النظام الخاص حقائق وافتراءات في تاريخ الإخوان المسلمين الحلقة الثانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
النظام الخاص .. حقائق وافتراءات فى تاريخ الإخوان المسلمين
"الحلقة الثانية"

إعداد موقع إخوان ويكي

الحلقة الثانية


تحدثنا في الحلقة السابقة عن طبيعة الأعمال والمنظمات السرية التي تصدت للمستعمر الإنجليزي، كما تحدثنا عن وجود منظمات علنية وكان هدفها خدمة الأحزاب التابعة لها وتحقيق مصالحها والتصدي لمنافسيها من الأحزاب الأخرى مثل القمصان الزرقاء التابعة لحزب الوفد وأيضا القمصان الخضراء التابعة لحزب مصر الفتاة، غير أنهم كانوا دائمي الصدام مع بعضهم البعض فقامت وزارة محمد محمود باشا في يناير 1938م بحلِّ تلك الفرق العسكرية.

وذكرنا أيضا وجود بعض المنظمات العسكرية السرية مثل جماعة أولاد عنايت وحسين توفيق والقبضة الحديدية التي كانت تتبع حزب الوفد وكان يرأسها أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي وكان من ضمن أفرادها إبراهيم عبدالهادي، وأيضا الحرس الحديدي والذي كان يتبع القصر مباشرة.

ومن ثم فلن يكون التنظيم الخاص للإخوان المسلمين هو التنظيم العسكري الوحيد الذي وجد على الساحة المصرية، وإن كانت هذه التنظيمات أنشأت من أجل أهداف نبيلة وهي التصدي للمحتل البريطاني، وزاد الإخوان هدفا آخر وهو التصدي للعصابات الصهيونية التي كانت تعمل على سلخ فلسطين من قلب العالم الإسلامي.

وفي هذه الحلقة نتعرف على حقيقة النظام الخاص لدى الإخوان المسلمين.

النظام الخاص للإخوان المسلمين

الجهاز الخاص ،أو الجهاز السرى كلها مسميات للنظام الخاص للإخوان المسلمين ، أما من يسميه بالتنظيم السرى استنادا إلى أنه تنظيم سرى ،فهذا حق ،لكن الإخوان الذين قاموا بإنشائه أطلقوا عليه النظام الخاص فلابد من الالتزام بالتسمية التى عرف بها ،أما غير ذلك من المسميات فلا وجه لها من الصحة فهى تسمية حسب الأهواء.

والنظام الخاص بطبيعة أهدافه كان تنظيماً سرياً مدرباً على استخدام الأسلحة المختلفة ،وقد أنشىء من أجل:

1- محاربة الإنجليز فى مصر

2- محاربة الصهيونية فى فلسطين.

لذلك كان لابد من السرية حتى لا ينكشف أمره ويصبح عرضة للقضاء عليه، لأن الإنجليز لن يسمحوا بقيام أى تنظيم مدرب للقضاء عليهم.

وكما ذكرنا من قبل قيام بعض المجموعات العسكرية السرية المدربة لأهداف وطنية، وقاموا باغتيالات للانجليز وعملائهم فى مصر، فإن الإخوان المسلمين كان تفكيرهم العسكري أعمق وتنظيمهم أدق وأشمل وتدريبهم على أعلى مستوى ،لذلك فالفرق كبير فى التماسك والتنظيم والتدريب والقوة والتأثير بين النظام الخاص للإخوان المسلمين والتشكيلات العسكرية السابقة ؛لأن الإخوان انطلقوا فى ذلك من عقيدتهم الإيمانية التى تتمنى الشهادة فى سبيل الله، والتى تدعوهم إلى الأخذ بوسائل القوة فى محاربتهم لأعداء الله، وأعلنوا ذلك صراحة :الجهاد سبيلنا ،والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا؛ أما المجموعات العسكرية السابقة فقد قامت لأهداف وطنية بحتة ،أما الإخوان فأهدافهم وطنية تنبثق من عقيدة إيمانية كما سنرى.


نشأة النظام الخاص وتنظيمه

أنشىء النظام الخاص لأهداف ثلاثة :

1. إخراج الإنجليز من مصر بالقوة المسلحة .

2.التصدى العسكرى للمخطط الصهيونى فى فلسطين .

3.حماية الدعوة من الاعتداءات التى تتعرض لها من الأحزاب , وما يدبر للقضاء عليها .

بعد أن اتضح تواطؤ الإنجليز والأمريكان مع الصهاينة على تسليمهم فلسطين ،أدرك الإخوان المسلمون أن المستعمرين لن يعدلوا عن ذلك إلا مكرهين ، وأيقن مرشد الإخوان حسن البنا أن الإنجليز يسلحون عصابات اليهود ، كما أدرك أيضا أن الحكومة المصرية والحكومات العربية أغلبها متخاذلة إن لم يكن بعضها متواطئ مع الإنجليز لذلك قرر المرشد فى إنشاء نظام سرى يواجه به مسئوليات هذا الفهم إزاء التحرك الصهيوني فى فلسطين الاحتلال البريطاني لمصر.....'"أنظر صلاح شادي : صفحات من التاريخ ، حصاد العمر"'.

