعودة إلى الصف، وليس دعوة المؤسسات إلى التنازل عن الشرعية لفائدة المنشقين، ومع ذلك نقدر إخلاص جهود كل من تطوع لإصلاح ذات البين لأن فساد ذات البين هي الحالقة " أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين"

والله ولي التوفيق

المصدر