تعقيب على ما كتبه المستشار سالم البهنساوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تعقيب على ما كتبه المستشار سالم البهنساوي
سالم البهنساوي2.jpg

في موضوع العقيدة السلفية ، ودعوة الشيخ حسن البنا الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه .

وبعد :

فقد اطلعت في " مجلة المجتمع " ( في عددها 609 - بتاريخ 9 / 5 / 1403هـ ) على مقال بعنوان : ( سلفية حسن البنا في ذكرى استشهاده ) بقلم المستشار سالم البهنساوي .

وحاصل هذا المقال هو الدفاع عن حسن البنا ، ومحاولة إثبات أنه سلفي العقيدة في موضوع صفات الله - عز وجل - والرد على الذين أدانوه بموجب ما نقلوه من كلامه .

ونحن لا نحب أن نتعرض للشيخ حسن البنا ؛ لأنه أفضى إلى ربه ، ونرجو له المغفرة والرحمة ، ولكننا نريد أن نناقش صاحب المقال فيما خلط وغلط فيه من النقولات ، وفيما نسبه إلى بعض الأئمة نسبة خاطئة ، قاصدين بذلك بيان الحق وإزالة اللبس .

ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق .

وإليك بيان ما جاء في مقاله مع مناقشته :

أولا : يحاول أن يسوغ ما قاله حسن البنا من أن آيات الصفات من المتشابه

ويقول : " إن جمهورا من الفقهاء قد قالوا : إن آيات الصفات من المتشابه ، ولم يقل أحد من أهل السنن بفساد عقيدتهم " .

قال : " وقد نُقِل هذا عن أحمد بن حنبل ، والسيوطي ، وابن كثير ، والشاطبي ، والجصاص ... " إلخ .

والجواب : أن نقول :

1 - أما كون بعض الفقهاء وليس جمهورهم ( كما يقول ) ظنوا أن آيات الصفات من المتشابه ؛ فهو شيء حاصل ، لكن هو ظن فاسد ، مخالف لما دل عليه الكتاب والسنة ، واعتقاد أهل السنة والجماعة من أن آيات الصفات من المحكم لا من المتشابه ، وقد ضلوا بهذا الظن الباطل .

2 - وأما قوله : " إن أهل السنة لم يقولوا بفساد عقيدتهم " ؛ فهو خلاف الواقع ؛ فإن أهل السنة بينوا بطلان قول هؤلاء ، وردوا عليهم إما تصريحا وإما ضمنا .

من ذلك - على سبيل المثال - ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في رسائله ، وما كتبه ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " و " الصواعق المرسلة " و " القصيدة النونية " وصاحب " العقيدة الطحاوية " وشارحها ... وغير ذلك من كتب أهل السنة والجماعة .

3 - وأما نسبته هذا القول إلى الإمام أحمد وابن كثير ، وأنهما من جملة من يقول بأن آيات الصفات من المتشابه ؛ فهي نسبة كاذبة وفرية خاطئة ؛ لأن هذين الإمامين في طليعة من يثبت الصفات على حقيقتها ، ويؤمن بما دلت عليه الآيات الواردة فيها ، وأنها من المحكم الذي يعلم معناه ويفسر ، لا من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله .

وإليك ما قاله الأئمة في ذلك :

أ - قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتاب " العقل والنقل " ( 1 / 204 ) :

" وأما على قول أكابرهم : إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمها إلا الله ، وأن معناها الذي أراده الله بها فهو ما يوجب صرفها عن ظواهرها ؛ فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون ، لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ، ولا الملائكة ، ولا السابقون الأولون ، وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن ، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه ، بل يقولون كلاما لا يعقلون معناه ... " .

إلى أن قال : " ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء ، إذا كان الله أنزل القرآن ، وأخبر أنه جعله هدى وبيانا للناس ، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين ، وأن يبين للناس ما نزل إليهم ، وأمر بتدبر القرآن وعقله ، ومع هذا ؛ فأشرف ما فيه - وهو ما أخبر به الرب عن صفاته ، أو عن كونه خالقا لكل شيء ، وهو بكل شيء عليم ، أو عن كونه أمرا ونهيا ووعدا وتوعدا ، أو عما أخبر به عن اليوم الآخر - لا يعلم أحد معناه ، فلا يعقل ، ولا يتدبر ، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم ، ولا بلغ البلاغ المبين " انتهى .

وقال - رحمه الله - في الرسالة المسماة بـ " الإكليل في المتشابه والتأويل " :

" وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله ؛ فنقول : ما الدليل على ذلك ؛ فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأئمة ، ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية ، ونفى أن يعلم أحد معناه ، وجعل أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ، وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة ، قالوا في أحاديث الصفات : تمر كما جاءت ، ونهوا عن تأويلات الجهمية ، وردوها ، وأبطلوها ، التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه ، ونصوص أحمد والأئمة قبله بيِّنة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ، ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها ... " .

إلى أن قال - رحمه الله - : " فهذا اتفاق من الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه ، وأن لا يسكت عن بيانه وتفسيره ، بل يبين ويفسر باتفاق الأئمة ؛ من غير تحريف له عن مواضعه ، أو إلحاد في أسماء الله وآياته " انتهى باختصار .

هذا ما حكاه شيخ الإسلام عن الأئمة أنهم لا يجعلون نصوص الصفات من المتشابه الذي لا يفهم معناه ويجب تفويضه ، بل كانوا يعلمون معاني الصفات ، ويفسرونها ، وإنما يفوضون كيفيتها إلى الله تعالى . وهذا الإمام مالك وغيره من الأئمة يقولون : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة " . والنقولات عن الإمام أحمد في مثل هذا كثيرة معلومة في كتب أهل السنة .

ب - وإليك ما قاله ابن كثير الذي عده البهنساوي من جملة القائلين بأن آيات الصفات من المتشابه ؛ قال في " تفسيره " ( 1 / 220 ) ما نصه :

" وأما قوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ؛ فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ، ليس هذا موضع بسطها ، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح : مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والليث بن سعد ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا ، وهو إمرارها كما جاءت ؛ من غير تكييف ، ولا تشبيه ، ولا تعطيل ، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله ؛ فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه ، وليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير ، بل الأمر كما قال الأئمة ؛ منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري ؛ قال : من شبه الله بخلقه كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ، ولا رسوله تشبيه ، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلاله ، ونفى عن الله تعالى النقائص ؛ فقد سلك سبيل الهدى " . انتهى كلامه - رحمه الله - .

وقوله : " إمرارها كما جاءت من غير تكييف ، ولا تشبيه ، ولا تعطيل " ؛ يريد به الرد على المعطلة والمشبهة . فقوله : " إمرارها كما جاءت " : ردا على المعطلة الذين يحرفونها عما دلت عليه من المعاني الحقيقية إلى معان باطلة . وقوله : " من غير تكييف " : ردا على الممثلة الذين يشبهون الله بخلقه والله أعلم . يتبع.........

قالب:روابط سالم البهنساوى