كانت الأمة الإسلامية غافلة حين كانت الحركة الصهيونية تولد وتشب وترسم وتخطط وقد جعلت هدفها الأول انتزاع فلسطين من المسلمين وإقامة وطن يهودى بها فى قلب العالم الإسلامي. وسارت الحركة أشواطا نحو تهجير اليهود من كل بقاع العالم إلى فلسطين. كان أكثر هؤلاء من القطاع الشيوعى وهذه ملاحظة لابد من الوقوف أمامها للربط بين الصهيونية الأم والشيوعية المولودة. فكانت الأفواج الأولى التى غذت قيام دولة اسرائيل من اليهود الروس ثم من يهود بولندة ورومانيا والنمسا. وكان التمويل يأتى من الغرب, من انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة. وبدأت حركة شراء الأراضى بفلسطين وإقامة المستعمرات اليهودية عليها....."أنظر أحمد عادل كمال : النقط فوق الحروف".

القوة فى فهم الإخوان المسلمين

إن القوة فى النظام الإسلامي مطلب مقصود لذاته ، مهما تحقق للأمة استقلالها وحتى لو أظلها حكم الإسلام ، لظل التدريب على الأسلحة والتجمع لبذل المعروف وإنكار المنكر بشرائطه الشرعية واجبا تنهض به وله أمم المسلمين، ويسعى كل مسلم صادق لتحقيقه فى نفسه ، ودعوة الناس إليه ، وحضهم عليه ، والمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . . . ولا يزال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم يشرح للناس معنى القوة الواردة ن الآية : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) فيقول : "ألا وإن القوة " الرمى " ويكررها ثلاث مرات ثم لا يلبث أن يجعل الرمى عبادة فيقول . " من تعلم الرمى ثم تركه فقد عصاني " ! !

وهكذا يصبح التدريب على السلاح وتنشئة النفس على مشاق الحياة بالرحلات ونحوها ، هدفا يطلب لذاته ، ويظل الفرد عاكفا عليه لحفظ معنى الرجولة فيه ، وعدم عصيان الله بنسيانه ! !

وإذن فدعوة الإمام البنا للقوة فى مظاهر تنظيماته المختلفة لا تعني بالضرورة التخريب وقلب أنظمة الحكم كما يدعى البعض ، ولقد نجح الإحتلال البريطاني وأعوانه من الحكام المصريين فى تركيز مفهوم خاطئ فى عقل الشعب ووجدانه مضى به إلى الاعتقاد بأن استكمال عدة القوة جريمة ! لأنها تمثل لدى الإحتلال البريطاني وأذنابه مواجهة تسقط معها حيله وألاعيبه التى بدأت منذ أن سمى وجوده فى البلاد التى يحتلها استعمارا !

بينما هو فى الحقيقة تخريب لطاقات الأمة ، ورجولة شبابها ، وإضاعة لثرواتها ، وكرامتها وحريتها ! فإذا جاء حسن البنا ليقدم لهذا الشعب المقهور معنى جديدا من كتاب الله يغسل به ما تراكم من ذل الاستعباد فى النفوس . فأقام الفرد على عقيدة التوحيد ليستكمل بها عدته من مدد السماء . . ودعاهم إلى تكوين أمة تستظل بشريعة القرآن لتحفظ لنفسها القوة والمنعة . ودعا الحكومات بعد ذلك إلى توحيد قوتها تحت راية الخلافة الإسلامية ، فلا يتصور أن يكون منزعه فى هذا الصدد مظهرا من مظاهر العنف أو صورة من صورة الاستعلاء بالقوة على الحق ،أو إبراز العضلات لوأد معنى الحرية فى الناس ،أو علمهم بالإكراه على التبعية لجماعة ، وإذا جرى فى مخيلة أحد هذا الظن فقد جانب به الحق والصواب ! .

القوة والثورة

يقول الإمام الشهيد حسن البنا فى رسالة المؤتمر الخامس : " أما القوة فشعار الإسلام فى كل نظمه وتشريعاته فالقرآن ينادي فى وضوح وجلاء (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) . . . بل إن القوة شعار المسلم حتى فى الدعاء وهو مظهر الخشوع والمسكنة ، واسمع ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم فى خاصة نفسه ويعلمه أصابه وينادى به ربه " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، أعوذ بك من العجز والكسل ،. وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال وهكذا استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل مظهر من مظاهر الضعف ، ضعف الإرادة بالهم والحزن ، وضعف الإنتاج بالعجز والكسل ، وضعف الجيب والمال بالجبن والبخل . . . وضعف العزة والكرامة بالدين والقهر ! ! "

ثم يستطرد فيقول :

والإخوان المسلمون - أعمق فكرا وأبعد نظرا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر فلا يغوصوا فى أعماقها ولا يزنوا نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها ، فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة العقيدة والإيمان ، ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط ، ثم بعدما قوة الساعد والسلاح ،ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعانى جميعا ، فإنها إذا استخدمت قوة الساعد وهى مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خاملة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء والهلاك .

ثم يتساءل الإمام البنا فيقول :

ولكن هل أوصى الإسلام - والقوة شعاره - باستخدام القوة فى كل الظروف والأحوال أم حدد لذلك حدودا واشترط شروطا ووجه القوة توجيها محدودا . " وهل تكون القوة أول علاج أو أن آخر الدواء الكي " .

وبعد هذه الأسئلة يجيب السائلين فيقول :

إن الثورة أعنف مظاهر القوة،ومن هنا كان نظر الإخوان المسلمين إليها أدق وأعمق وبخاصة فى وطن كمصر جرب حظه فى الثورات فلم يجن منها إلا ما تعلمون ، وبعد كل هذه التقديرات أقول لهؤلاء السائلين : إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وهم حين يستخدمون هذه القوة يكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولا وينتظرون بعد ذلك ، ثم يقدمون فى أمة وعزة ويحتملون كل نتائج موقعهم هذا بكل رضاء و ارتياح . أما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها . . وإن كانوا يصارحون كل حكومة فى مصر بأن الحال إذا دام على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر فى الإصلاح العاجل وفى العلاج السريع ، فسيؤدى ذلك حتما إلى ثورة ، ليست من الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم!!....."انظر: مجموعة الرسائل للإمام حسن البنا ، صلاح شادي : صفحات من التاريخ ، حصاد العمر".'

