باكستان .. جمهورية إسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


جمهورية إسلامية

بقلم / الأستاذ صالح عشماوي

علم باكستان.jpg

في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي، طير البرق إلى أنحاء العالم ذلك النبأ الخالد والقرار الخطير، الذي اتخذته الجمعية التأسيسية في باكستان بالموافقة على إعلان "الجمهورية الإسلامية" وإقامة دستور البلاد على أسس الشريعة الغراء، ولقد استقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها هذا القرار التاريخي بمظاهر الفرح والسرور، وغمرت قلوبهم موجات من البشر والاطمئنان أحيت ميت الآمال، وجددت العزائم، وفتحت العيون على مستقبل باسم للإسلام والمسلمين.

وفي الحق أن قرار إعلان الجمهورية الإسلامية في باكستان يعد بمثابة تتويج لجهاد طويل وكفاح مرير، فقد ناضلت الأقلية المسلمة في الهند نضالا عنيفا لتكون لها دولة مستقلة، وكان الغرض الأساسي من تكوين باكستان هو أن يصبح المسلمون أحرارا في تكييف حياتهم بما يتفق مع المبادئ الإسلامية كما نص عليها القرآن والسنة ولقد نجح المسلمون في الهند بفضل لله وتأييده – في إقامة دولتهم "الباكستان"، كما أفلح المؤمنون في باكستان في إعلان الجمهورية الإسلامية وإقامة الدستور على أسس الشريعة الغراء. وإننا لنسجد لله شكرا على هذا النصر الذي ما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن قلوبنا به، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

منذ شهر تقريبا أعلن السيد محمد علي، رئيس دولة باكستان في الجمعية التأسيسية، بمناسبة مناقشة تقرير لجنة المبادئ الأساسية، أن دستور باكستان سيكون دستورا إسلاميا تاما، وأن سينص على ما يلي "لا يحق لأية هيئة تشريعية إقرار قانون ينافي تعاليم القرآن والسنة" ورئيس الوزراء الحالي في تصريحه هذا إنما يردد في عزم ما صرح به الشهيد لياقت علي خان، رئيس الوزراء الأسبق والمرحوم محمد علي جناح مؤسس باكستان وزعيم الرابطة الإسلامية.

ولقد برت باكستان، حكومة وشعبا بوعدها، وكانت فيه لعهدها، وحققت أمل العالم الإسلامي فيها، كما كانت سباقة إلى إعلان الإسلام كنظام للحكم، ودستور للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا العصر. ولا عجب في ذلك فإن الإسلام فضلا عن أنه عقيدة وعبادة، فهم نظام شامل كامل جمع بين محاسن النظم العصرية جميعا وبرئ من عيوبها (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [سورة البقرة الآية 138]

الأستاذ صالح عشماوي فى باكستان

ولا يعارض الدستور الإسلامي إلا جاهل أو متعصب، ذلك لأن الدستور المذكور – كما قال رئيس وزراء باكستان في الجمعية التأسيسية – "يكفل الحرية والمساواة والتسامح، كما أنه يكفل للمسلمين الحياة بما يتمشى مع تعاليم الإسلام، ويضمن للأقليات مطلق الحرية في التعبير عن عقائدها، وإقامة شعائرها الدينية ويترك لشريعتها الحكم في أحوالها الشخصية، هذا فضلا عن أن الحقوق الأساسية للإنسان، كالمساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مكفولة لكل فرد في الدولة "فأي مطعن على دستور يتضمن هذه المبادئ جميعا وهي كفيلة بقيادة شعب باكستان بل كل شعب يأخذ بها إلى النجاح والصداق بين أمم العالم؟‍‍‍!

إن الخشية على الأقليات غير المسلمة من هذا النظام الرباني وهم لا ظل له من الحقيقة، أمر مرض في صدور أصحاب النفوس المغرضة.

ولا مجال للخوف – في ظل النظام الإسلامي – من تسلط "رجال الدين" فالإسلام لا يقر هذه التفرقة بين الدين والسياسة، ولا يعترف بما يسمونه رجال الدين، فإن كل مسلم يجب أن يكون عالما بدينه متفقها في شريعته والحكومة الإسلامية بعيدة كل البعد عن "الحكومة الدينية" كما عرفتها أوروبا المسيحية.

وإني إذ أهنئ باكستان، حكومة ونوابا وشعبا، على جهرها بالإسلام في عزة وإيمان، وتقريرها لدستورها الإسلامي في ثقة واطمئنان، وأحي جهودها الرائعة في سبيل استنباط الأوضاع الحديثة للدولة في السياسة والاجتماع والاقتصاد من الكتاب والسنة لأرجو من صميم قلبي أن تحذو مصر حذو باكستان في دستورها الجديد، ففي هذا ما يبشر بعصر جديد من الحرية والإخاء والمساواة، تسعد في الدنيا بالعدل والخير والسلام.

فإلى الأمام أيها المسلمون .. إلى الأمام

المصدر : مجلة الدعوة – الثلاثاء 3ربيع الأول سنة 1373هـ / 10نوفمبر سنة 1953م.

موضوعات ذات صلة