اليوم .. عيد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٠:٤٨، ٢٧ أكتوبر ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
اليوم .. عيد

بقلم/ الأستاذ عمر التلمساني .. المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين

الأستاذ عمر التلمساني - المرشد الثالث للإخوان المسلمين

إن الصوم عمل والصائمين عمال .. يعملون في حقول الطاعة، يقضون أيام رمضان صبرًا على الظمأ، صدقًا في الإمساك عن الطعام رغم حاجتهم إليه، يقضون ليالي شهرهم بين قائم وساجد، وراكع وطائع، وخبت وداع، ونادم وباك، عمل متواصل في مجالات اليقين .. أدب .. أمل .. رجاء .. طمع فيما عند الله .. بعد عزوف عما عند الناس .. شوق إلى الباقي النفيس .. وأعراض عن الفاني الرخيص .. هذا الجد .. هذا الدأب .. هذا التحمل .. هذا التفاني في التقرب إلى الله، وبذلك الجهد في أداء المطلوب ..

هذا الفيض لا بد له من اجر من مولى العمل، دون إلزام ولكن تفضلاً وتكرمًا.

ونقرأ فيما يرويه الشيخان: «إذا ما كان آخر ليلة من رمضان غفر الله لهم جميعًا فقال رجل من القوم: هي ليلة القدر يا رسول الله، قال: لا ألم تر إن العمال يعملون فإذا فرغوا وفوا أجورهم».

هذا الأجر وهذا العطاء وهذا الفضل وهذا الإحسان ينهمر على الصائمين يوم العيد: .. ألم تر أن العامل إذا أدى واجبه، فأحسنه وأتقنه، وقدم كل ما في وسعه لإرضاء صاحب العمل .. ألا ترى معي أنه وافر الأمل في أجر طيب فياض؟ إن العامل وفي .. والمولى أجزل وأعطى لأنه الجواد الكريم الذي لا تنفد خزائنه ولا يغيض عطاؤه.

هذا هو يوم العيد .. راحة النفس الطيبة عند شعورها بأداء واجبها، بهجة العامل وهو يتناول أجره وفيًا سخيًا .. السعادة الغامرة لا باتقان العمل، ولا بتوفية الأجر، ولا بشيء مما يحبه الناس ولكن بمتعة الرضى والقبول من رب الأرباب .. واسع الرحاب.

ويوم العيد .. عيد حقًا .. ولا يقبل القول الدارج بأن كل يوم يمر على الإنسان في خير لهو عيد .. ولا يقبل هذا القول إلا تجوزًا .. فللأيام أسماؤها المشروعة .. فهذا يوم عيد الفطر .. وهذا يوم التشريق .. وهذا يوم عرفة ويوم عاشوراء .. وكل منها له فضله وقدره عند الله وعند الناس .. وقيم الأيام تهتز في تقديرنا إذا ما ترخصنا في إنزالها منزلتها ..

إن مثل هذه الترخصات التي نستهين بها، مع مرور الزمن قد تفقد يوم العيد معناه، وقد يجرفنا هذا التساهل بكل ما يجب علينا فيها أو ببعضه ما دامت كل الأيام الطيبة عيدًا.

إن الناس ما داموا يتفاضلون بالتقوى، وما دامت الأماكن تتفاضل بالمشاهد والمناسك .. فكذلك الأيام تتفاضل ولا شك، فلا نغفل عن هذا الفضل ليوم العيد ..

فاليوم يوم عيد .. يجمعنا فيه التوحيد، بالعاطفة والرأي السديد، فسر بقلبك على تحيات العرفان، وتجرد من شوائب القطيعة والانعزال وتجمل مظهرًا، فقد جملتك نفحات رمضان مخبرًا ..

شارك بحلو تحاياك في إزالة العبوس والانقباض من جباه المجاهدين وفرج بالفضل من مالك كرب المعوزين، حتى تتجلى فرحة العيد بين جميع المسلمين، أغد عيدك زائرًا أبًا أو أمًا، أو أخًا أو أختًا فكم تفتح طرقات دوي الرحم على الأبواب من مغاليق النفوس، وتنشر البشر في جو العبوس، وتأسو الجراح وتسد منافذ الشيطان.

اليوم عيد .. ابدأه مع أهلك .. بالبسمة الواسعة، ومع الإخوان والأحباب باللقاء الحار .. أحن على الصغار في الطرقات وبادلهم التهاني بالعيد السعيد .. وقل للجميع .. سلام عليكم .. لا شقاق ولا تنابذ و لا غضب ولا قطيعة .. فاليوم يوم الجميع .. يستمتعون بفيض السماء بعد نفحات رمضان على رض المسلمين ..

وإذا أخذ المسلمون العيد على هذا الجمال .. غير ناسين أن دينا جمعهم على هذا الحب ووحدهم في هذا اللقاء .. يطالبهم اليوم بنظرة جديدة صافية في حالهم كأفراد .. ماذا أفادوا من رمضان .. وأي مراقي الخير وصلوا خلال الصيام .. فخرجوا من رمضان جسدًا واحدًا يألم سائره إذا تصدع فيه جزء يطالبهم بالجد والعمل من أجل التخلي عن الضياع إلى الوجود، وعن الغفلة إلى الانتباه .. وعن التفكك إلى التوحد .. وعن الهوان إلى العز ..

عودوا إلى دينكم يوم عيدكم .. فقد حان وقت اليقظة وإلا فإنها لن تجدي بعد فوات الأوان .. ! إن المتآمرين من جميع أركان الأرض يتآمرون على دينكم .. لا من غير أبناء دينكم فحسب .. بل ومن بعض المسلمين .. وإنهم لشر على الإسلام من الناس أجمعين .. فالبداء ـ البداء ـ فما بعد ما أنتم عليه إلا الوبال وسوء المال.

أعاد الله ليعيد على المسلمين جميعًا .. وقد تبوأوا المكانة التي أعدها الله لهم يوم أخرج أباهم من الجنة ليستخلفه وذريته على الأرض .. كي يورثهم الجنة .. فكونوا أحرص عليها، وأشد طلبًا لها، وأعمق شوقًا لنعيمها حامدين الله الذي صدقكم وعده، وأورثكم الأرض تتبوءون من الجنة حيث تشاءون، والحمد لله رب العالمين.

وكل عام في سعادة .. وكل لحظة في عبادة .. وكل خطوة إلى سيادة وكل عمل إلى زيادة .. وكل هدأة في رفادة .. حتى إذا ما سعدتم بعد طول العمر في القدوم على ربكم .. رأيتم عوارف الجود، وحسن الوفادة .. سلام عليكم طبتم فقوموا لله قانتين.

المصدر: الدعوة: العدد (28)، غرة شوال 1398ه ـ سبتمبر 1978م، صـ (6)

للمزيد من كتابات الإخوان في العيد

مرشدو وقادة الإخوان في العيد

.

مقالات وأخبار متعلقة

.

تابع مقالات وأخبار متعلقة

وثائق وأحداث في صور