نشأة النظام الخاص

ومن هنا نبتت فكرة " النظام الخاص " للدفاع عن الدعوة، حيث اعتبر الإخوان أن قضية فلسطين قضيتهم، وأن الإنجليز بتواطئهم مع اليهود لن يعدلوا عن خطتهم ويسلموا البلاد لأهلها إلا مكرهين، وأن الإنجليز يسلحون عصابات اليهود، وأنه لابد من معركة فاصلة بين [الإخوان المسلمين] وبين هذه العصابات مادام الإخوان مصرين علي تحرير هذه البلاد وإنقاذ المسجد الأقصى الذي هو هدف اليهود الأصيل ... وأدرك الأستاذ المرشد أن الحكومة المصرية والحكومات العربية حكومات ضعيفة هازلة متخاذلة بل متواطئة، وأن ليس في البلاد العربية جيوش سوي الجيش المصري ، ولكن هذا الجيش من الهزال والجهل وعدم الخبرة بحيث لا يقوي علي مواجهة عصابات اليهود المدربة المسلحة بأحدث أسلحة الإنجليز الأمريكان والتي تحارب عن عقيدة مستمدة من دينهم ... أدرك الأستاذ المرشد هذا أيضًا فكان ذلك حافزًا علي سرعة الاستعداد لتكوين "النظام الخاص"، ومن المعروف أن علاقة الإخوان بدأت بقضية فلسطين في وقت مبكر حينما أرسل الإمام البنا رسالة للحاج أمين الحسيني في المؤتمر الذي عقد نصرة لفلسطين، وليس ذلك فحسب بل ساعد الإخوان الثورة الفلسطينية التي اندلعت بقيادة الشهيد عز الدين القسام عام 1936م .

وبعد البحث والتدقيق تبن لنا أن بداية إنشاء النظام الخاص ترجع إلى عام 1940 كما يشير إلى ذلك محمود عبد الحليم -والذي كلفه الإمام البنا بتشكيل هذا الجهاز- بقوله:

في عام 1940 دعا الأستاذ البنا خمسة منا هم : صالح عشماوي وحسين كمال الدين وحامد شريت وعبد العزيز أحمد ومحمود عبد الحليم ، وعرض علينا الدواعي التي رآها تقتضي الاستعداد وإنشاء نظام خاص تواجه الدعوة به مسئولياتها في المستقبل ... واقتنعنا برأيه فكون منا نحن الخمسة قيادة هذا النظام وعهد إلينا بإنشائه وتنظيمه وتدريبه.

لكن يذهب الأستاذ صلاح شادي فى كتابه صفحات من تاريخ الإخوان إلى أنه تم إنشاؤه سنة 1945 ، لكن التاريخ الذى ذكره محمود عبد الحليم أدق، لأنه كان أحد الخمسة التى عهد إليهم بإنشاء النظام الخاص.

ويقوم الجهاز الخاص على الأسس العامة الآتية:

1- العسكرية الإسلامية القوية النظيفة، وعلي أن يحاط بالسرية المطلقة بحيث لا يعرف عنه أحد شيئًا إلا أعضاؤه.

2- أن يكون تمويله من جيوب أعضائه ؛ لأنه علامة الجد فيمن تقدم للتضحية بروحه أن يضحي بماله.

3- ترتيب القيادة بحيث يكون صالح عشماوي الأول باعتباره المتفرغ الكامل ويليه كمال الدين حسين فمحمود عبد الحليم فحامد شريت فعبد العزيز أحمد.

4- يتم ضم الأفراد الجدد ممن يتوسم فيهم الجد وعمق الفهم والاتزان، وعرضت عليهم الفكرة فاستجابوا لها.

5-يتشكل النظام من الموظفين والعمال الفنيين ذوي الثقافة الإسلامية والطلاب، وكان هؤلاء جميعًا هم الرعيل الأول في هذا النظام.......أنظر: محمود عبد الحليم :الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1414هـ/1994م.ص 256 وما بعدها.

وقد تركز العمل فى هذا القسم على محمود عبد الحليم الذى كان مندوبا للطلبة فى القاهرة ، فاستطاع أن يجند مجموعة من الطلبة كانوا نواه لهذا النظام، وأن بجند كذلك شبابا من الموظفين، ومجموعة من العمال الفنيين كانوا الرعيل الأول الذي أقام عليه محمود عبد الحليم بناء النظام الخاص. يصف ذلك بقوله: وقسمت هذه المجموعات إلى أسر كانت تباشر نشاطها العام فى الجماعة كسابق عهدها، فلم تكن خصوصية هذا النظام لتعيق باقى أنشطة الدعوة لدى الفرد.


قيادة النظام الخاص

تتكون قيادة النظام من خمسة أفراد يمثلون الصف الأول في قيادة النظام ويرأس كل منهم مجموعة تتكون من خمسة أشخاص فيكون مجموع الأفراد الجدد عشرون فردًا يمثلون الصف الثاني في قوة النظام، ثم يرأس كل فرد من هؤلاء الخمسة مجموعة أخرى تتكون من خمسة أشخاص فيكون مجموع الأفراد الجدد ثمانون فردًا يمثلون الصف الثالث في قوة النظام وهكذا إلى ما لا نهاية.

