تأجيل "العسكرية" ورقة النظام الأخيرة في "المحليات"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تأجيل "العسكرية" ورقة النظام الأخيرة في "المحليات"


مقدمة

وصفت هيئةُ الدفاع عن قيادات الإخوان المحالين للمحكمة العسكرية قرارَ تأجيل النطق بالحكم في القضية إلى يوم 25 مارس بأنه دلالةٌ قاطعةٌ على سياسة المحاكمة وإخضاعها لمواءماتٍ وحساباتٍ سياسيةٍ لا علاقة لها بكافة المبرِّرات التي سبقت بإحالة المدنيِّين إلى المحاكمات العسكرية، خصوصًا مبرِّر سرعة الفصل في المخالفات التي شابت القضية، واتفقت القيادةُ الإخوانية مع هيئة الدفاع في توصيف ومبرِّرات تأجيل قرار النطق بالحكم.

لكن السؤال الذي يطلُّ برأسه الآن هو: ما هو رأي الشارع الإخواني المتمثل في صفوف جماعة الإخوان المسلمين على مستوى الدوائر بمختلف المحافظات في قرار التأجيل؟ وهل يتفق أيضًا مع رأي القيادة الإخوانية؟ أم أن له مبرِّراتٍ أخرى ورأيًا مختلفًا؟!

في البداية يرى المهندس محسن القويعي أحد قيادات الإخوان بالبحيرة قرارَ التأجيل بأنه نتيجة لوجود أجنحة في النظام الحاكم لم تتفق بعد على ماذا سيحدث في هذه القضية، مشيرًا إلى أن القرار كشف هذه الأجنحة المتصارعة والتي تتدافع فيما بينها على إصدار القرار، والتي تؤكد أن المحاكمة سياسية لا تمتُّ إلى العدالة بصلة.

كما أرجع القويعي سبب التأجيل أيضًا إلى اتهامات البرلمان الأوروبي للحكومة المصرية بعدم مراعاة حقوق الإنسان، وإلى سفر الدكتور فتحي سرور إلى الخارج كي يدافع عن صورة البرلمان المصري، موضحًا أنهم لا يريدون أن يُصدروا حكمًا في هذا الوقت يهزُّ صورة سرور ويؤكد اتهامات البرلمان الأوروبي للحكومة بشأن حقوق الإنسان..

وأشار القويعي إلى أن الضغط الحقوقي الذي قادته فيوليت داغر وزملاؤها من الحقوقيين الغربيين قد يكون سببًا ثالثًا لتراجع الحكومة عن إصدار قرارٍ في هذا التوقيت، ولفت الانتباه إلى احتمال أن الحكومة تريد مساومة الإخوان ؛ بشأن قبولهم التوريث وعدم الحديث فيه مقابل الإفراج عن هذه المجموعة!!.

اما سيد نزيلي مسئول المكتب الإداري لمحافظة الجيزة فيرى من وجهة نظره أن تحديد هذا التاريخ قد يكون أحد أسبابه هو انتخابات المحليات، مشدِّدًا على أنه بات من المعروف أن الحكم في هذه القضية ليس حكمًا قضائيًّا ولكنه حكمٌ سياسيٌّ، وبالتالي فإن الحكم أو التأجيل سيكون تابعًا للتوظيف السياسي الذي يرغب فيه النظام، مؤكدًا أنه في أساس الأمر لا توجد قضية ولا تهمة محددة، وأن الرأي العام اعتبرها قضية ساقطة.

وأكد نزيلي أن قرار التأجيل لن يكون له تأثيرٌ في خوض الإخوان انتخابات المحليات، قائلاً: "لا أظن أن هذا سيؤثر في الإخوان بشيء؛ فهم أعلنوا خوض الانتخابات، وتأجيل القضية أو صدور حكم فيها لن يكون له أي تأثير في عزم جماعة الإخوان المسلمين على استكمال مسيرة الإصلاح".

واعتبر محمد سويدان مسئول المكتب الإداري بالبحيرة أن التأجيل أمرٌ صدر للمحكمة، مشيرًا إلى أنه معروف مسبقًا أن الأحكام العسكرية هي تعليمات وأوامر تأتي إلى القاضي، لا تعترف بأوراق الدفوع ولا مرافعات الدفاع؛ لكونه قضاءً غيرَ مستقل وصوريًّا، ولا يتمتع بأدنى حرية تمكِّنه من إعلان الحقيقة ...

وقال: "أنا كنت أنتظر طوال الـ69 جلسة الماضية أن يحكم القاضي بالبراءة للإخوان المحالين للعسكرية، وأن يُدخل الشهود والملفِّقين قفص الاتهام"، مشيرًا إلى أنه ثبت بالدليل عبْر الدفاع أن القضية ملفَّقة، وأنها لا تقوم على أي أساس.

وعن ذكرياته في هذه القرارات، خاصةً أنه كان أحد المحبوسين على ذمة المحكمة العسكرية لسنة 1995 (ثلاث سنوات) ، أكد سويدان أن الإخوان يعلمون أن هذه الموضوعات تلفيق، وأن التفريق بينهم في البراءة والأحكام "تمثيلية" واضحة، وأن مشاعرهم واحدة؛ لكونهم تربَّوا في مدرسة واحدة هي مدرسة الإخوان المسلمين

مشيرًا إلى أن الله عزَّ وجل يحكم من فوق هؤلاء ويأجُر مَن يجتبيه ويأثُم من يعتدي على حرية الآخرين .. وأشار إلى أنه من الممكن أن يكون التأجيل رسالةً للإخوان للضغط عليهم قبل انتخابات المحليات، إلا أنه أكد أن نسبة نزول الإخوان للانتخابات لا خوف منها ولا ترتبط بقرار المحكمة العسكرية.

