اليد التي على الزناد يجب أن تبقى حرة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
اليد التي على الزناد يجب أن تبقى حرة

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

يمكننا أن نفهم أهداف الصهاينة من ملاحقة المقاومين الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم ، فمن جانب هم يريدون تكريس احتلالهم للوطن ، و من جانب آخر فإنهم يسعون إلى توفير الأمن لكيانهم ومستوطنيهم، يضاف إلى ذلك عداؤهم للإسلام " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا "، ويضاف أيضا حبهم لسفك الدماء عامة ودماء المسلمين خاصة " ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس "، ولما كانت حماس لا تسلم بالتفريط في شبر من فلسطين فلا غرابة إذن أن يصب عليها العدو الصهيوني جام حقده، .

ولا غرابة أبدا أن يصم عملياتها الاستشهادية – وهو الذي يكتوي بنارها - بالإرهاب، وهل نتوقع ممن " يحرفون الكلم عن مواضعه " إلا ذلك، والله يقول فيهم " يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون "، ويمكننا أيضا فهم أسباب الموقف الأمريكي المؤيد للموقف الصهيوني رغم كل الجرائم التي يرتكبها الصهاينة صباح مساء ضد الأبرياء من أبناء شعبنا الأعزل، فعلينا ألا ننسى أن الكيان الصهيوني مشروع غربي، والحفاظ عليه يشكل حفاظا على المصلحة القومية العليا للولايات المتحدة الأمريكية.

ولكننا لا يمكن أبدا أن نفهم مسارعة السلطة الفلسطينية في إدانة العمليات الاستشهادية، ووصفها بأنها عمليات إرهابية، وتفنن بعض رموز السلطة القيادية في انتقاء عبارات الشجب والاستنكار لاستخدام شعبنا هذا السلاح الاستراتيجي الأوحد الذي في مقدوره كنس الاحتلال، والذي أحدث باعتراف العديد من الخبراء العسكريين من الأصدقاء والأعداء حالة من توازن الردع رغم الاختلال الشديد في موازين القوى، ولا يمكننا أن نتفهم أيضا قيام بعض هذه الرموز بالتبرير لشارون كي يسدد ضربات جديدة لشعبنا الفلسطيني ردا على عملياته الانتقامية، ومما يعتصر قلوبنا ألما أن الذين امتلأت جيوبهم سحتا من أموال الشعب مما زاد في معاناته هم الذين ينالون من كرامة الشهداء الذين جادوا بدمائهم من أجل فلسطين وشعب فلسطين فيصفونهم بالإرهاب.

فإن كان للكيان الصهيوني دوافعه التي لا تخفى على أحد، فما هي دوافع السلطة يا ترى وقد أخفقت عبر عشر سنوات من المفاوضات من استرداد أي من حقوق الشعب الفلسطيني؟ وهل يكفي أن تعيد على مسامعنا اسطوانتها المشروخة التي تفتقر إلى دليل بأن العمليات الاستشهادية تضر بالمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني؟ وهل المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تكمن في إعطاء الصهاينة فرصة جديدة عبر عشر سنوات أخرى من المفاوضات ليتموا زرع الضفة الغربية بالمستوطنات وليهودوا ما تبقى من القدس؟ أم أن المصلحة العليا تكمن في إعطاء فرصة جديدة للقطط السمان كي يواصلوا إفسادهم ونهبهم للمال العام؟ أم أن المصلحة العليا تكمن في لجم السلاح الذي خلق جدلا ولأول مرة داخل الكيان الصهيوني حول مستقبل وجوده؟ أم أن المصلحة العليا تتمثل في تسليم المجاهدين للعدو الصهيوني أو العدو الأمريكي أو المشاركة في إبعادهم عن وطنهم؟

ولكن السلطة أصيبت بنكسة كبرى عندما وجدت نفسها معزولة في هذا الموقف غير المبرر، فالشعب يؤمن أن العمليات الاستشهادية إنما تصب في صميم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، واستطلاعات الرأي تبين أن الغالبية الساحقة والتي تشكل شبه إجماع في الشارع الفلسطيني مع العمليات الاستشهادية، بل المحاولات الأمريكية في خلق رأي عام عربي مضاد للعمليات الاستشهادية فشلت فشلا ذريعا أمام موقف الشعوب العربية والإسلامية المؤيد بشدة لهذه العمليات، ولقد أكد المؤتمر الإسلامي العالمي الذي عقد مؤخرا في القاهرة في بيانه الختامي على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ومقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، وحيا جهاد الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة شاملة تستخدم فيها كافة الأسلحة الأمريكية، واعتبر أن الشعب الفلسطيني بمواصلة كفاحه المشرف إنما يضرب المثل والقدوة في الفداء والتضحية، ورفض الاتهامات العشوائية التي يوجهها الغرب للإسلام والمسلمين، والخلط الفاضح بين المقاومة والإرهاب.

فالسلطة أمام هذا التأييد الجارف للعمليات الاستشهادية إنما تغرد خارج السرب، وفي إدانتها للعمليات الاستشهادية ووصمها لها بالإرهاب وضعت نفسها في الخندق الصهيو - أمريكي المعادي لتطلعات شعبنا في التحرر والاستقلال، ومما يصيبنا بالذهول أن السلطة تقوم باعتقال أبناء حماس على خلفية العمليات الاستشهادية، والأسوأ من ذلك أن السلطة في الوقت الذي تدرك فيه أن هناك إجماعا وطنيا على العمليات الاستشهادية بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى تقصر ملاحقتها على شباب حماس، فما هو تفسير هذه التصرفات المستهجنة؟ خاصة أننا نعيش مرحلة صعبة أحوج ما نكون فيها إلى رص الصفوف، وتعزيز وحدتنا الوطنية في خندق المقاومة، وكيف يمكننا أن نتفهم هذا التصرف من السلطة في الوقت الذي يقوم به الصهاينة باعتقال الآلاف من أبناء شعبنا، وفي الوقت الذي تطالب فيه أمريكا والعدو الصهيوني السلطة بملاحقة أبناء حركة حماس، ألا يمثل ذلك استجابة من السلطة لإرادة الأعداء؟.

ولكننا نقول بكل صراحة ومسئولية، إذا كان اعتقالنا يحقق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني فلن نتردد في وضع معاصمنا بأنفسنا في القيد، فعملياتنا الاستشهادية تشهد أن الوطن ومصلحته العليا أغلى من دمائنا، وأما إذا كان اعتقالنا مطلبا صهيونيا وأمريكيا، ولا يحقق إلا المصلحة العليا لأعدائنا، فإننا سنحطم القيد الذي يعطل تحرير الوطن ولا يخدم إلا الاحتلال، والله في ذلك معنا، والشعب والأمة بإذن الله معنا، فاليد التي على الزناد يجب أن تبقى حرة.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.