وبهذا التسلسل يكون الأفراد الذين يمكن أن يتصل بهم أي عضو من أعضاء النظام فيما يتصل بأعمال النظام لا يزيد على ثمانية أفراد، وفي هذا ضمان لسرية أعمال هذا النظام في حالة وقوع أي فرد من أفراده في قبضة الأعداء وتعرضه للتعذيب للإدلاء بأسماء من يعرفهم من الأعضاء.

و هؤلاء الخمسة المسئولين عن النظام الخاص هم:

وهم على هذا الترتيب في قرار الاتهام وبنفس الترتيب في قيادة النظام......"أنظر: محمود الصباغ  : حقيقة التنظيم الخاص .ص73"

عمليات التكوين

يتم انضمام الأفراد الجدد إلى النظام بأن يرشح أحد الأفراد شخصًا يرى من روحه ما يناسب التجنيد، ثم يرسل الترشيح إلى القيادة العليا مرفقًا به بيان الأسباب التي دعت الفرد إلى هذا الترشيح، مع تقرير شامل عن حالة المرشح صحية واجتماعية وطباعه البارزة وميوله الحزبية وثقافته، ويذكر أمام كل حالة التفصيلات الخاصة به......أنظر: محمود عبدالحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، القاهرة، الطبعة الخامسة،1414هـ/1994م.ص 256 وما بعدها.

ومما ينبغي التذكير به أن هذا الرعيل الأول اشتركوا في حرب فلسطين سنة 1948 وقد أبلوا فيها أعظم بلاء شهد به الأصدقاء والأعداء، وقد استشهد كثير منهم علي أرضها الطاهرة.


برنامج النظام الخاص التدريبى

1-يقسم الأفراد إلي أسر خاصة بهم مع تسلسل القيادة واشتراكهم في جميع أوجه النشاط العامة للدعوة.

2-برنامج ثقافى يتم فيه دراسة عميقة مستفيضة للجهاد في الإسلام وما جاء بشأنه في القرآن الكريم من سور وآيات وما جاء بشأنه في السنة النبوية والتاريخ الإسلامي القديم والحديث.

3-الجانب العبادى والإيماني، فيحافظ على العبادات والصيام.

4-التدريب علي الأعمال الشاقة.

5-التدريب علي التخاطب والتراسل بالشفرة .

6-التدريب علي استعمال الأسلحة.

7-السمع والطاعة في المنشط والمكره وكتمان السر.

8-يتم التدريب على استعمال جميع الأسلحة ويتم التدريب أولا على السلاح الخفيف مثل طريقة استخدام جميع أنواع المسدسات مثل المسدس الإيطالى الصنع من طراز باريتا عيار 9 مم ويتم شرحه شرحا تفصيليا وافيا من ناحية حركته الميكانيكية وكيف يعمل, ثم التعرف على تركيبه ومكوناته ,ويتم شرح شفوى لكيفية استخدامه ، ثم يطلب من كل الأفراد أن يعيد ذكر الشرح الذى سمعه.

9-يتعرف الأعضاء على لائحة النظام الخاص ويناقشونها مع بعضهم, ويتم دراسة رسائل مطبوعة فى مواد مختلفة كالقانون الجنائي وقانون تحقيق الجنايات والإسعاف وحرب العصابات. أما التدريبات العملية ، فكانت فى رحلات تدريبية كان بعضها فى جبل المقطم يتدرب فيه على إطلاق النار من أنواع مختلفة من المسدسات.

10-يتم الكشف الطبى على أعضاء النظام الخاص ومعرفة مدى لياقتهم الطبية ، ويتم الكشف على النظر والأعصاب والقلب والضغط والصدر والمعدة... الخ, وأخذ عينات من البول. ويسجل الدكتور كل النتائج التى حصل عليها فى استمارة مطبوعة خاصة بذلك مع مقاس الصدر والطول, ثم شهد لنا باللياقة الطبية.

11-يتم التدريب على توزيع المنشورات، والتعرف على مختلف الأسلحة وطريق استعمالها، وكان أعضاء النظام الخاص يشترون السلاح من أموالهم الخاصة من التجار الذين يجمعون السلاح من مخلفات الحرب العالمية الثانية .

وكما نرى فإخوان النظام الخاص كانوا صفوة منتقاة لصفات معينة ثم تعهدها النظام بمزيد من التربية والتكوين والصقل والتأهيل فكانت الثمار رجالا لا يبالون وقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم, رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه" فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر". هم رجالا بذلوا من أموالهم وأرواحهم وأمنهم وحرياتهم ومن مستقبلهم ومن أقوات أولادهم وزوجاتهم وآبائهم وأمهاتهم ومن أمنهم وأرزاقهم ما عز نظيره وما يؤرخ لهم به.

كما كانوا الروح الدافعة فى المجال العام سواء الشعب وأقسام المركز العام خاصة قسم الطلاب وقسم التربية البدنية وقسم العمال.


البيعة في النظام

تتم البيعة بأن يضع الفرد يده على المصحف والمسدس ويقسم قسم البيعة، وقد بالغ الكثيرون فى اتهام الجماعة بالديكتاتورية، ومصادرة رأى الأفراد وحريتهم ،وأن الفرد لا شخصية له.

