تسونامي الفاتيكان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

بقلم / فهمي هويدي

إعصار الفاتيكان

فضيحة الفاتيكان كبرت حتى طالت البابا شخصيا، الذى تحدث البعض عن احتمال إلقاء القبض عليه حين يزور بريطانيا فى شهر سبتمبر المقبل. والتهمة المنسوبة إليه أنه تستر على جرائم الاستغلال الجنسى للأطفال من جانب بعض الكهنة والرهبان، حين كان رئيسا لأساقفة ميونيخ بألمانيا فى بداية الثمانينيات. وذكرت صحيفة التايمز اللندنية فى 14 مارس الماضى أن تستره يجعله متورطا بشكل مباشر فيما حدث. خصوصا أن شقيقه «جورج» كان أحد المتهمين فى الجرائم التى وقعت آنذاك.

منذ بداية العام الحالى والقضية تتفاعل وتكبر، حتى أصبح يطلق عليها مصطلح «تسونامى» الفاتيكان، ذلك أن وسائل الإعلام البريطانية تحدثت عن ثلاثة تحقيقات تمت فى أيرلندا التى يتبع أغلب سكانها المذهب الكاثوليكى. وكان المتهمون فيها بعض الشخصيات البارزة فى الكنيسة (ثلاثة من الأساقفة).

وقالت الصحف إن التحقيقات حول موضوع الاعتداءات الوحشية بحق الأطفال الذين يترددون على الكنيسة استمرت خلال السنوات الخمس الأخيرة بصورة غير معلنة. وكان أحد الثلاثة (الأسقف جون ماجى) سكرتيرا خاصا لثلاثة باباوات، هم بولس السادس ويوحنا بولس الأول ويوحنا بولس الثانى.

قدم الثلاثة استقالاتهم. وأصدر البابا بنديكتوس بيانا هو الأول من نوعه عبر فيه عن مشاعر «العار والندم» للاعتداءات الجنسية التى تعرض لها الأطفال الأيرلنديون. وأكد أن الأساقفة الثلاثة ارتكبوا أخطاء جسيمة يجب أن يحاكموا عليها.

لكن بيانه لم يرض أهالى الضحايا أو المنظمات المعنية بالموضوع. فقد طالب هؤلاء باعتذار صريح من البابا عما حدث، والاعتراف بأن الكنيسة الكاثوليكية أساءت استخدام سلطاتها وتسترت عمدا على أفعال كهنة اعتدوا على أطفال رغم علمها بممارساتهم.

فى التعليق على ما حدث والدفاع عن موقف البابا كتب ماركو بوليتى المحلل الخبير فى شئون الفاتيكان فى الصحيفة الإيطالية اليسارية «ايل فاتو كوتيديانو» أنه لعدة عقود كانت الكنيسة تخفى الأمر حفاظا على سمعتها، لكن البابا بنديكتوس اختار أن يتصدى للمشكلة، وكان أول حبر أعظم فى المجتمع المعاصر يصدر وثيقة رسمية بخصوص الاعتداء الجنسى على الأطفال.

فى ذات الاتجاه كتب آخر، هو جون الين من «ناشونال كاثوليك ريبورتر» قائلا إن فضائح الكهنة المتورطين بدأت فى الظهور فى نهاية رئاسة البابا الراحل يوحنا بولس الثانى المتوفى سنة 2005.

لكن البابا بنديكتوس هو «بابا الأزمة» الذى قرر أن يتعامل مع الملف بمنتهى الحزم.

المشكلة لم تقف عند هذا الحد. لأنه ما أن فتح الملف حتى توالت الشكاوى المماثلة التى قدمها مئات الضحايا وأسرهم فى كل من ألمانيا والنمسا وهولندا وسويسرا. وتبين أن الظاهرة على محدوديتها لها وجودها فى نحو 23 دولة بينها الولايات المتحدة وأستراليا والبرازيل. وكان نصيب الولايات المتحدة من المعلومات التى تسربت كبيرا، لأننا عرفنا مما نشر حول الموضوع أنه منذ عام 2002 استقال أو فصل 250 قسا أمريكيا على الأقل أدينوا فى الاعتداء على الأطفال، وأن الكنيسة اضطرت إلى دفع تعويضات بقيمة 436 مليون دولار إلى ضحايا تلك الانتهاكات فى عام 2008.

ثمة جهود تبذل الآن من جانب الفاتيكان لتتبع المشكلة واحتوائها خصوصا أن التقارير تحدثت عن اعتداءات مماثلة وقعت بحق أعداد من الراهبات. لكن نفرا من الباحثين وعلماء اللاهوت حاولوا أن يتحروا جذور القضية،ومن هؤلاء من كتب داعيا إلى فتح الأبواب لزواج الكهنة، لحل مشكلة الكبت الذى يعانون منه (هانز كونج ــ لاهوتى سويسرى)،ومنهم من نفى ذلك وذكر أنه ليست هناك دراسة علمية تؤيد أن العزوبة هى المشكلة (ستيفان جولان كاهن نشر مقالا فى لوموند بهذا المعنى).

ومنهم من طالب بانفتاح الكنيسة على المجتمع واعتبر أن انغلاقها هو سبب العلل الأول (البير روويه رئيس أساقفة مدينة بواتييه بفرنسا ـ لوموند).

لكن يبدو أن الرأى العام أصبح أكثر حماسا لفكرة تزويج الرهبان. حماية لأبنائهم فقد ذكرت وكالة أنباء «اكى» الإيطالية فى تقرير بثته فى 25 يناير الماضى أن 73٪ من الكاثوليك أصبحوا يؤيدون الفكرة، وكانت النسبة فى السابق 66٪ ــ ولايزال الجدل مستمرا، ولم يتفق على حل للمشكلة.