لن نتراجع

أما خالد البلتاجي (شرق القاهرة) فيرى أن هناك علاقةً بين تاريخ تأجيل الحكم والانتخابات المحلية، ولكن من وجهة نظر النظام وليس من وجهة نظر الإخوان ، مشيرًا إلى أن النظام يتعامل مع الأمر وفقًا لتصوُّره بأن هذا القرار سيؤثر في خوض الانتخابات المحلية.

وشدَّد البلتاجي على أن الإخوان قرارهم ماضٍ ولن يتراجعوا فيه؛ لأنهم تعهَّدوا بضرب المثل والقدوة للشعب المصري بعدم السلبية والتقاعس، وسيظل الإخوان أنموذجًا حيًّا للشعب المصري في ذلك.

ورأى الدكتور مصطفى هيكل أستاذ العيون بجامعة بنها أن قرار التأجيل لم يكن إلا إعادة توازن للنظام؛ حيث لم يكن في حسبان النظام أن الإخوان سيخوضون انتخابات المحليات، فلما جاء قرار فضيلة المرشد عكس ما توقَّعوا، فإنَّ ذلك أحدث ارتباكًا لحسابات النظام، مشيرًا إلى أن تأجيل القضية جاء محاولةً لإعادة ترتيب النظام أوراقه.

وشدَّد الدكتور هيكل على أن قرار المحكمة اليوم ما هو إلا فرصةٌ ليُعيد النظامُ ترتيب أوراقه؛ كي يُعيد للقانون والدستور اعتبارَه في وطنٍ بات بلا قانون ولا دستور إلا دستوره وقانونه.

أصحاب رسالة

وقال د. عماد صابر: "هناك ربطٌ قويٌّ بين تاريخ التأجيل وقربه من تاريخ الانتخابات المحلية، خاصةً بعدما تأكدت الحكومة من خوض الإخوان انتخابات المحليات بعد إعلان فضيلة المرشد ذلك الأمر، ولكنَّ موقف الإخوان ثابت ولن يتغيَّر، لا بالتأجيل ولا حتى بالحكم؛ وذلك لأن جماعة الإخوان تدرك جميع التغييرات الموجودة على الساحة وتضعها نصب عينيها، وكانت تضعها في حسبانها حتى قبل الإعلان عن خوضها الانتخابات المحلية. وشدَّد على أن ما حدث لن يؤثر في الإخوان بأي شيء؛ لكون الإخوان أصحاب قضية وأصحاب رسالة.

مراوغات سياسية

واعتبر د. سيد رأفت (السويس) تأجيل المحاكمات أمرًا سياسيًّا، متماشيًا بالدرجة الأولى مع المحاكمات العسكرية من بدايتها، مؤكدًا أن التأجيل دليلٌ قويٌّ على التخبُّط الذي يعاني منه النظام الحالي؛ حيث إنه كان من المتوقَّع أن يكون الحكم اليوم ولكن لم يحدث ذلك، ولا نعرف لماذا!! مشيرًا إلى أنه قد يكون التكثيف الإعلامي هو السبب ..

وأشار إلى أن المحاكمات العسكرية ما هي إلا مراوغات سياسية، دخلت فيها المحليات، ولا يمكن الجمع بين أمر نزول الإخوان لانتخابات المحليات والمحاكمات العسكرية بأي شكل من الأشكال؛ فالإخوان ماضون في سياستهم الإصلاحية، وقد يكون تأجيل المحاكمة لصالحهم؛ فقد يكون سببًا في الحصول على أحكام مخفَّفة أو البراءة بإذن الله.

في معية الله

واستبشر الحاج أسعد زهران "دمياط" بخبر التأجيل، قائلاً: إننا سنأخذ هذا التأجيل على محمل حسن، ولكن اختيار يوم 25 مارس تحديدًا يدلُّ على أنه مراوغةٌ من النظام من أجل الضغط علينا في انتخابات المحليات، مضيفًا أن "هذه نقرة وهذه نقرة"؛ حيث إن كل موضوع منهما قائم بذاته، مشدِّدًا على أن الإخوان لن يستجيبوا لأي ضغط وسيخوضون الانتخابات، وأما الإخوان الذين عند الحكومة فهم في "معية الله".

لعبة حقيرة

أما المهندس فتحي شهاب الدين (المنوفية) فقال إن الحكومة تلعب لعبةً حقيرةً مع الإخوان ؛ بتأجيل المحاكمات والاستمرار في الاعتقالات من أجل التنازل عن خوض انتخابات المحليات، ولكن الإخوان قرَّروا قرارهم بعيدًا عن الأحكام العسكرية.. وأوضح شهاب أن التأجيل له احتمالان: الاحتمال الأول جسّ النبض لإثناء الإخوان عن خوض الانتخابات، والاحتمال الثاني مفاجأة الجميع بالحكم.

وشدَّد على أن الإخوان سائرون في حركتهم، ولن يتراجعوا عن خدمة الشارع المصري، بل إن ما يفعله النظام يدفع الشارع المصري إلى التعاطف مع الإخوان أكثر

المصدر