والحقيقة إن من ينظر بعين الإنصاف يجد أن أى حزب لديه قاعدة أساسية فى بناء الحزب هى الالتزام الحزبى وتعنى أن يلتزم أفراد الحزب بقرارات الحزب والسياسة العامة له أو النظام الذى أنشىء من أجله، ولا يستطيع أى فرد أن يعترض ويهاجم ويحمل الجميع على رأيه، فإن مصيره بلا شك خارج هذا الحزب. وإذا نظرت إلى بعض المهن -كالمحاماة والطب مثلا- تجد أن لها قسما يقسم به العضو على الالتزام به والمحافظة على آداب المهنة وأسرارها، وإذا فعل ما يخالف ما أقسم عليه يتعرض للفصل والإبعاد، وكل عضو جديد يضم إلى المهنة يقسم نفس القسم؛ وإن اختلفت المسميات من بيعة أو عهد أو قسم، فإن جميعها تؤدى معنى واحدا هو السمع والطاعة والالتزام بالنظم واللوائح، والقسم موجود في كل المؤسسات سواء الجيش أو الشرطة أو قسم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وغيرهم.

إذا فهذا شئ طبيعي أن يقسم كل فرد قسم البيعة في الوظيفة التي يعمل فيها فلماذا يباح للجميع ذلك ويحرم على الإخوان ؟!


عبد الرحمن السندي قائد النظام الخاص

لما انتقل محمود عبد الحليم للعمل فى دمنهور، وكان أنشط زملائه فى الإشراف علي " النظام الخاص " طلب منه الأستاذ البنا أن يستخلف من يباشر الإشراف علي هذا النظام، فاختار عبد الرحمن السندي لقيادة النظام الخاص، وعرض الأمر علي الأستاذ البنا فوافق عليه، وحضر عبد الرحمن للأستاذ المرشد بايعه علي أن يقود هذا النظام، وعلي أن لا يقدم علي أية خطوة عملية إلا بعد الرجوع إلي لجنة القيادة ثم إليه شخصيًا .....(تعرف على شخصية عبدالرحمن السندي).

وسار عبد الرحمن بالنظام سيرًا موفقاً فحاز حب من يليه من القيادات والأفراد كما حاز ثقة الجميع حيث كان يرجع إلى الإخوان في كل خطوة. واتسعت رقعة النظام في القاهرة ، وأخذت تتشعب في الأقاليم فضمت صفوة الإخوان في مختلف البلاد.

أول عمل للنظام الخاص ضد الإنجليز

يقول محمود عبد الحليم :

كنا في ذلك الوقت في أوائل أعوام الحرب العالمية الثانية، وكانت القاهرة تعج بجحافل الجنود الإنجليز، وكنت لا تكاد تمشي في شارع من شوارع القاهرة لاسيما الشوارع الرئيسية خصوصًا بالليل إلا ويحتك بك جماعات من هؤلاء الجنود في حالة سكر وعربدة، يهاجمون الرجال والنساء ، ويعبثون بكل ما تصل إليه أيديهم، في الوقت الذي تلازمهم فيه أسلحتهم كأنهم في ميدان القتال، وجأر الأهالي بالشكوى من عبث هؤلاء الجنود، ومن كثرة ما جنوه من قتل أبرياء وهتك أعراض وتحطيم محلات، ومع ذلك كانت الحكومات التي تحكم البلاد لا تجرؤ حتى علي توصيل هذه الشكاوى إلي مسامع السادة الإنجليز.

ومن ثم رأي إخوان " النظام الخاص " أن يعملوا عملا يبث الخوف في قلوب هؤلاء الجنود العابثين، لعل هذا الخوف يردعهم عن عبثهم حين يشعرون أن الطريق أمامهم ليس سهلا كما اعتادوا، وأن هناك من يقف لهم بالمرصاد، وأن حياتهم ستكون ثمناً لهذا العبث.

وقرر " النظام " لكي يكون للعمل أبلغ الأثر أن يختار توقيتًا معينًا ومكانًا معينًا ومناسبة معينة، فاختاروا ليلة عيد الميلاد، واختار النادي البريطاني حيث يكون مكتظًا بالجنود الإنجليز وضباطهم وألقوا عليهم قنبلة لم تقتل أحدًا، ولكنها بعثت الرعب في نفوسهم وحققت الغرض منها تمامًا فبدأوا يفهمون أنهم يعبثون وسط قوم يستطيعون أن يحفظوا كرامة أنفسهم بأنفسهم وأن يلقنوا من يعتدي عليهم دروسًا قاسية، وقد قبض في هذا الحادث علي بعض الإخوان أذكر منهم الأخ نفيس حمدي الذي كان إذ ذاك طالبًا والأخ حسين عبد السميع وذلك في يناير 1947م.

الصاغ محمود لبيب ودوره

كان الصاغ محمود لبيب ضباط الجيش، تعرف علي الأستاذ المرشد مبكرًا في أواخر الثلاثينيات، وكان الأستاذ يحبه ويحترمه ، وكان الرجل.. وكان نواة التكوينات الإخوانية في الجيش ، و كان المشرف علي تنظيم التدريبات العسكرية للمدنيين من الإخوان سواء من كان منهم في "النظام الخاص" وغيره ، وكان هو ممثل الإخوان في لجان الاتصال بين الإخوان وبين الجامعة العربية في إعداد متطوعي الإخوان لحرب فلسطين ، و كان الأستاذ المرشد يكل إليه كل ما هو عسكري فيها فكان بمثابة وكيل الدعوة في الشئون العسكرية ... وقد لعب في حرب فلسطين سنة 1948 دورًا عظيمًا .


