النظام والإخوان.. رد فعل أم هجوم متعمد؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
النظام والإخوان.. رد فعل أم هجوم متعمد؟


محمد السروجي - باحث سياسي

مقدمة

النظام والإخوان طرفا المعادلة الفاعل والمؤثر في الحياةِ السياسيةِ المصريةِ، ولكنَّ العلاقةَ بينهما لا تخضع لمنطق ولا يحكمها معطيات، فهي هادئة أحيانًا عاصفةً دائمًا أجهدت الساسة والمهتمين بالشأنِ المصري في تحليلها، هل هي التوافق والموائمة أم التصارع والمشاحنة تشهد هذه العلاقة توترًا ملحوظًا هذه الأيام؛ حيث الاعتقالات التي امتدت أفقيًّا في صفوف الجماعة خاصةً طلاب جامعة الأزهر (اعتقال 200 طالب) ، ورأسيًّا لتنال من القيادات العليا حتى [[مكتب الإرشاد] (اعتقال خيرت الشاطر النائب الثاني المرشد).

فلماذا هذا التصعيد الأمني في هذا التوقيت؟ وما الهدف منه؟ هل يعاني النظام من نقاط ضعف وتراجع يريد تعويضها بفرض السيطرة الميدانية على الشارع الذي يُحرِّكه الإخوان؟ أم أنَّ هناك سيناريو ما يُعدُّ للفترة القادمة والإخوان من معطلاته؟ يرى كثير من المهتمين بالشأن المصري أن كل التوقعات والخيارات مطروحة ومفتوحة.

أكدت مراكز الدراسات الأهلية والرسمية بل والعالمية أنَّ الإخوان كانوا أوفر حظًّا في كسب تأييد النخب والجماهير (ميدان التنافس) ، وإنهم العقبة على مستوى الواقع الراهن في استمرار حالة الاستقرار المنشودة حكوميًّا بمعنى إبقاء الوضع على ما هو عليه من الهيمنة والاستبداد

وعلى النظرة المستقبلية هم عقبة في طريق الانطلاقة الثانية في العبور إلى المستقبل التي يحلم بها الطموح جمال مبارك ومجموعة المغامرين الجدد وبعض التيارات السياسية المناوئة والأكثر خطورةً (من وجهة نظر النظام) أنهم أصحاب مشروع إصلاح متكامل ممتد يبدأ محليًّا ببناءِ الإنسان المصري، وإصلاح نظام الحكم ويمتد إقليميًّا لإيجاد كتلة عربية متكاملة متضامنة وعالميًّا بالتنسيق الفاعل والإيجابي مع كافةِ الدول الإسلامية ثم دخل الفريقين جولة جديدة من التنافس، وهي الانعقاد الأول للفصل التشريعي التاسع للبرلمان المصري

وأكد الواقع من جديدٍ تفوق الإخوان شعبيًّا؛ حيث الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية وبرلمانيًّا؛ حيث الرقابة الخانقة وفتح ملفات فساد الحكومة وفشلها في كافة الأزمات وتشريعيًّا بإحراج الحكومة في تمديدِ قانون الطوارئ وتأجيل المحليات والالتفاف على قانون السلطة القضائية والصحافة والتعديلات الدستورية.

التصعيد ضد الإخوان لماذا؟

يرى كثيرٌ من المراقبين أنَّ التصعيدَ الأخيرَ هو ضمن مخطط متكامل وإن كانت الحجة هي العرض الرياضي الذي قدَّمه طلاب الإخوان بجامعة الأزهر والذي تمَّ تضخيمه إعلاميًّا من التيار الرافض للإخوان ووُظِّف سياسيًّا ثم جاء رد فعل الجهاز الأمني متأخرًا (بعد خمسة أيام من الحدث) ومتهورًا ليحقق عدة أهداف:

أولاً: إخلاء الساحة للوريث القادم بمعنى إبعاد أي منافسٍ أو مُعطِّلٍ قوي وفي المقدمة الإخوان؛ لأنَّ السيناريو الذي أُعدَّ مصحوبًا ببعض التعديلات الدستورية والتي من المتوقع أن يقف لها نواب الإخوان في البرلمان المصري بالمرصاد ويكونوا حائطَ صد لمنع تمريرِ هذه التعديلات أو التشوهات الجديدة للدستور بمساندة شعبية ميدانية يتحرك فيها الشارع المصري بأسلوبٍ أتقنه الإخوان دعمًا للحريات وإحراجًا للنظام.

ثانيًا: صرف النظر عنه:

  • الفشل والتردي الحكومي الحزبي في إدارة أزمات الحياة اليومية للمواطن المصري
  • التعثر الواضح والمخل لبرنامج الرئيس مبارك
  • شبكة الفساد الأخطبوطي المهيمنة على الحياة المصرية وبلغت معدلات مرعبة (قضية فساد كل دقيقتين).

ثالثًا: مقاومة الانتشار الاخواني في الشارع المصري: الذي طمس شعبية النظام وبات يُهدد شرعيته رغم ما تبذله الأجهزة الأمنية من جهد فوق طاقتها لمحاصرة هذا الانتشار.

كيف سيتعاطي الإخوان مع التصعيد

يتمتع الجهاز المناعي لدى الإخوان بقدرة عالية على التكيف مع الأزمات والضربات، ومن المتوقع:

  • الإصرار على المواقف المبدئية والمحافظة على المكاسب الشعبية ودفع عجلة الإصلاح
  • تمتين الصف الإخواني بمعنى الارتقاء بالمواصفات التربوية لإدارة مشروع الإصلاح
  • التحريك المنضبط للشارع لدعم قوى الإصلاح مع تفادي الصدام
  • التصدي لكل صور الفساد لحماية موارد وثروات الشعب

وأخيرًا:

في ظل الأحداث المتلاحقة ترتفع درجة حرارة السجال السياسي والاحتقان الشعبي لتدخل الحكومة والإخوان لعبة عض الأصابع من جديد والتي سيكون الحسم فيها لمَن هو أسمى هدفاً وأطول نفسًا، والتاريخ خير شاهد.

المصدر