المخابرات في النظام الخاص

كانت الدعوة تواجه كثيرا من التحديات الداخلية من قبل الإنجليز الذين حاولوا اغتيال الأستاذ البنا وكذلك الأحزاب، وكان كل منهم يدبر المكائد والدسائس للتخلص من منافسيه ولو بالاغتيال، لذلك كان يجب على الدعوة أن تقوم بمهمتها وتتعرف على ما يحاك بها من أخطار، ولكى يقوم الجهاز الخاص بمهامه لابد أن يتوافر لدى الأفراد المعلومات اللازمة ، لذلك كانت المخابرات من أنشطة النظام الخاص.

وتتكون المخابرات من:

1- رئيس القسم : يشرف على توجيه أعمال القسم بناء على توجيهات القيادة.

2- وكيل القسم يباشر تنفيذ توجيهات رئيس فرع المخابرات ومسئول أمامه عن نشاط القسم.

3- الوحدات تتكون الوحدة من عدة مجموعات أفرادها منبثون بين الهيئات والحركات, لاستقصاء الأخبار وموفاة رئيس الوحدة بها وتوصية الأفراد وأمراء المجموعات كل فى اختصاصه.

4- الأفراد يكونون مجموعات خماسية يوزع أفرادها على الهيئات الآتي بيانها ولا يقل عن سبعين شخصا توزيعهم كالآتي: 5 أفراد للدراسة والتعقب و15 للشيوعية و24 لسبعة أحزاب وهيئات و2 جهات أخرى و2 حزب العمال و10 نقابات عمال و2 البوليس السياسى و5 السكرتارية ورئاسة العمليات.

5- الأقاليم ويلزم للقسم مكتب فى كل إقليم, وينظم مكتب الإسكندرية على غرار مكتب القاهرة.... "أنظر: أحمد عادل كمال : النقط فوق الحروف".


ومن أنشطة مخابرات النظام الخاص:

1 . جمع المعلومات عن اليهود المصريين ، وكانوا موالين للصهاينة.

يقول أحمد عادل كمال: قام النظام الخاص بعملية حصر وجرد لليهود بمصر إذ لم يكن ولاؤهم للحركة الصهيونية محل شك. وأذكر فى مجال المقارنة بين اتجاهنا واتجاه الدولة فى مصر فى ذلك الوقت هذه الواقعة. تسللت ذات ليلة إلى بيت من بيوت اليهود بحى الظاهر التى لاحظنا أنهم يعقدون اجتماعاتهم بها وكمنت فى إحدى شرفاته المتصلة بحديقته واطلعت على اجتماع يهودى داخل البيت, كان بعض حديثه يجرى بلغات غير عربية لم أفهمها وكان يتخلل ذلك حديث بالعربية واذكر أن أحدهم صاح فى زميل له يقول" أنت معلق أوراق وتستطيع أن تبرر وجودك... أما أنا فماذا أقول ؟ ماذا أقول إذا سئلت أو قبض على؟!" وقد ضمنت التقرير الذى حررته ذلك الحديث المشبوه ومكانه وعنوانه, وقدر لذلك التقرير أن يسقط فى يد الشرطة والنيابة العامة بعد ذلك فى قضية السيارة الجيب, والعجيب أنه بدلا من أن تهتم تلك السلطات بالتقرير من حيث موضوعه ذهبت تحقق فيمن عسى أن يكون كاتبه لتوجه إليه تهمة الانتماء إلى النظام الخاص!! هذا التقرير أثبتته النيابة العامة فى ملف تحقيق قضية السيارة الجيب بالصفحة رقم 1937 من الجزء السادس كما أوردت ذكره حيثيات الحكم, كما قرر الطب الشرعى أنه محرر بخطى.

2. التعرف على مكائد الأحزاب للدعوة

تعرض بعض الإخوان لمحاولات قتل وعلى رأسهم الإمام البنا، حتى إن الإخوان فجعوا بمقتل الطالب الإخوان صادق مرعي في مدرسة شبين الكوم الثانوية على يدي أحد أعضاء حزب الوفد بشبين، ومن ثم كان لابد من جهاز يحمي رجال الدعوة، وتعال نتعرف على بعض هذه المحاولات.

أولاً: محاولات اغتيال الإمام البنا:

وقعت عدة محاولات لاغتيال الإمام البنا من قبل جهات مختلفة من بينها الإنجليز والوفد ومصر الفتاة والحزب الشيوعي وحكومة النقراشي.

  • أما حكومة النقراشي الأخيرة فقد كان لها نصيب وافر في محاولات اغتيال الإمام البنا، من هذه المحاولات:

- محاولة اغتيال الإمام البنا أثناء مظاهرة الأزهر التي قامت لتشد من أزر النقراشي وهو يعرض القضية المصرية على مجلس الأمن، فلقد حاصرت قوات البوليس الأزهر وكانت تعمل على تفريق من يخرجون فيه وتشتيتهم أولاً بأول حتى إذا خرج الأستاذ البنا اصطادوه وحده وكان رحمه الله آخر من خرج من المسجد وكأنهم ظفروا بما أرادوا فحاصروه بخيولهم ورجلهم، ولكن الأستاذ البنا اختطف عصا أحدهم وأخذ يضرب بها كل حصان على أنفه فيرفع الحصان رجليه الخلفيتين فيهوي الجندي الذي يمتطيه على الأرض وبذلك تمكن من إسقاط القوات كلها... وكان الإخوان قد لحقوا به فالتفوا حوله واستمرت المظاهرة في خط سيرها في شارع الأزهر متجهة إلى ميدان العتبة ولم تكن تصل إلى ميدان العتبة الخضراء وفي مقدمتها سيارة تحمل الإمام البنا وبعض الأعضاء حتى انطلقت الأعيرة النارية في كل صوب، فنزل الإمام ليستطلع الخبر فإذا بعيار ناري يطلق عليه وتستقر رصاصة في ساعده...

- وعندما وقف المرشد العام يتحدث في الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من الإخوان قبل سفرها إلى فلسطين وقع انفجار في المكان الذي كان مقررًا أن يتحدث منه قبل وصوله بدقائق وتبين أن قنبلة زمنية وضعت في هذا المكان.

يقول أحمد عادل كمال : حتى نكون يقظين لما يجرى على الصعيد السياسى فى مصر. وكان من الأمثلة الناجحة فى هذا الشأن الأخ(أسعد السيد أحمد) الذى انضم إلى حزب مصر الفتاة حتى وصل إلى الحرس الحديدى الذى أنشأه لحمايته زعيم الحزب الأستاذ أحمد حسين. ذلك الحرس كان مكونا من ستة أفراد . وأصاب الملل أسعد من تلك المهمة ؛ لأنها كانت تحرمه من التردد على دور الإخوان، و حتى لا ينكشف أمره, ذهب يعرض على الزعيم أن يندس فى صفوف الإخوان ليأتيه بأخبارهم, وأعجب الزعيم جدا بالفكرة. وانكشف أمر أسعد بعد ذلك فى قضية السيارة الجيب, وتطوع الأستاذ أحمد حسين كمحام للدفاع عنه, وكان أهم ما عنى به أن يتبين أمرا.... هل كان أسعد من الإخوان واندس على مصر الفتاة, أم كان من مصر الفتاة واندس على الإخوان فقبض عليه معهم؟!

وفى بعض فترات الخلاف بين حزب مصر الفتاة والإخوان كان للإخوان مؤتمر كبير ومزدحم فى دراهم بالحلمية الجديدة ، فأرسل الحزب اثنين من أعضائه لتفجير عبوة وسط الجموع. وجاءنا العلم بهما فكنا فى انتظارهما ،وما أن جاءا وجلسا حتى قبض الإخوان عليهما وحبسوهما فى حجرة ببدروم الدار تحت الحراسة بعد تجريدهما من المفرقعات.

وطال انتظار الأستاذ أحمد حسين دون أن يسمع الانفجار, وبعد انتهاء المؤتمر اتصل به الأستاذ البنا تليفونيا وقال له " لك عندنا أمانة, إن كان يهمك أن تستردها فلتحضر" وجاء أحمد حسين فسلمه الأستاذ البنا عضوى حزبه وأكياس المفرقعات, ولا أعلم ما دار بينهما من حديث, ولكنه كان درسا جعل مصر الفتاة لا تعود لمثلها أبدا.

كما ذكر الأستاذ فرج النجار أنه انضم للحزب الشيوعي في طنطا وتدرج في وظائفه حتى اختير سكرتير الحزب، وقد استلم رسالة من السفارة الروسية أرسلت لرئيس الحزب بطنطا غير أنه لم يكن موجود فاستلمها نيابة عنه، فوجد فيها أن السفارة تطلب من اغتيال حسن البنا في الحفل المقام في طنطا، كما ورد في الرسالة مكان تخزين القنابل والفراد المستخدمين، فذهب للمكان واستطاع بالحيلة أن يفكك كل القنابل ويبطل مفعولها، وأعد خطة لمنفذي الهجوم حيث أوسعوهم ضربا، ولم يكتشف الأستاذ فرج النجار إلا بعد اعتقاله من طرف سعد السنباطي رئيس البوليس السياسي بطنطا.

قسم الوحدات

انتدب المرشد العام الأستاذ البنا سنة 1944م الملازم صلاح شادي من أعضاء الإخوان المسلمين للعمل فى قسم الوحدات العسكرية للجيش ، وكان قسم الوحدات يضم عسكريين ومدنيين من كافة الأسلحة فى الجيش. وقد استطاع أن يتعرف على العسكريين، ومنهم : محمد الشناوي وعلي بدران وكانا فى هذا الوقت يعملان فى سلاح الطيران برتبة صول . . ومن المدنيين محمد الكاشف وحسين البوهي ورفعت النجار وعبد السلام عمار وإبراهيم بركات وغيرهم . يقول صلاح شادي: وكان عامة نشاط القسم يتلخص فى تجميع العسكريين والعمال علي هدف الإسلام، وتعريف بعضهم ببعض، ومحاولة إيجاد رباط فى العمل بينهم لإعانة بعضهم بعضا فيما يلحقهم من مظالم في داخل الوحدات، وتبصيرهم بحقيقة الجهاد فى الإسلام، وأنه لا يكون إلا لإعلاء كلمة الله، ثم تعريف الضباط بواجباتهم نحو جنودهم ونحو أنفسهم، وأن شجاعتهم فى دفع الظلم عن جنودهم وعن أنفسهم لا تقل ثوابا عن جهادهم فى المعارك.

ولم يكن فى قسم الوحدات عند قيامي بالعمل فيه أحد من ضباط الشرطة كما لم يكن فيه أحد من قوات الأمن (الجنود والصف ضباط) ، وقبل تخرج دفعة سنة 1946 من كلية الشرطة التى كان فيها الضابط رشاد المنيسي. الذى كان مسئولا عن نشاط الدعوة داخل كلية البوليس، فلما تخرج منها نهض بعبئها فى محيط الضباط بعد ذلك، حيث ضم إليه بعد تخرجه نخبة من الضباط والجنود و "الكونستبلات " والصولات نذكر منهم على سبيل المثال الأخوة : سيد خشبة، ومدحت حافظ، وكمال عبد الرازق، وعباس أبو كرم، وعز الدين شرف، ومصطفي أبو دومة، ومنير المصري، وسعيد الفرماوي, وأحمد فؤاد رحمه الله, وجمال إسماعيل , وآخرين من الرتب الأخرى من والصولات والجنود الكونستبلات أذكر منهم المرحوم متولي رمضان وغيره من الصف والجنود.

وكان التدريب في فرع " البوليس " فى الوحدات يتناول تعريف الضابط والصف ضابط والجندي بعمله، وكيف يرفعه إلى الله, وتأمين حياة الناس وحرياتهم وأعراضهم ، والامتناع عن التجسس الذي ربما تفرضه عليه طبيعة العمل الذى يزاوله، وعدم السماح لأحد بانتهاك محارم الناس رئيسا كان أو مرءوسا.

وكان لهذه المواضيع دراسات ثقافية وتربوية داخل أسر الضباط والصف والجنود ، تكشف عن مواقع العطب الشرعي فى العمل البوليسي وكيف يتلافاها الجندي والضابط، وكان هناك لون آخر من النشاط يتناول التقريب بين العاملين فى حقل الجيش والبوليس من ضباط وجنود، حيث كان التباغض والتنافس بين ضباط الجيش والبوليس هو سمة هذا العصر ، فكان كلاهما كفرسي رهان إذ كل منهما يدعى التفوق على أخيه، ولعل هذا من آثار الإستعمار فينا، ولذا نشأت أسر الضباط فى الجيش والبوليس يعملون معا فى مجال الأسرة, وقد لزمت الفكر والسلوك فى كلا المجالين، فى الوحدات العسكرية للجيش، وفى المرافق المختلفة والإدارات المتعددة للبوليس، فى الجوازات ملأ وفى أقسام البوليس وبلوكات النظام وفي ذلك من مختلف الإدارات.

وكانت محاولة القصر إشغال ضباط الجيش بأنفسهم ومراكزهم ورتبهم وحياتهم، ليصبح ذلك كل ما يهم الضباط وقتئذ.

فكان أول أهداف النشاط الفكري للإخوان ضباط الجيش والصف والجنود هو تبصيرهم بموقعهم من العبث الذى يحيط برسالتهم وينتقض من شرفهم ومروءتهم، وكانت الاستجابة لهذا اللون من الحديث تلمس القلوب وتؤكد ما فيها من خير، فمن وجدناه منهم راغبا في المزيد، وفرنا له جوا أ آخر أكثر أمنا وأدعى إلى الاسترسال فى تعريفه بحقيقة الخطر الذى يحيط بأسرته ودينه ، ووطنه.

وكنا نجد طريقنا إلى الحديث فى الوحدات العسكرية وفى المجالات الخاصة ميسرا، حيث إن اسم الإخوان المسلمين فى هذا الوقت لم يكن له دوى نخشى منه، ولذلك وجدت الدعوة طريقها فى أول الأمر ميسرا غير مهدد بالمصادرة ، حتى إنه كان لقسم الوحدات غرفة خاصة فى دار المركز العام بتجمع فيها الدعاة وأصحاب اللباس العسكري بملابسهم الرسمية فى أكثر الأحيان بل كنا نحتفل فى دار الإخوان بتخريج أفواج الضباط ،ويدعى إليها بعض الوزراء وكبار الضباط وأساتذة الجامعات .

وكان الفهم السياسي الذى يراه الإخوان ستة 1945 هو ضرورة الإعداد لإخراج الإنجليز، ليس فقط لاحتلالهم أرض الوطن، ولكن لمعاونتهم المعلنة لسعى اليهود نحو إنشاء دولة لصهاينة على أرض فلسطين بطرد المسلمين منها.

وجاءت جرائم الصهيونية تكوى قلوبنا، وتؤجج حماسة الشباب فينا، حتى وصل الأمر بالإخوان فى سلاح الصيانة وفى القاهرة أن طلبوا أداء دورهم فى الرد على هذا العدوان.

وفى هذا الجو المشحون بكراهية الإنجليز والصهاينة، واستنكار الحكومة والشعب لجهود الإنجليز فى تأمين وتثبيت الكيان الصهيوني فى فلسطين بدأت العمل فى قسم الوحدات.

وعرفني الإمام الشهيد فى باكورة عملي بهذا القسم بالأخ عبد الرحمن السندي باعتباره المسئول عن القسم الخاص الذي يتم تشكيله من المدنيين من مختلف طوائف الأمة يؤهلون فيه تأهيلا عسكريا لقيامه بأعمال فدائية يتطلبها نشاط الجماعة فى الداخل والخارج، سواء فى محاربة الإنجليز، أو مواجهة عدوان الحكومات التي تخدم مصالحهم، أوفى الجهاد فى فلسطين.

فلما تكاثر عدد الضباط بعد ذلك، رغب الإمام الشهيد فى جعل نشاط الجيش تحت قيادة خاصة يرأسها المرحوم الصاغ محمود لبيب وكيل جماعة الإخوان المسلمين باعتباره ضابطا سابقا فى الجيش ، وخاض عمليات حربية.

تابع الجزئين الأخرين:


للمزيد عن النظام الخاص

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات فيديو